العدد 108 -

السنة العاشرة – المحرم 1417هـ – أيار 1996م

الانتحار السياسي

إن هذه الأمة بشعوبها المختلفة هي أمة إسلامية واحدة شاء المستعمر ذلك أم لم يشأ، رضي المضبوعون بالثقافات المستوردة والعملاء أم غضبوا، والأمة الإسلامية لا ترى لغير الإسلام سيادة عليها، ولن تقبل غير المسلمين حكاما لها، ولا غير نظام الإسلام نظاما لها، والغرب الكافر الحاقد يحارب الإسلام ويعمل لهدمه واجتثاثه من الجذور واستعمار أهله… والمسلمون يعلمون ذلك، فهم يحاربون الاستعمار، ويعتبرون كل دول الكفر دولا أجنبية عدوة لهم لا فرق بينها، وكلهم أعداء يجب طردهم من كل البلاد الإسلامية  ولا بد.

والأمة الإسلامية تعتبر كل استعانة بأجنبي خيانة، مهما كان نوع تلك الاستعانة، قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم (لا تستضيئوا بنار المشركين) وتعتبر كل ترويج أو دعاية لأجنبي خيانة مهما كان سبب هذا الترويج، وأن أي صداقة معه هي ضرب من الانتحار السياسي، فكلهم أعداء الله وأعداء الأمة، فالأمة الإسلامية تريد الرجوع إلى الإسلام عقيدة ينبثق عنها نظام حياة، وتريد أن تحكم بنظام الإسلام كاملا غير منقوص أو محرف، وتريد أن تعود لحمل المشعل من جديد لهداية الحيارى وإرشاد الجهلاء.

والأمة الإسلامية ابتليت باستعمار، فلا يجوز أن تستعين بمستعمر على مستعمر، لأن بلاء الاستعمار واحد، فإذا استعانت بأمريكا على روسيا لطردها من أفغانستان، أو بالصين على الإنجليز لطردهم من الخليج، أو بفرنسا على أمريكا لرفع نفوذها عن العراق، أو إذا روجت للديمقراطية العفنة كسبيل للنهضة والاستقلال،… تكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، وتكون قد انتحرت سياسيا، وقتلت نفسها بيدها، فالاستعانة بكافر على كافر، أو بنظام كفر على نظام كفر آخر، خيانة للأمة وانتحار سياسي موجب غضب الله جالب للدمار والخزي في الدنيا والآخرة.

ولا يجوز لنا أن ننسى أن أعظم الخيانات للأمة ودينها، هي موالاة الكفار وعقد الصداقات مع الأعداء، وتأويل آيات الله تعالى القطعية الدلالة لتلائم خياناتهم من عقد صفقات الصلح والاستسلام مع أعداء الأمة الغاصبين لأرضها لتبرير خياناتهم، فذلك هو قمة الانتحار السياسي الجالب للدمار والهلاك والخزي في الدنيا والآخرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *