العدد الخامس -

السنة الأولى، العدد الخامس، صفر 1408هـ، الموافق تشرين أول 1987م

خطبة الوداع

وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر حجة له فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

«أيها الناس، اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً. أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى يوم تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا وكحرمة شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم ليسألكم عن أعمالكم، وقد بلّغت. فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وأن كل ربا موضوع، ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون قضى الله أنه لا ربا، وأن ربا عباس بن عيد المطلب موضوع كله، وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وأن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ـ وكان مسترضعاً في بني ليث فقتله هذيل ـ فهو أو ما أبدأ به من دماء الجاهلية.

أما بعد أيها الناس، فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبداً، ولكنه أن يطلع فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم.

أيها الناس، أن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله وأن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض، وأن عدة الشهود عند الله اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم: ثلاثة متوالية ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان.

أما بعد أيها الناس، فإن لكم على نسائكم حقاً، ولهن عليكم حقاً، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبيّنة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمات الله.

فاعقلوا أيها الناس قولي، فإني قد بلّغت وقد تركت فيكم ما أن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً، أمراً بيّناً، كتاب الله وسنة نبيه. أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه، تعملنّ أن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين اخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه، فلا تظلمّن أنفسكم. اللهم هل بلّغت؟».

فردّ الناس: اللهم نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اشهد».  

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *