العدد 45 -

السنة الرابعة – جمادى الثانية 1411هـ، كانون الثاني 1991م

خلاصة التجارب

شعر: محمود عويضة

خَبُرْتُ على الأيام فنَّ التعامل
.

 

فلم ألْفِ خيراً من دوام التغافُلِ
.

رأيتُ عمومَ الناسِ في السوءِ أوغلوا
.

 

فاجهدتُ نفسي في اختيار الأفاضِلِ
.

إذا اخترتَ فاختر دائماً عن رويةٍ
.

 

فرافضُهمْ خيرٌ من المتساهِل
.

صديقُك غُضَّ الطّرْفَ عن هَفَواتِه
.

 

لعلك تلقاهُ زمانَ النَّوازِل
.

وعاتبْ قليلاً بعد طولِ مساءةٍ
.

 

فإن لم يُفدْ فاقطْع حبالَ التّواصل
.

صديقَك من أرخى عليك جناحَه
.

 

ولم يبغِ منك الخيرَ دون مقابل
.

ولستُ أرى حُسنَ المظِنَّةِ مانعاً
.

 

تدبُّرَ أسبابٍ وسِبْرَ وسائِل
.

وإن كنت تهوى فاقتصدْ في محبّةٍ
.

 

ولا تَرِمْ مَن تَقْلي بكلِّ الرذائل
.

لعلك تَقْلي من تحبُّ، وتجتبي
.

 

بغيضَك فالثباتُ ليس بماثل
.

وإن كنتَ ميسوراً فمُدَّ يدَ النّدى
.

 

فتفتحَ أبوابَ الورى بالأنامل
.

وإن كنت ذا عُسرٍ فعلمُك فاتحٌ
.

 

قليلاً وإلا فانغلاقُ المداخل
.

وإن كنت تسعى كي تنال رضاهُمُ
.

 

فحيلُك مقطوعٌ ولستَ بواصِلِ
.

ولا تجعلِ الواشي يُتِمُّ كلامَهُ
.

 

ولا تَسمعنْ يوماً مَقولَة ناقلِ
.

وكنْ حَذِراً من ساقط الأصل إنّه
.

 

سَيُصْدِرُ يوماً عن وضيعِ الشمائل
.

ومَن كان ذا حقٍّ فليس بآمنٍ
.

 

على حقّ إذ دونه صَوْلُ باطل
.

ولم أر كالمعروف مهما سترتَهُ
.

 

تَبدَّى ولم يَحْفِلْ بسُتْرَةِ باذلِ
.

إذا نُؤْتَ مِن بلوى فغيرُك مبتلىً
.

 

بأكبرَ منها فاصطبرْ لا للبلابل
.

ولا تشكُوَنْ إلا لربِّك كُربةً
.

 

وإلا تكن مثل النّساء الأرامل
.

يُسارُ إلى الغايات دون تعجُّلٍ
.

 

إذا عزّ قطعُ البيد جيءَ ببازل
.

إذا كنت ترجوا الفضلَ فاطلبْ وداده
.

 

بحلمٍ على العادي وهَجْرِ التطاول
.

وما طلبَ اللّذاتِ من كان راجياً
.

 

بلوغَ الذُّرى يوماً وحَمْلَ المشاعلِ
.

إذا شئت حُسَن الذكر دون مَلاَمةٍ
.

 

فأدّ حقوق الناسِ دون تكاسل
.

ومن كان في صحبٍ فلم ينصحوا لهُ
.

 

فَتَرْكُهُمُ حتمٌ على كلِّ عاقل
.

ومن لم يكنْ ذا أهبةٍ كلَّ لحطةٍ
.

 

لكلِّ احتمالٍ كان صيدَ الحبائل
.

وصانِعْ إذا حِفْتَ الرّدى من ذوي الرّدى
.

 

وجاهرْ إذا كان الأذى غيرَ قاتل
.

ولا تطلبنَّ المزحَ إلا أقلَّهُ
.

 

فلا يُكثر الطبّاخُ ذَرَّ التوابل
.

ولستَ تريدُ الخيرَ أنْ تَهَبَ الجدا
.

 

أمامَ الورى تبغي رياءَ المحافل
.

وما المدحُ إلا اثنان: للمرءِ واحدٌ
.

 

فإما مدِيحُ الذاتِ أو مَدحُ قائل
.

وكلُّ طريقٍ مستقيمٍ وإنْ بدا
.

 

طويلاً قصيرٌ ثم بادي المراحل
.

وليس لموفو الحِجى غيرُ شدةِ الحياِةِ
.

 

ولا يلهو بها غيرُ جاهل
.

وما كلّ ما تسعى إليه تنالُهُ
.

 

جميعاً لذا فاطلبْ كبيرَ المسائل
.

ومَن يركب السَّهل الأمينَ فإنّه
.

 

يحصّلُ في دنياهُ دنيا المنازل
.

إذا كنت إن أعطيتَ ساءَكَ فقدُهُ
.

 

فلا تُعطِ إنَّ البذلَ غيرُ التباذل
.

ومن يُعطَ حُسنَ القولِ يَقْصُرْ لسانُه
.

 

وذو العِيّ مدَّادُ اللّسانِ كباقِلِ
.

وإن كنت تبغي نيلَ حقٍّ مضيَّعٍ
.

 

لدى ظالم فاسلكْ سبيلَ التحايل
.

ومن كان ذا تقوى يكنْ ذا فراسةٍ
.

 

لعينيه نورٌ كاشفٌ للمَجَاهِل
.

إذا شئت عِرفانَ الفتى سَلْهُ حاجةً
.

 

تُشاغِلُه عما به من تشاغُلِ
.

ولا تقعَنْ في مأزقٍ ثم تطلبَنْ
.

 

خلاصاً وحاذرْ من غبار المشاكل
.

ودأبُ الفتى علمٌ وكسبٌ وطاعةٌ
.

 

وما اللْهُو إلاّ مِثْلُ وقْفِ الفواصل
.

وفي كلّ يومٍ خذْ لنفسِكَ فترةً
.

 

تراجعْ فيها ما مضى مِن فَعائِل
.

ومن كان يبغي الجاه فالعمْ بأنه
.

 

يريدُك جسراً أو مطيةَ واصلِ
.

حلفتُ فلم أحْنَثْ بأنّ خلاصةَ
.

 

التجارِب علمُ الشيء علم البدائل
.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *