العدد 104 -

السنة التاسعة – رجب الفرد 1416هـ – كانون الأول 1995م

الفئات التي تواجه الدعوة في المجتمع

إحداها: فئة تريد أن تفهم الإسلام، وأن تحمل الدعوة له، ولكنها تريد أن تقف عليه من طريق عقلي حتى يقتنع عقلها ويطمئن قلبها. وهذه لا بد من دعوتها بالبرهان العقلي والدارسة العميقة ويكون ذلك بالثقافة المركزة التي لا تأتي لأي إنسان إلا في مجموعات صغيرة يتلقى بها الثقافة في أول أمره، ثم يصبح هو يثقف مجموعات أخرى. وهذه هي الثقافة الواعية التي تحدث الانقلاب الفكري في الإنسان وتجعله قادراً على أن يحدث الانقلاب الفكري في غيره وفي المجتمع.

ثانيها: فئة جمهور الناس وهم الذي لا يجدون من وقتهم أو من استعدادهم أو من ظروفهم ما يمكنهم من متابعة الثقافة المركزة، وهؤلاء يدعون بالثقافة الجماعية. وهي تشمل الخطابة والكتابة والإذاعة والصحف وكافة وسائل النشر، على أن يفهم جلياً أن الثقافة التي تعطى جماعياً يجب أن يلاحظ فيها التأثير على المشاعر حين البحث العقلي، وإعطاء الأفكار العميقة، وأن يلاحظ فيها إثارة الأفكار العميقة حين البحث العاطفي ومخاطبة المشاعر، حتى لا تكون عقلية بحتة فتغدو جامدة غير مستساغة عند جمهور الناس، ولا تكون عاطفية محضة فتصبح تافهة غير مقبولة عند المفكرين. وليلاحظ أن هذه الثقافة الجماعية هي التي تحرك الجماهير وتوجد الفهم فيهم، وهي التي تجعل الدعوة في المجتمع إعصاراً جارفاً، وتياراً كاسحاً يسوق الناس في الدعوة سوقاً لتحقيق أهدافها. ولذلك كان لا بد من العناية بهذه الثقافة عناية خاصة.

ثالثها: الذين استهوتهم أفكار أخرى منظمات أخرى، أو الذين هم دور الحيرة. وهؤلاء المضبوعين بالأفكار الأخرى والحائرون لا بد من الدخول معهم في مناقشات في الفكرة الإسلامية. ويجب دعوتهم لتفهم الإسلام وحمل دعوته. مع العمل بأنهم سيتصدون للدعوة في إثارة الشكوك فيها، وإعطاء المفاهيم المغلوطة عنها ومهاجمتها. لذلك لا بد أن يكون حامل الدعوة واسع الصدر معهم، وأن يأخذ دور الهجوم على أفكارهم الفاسدة ومفاهيمهم المغلوطة وطرقهم المعوجة، وأن يتجنب دور الدفاع، وأن لا يقبل أن يكون الإسلام متهماً، بل يرفض كل الرفض ويبادر بشرح الأفكار الإسلامية بأسلوب البيان والشرح لا بأسلوب الدفاع. ويجب أن كون جدله بالتي هي أحسن، أي أن يكون الجدل نقاشاً لا جدلاً عقيماً.

        

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *