العدد 377 -

السنة الثانية والثلاثون – جمادى الأخرة 1439هـ – آذار 2018م

هل وقعت تركيا في الفخ؟!

هل وقعت تركيا في الفخ؟!

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الثلاثاء 13 فبراير/شباط، إن قرار الولايات المتحدة تقديم الدعم المالي لـ”وحدات حماية الشعب الكردية” سيؤثر على قرارات أنقرة. وأضاف أردوغان، في تصريحات في البرلمان التركي: “إن لتركيا الحق بالقيام بعملية درع الفرات، وكذلك عملية غصن الزيتون، وذلك للمحافظة على سلامة أرضنا وأمن شعبنا، ولو كنّا تأخرنا بعملية غصن الزيتون إلى الصيف، لكان الإرهابيون سيواصلون حفر الأنفاق واستكمال إنشاء القلاع والحصون”، معلنًا: “إن القوات المسلحة التركية كشفت العديد من الممرات التي قامت الوحدات الإرهابية الكردية بحفرها تحت الأرض لإنشاء ممرات إرهابية تحت حدودنا”. إلا أن عملية غصن الزيتون التي تتقصد استعادة عفرين وغيرها كمدينة منبج من يد الأحزاب الكردية المدعومة أميركيًا، تسير ببطء شديد، ما يعكس حالة قلق – بحسب مراقبين – لدى صناع القرار في أنقرة، وخشيتهم من الوقوع في فخ استنزاف الجيش التركي شمال سوريا. كما أشار عدد من المحللين السياسيين الأتراك إلى أن نية أميركا باتت واضحة في تشكيل كيان كردي محاذٍ لتركيا تضمه لاحقًا للإقليم الكردي شمال العراق،؛ما يعني تهديدًا مباشرًا للأمن القومي التركي.

ويبدو أن الوقت بات يضيق جدًا على تركيا، وصار عليها أن تتحرك بشكل مختلف وجدي يتجاوز العقلية التركية التقليدية المداهنة للغرب والمعولة عليه، وإلا فإن تداعيات الأزمة الحالية ستلحق بتركيا ضررًا فادحًا، ابتداء من استنزافها وانتهاء بتقسيمها. وكانت صحيفة Al-Monitor الأميركية قد ذكرت سابقًا أن أنقرة فقدت كل المزايا والأفضليات في الساحة الدولية، وباتت مجريات الوضع في سوريا تسير لغير مصلحتها. ورأت الصحيفة أن سياسة تركيا في سوريا تبدو يائسة وفاشلة، ولم تعد المسالك القديمة تساعدها بتاتًا. فقد فشلت واندثرت منذ فترة طويلة خطط وآمال أنقرة في الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وفرض نظام آخر مكانه يضم الإسلاميين في دمشق. كما أخذت الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا – حسب الصحيفة- تفقد مواقعها بالتدريج في المواجهات مع الجيش السوري المدعوم من قبل روسيا، إضافة إلى وحدات الدفاع الشعبي الكردية المدعومة من أميركا.

وترى الصحيفة أن تركيا راهنت على الفصائل المسلحة الإسلامية، وأقرت بتأييدها علنًا، ورمت بثقلها من أجل إقامة منطقة عازلة في شمال سوريا، وما يجري حاليًا في السياسة الخارجية التركية يعني أن حزب العدالة والتنمية الحاكم تعرض للفشل الذريع في هذا المجال. وذكرت الصحيفة أن تركيا تتمسك في الوقت الراهن “بمنهج الانتقام” المكشوف، وتسير على مبدأ “من ليس معنا فهو ضدنا” في الساحتين الداخلية والخارجية”.

الوعي: بالرغم من أن أردوغان يخدم أميركا في سوريا بشكل بات مفضوحًا؛ إلا أن أميركا تعمل في المنطقة ضده، ويدور جدل بينهما، حول دعم أميركا المباشر وغير المسبوق للوحدات الانفصالية الكردية، فالمكر الأميركي بتركيا بات جليًا، لدرجة إعلان وزارة الدفاع الأميركية رصد أكثر من نصف مليار دولار لدعم الوحدات الكردية (المناوئة لتركيا) في سوريا؛ لذلك نتساءل، هل وقعت تركيا في الفخ المنصوب لها؟ بكل أسف، يبدو أن الجواب هو نعم، فقد داهن النظام في تركيا أعداء الأمة، ابتداءً من أميركا وانتهاء بـ(إسرائيل) مرورًا بأوروبا وروسيا، لكنهم تكالبوا عليها كالذئاب المفترسة، يمكرون بها ويحاولون النيل منها، لتفتيت آخر كيان ذي شأن للمسلمين في هذه المنطقة. ونؤكد مجددًا، نعم لقد وقعت تركيا في الفخ؛ لأنها اتخذت القومية هوية لها، وتبنت العلمانية كمنظومة شاملة لها؛ بهذا فصلت الإسلام عن الدولة، واستبدلت الهوية الإسلامية بالهوية القومية، وسعت لاسترضاء الغرب والانتماء إليه على حساب انتمائها للأمة ولتاريخها ولدينها. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *