العدد 378-379-380 -

السنة الثالثة والثلاثين، رجب-شعبان-رمضان 1439هـ، نيسان-أيار-حزيران 2018م

تحذير من الرسول ﷺ إلى العلماء

تحذير من الرسول ﷺ إلى العلماء

 

سنورد فيما يلي طائفة من الأحاديث يحذر فيها رسول الله ﷺ من علماء السوء، علماء السلاطين، العلماء الرسميين، أيما تحذير…وذلك لعموم ما وقع فيه علماء اليوم وأصابهم من هذه البلوى. وقبل أن نورد هذه الأحاديث نقدم لها بهذه المقدمة:

  • إن ما سنورده من أحاديث، ليس موجهًا إلى العلماء فقط، وإنما إلى عامة المسلمين لينتبهوا ويحذروا من أن يسيروا مع العلماء كسير الأعمى، وإنما هناك ضوابط لاتباع العلماء. فالعلماء يجب أن يتبعوا الشرع، واتباعهم يحرم أن يكون خارج الشرع، وهؤلاء أبعدوا كثيرًا في فتاويهم، وأصبحت لا تخفى على ذي عينين… ثم هناك من العلماء المخلصين الربانيين والجماعات الإسلامية العاملة على التغيير الواعية الصادقة من ينبه من هؤلاء العلماء ويحذر منهم ومن فتاواهم، ويبين مجافاتها للشرع… وما على عامة المسلمين إلا أن يفتحوا قلوبهم وعقولهم للحق؛ وإلا فإنهم سيلحقون بهم في الإثم، ولن يبقى لمعتذر بعدها أمام الله من سبيل.

  • من حيث الأصل، ليس المقصود من هذه الأحاديث هو إيجاد القطيعة بين العلماء والحكام، وإنما المقصود منها هو ترشيد العلاقة بين العالم والحاكم متى كان العالم ربانيًا والحاكم راشدًا يحكم بالإسلام. فالعلماء الحق وصفهم الرسول ﷺ بأنهم أمناء الرسل… وان كل شيء يستغفر لهم حتى الحوت في بطن البحر… وأنهم ورثة الأنبياء، وأشرِفْ لهم من منزلة سامقة، وعنهم قال ﷺ: «لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسًا يستعملهم فيه بطاعته إلى يوم القيامة» أي أنهم غرس يختارهم الله على عينه ليكونوا سببًا لبيان وإعلاء كلمة الحق، وذكر ﷺ عن قلتهم في آخر الزمان بقوله: إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس، وعنهم قال ﷺ أيضًا: طوبى للغرباء، أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم”. وبالإجمال يقول الله تعالى عن مهمتهم في الحياة: ]وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ[ ويقول تعالى محذرًا من عدم قيامهم بهذه المهمة الجليلة: ]إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا بَيَّنَّٰهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلۡكِتَٰبِ أُوْلَٰٓئِكَ يَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلۡعَنُهُمُ ٱللَّٰعِنُونَ١٥٩[

 ولكن متى كان الحاكم فاجرًا، وأقل وصف له عند الله؛ لأنه يحكم بغير ما أنزل الله، بأنه فاسق أو ظالم، وقد يصل إلى قمة الوصف بالسوء عند الله وهو أن يكون كافرًا، بل قد يحوز الثلاثة أوصاف معًا، وحكام اليوم بلغوا من السوء ما لم يشكَّ في ذلك أحد من المسلمين، فهل يبقى لمعتذر من علماء اليوم، باتباعهم لحكام السوء، بعد ذلك أمام الله من سبيل؟!

  • إننا نجد في أحاديث الرسول ﷺ المتعلقة بالتحذير من علماء السوء تحذيرًا شديدًا، مخوِّفًا… وذلك لخطورة موقفهم وأثره السيئ في حياة المسلمين. ولعموم البلوى في علماء اليوم أصبحت النظرة سلبية لدى الناس عنهم، ونحن لا نريد أن تقطع العلاقة بين عامة المسلمين والعلماء، فالعالم موجود شئنا أم أبينا، وله دوره الخطير والمؤثر، سلبيًا كان أو إيجابيًا، شئنا أم أبينا، ونحن نريد من هذا التحذير الذي أطلقه الرسول ﷺ أن نهزَّ هؤلاء العلماء ليرعووا عن المواقف غير الشرعية التي يقفونها إلى جانب حكام السوء، فيأخذوا حكمهم في الشرع فيصبحوا علماء سوء. فمن علماء اليوم من وقف إلى جانب الحكام، وأفتَوا لهم بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، أفتَوا لهم بجواز الصلح مع يهود، وبجواز الاستعانة بالأميركان لاحتلال العراق، وبجواز المشاركة في الحكم بأحكام الطاغوت، وبجواز المشاركة في الانتخابات النيابية التشريعية… وكلهم، إلا من رحم الله، تعاملوا مع الإسلام كدين جزئي يتناول جزءًا من أعمال الإنسان، وليس شاملًا يتناول كل أعمالهم؛ وذلك على طريقة الغرب في الاقتصار على الأحكام الشرعية المتعلقة بالأحكام الفردية، حتى الثورات التي كانت أحوج ما تكون إلى من يرشدها إلى الحق، افتقدتهم، بل وجدت بعضهم منخرطًا فيها كتابع لا كمتبوع،… وطبقة (المشايخ) أو العلماء هذه يحاول الحكام ومن ورائهم الغرب أن يستغلوا موقفهم هذا ويستفيدوا منه في تركيز الواقع الذي فرضه الغرب الكافر علينا، وإعطائه صفة القبول لدى المسلمين في دينهم والتأقلم معه، وإدماج المسلمين في الحياة القائمة على غير ما أمر به الإسلام. فالمطلوب شرعًا من علماء هذا الزمان أن ينكروا على حكام اليوم، وعلى كل من أدلى لهم بدلو، وأن يرفضوا الواقع الذي أوجدوه نتيجة تطبيق أحكام الكفر عليهم.

  • نحن نريد من إطلاق هذا الإنذار والتحذير أن ندفع هؤلاء العلماء لأن يأخذوا دورهم الذي يرضي الله، فالأمة بحاجة لهم، وهم موجودون، فإما أن يكونوا في فسطاط الحق، وإما أن يكونوا في فسطاط النفاق الذي نعيذهم منه.

  • إن المطلوب ممن يقرأ هذه الأحاديث أن يتوجه بها إلى العلماء ويواجههم بأحاديث الرسول ﷺ ويثير فيهم إيمانهم ويخوفهم من عذاب الله على مواقفهم، أي عليهم أن يتحولوا إلى دعاة لهم لتخليصهم من واقعهم الذي أوقعوا المسلمين به،

  • وإن المطلوب كذلك إرسال هذه الأحاديث عبر وسائل التواصل، وأن تملأ صفحاتها بهذه الأحاديث، وأن تنقل شخصيًا لهم حتى يرعووا، وطمعًا بأن يثوب هؤلاء إلى دينهم ويأخذوا دورهم الشرعي.

ومن هذه الأحاديث التي يجب أن تهزُّ كل من حمل صفة العلم بأن يكون عالـمًا ربانيًا، كرامته من كرامة دينه، لا من كرامة حكام فسقة، يبيع دينه بدنياهم.

  • أخرج أبو داود، والبيهقي، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «…ومن أتى أبواب السلاطين افتتن، وما ازداد عبد من السلطان دنوًا إلا ازداد من الله بعدًا».

  • وأخرج ابن عدي، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن في جهنم واديًا تستعيذ منه كل يوم سبعين مرة، أعدَّه الله للقرَّاء المرائين في أعمالهم، وإن أبغض الخلق إلى الله عالم السلطان».

  • وأخرج ابن ماجه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن أبغض القراء إلى الله تعالى الذين يزورون الأمراء».

  • وأخرج الديلمي في «مسند الفردوس» عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا رأيت العالم يخالط السلطان مخالطة كثيرة؛ فاعلم أنه لص».

  • وأخرج ابن ماجه بسند رواته ثقات، عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «إن أناسًا من أمتي سيتفقهون في الدين، ويقرؤون القرآن، ويقولون نأتي الأمراء، فنصيب من دنياهم، ونعتزلهم بديننا. ولا يكون ذلك، كما لا يجتنى من القتاد إلا الشوك، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا الخطايا».

  • وأخرج الطبراني في «الأوسط» بسند رواته ثقات، عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله ﷺ قال: يا رسول الله، من أهل البيت أنا؟ فسكت، ثم قال في الثالثة: «نعم، ما لم تقم على باب سدة، أو تأتي أميرًا فتسأله». قال الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» المراد بالسدة هنا، باب السلطان ونحوه.

  • وأخرج الترمذي وصححه، والنسائي، والحاكم وصححه، قال رسول الله ﷺ: «سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني، ولست منه، وليس بوارد عليَّ الحوض. ومن لم يدخل عليهم، ولم يعِنْهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم، فهو مني، وأنا منه، وهو وارد عليَّ الحوض».

  • وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده، والحاكم في تاريخه، وأبو نعيم، والعقيلي، والديلمي، والرافعي في تاريخه، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان، فإذا خالطوا السلطان فقد خانوا الرسل فاحذروهم، واعتزلوهم».

  • وأخرج الحاكم في تاريخه، والديلمي، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «ما من عالم أتى صاحب سلطان طوعًا، إلا كان شريكه في كل لون يعذب به في نار جهنم».

  • وأخرج أبو الشيخ في «الثواب» عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا قرأ الرجل القرآن وتفقه في الدين، ثم أتى باب السطان؛ تَمَلُّقًا إليه، وطمعًا لما في يده، خاض بقدر خطاه في نار جهنم».

  • أخرج الديلمي، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ: «يكون في آخر الزمان علماء يُرغِّبون الناس في الآخرة ولا يرغَبون، ويُزهِّدون الناس في الدنيا ولا يزهَدون، وينهَون عن غشيان الأمراء ولا ينتهون».

  • وأخرج الديلمي عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله يحب الأمراء إذا خالطوا العلماء، ويمقت العلماء إذا خالطوا الأمراء؛ لأن العلماء إذا خالطوا الأمراء رغبوا في الدنيا، والأمراء إذا خالطوا العلماء رغبوا في الآخرة».

  • وأخرج أبو عمرو الداني في كتاب « الفتن » عن الحسن، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تزال هذه الأمة تحت يد الله وكنفه، ما لم يمارِ قراؤُها أمراءَها».

  • وأخرج الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: أتاني رسول الله ﷺ وأنا أعرف الحزن في وجهه، فأخذ بلحيته، فقال: « إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعون، أتاني جبريل آنفًا، فقال لي: إن أمتك مفتتَنة بعدك بقليل من الدهر، غير كثير، قلت: ومن أين ذلك؟!، قال: من قِبَل قرَّائهم وأمرائهم، يمنع الأمراء الناس حقوقهم، فلا يعطونها، وتتبع القرَّاء أهواء الأمراء، قلت: يا جبريل، فبمَ يسلم من يسلم منهم؟ قال: بالكف والصبر، إن أعطوا الذي لهم أخذوه، وإن منعوه تركوه».

  • وأخرج الحاكم، عن عبد الله بن الحارث، رضي الله عنه: أنه سمع النبي ﷺ يقول: «سيكون بعدي سلاطين، الفتن على أبوابهم كمبارك الإبل، لا يعطون أحدًا شيئًا، إلا أخذوا من دينه مثله».

– وأخرج الديلمي، عن أبي الأعور السلمي، رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إياكم، وأبواب السلطان».

  • وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده والديلمي، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ: «اتقوا أبواب السلطان وحواشيها، فإن أقرب الناس منها أبعدهم من الله، ومن آثر سلطانًا على الله، جعل الفتنة في قلبه ظاهرة وباطنة، وأذهب عنه الورع وتركه حيران».

  • وأخرج ابن عساكر، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ: «سيكون قوم بعدي من أمتي، يقرؤون القرآن، ويتفقهون في الدين، يأتيهم الشيطان، فيقول: لو أتيتم السلطان، فأصلح من دنياكم، واعتزلوهم بدينكم! ولا يكون ذلك، كما لا يجتنى من القتاد إلا الشوك، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا الخطايا».

    – وأخرج الديلمي، عن أنس، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «من تقرَّب من ذي سلطان ذراعًا، تباعد الله منه باعًا».

  • وأخرج الديلمي، عن أبي الدرداء، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «من مشى إلى سلطان جائر طوعًا، من ذات نفسه، تملقًا إليه بلقائه، والسلام عليه، خاض نار جهنم بقدر خطاه، إلى أن يرجع من عنده إلى منزله، فإن مال إلى هواه، أو شدَّ على عضده لم يحلل به من الله لعنة إلا كان عليه مثلها، ولم يعذب في النار بنوع من العذاب، إلا عذب بمثله».

  • وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ: «من قرأ القرآن، وتفقَّه في الدين، ثم أتى صاحب سلطان طمعًا لما في يديه، طبع الله على قلبه، وعُذِّب كل يوم بلونين من العذاب، لم يعذَّب به قبل ذلك».

  • وأخرج الحاكم في تاريخه، عن معاذ، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «من قرأ القرآن وتفقَّه في الدين ثم أتى صاحب سلطان طمعًا لما في يديه خاض بقدر خطاه في نار جهنم».

  • وأخرج الديلمي، عن علي، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إياكم ومجالسة السلطان، فإنه ذهاب الدين، وإياكم ومعونته فإنكم لا تحمدون أمره».

– وأخرج ابن أبي شيبة، والطبراني عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنها ستكون أمراء تعرفون وتنكرون، فمن ناوأهم نجا، ومن اعتزلهم سلم، أو كاد، ومن خالطهم هلك».

  • وفي «الفردوس» من حديث علي، رضي الله عنه، مرفوعًا: «أفضل التابعين من أمتي من لا يقرب أبواب السلاطين».

  • وأخرج ابن عساكر، عن أبي أمامة الباهلي، قال: قال النبي ﷺ: «أبعد الخلق من الله، رجل يجالس الأمراء، فما قالوا من جور صدقهم عليه».

  • قال رسول الله ﷺ: «إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان».

  • ورد عند البخاري من حديث أبي سعيد وأبي هريرة، رضي الله عنهما، أن رسول الله ﷺ قال: «ما بعث الله من نبي، ولا استخلف من خليفة؛ إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر، وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *