هاجس الإسلام يتفاعل في أوروبا
1990/07/07م
المقالات
2,008 زيارة
تحت عنوان: (على أوروبا أن ترى الإسلام بالعين المجردة) نشرت صحيفة (Sondagsavisen) الدانمركية مقالاً في 20/05/90. وقد رأينا أن نترجم هذا المقال وننشره في «الوعي» ليطلع المسلمون على الشعور الذي بدأ يجتاح أوروبا نحو الإسلام السياسي الذي يسمونه (الأصولية الاسلامية).
هذا الشعور يعتمل في نفوس الحكام والمفكرين والكتاب، وحتى في نفوس الناس العاديين.
وكانت المحاضرة للتحذير من انتقال المشكلة الاسلامية من الدانمراك إلى السويد. وقدّم أحد الحاضرين سؤالاً مكتوباً، فكان جواب المحاضر: لم أكن أتوقع حضور مسلمين حتى في محاضرة كهذه!
وفي الدانمراك صار الوافد يُسألة إذا كان مسلماً متعصباً. وفي النرويج يسألونه إذا كان ينتمي إلى أحزاب معينة (يسمونها)!
في أواخر الستينات وأوائل السبعينات كان المهاجرون إلى أوروبا ينبهرون بمدنيتها، ويشعرون كأن الأوروبي أعلى منهم قدراً. أما الآن فإن الشباب المسلمين في أوروبا بدأوا يعودون ـ في غالبيتهم ـ إلى الإسلام والدعوة له كهوية يعتزون بها وكمبدأ منقذ للعالم، وصاروا يشعرون أنهم أعلى وأحسن خُلقاً وأصح فكراً وأقوم ديناً وأهدى سبيلاً من الأوروبيين.
وفيما يلي المقال:
على أوروبا أن ترى الإسلام بالعين المجردة
إن المهاجرين العرب يتحولون وبدرجة كبيرة نحو الإسلام الأصولي. وهذه من الممكن أن تكون واحدة من أهم المشاكل التي تواجهها أوروبا والتجربة الفرنسية خير دليل.
بقلم: مادلينا بلكس
«إذا لم تعرف الحكومات الأوروبية على أي قدم ستقف بمواجهة المهاجرين المسلمين في أوروبا فإن الموقف سيتطور إلى درجة خطيرة وسوف يفقد الاستقرار داخل المجتمع الواحد» هذا ما يعنيه جللز كبل البروفسور في العلم السياسي الفرنسي الذي ألف كتاباً عن انتشار الإسلام في فرنسا وكيف أثر هذا الانتشار في المجتمع الفرنسي ـ هذا البروفسور زار الدانمراك لمدة أسبوع وألقى محاضرة عن الإسلام في أوروبا وفرنسا.
خلال العشرين سنة الماضية زاد النمو الاسلامي بدرجة كبيرة في فرنسا لقد انتشرت المساجد في الأراضي الفرنسية وصار المسلمون أكثر وضوحاً من السابق.
لقد أتى إلى فرنسا ثلاثة ملايين مسلم من شمال أفريقيا والشرق الأوسط وتحولوا نحو الأصولية الاسلامية بمعظمهم، ولعل هذا يرجع إلى سبيين ـ يوضح البروفسور ـ أما الأول فهو ارتفاع نسبة البطالة بين هؤلاء المهاجرين وأما الثاني فهو حاجة هؤلاء المهاجرين إلى هوية ثقافية: فهم وأن ضعف ارتباطهم بأرضهم الأم ولكنهم لم يصبحوا فرنسيين، وبالتالي وجدوا بالمساجد معرفاً لهويتهم. وأكثر فأكثر يتجه العرب المسلمون والذي يتشكل ثلثاهم من دول كانت سابقاً تحت السيطرة الفرنسية يتجه هؤلاء نحو الأصولية الاسلامية وربما ساهم التمييز العنصري الذي يظهره الفرنسيون والأحزاب التي قامت على أساس مناهضة الشرقيين بذلك التحول، ولكن أيضاً في إيطاليا وهولندة وبلجيكا وانكلترا يلحظ الانسان ذلك التحول نحو الإسلام وحديثاً امتدت الظاهرة هذه إلى إيطاليا، وأسبانيا ودول اسكندنافيا. وهذا يعني أن كل دولة أوروبية لعبت لعبة خاصرة بموافقتها على دخول هؤلاء المسلمين. إن أمامنا نموذجين لكيفية التعامل مع هؤلاء المسلمين ففرنسا قامت على دمج المسلمين في الثقافة الفرنسية والمجتمع الفرنسي، أما في بريطانيا فقد أعطيت الأقليات الدينية حريتها بالحفاظ على خلفيتها الثقافية. ولكن من الواضح أن كلاً التجربتين انتهتا بالفشل. في إنكلترا كان إطهار المسلمين للمعارضة الشديدة لرشدي وكتابة «آيات شيطانية» معبراً عما يمكن أن تفعله الحرية إذا أعطيت لجماعة كبيرة فقد استغلوها لتجريد أحد الأشخاص من حقه في التعبير، وكذلك في فرنسا فقد وقفت إدارة المدرسة حائرة ولم تستسطع فعل شيء أمام قضية الحجاب لأن هذه القضية أخذت بعداً سياسياً فيما أتهم أساتذة المدرسة بالعنصرية. يمكن للحكومات الأوروبية أن توازن بين الحل الفرنسي والحل الانكليزي فيما إذا قررت دمج المزيد من هؤلاء المسلمين «تعبير تهكمي يعني بأن هذه ليس حلاً» إن الحكومات الأوروبية تكون في حلم إذا ظنت نفسها قادرة على معالجة هذه المشكلة تماماً كحلم حكومة ألمانيا عندما حاولت حل مشكلة العمالة الأجنبية في السبعينات ـ إشارة إلى فشل ألمانيا في ذلك ـ كبل البروفسور ـ لا يعطي حلاً يحدد سلوك الحكومات الأوروبية نحو هذه المشكلة ولكنه لا يشك بأنها ستقوم بعمل ما «وهذا تعبير يقصد منه أنه طالما لا حل لهذه المشكلة فيجب طرد المسلمين من أوروبا» في هذه الأيام كل من فرنسا تراقب بانتباه التخريب المتعمد الذي تعرضت له المقبرة اليهودية. ولا أحد يعرف إذا كان هذا العمل مجرد تصرف لبعض المراهقين أم أن هناك تنظيماً كبيراً وراء ذلك. إن المعروف الأكيد هو أن المجتمع يعيش في محنة.
إن وجود الأمة الاسلامية الغربية عن المجتمع الأوروبي فيه قد جلبت لهذا المجتمع مشكلة جدية من خلال إصرارها على المحافظة على هويتها الثقافية إلى أن يجد هؤلاء المسلمون نظاماً سياسياً يلبي تطلعاتهم! انتهى المقال.
أبو صهيب ـ الدانمراك.
1990-07-07