ظهور الإسلام: إقامة الخلافة واستئناف الحياة الإسلامية
2018/05/22م
المقالات
12,186 زيارة
ظهور الإسلام: إقامة الخلافة واستئناف الحياة الإسلامية
د. محمد جيلاني
شكا خباب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسِّدٌ بُردةً له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟، قال صلى الله عليه وسلم: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ. وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» (البخاري).
قال (كانون تايلور) عام 1887م: «إنّ الإسلام يعطي الأمل للعبيد، والأخوة للبشرية، والاعتراف بالحقائق الأساسية للطبيعة البشرية».
قال (تونبي) عام 1948م: «هناك في عالمنا المعاصر حاجةٌ مُلِحَّةٌ لنشر الفضائل الإسلامية».
قال (باتريك بوكانن) عام 2005م: «ولكن يبدو اليوم أن عشرات الملايين من المسلمين يعودون إلى جذورهم، إلى إسلامٍ أكثر نقاءً».
قال (نوح فيلدمان) عام 2008م: «إن النمط والتوجه في جغرافية البلاد الإسلامية كلها من المغرب حتى إندونيسيا يشير إلى أن الشريعة الإسلامية يجب أن تكون مصدر القانون في أغلبية هذه الدول».
مصطلح ظهور الإسلام
إن الجدل الدائر حول الإسلام في يومنا هذا لم يكن في أي وقت مضى من التاريخ أكثر مما هو عليه في يومنا هذا. ففي الوقت الذي يسعى العالم وراء الإسلام سعيًا حثيثًا لأخذ مشورته جديًا لحَلِّ الأزمات المالية التي يمر بها، تجد الإسلام في الوقت نفسه يشكل المتَّهَمَ الأول والمـُطارَد الأكبر عندما يضرب «الإرهاب» ضربته في أي مكان في العالم. والجدل حول «مدى مسؤولية الإسلام» عن «الأعمال الإرهابية» في العالم اليوم؛ حيث بات يتصدر عناوين المنابر الإعلامية في شتى أنحاء العالم.
وفي الوقت نفسه، فإن الجدل حول قدرة الإسلام على بناء نظامٍ اقتصادي فعَّال، ونظام سياسي عادل يزداد يومًا بعد يوم. ويصاحب هذا الجدل التفكير في الإسلام كنظام حياة متكامل ونمط عيشٍ متميِّز قادر على تشكيل الواقع البشري. ويستمر عشرات العلماء من المسلمين ومن غير المسلمين، والأكاديميين، والمفكرين… في التفكير ودراسة ظاهرة ظهور الإسلام وصعوده لسدة الحكم في أماكن مختلفة من العالم.
ومصطلح ظهور الإسلام هنا لا يتحدث فقط عن قيام دولة الخلافة على منهاج النبوة، أو عن تطبيق ميكانيكي للأحكام الشرعية، ولا عن الجهاد واستئناف الفتوحات الإسلامية، ولا عن نقل النظام القضائي في الإسلام إلى دوائر المحاكم الإسلامية، مع أنها جميعها جزءٌ لا يتجزأ من الإسلام، بل إن المقصود من ظهور الإسلام هو استئناف للحياة الإسلامية بكل ما تحمله من معنى؛ حيث تتقدم التقوى إلى مقعد القيادة فيها بدلًا من النفعية، والرعاية بدلًا من الشمولية والهيمنة، والقيم الممتدة من الدنيا إلى الآخرة، والانتقال من ظلمات الأنظمة المادية إلى نور الإسلام وعدله؛ لأن الإسلام يجعل المادة أداةً لتحقيق الأهداف التي من أجلها خُلقت الحياة الإنسانية، وليست الغاية التي تدفع الإنسان وتقوده.
فعلى الرغم من أن قسمًا كبيرًا من القرآن الكريم كان قد أُنزل في السنوات الثلاث عشرة الأولى من السنوات الثلاث والعشرين التي قضاها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسولًا؛ فإن الجميع يعلم أنه لم تكن الشريعة أو الجهاد أو المحاكم الإسلامية أبرز ما في الثقافة الإسلامية في هذه الفترة، بل كان التركيز الرئيسي خلالها على الأساس الفكري والعقدي للإسلام، وعلى الصراع الأيديولوجي الفكري والكفاح السياسي بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، دون القيام بأي نوع من الأعمال المادية.
أما السنوات العشر الأخرى من عمر النبوة فقد قضاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تشييد الدولة وبناء المجتمع وتحديد معالم أنظمته، وكانت الشريعة الإسلامية قد نزلت وأُدخلت للمجتمع تباعًا حتى اكتملت قبل أن يتوفى اللهُ تعالى رسولَه محمدًا صلى الله عليه وسلم. وبالتالي يمكن القول إنه في السنوات الثلاث عشرة الأولى من عمر النبوة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنشاء قاعدة فكرية أُسِّسَت وبنيت عليها الدولة والمجتمع في المرحلة اللاحقة مدعمة بالوحي القرآني. فبدون هذا الأساس الفكري لم يكن ليتحقق التصور المتكامل للنظام السياسي، والنظام الاقتصادي، والنظام الاجتماعي في الإسلام. ومن دونه أيضًا كانت ستنهار أنظمة المجتمع هذه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان استمرارها سيقتصر على حياته صلى الله عليه وسلم. ولكن في حقيقة الأمر عاشت نُظُم الإسلام لما يزيد عن ألف وثلاثمئة عام أخرى، ونالت إعجاب الأتباع، ومدحَها الأصدقاء والأعداء على حدٍّ سواء. وقد علَّق (برنارد شو) وهو كاتب إيرلندي حائز على جائزة نوبل في سنة 1925م، على قيادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قائلًا: «أعتقد أنه إذا كان لرجل مثل محمد أن يتولى معالجة “دكتاتورية العالم الحديث” فسوف ينجح في حل مشاكله بطريقة من شأنها أن تجعل السلام والسعادة يعمان العالم الذي هو في أشد الحاجة إليها».
وعندما نتحدث عن الإسلام يجب علينا أن نناقش أساس الإسلام وبنيته. وهو ما يعطي الإسلام إطاره المبدئي، وهذا ما يجعل الحديث عن مبدأ الإسلام ذا أهمية، خاصة عندما نناقش المبدأ الرأسمالي أو المبدأ الشيوعي،حينما كان موجودًا عمليًا، خصوصًا أن هذين المبدأين يواجهان تحدِّيًا جِدِّيًّا من قبل المبدأ الإسلامي. فعندما يمرُّ النظام العالمي بكارثة ناجمة عن المبدأ الذي يهيمن على النظام الاقتصادي والمالي مثلًا، يبحث الناس في أذهانهم عن تصور لمبدأٍ بديلٍ، كما حدث في الاتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية عندما سقط المبدأ الشيوعي؛ حيث بدأ الجمهور المحلي والجمهور العالمي بالبحث عن أيديولوجيةٍ بديلةٍ. وكان المبدأ الرأسمالي جاهزًا لإشغال عقول الباحثين عن البدائل وملء الفراغ الذي حصل نتيجةً لانهيار الشيوعية، فكان استبدال الرأسمالية بالشيوعية عملية طبيعية.
أما اليوم، فالرأسمالية هي الأيديولوجية التي تواجه كارثة تهدد بانهيار المبدأ الرأسمالي في العالم كله، ومن الطبيعي أن يبحث الناس عن مبادئَ بديلةٍ وأن يتحققوا منها. والمعضلة التي تواجه العالم اليوم هي أن اثنتين من الأيديولوجيات الأخرى المحتملة غير متاحة على الفور لتَحِلَّ مَحَلَّ النظام الحالي، فالمبدأ الشيوعي قد انهار منذ أكثر من ثمانٍ وعشرين سنة، ولا توجد محاولاتٌ جادة لإعادته مرَّةً أُخرى. أما المبدأ الإسلامي فغائبٌ منذ أكثر من تسعين سنة، ومنذ سقوط دولة الخلافة في إسطنبول سنة 1924م، وهناك محاولاتٌ حثيثةٌ وجادةٌ لإعادته واستئناف تطبيقه من جديد. ولو كان للإسلام اليوم دولةٌ في العالم تطبِّقه التطبيق العملي الكامل، لكان هو البديل الطبيعي الذي يملأ الفراغ بعد انهيار الرأسمالية. بالإضافة إلى أن المبدأ الإسلامي كان من الممكن أن ينافس المبدأ الرأسمالي بعد انهيار المبدأ الشيوعي في نهاية القرن العشرين. ولكن المفارقة هي أن الإطار الأيديولوجي للإسلام المتمثل بدولته قد تمَّت إزالته عمليًا من العالم في بداية القرن العشرين. وبالتالي، من أجل أن يكون الإسلام بديلًا عمليًا قابلًا للتطبيق. وحتى يحل محل الأيديولوجيات الحالية، يجب أن يرتفع مرَّة أُخرى كمبدأ وفكر قادر على التغيير، وعلى تسيير شؤون المجتمع والدولة.
ولقد بدأت بالفعل عملية ظهور الإسلام، ولن يمر وقتٌ طويلٌ قبل أن يعيش العالم تجربة تطبيق المبدأ الإسلامي بشكلٍ عمليٍّ. وقد وصف (باتريك بوكانن) المرشح السابق للرئاسة الأميركية هذه المرحلة في مقاله «فكرة آن أوان ظهورها» بأن الوقت قد حان للإسلام أن يظهر ويُطبق عمليًا، وأضاف قائلًا: «إنه لا يوجد جيش في العالم يستطيع أن يوقف عملية الظهور هذه».
إن مصطلح ظهور الإسلام يشير إلى ظهور الفكر الأيديولوجي الإسلامي، وإعادة كيانه السياسي ونظامه الاقتصادي والاجتماعي لتسيير شؤون الناس ورعايتها.
توسُّع الإسلام وانتشاره
بدأ الإسلام في مكة المكرمة، وازدهر في المدينة المنورة، وكان منذ بدايته يتمتع بكل ما يحتاجه ليصبحَ دعوة عالمية. وفي الوقت الذي توفي فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كانت جيوش الدولة الإسلامية تقف على حدود كل من الإمبراطوريات الرومانية والفارسية. وفي أقل من مئة عام بعد تأسيس الدولة الإسلامية، توسَّعت وانتشرت من إسبانيا (الأندلس) إلى سومطرة، وسيطرت سفن المسلمين على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي. ولم تجد الدولة الإسلامية مقاومة تذكر من الإمبراطورية البيزنطية أو الرومانية أو الفارسية. وكانت الإمبراطوريتان تعانيان من الفوضى، والفساد، وتدنٍّ في الروح المعنوية. فقدَّم الإسلام للبلاد التي دخلها دينًا عقيدته عقلية، كما قدم نظامًا سمته العدل والإنصاف؛ لذا فقد دخل الناس عقيدة التوحيد أفواجًا، وساهموا في انتشاره. وأزال الإسلام كثيرًا من العبء المالي والضرائب المفروضة على الناس في الأراضي التي انتشر فيها. كما أزال الحدود بين الدول، ولم يفرق بين الشعوب، بل كانت المعاملة بمقياس واحد هو ] إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ[، فلم تعد هناك سيادة وطنية أو طائفية أو عرقية.
وقد بنى الفكر الإسلامي نموذجًا فريدًا من المجتمعات عبرت عنه (لين نيلسون) المؤرِّخة المتخصصة في تاريخ العصور الوسطى قائلة: «إن المسلمين عاشوا في سلامٍ مع ذوي الأديان الأخرى، وكان النظام الاجتماعي والنظام الاقتصادي في الإسلام متوافقين مع حاجات الناس من حيث إنسانيتهم أكثر من أَيِّ نُظُمٍ أُخرى مطبَّقة في ذلك الوقت». وتختم الكاتبة قائلة: «إن الإسلام قد طبَّقَ على الرومانيين والفارسيين مجموعة قوانين وقيم مشتركة». وعندما انتشر الإسلام وتوسعت دولته، أنشأ حضارة جديدة ترجمت النموذج النظري إلى واقع عملي ملموس. فقد حوَّلت هذه الحضارة محاربي العرب من بَدْوٍ إلى مجموعةٍ من الناس المتحضرين، يقومون على رعاية شؤون الناس ابتغاء مرضاة الله تعالى. وقد رسمت الحضارة الإسلامية تصورًا جديدًا عن الحكام في الأرض، فهم ليسوا فوق القانون والناس أبدًا. فعندما جاء رسول ملك فارس إلى المدينة المنورة يبحث عن الخليفة سيدنا عمر- رضي الله عنه – وجده نائمًا تحت ظلِّ شجرة، فاندهش ولخَّص ما رأى في تعليقات راقية ليظهر سمات الحكام في الحضارة الجديدة حيث قال: «حكمتَ، فعدلتَ، فأمنتَ، فنمتَ يا عمر».
وتم توثيق انتشار الإسلام وتوسيع دولته السريع والسلس في كتاب: «الحضارة العالمية: تجربة عالمية»، حيث لخص فيه الكاتب كيف أن العرب من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والذين خرجوا من شبه الجزيرة العربية، نجحوا نجاحًا باهرًا في إقامة أول حضارة عالمية في القرن السابع الميلادي، وسريعًا فتحوا بلادًا تضم عناصر من الحضارات اليونانية، والمصرية، والفارسية. وشارك في نشر هذه الحضارة العالمية تجار المسلمين، والمشايخ، والمجاهدون، وتوسعت الحضارة فوصلت إلى أوروبا وآسيا وأفريقيا. هذا الانتشار كان بمثابة ربطٍ بين مراكز الحضارات نتجت عنه حضارة عالمية حقًا. كما عبرت عن ذلك الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة هوليت باكارد (HP) والمرشحة لرئاسة أميركا (كارلا فيورينا) حيث أشارت في خطابها أمام مؤتمر: «التكنولوجيا، أعمال تجارية وطريقتنا في الحياة» إلى أن أحد الدوافع لازدهار الحضارة الإسلامية التي هيمنت على العالم لأكثر من ثمانمئة سنة كان السعي إلى التطور العلمي والاختراع. وأن العسكرية الإسلامية أعطت الناس مساحة غير مسبوقة من الأمن والأمان، فعاشوا في رخاء في ذلك الوقت». وإقرارًا منها بدور الحضارة الإسلامية فيما وصل العالم إليه من التكنولوجيا اليوم، قالت: «لم تكن التكنولوجيا موجودةً اليوم لولا علماء الرياضيات العرب المسلمون». وما جعل ملاحظات (فيورينا) مميزة وفريدة أنها جاءت بعد أسبوعين من أحداث 11/9/2001م، والتي تسببت في اتهام الإسلام ظلمًا وبهتانًا على أنه دين إرهابي ويشجع على السلوك الوحشي.
أما على الصعيد الاقتصادي، فالحضارة الإسلامية كانت سمتها الازدهار الاقتصادي على مستوى المجتمع وإلغاء الفقر على مستوى الأفراد. وقد علقت (إيرا مارفن لابيدوس) عن الازدهار الاقتصادي الإسلامي في كتابها «تاريخ المجتمع الإسلامي» إن الحضارة في أفريقيا الشمالية وإسبانيا كان يعززها «ازدهار اقتصادي استثنائي». وروى مؤرخون كابن كثير والطبري أنه في غضون الستين عامًا الأولى منذ ظهوره، استطاع الإسلام أن ينهي الفقر تمامًا على كافة المستويات. ونظرًا للرخاء والاستقرار المادي الذي عمَّ المجتمع لتطبيقه مثل هذه المبادئ فقد اختفت الفئة التي تستحق الزكاة شرعًا (الفقيرة) من المجتمع، وبهذا قضى النظام الاقتصادي على الفقر عمليًا.
وكان هناك اتفاق بين مؤرخين، وسياسيين، وكُتاب، ونقاد، على أن الإسلام قد انتشر وتوسع بشكل يخطف الأنفاس كلمح البصر. وقد قدموا وصفًا لجوانب مختلفة من الحضارة الإسلامية تدل على هذا الحدث، وذهب البعض منهم إلى تفسير ذلك كما جاء في كتاب (نوح فيلدمان) «انحدار وظهور الدولة الإسلامية» حيث عَزَا ظهور الإسلام وتوسع الدولة الإسلامية الأولى إلى تطبيق الشريعة (مجموع الأحكام الشرعية) بالإضافة إلى آلية محاسبة الدولة التي حافظ عليها العلماء المعروفون في المجتمع. أما المؤرخ الفرنسي (لامارتين) فقد عزا هذا الحدث إلى دافع تحريكٍ قويٍ سَبَبُهُ شخصية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الاستثنائية.
صحيح أن شخصية وأخلاق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد تركت أثرًا كبيرًا في ظهور وانتشار الإسلام، ولكن امتداد أثر الإسلام لقرون عديدة كان مرده إلى أن المسلمين نظروا إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على أنه إنسان ورسول يتلقى الوحي من عند الله تعالى. وعندما بدأ المسلمون بكتابة السيرة النبوية الشريفة وجمع الأحاديث، علموا أنهم يجمعون مصدرًا آخَرَ للوحي بالإضافة إلى القرآن الكريم. ولم تكن صدفة أن المسلمين وضعوا في وقت مبكر طريقةً جديدةً بالكامل لجَمْعِ أقوال، وأفعال، وتقريرات رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد اخترع علماء المسلمين ما يسمى اليوم بالتنميط (علم الرجال والجرح والتعديل) حيث جمعوا كل التفاصيل الممكنة عن كل من كان له صلةٌ مباشرة أو غير مباشرة بالرسولصلى الله عليه وسلم؛ حيث تمكن علماء مثل البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وأبو داود بهذه العملية أن يقوموا بتنقيح الآلاف من المراجع المزيفة التي نُسبت إلى سيدنا محمدصلى الله عليه وسلم.
وبالنسبة للمسلمين، فإن حياة وإنجازات الرسول صلى الله عليه وسلم هي جزء من الإسلام. وقد أكَّد القرآن الكريم على هذه الحقيقة في مواضع عدَّة. منها أنه أوجد ارتباطًا مباشرًا بين محبة الله تعالى واتِّباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال في سورة آل عمران ]قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِيِ[. وفي آية أخرى ]وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ 7[. وأثناء السعي لإظهار الإسلام وانتشار بعثته، رسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم استراتيجيات، وتكتيكات، وخططًا ملموسة وعملية للتنفيذ. فلم يعتمد أبدًا على قوى غيبية في رسم وتنفيذ هذه الخطط. ففي الوقت الذي بيّن فيه للمسلمين أن النصر يأتي من عند الله تعالى فقط، حرص على أن يقوم الناس بكل التجهيزات، وأن يأخذوا جميع الاحتياطات. بعبارة أخرى، لقد أوضح أن نجاح أو فشل المهمة يعتمد على درجة الالتزام والتفاني والتضحية التي يقدمها من يقوم بالمهمة.
وفي الحقيقة، إن الأفكار والمفاهيم والقوانين والقواعد والقيم العادلة الراقية التي تحفظ الحقوق، لا تكفي وحدها لظهور رسالة الإسلام وانتشارها. فكما أن صحة الأفكار ضرورية، فمن الضروري كذلك وجود جماعة من الناس تؤمن بالأفكار وبالأنظمة المنبثقة عنها، وتعمل على تطبيقها عمليًا. ولقد رسم القرآن الكريم بعناية خطًا واضحًا بيْن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وبين الوحي الإلهي. وكان التركيز دائمًا على أهمية الوحي وضرورة الالتزام التام به. فحذَّر القرآن الكريم رسول الله صلى الله عليه وسلم نفـسه بأن لا يحيد أبدًا عن توجيهات الوحي كما جـاء في سورة المائدة: ]وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ 49[. فلم تترك العقيدة الإسلامية شكًا في أن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم ليس إلا إنسانًا تلقى الوحي مـن عند الله سـبحانه وتـعــالى ]قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَٱسۡتَقِيمُوٓاْ إِلَيۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَيۡلٞ لِّلۡمُشۡرِكِينَ 6[، وأن المسلمين يتعبدون الله تعالى باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم. فما دامت العقيدة حيةً في عقول وقلوب المؤمنين، فسيظل تأثير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيًا ومتحركًا. وعلى المنوال نفسه، عندما جاء القرآن الكريم بالأحكام الشرعية التي تضبط سلوك الإنسان جاء بها منبثقة عن العقيدة نفسها. فلم يأمر القرآن الكريم الناس بالمعروف ولم ينهَهُم عن المنكر وحسب، لكنَّه أَكَّدَ على الربط بين الفعل وبين مصدر الحكم الذي جاء بالأمر أو النهي بالنسبة للفعل، فمثلًا: حينما حرَّم شرب الخمر، وضع الحكم الشرعي ضمن مجموعة من القيم العليا الأخرى ] يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ 90 [. فبدأ الآية الكريمة بـ]يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ[ لتذكير الناس بإيمانهم، وربطَ بين الأفعال المحرمة وبين أفعال الشيطان. ولأن المسلمين فهموا هذه الآية على هذا النسق، ألقوا بكل ما لديهم من الخمر الذي كان مخزنًا عندهم سابقًا حتى غمرت شوارع المدينة المنورة بالخمر.
فالنقطة الجوهرية أن الإسلام كان حريصًا جدًا على أن يكون واضحًا للناس أن السيادة دائمًا لله الخالق، وليست للقوانين والأحكام التي أنزلها الله تعالى. وتكون طاعة الله عز وجل بالالتزام بالأحكام الشرعية، وهذا بالنهاية هو دليل الإخلاص في الإيمان، في العقيدة الإسلامية. وتتجلى هذه الظاهرة في قوله تعالى: ]فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا 65 [.
وهذا يعود بنا إلى حقيقة أن انتشار الإسلام وتوسع الدولة الإسلامية، وهيمنة حضارتها، بعد ذلك، كان نتيجة طبيعية للالتزام والإخلاص، بالفكر المبدئي للعقيدة عند الأمة الإسلامية جمعاء. وكان هذا ما لاحظه (نوح فيلدمان) أيضًا في بحثه وتحليله، بأن مظهر التقيد بالشريعة وبتطبيقها ينبثق عن العقيدة. وقد كان دور العلماء في تعزيز الروابط بين الأحكام الشرعية نفسها وبين مصدرها الأصلي. فعندما كان يسأل الناس عن الرأي الشرعي في مسألة ما، لم يعطِ العلماء حكمًا شرعيًا مجردًا في المسألة المحددة، بل كانوا يجتهدون ليعطوا الحكم الشرعي مدعَّمًا بأدلته الشرعية من القرآن الكريم أو السنة النبوية. وبهذه الطريقة، يبقى الجمهور متصلًا بالوحي الإلهي الذي يُعطي السيادة للحكم الشرعي، ويقدم لهم أيضًا السبب الحقيقي وراء التمسك بالحكم. وقد تَمَّ توثيق هذه الطريقة الـمُتَّبعة في استنباط وإعطاء الحكم الشرعي في أدبيات العلماء البارزين، ونظمت حولها مذاهب الفقه الرئيسية للأئمة المشهورين: أبو حنيفة وجعفر والشافعي وأحمد بن حنبل ومالك بن أنس. وقد كُتبت مئات الكتب داخل كل مدرسة فكرية أو مذهب فقهي. وكل واحد من هذه الكتب يقدم مجموعة من الأحكام الشرعية مع أدلتها التفصيلية من القرآن والسنة والطريقة التي استخدمت لاستنباط الحكم من هذه النصوص.
سقوط الدولة الإسلامية
هُدمت دولة الخلافة في الثالث من آذار 1924م، بقرار اتخذته الجمعية الوطنية في إسطنبول بتوجيهات من مصطفى كمال. فبعد 1300 عام من الازدهار والتوَّسع، والقيادة، ضاعت الطريقة التي يستخدمها الإسلام في إنزال أنظمة المجتمع الإسلامية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على أرض الواقع وفي حياة البشر. وعمليًا لم يكن إنهاء وجود الدولة الإسلامية بداية سقوطها؛ بل كان نتيجة عمليةٍ طويلة من السقوط بدأت في مرحلة أبكر من التاريخ. وقد عزا (نوح فيلدمان) في كتابه «سقوط وظهور الدولة الإسلامية»، هذا السقوط إلى تقلص واختفاء دور العلماء في محاسبة الحكام، ومراجعتهم على تفريطهم في فرض تطبيق الشريعة الإسلامية.
فعندما جُمعت القوانين في الدولة الإسلامية في كتاب يسمى «المجلة»، قُدمت للناس على أنها مجرَّد مجموعة من القواعد، وبذلك فُصلت عن مصدرها الإلهي الذي أعطى لهذه القوانين السيادة في المقام الأول بعيدًا عن أصلها في أن السيادة لله وحده. وغدا أثر الانفصال على عامة المسلمين في الفهم والربط بين الأحكام الشرعية وبين مصدر هذه الأحكام الرباني واضحًا حين ألغيت الخلافة في إسطنبول عام 1924م، فلم يشعر عامة المسلمين أن قاعدة الإسلام الفكرية، وأساس عقيدتهم قد تم اجتثاثه من الجذور.
وقد ناقش ذلك الشيخ العلامة تقي الدين النبهاني رحمه الله، مؤسس حزب التحرير، وقدم حججًا مقنعة في كتاب «مفاهيم حزب التحرير» حيث أكد أن السبب الأساسي في انحطاط الأمة الإسلامية «هو الضعف الشديد الذي طرأَ على الأذهان في فهم الإسلام». وقد تبين هذا الضعف في عدم قدرة الناس على فهم الرابط بين القوانين المطبقة في الدولة الإسلامية وبين الأساس الفكري لها. ويضيف النبهاني قائلًا: «إن سبب الانحدار الذهني يرجع إلى القرن الثاني من الإسلام عندما بدأ المسلمون بترجمة وتضمين الفلسفات اليونانية، والمصرية، والهندية، والفارسية بالتدريج في الثقافة الإسلامية». وما كان للشيخ النبهاني، القيادي السياسي والمؤسس لحزب التحرير، أن يتجاهل دور الهجمة الثقافية الغربية في قلب الأراضي الإسلامية، في القرن التاسع عشر، في تمييع عقول المسلمين وخلق جوٍ من الغموض والشكوك حول قواعد الإسلام؛ حيث ساهمت هذه الحملات بتأجيج مشاعر الوطنية والقومية بين أبناء الأمة الإسلامية. وكان للمفاهيم الوطنية التي انتشرت الأثر الكبير في عملية هدم دولة الخلافة، وهذا ما ذكره الشيخ عبد القديم زلوم رحمه الله، في كتابه «كيف هدمت الخلافة». حيث بيَّن أثر النعرات القومية التي تصاعدت بين العرب، والأتراك، والبلقان على انهيار الدولة الإسلامية. ويضيف بأن «الأمة الإسلامية قد وصلت إلى درجة من الانحطاط أدت إلى أن المسلمين لم يَرَوا بوضوح الحاجة للتضحية بأنفسهم من أجل الحفاظ على وجود الدولة الإسلامية». والنتيجة النهائية هي أن الدولة الإسلامية قد هدمت وتباعدت المسافات بين عقول المسلمين وبين المصدر الرباني للوحي حتى بلغت هذه المسافة درجة قاصمة بين عقول المسلمين وبين الوحي الرباني بوصفه المنظم للشرائع والقوانين في المجتمع المسلم، في الوقت نفسه فقد كانت العقيدة الإسلامية قد فقدت قوتها الدافعة داخل عقول وقلوب المسلمين. وهنا لم يكن ليستطيع العلماء ولا الحكام أن يحركوا الأمة ليحافظوا على ما أقامه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل 1300 عام. فمفهوم الأُلوهية والربوبية والتوحيد قُزِّم إلى أداء العبادات فقط، بينما آلهة الأسواق، والتجارة، والاقتصاد، والسياسة، والسلم، والحرب عادت متعددة تحكمها المنفعة الشخصية كما كانت في مكة المكرمة قبل بزوغ فجر الإسلام.
لم تكن عملية إزالة الدولة من الوجود إلا بمثابة إعلان نهاية حقبة حضارية استمرت لأكثر من ثلاثة عشر قرنًا. لقد كان لهدم الدولة الإسلامية، وإزالة الفكر الإسلامي، وإنهاء الحضارة الإسلامية الأثر المفجع على العالم الإسلامي وعلى العالم أجمع. ينبغي أن نذكر على الفور أن تراجع الإسلام وسقوط دولته وإقصاء حضارته عن العالم لم يكن بسبب خلل وعيوب داخلية أساسية في الفكر الإسلامي، كما هو الحال مع الشيوعية والرأسمالية، ولكن الابتعاد عن الأساس الفكري للإسلام وعدم الالتزام به هو الذي أدى لتراجعه وانحداره. بينما كان اتباع الوحي الإلهي والتقيد بكل ما جاء فيه والامتثال الصارم لقوانينه وقواعده السبب وراء ظهور الإسلام في المرة الأولى، وانتشاره، وتوسع دولته، وحضارته، وهذا هو السبب الضروري نفسه لعودة ظهور الإسلام من جديد، والدافع له اليوم.
لا شك أن ظهور الإسلام اليوم من جديد يعتبر ضرورة، بالإضافة إلى كونه تقيدًا والتزامًا، فمنذ أن هدمت الدولة الإسلامية وتم إقصاء الشريعة الإسلامية عن الحياة، عاش المسلمون في البلاد الإسلامية أوضاعًا غاية في السوء والبؤس وشظف العيش. ومع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين عانت الشعوب المسلمة في كل أنحاء العالم من تداعيات هدم الخلافة، وتميزت هذه الحقبة باحتلال أكثر بلاد المسلمين من قبل الاستعمار الغربي الذي ساهم في إزالة الخلافة ابتداء، وقد استشرى القمع السياسي والذي لا يزال ماثلًا حتى الآن، وأراضي المسلمين التي احتلها يهود وغيرهم لم تتحرر بعد. والفقر لا يزال في ازدياد، وحقوق الإنسان تُنتهك بشكل فظيع من قبل أنظمةٍ وحكومات تؤيدها القوى الغربية التي تظهر رسميًا بأنها تندد بهذه الانتهاكات؛ ولكنها تقدم الدعم المادي واللوجستي للحكام المنتهكين للحقوق. كما عمَّق النظام العالمي الجديد المشاكل الاقتصادية المحلية والإنسانية والاجتماعية. وعلى الجانب السياسي، فقد فشلت الوطنية والقومية في أن تغير من أوضاع الناس. كما أن القادة السياسيين المرتبطين بالقوى الغربية أثبتوا أنهم من الأكثر فسادًا في العالم. بالإضافة إلى ذلك، فإن القيادات الفكرية العالمية لم تفِ بالشعارات التي رفعتها، ولا بالوعود التي قطعتها. والمبدأ الشيوعي قد فشل أمام شعبه قبل أن يفشل أمام العالم، بل وانهارت دولته تمامًا.
أما المبدأ الرأسمالي فقد فشل وخيَّب آمال الأغلبية في العالم، وترك الناس فقراءهم أكثر من أغنيائهم، والمظلومين أكثر من المحررين، وأصبح هذا النظام الغاشم هو المحرك الرئيس للفساد والظلم والقهر في العالم، يدعم الظالمين، ويقمع الشعوب، ويستغل قوته ومنابره التي اصطنعها كالأمم المتحدة ومجلس الأمن وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لاستغلال الشعوب. فكل المؤشرات والأنظار تتجه من جديد ناحية المبدأ الإسلامي لتوفير الحل الناجع، وليكون المنقذ للعالم من وحل الرأسمالية وظلمها.
فالأحداث، والأوضاع المحلية، والإقليمية، والعالمية تكشف أن الخلافة الإسلامية هي الأكثر تأثيرًا والأكثر قدرةً على تشكيل المستقبل. فالرأي العام قد تحول تقريبًا وبشكل لافت للنظر إلى ناحية ظهور الإسلام وإقامة دولته وحضارته من جديد. وقد شهدت مرحلة الربيع العربي الأولى منذ عام 2010م أن التوجه نحو الإسلام قد تأصل لدى الشعوب العربية ذات الغالبية المسلمة، بل إن استمرار الثورة في سوريا دون مقدرة أميركا وروسيا وإيران على حسم الموقف لصالحها يعود سببه في الدرجة الأولى إلى تمكن الإسلام من توجيه الشعب في سوريا، وتحريك المقاتلين ضد نظام الأسد الجائر. وفي عيون كثير من المراقبين، فإن ظهور الإسلام ليستلم زمام الأمور ويصبح في مركز القيادة السياسية قد أصبح قضيةً غير قابلة للنقاش. وقد أصبحت مسألة وقت، تقترب أكثر يومًا بعد يوم، وحسب تعبير (باتريك بوكانين) مرشح الرئاسة الأميركية الأسبق، فإنه من المستحيل منع فكرة تأصلت جذورها من الوصول إلى مآربها.
]وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ 21[
2018-05-22