العدد 323 -

السنة الثامنة والعشرون ذو الحجة 1434هـ – تشرين أول 2013م

حدائق ذات بهجة

بسم الله الرحمن الرحيم

حدائق ذات بهجة

 

  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَنْفَقَ نفقةً فاضلةً في سبيلِ اللهِ فسبعمائة، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ أَوْ عَادَ مريضاً أو أماط أذى فالحسنة بعشر أمثالِها، والصومُ جُنَّةٌ مالم يَخْرُقْهَا، وَمَنِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِبَلَاءٍ في جسدِه فهو له حِطَّةٌ» رواه أحمد

–  كان الحسن البصري رحمه الله يقول: ابن آدم إنك لن تجمع إيماناً وخيانة، كيف تكون مؤمنا ولا يأمنّك جارُك؟! أو تكون مسلماً ولا يسلم الناس منك؟!، أليس قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهدَ له»، وكان عليه الصلاة والسلام يقول: «ليس بمؤمن من خاف جارُهُ بوائقُه»

– اعْلَمْ أَنَّ الْعِلْمَ أَشْرَفُ مَا رَغَّبَ فِيهِ الرَّاغِبُ، وَأَفْضَلُ مَا طَلَبَ وَجَدَّ فِيهِ الطَّالِبُ، وَأَنْفَعُ مَا كَسَبَهُ وَاقْتَنَاهُ الْكَاسِبُ؛ لِأَنَّ شَرَفَهُ يُثْمِرُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَفَضْلَهُ يُنْمِي عَلَى طَالِبِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)  فَمَنَعَ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ لِمَا قَدْ خُصَّ بِهِ الْعَالِمُ مِنْ فَضِيلَةِ الْعِلْمِ.
– وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ: «تَعَلَّمْ الْعِلْمَ فَإِنْ يَكُنْ لَك مَالٌ كَانَ لَك جَمَالاً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَك مَالٌ كَانَ لَك مَالاً».

– وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنْ كُنْتُمْ سَادَةً فُقْتُمْ، وَإِنْ كُنْتُمْ وَسَطًا سُدْتُمْ، وَإِنْ كُنْتُمْ سُوقَةً عِشْتُمْ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْعِلْمُ شَرَفٌ لاَ قَدْرَ لَهُ، وَالادَبُ مَالٌ لاَ خَوْفَ عَلَيْهِ. وَقَالَ بَعْضُ الادَبَاءِ: الْعِلْمُ أَفْضَلُ خَلَفٍ، وَالْعَمَلُ بِهِ أَكْمَلُ شَرَفٍ.

– قال الحسن:» من أحب الدنيا وسرته ذهب خوف الآخرة من قلبه، ومن أراد علماً ثم ازداد على الدنيا حرصاً لم يزدد من الله إلا حداً ولم يزدد من الله إلا بغضاً»

– عن سفيان الثورى قال:» العالم طبيب الدين والدرهم داء الدين. فإذا اجتر الطبيب الداء إلى نفسه فمتى يداوى غيره؟!»

– وكان مُطَرِّف يقول: اللهمّ إني أعوذ بك من شر السلطان ومن شرّ ما تجرِي به أقلامُهم، وأعوذ بك أن أقولَ قولًا حقّاً فيه رضاك ألتمس به أحداً سواك، وأعوذ بك أن أتزين للناس بشي يشينُني، وأعوذ بك أن أكونَ عِبرةً لأحدٍ من خَلْقك، وأعوذ بك أن يكونَ أحدٌ من خَلْقك أسعد بما علّمتَني منّي.

 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ .كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْس؛َ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ». البخاري.

 – قال ابن تيمية (في السياسة الشرعية): «يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها. فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم» إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» رواه أبو داود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة… ولأنّ الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتمّ ذلك إلا بقوة وإمارة..».

– قال ابن القيم رحمه الله : إذا أراد الله بعبده خيراً فتح له أبواب التوبة والندم والانكسار والذل والافتقار والاستعانة به وصدق اللجأ إليه ودوام التضرع والدعاء والتقرب إليه بما أمكن من الحسنات ما تكون تلك السيئة به سبب رحمته حتى يقول عدو الله: ياليتني تركته ولم أوقع. وهذا معنى قول بعض السلف: إن العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة، ويعمل الحسنة يدخل بها النار، قالوا: كيف؟ قال: يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه خائفاً منه مشفقاً وجلاً باكياً نادماً مستحياً من ربه تعالى ناكس الرأس بين يديه منكسر القلب له فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بما ترتب عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب دخول الجنة. ويفعل الحسنة فلا يزال يمنُّ بها على ربه ويتكبر بها ويرى نفسه شيئاً ويعجب بها ويستطيل بها ويقول بها ويقول: فعلت وفعلت، فيورثه من العجب والكبر والفخر والاستطالة ما يكون سبب هلاكه.

فإذا أراد الله تعالى بهذا المسكين خيراً ابتلاه بأمر يكسره به ويذل به عنقه ويصغر به نفسه عنده، وإذا أراد به غير ذلك خلاَّه وعجبه وكبره وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه، فإن العارفين كلهم مجمعون على أن التوفيق: هو أن لا يكلك الله تعالى إلى نفسك، والذل أن يكلك الله إلى نفسك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *