العدد الخامس -

السنة الأولى، العدد الخامس، صفر 1408هـ، الموافق تشرين أول 1987م

سؤال وجواب: إبليس، كيف وصل إبليس إلى الجنة؟ هل آدم نبي ورسول؟


تفرد «الوعي» هذا الباب للأخوة القراء للإجابة على أسئلتهم، وذلك استجابة لرغبة الكثيرين منهم. وفي هذا الباب، نجيب على تساؤلات القراء الشرعية، خصوصاً تلك التي يصعب الحصول على إجابة لها.

وفيما يلي ردود على أسئلة تقدمت بها الأخت القارئة ثروت ـ ر، الطالبة في كلية بيروت الجامعية:

1- إن إبليس لم يكن من الملائكة، فهو غير مأمور بالسجود لآدم، فكيف يعاقب على مخالفته أمراً لم يوجّه إليه؟

إن مسألة إبليس: هل كان من الملائكة أم لم يكن قد اختلف فيها أهل العلم، فهناك من قال إنه كان ملاكاً بدليل دخوله في طلب السجود، فقالوا عن الملائكة صنفان: صنف خلق من نور وهم غالبية الملائكة،وصنف خلق من نار. وإبليس كان ملاكاً مخلوقاً من نار مثل الجن. وهناك من قال إنه لم يكن ملاكاً بل كان بين الملائكة، وكانت له مرتبة الملائكة ومعاملة الملائكة، ولذلك دخل في الخطاب.

حجة الذين قالوا أنه لم يكن ملاكاً قوله تعالى في سورة الكهف: ]وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ[ وإنما تناوله الأمر لأنه كان بين الملائكة وكانت له مرتبة الملائكة وكان يعامل معاملة الملائكة. وقالوا بأن استثناء إبليس من الملائكة لا يدل على أنه ملاك لأن هذا استثناء منقطعاً وليس استثناء متصلاً.

وفي اللغة، فإن الاستثناء لا يدل دائماً على أن المستثنى هو من جنس المستثنى منه، فقد يكون المستثنى من جنس المستثنى منه فيكون الاستثناء متصلاً، وقد يكون من غير جنسه فسمى الاستثناء منقطعاً، وهناك جوانب بلاغية في استعمال الاستثناء المنقطع.

2- نعلم أن إبليس طرد من الجنة عقب إبائه السجود. فكيف وصل إلى آدم في الجنة حتى أغواه ودلاّه وزجه بغروره؟

لم يشرح القرآن والحديث كيف أمكن لإبليس دخول الجنة بعدما طرد منها. وقد فهم العلماء أنه منع من دخولها دخول تكريم، أما دخول اللصوص فلم يمنع منه.

3- هل آدم نبي ورسول؟

نعم، آدم عليه السلام نبي ورسول. والرسول هو من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، والنبي من أوحي إليه يشرع غيره من الرسل وأمر بتبليغه. وآدم أوحي إليه بشرع فيه أمر ونهي ولم يكن قبله رسل. فالآية: ]وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ[ تدل على رسالته. وأيضاً فإن الله تعالى قال: ]ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى[، ومعنى اجتباه أي اصطفاه. وقد وردت أحاديث في السنة تدل على نبوة آدم عليه السلام.

ونحب أن نلفت أنظار قرائنا الكرام وأنظار جميع المسلمين أن يبحثوا ويسألوا عن الأمور الهامة التي تلعب دوراً في أعمالهم وأسس تفكيرهم. فمثلاً: ماذا يهم المسلم لو عرف كيف دخل إبليس الجنة أو لم يعرف؟ فلو كان مهماً لبيَّنه لنا القرآن أو السنة. وكذلك ما همّنا لو عرفنا أن إبليس كان ملاكاً أو كان غير ملاك ولكن برتبة الملائكة؟ المهم معرفته أن إبليس وذريته من الشياطين هم أعداء لنا يحاولون إغواءنا لإدخالنا النار. والمهم معرفته كذلك أن هناك شياطين من الإنس كما أن هناك شياطين من الجن، تغوي وتزين المعاصي، فلنحذر منهم ولنتخذهم أعداء.

وحين يختلف الناس: هل آدم رسول أو لا، فمن قال إنه رسول فإنه لا يأخذ شرعه من آدم عليه السلام، فالبحث عن رسالة آدم لا ينبني عليها أمور عملية، ولا ينبني عليه إلا الاعتقاد بنبوته أو برسالته. أما الرسالة التي نحن مأمورون عملياً بالبحث عنها وفهم أحكامها واتباعها، فهي رسالة خاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *