العدد 25 -

السنة الثالثة – العدد 25 – شوال 1409هـ، الموافق أيار 1989م

جواب على سؤال من الضفة الغربية

الحكم الشرعي في اغتصاب اليهود للأرض والأموال في فلسطين، وموقف المسلمين تجاه ذلك

– إن وجود إسرائيل ـ من حيث هو ـ في فلسطين هو وجود غير شرعي، لأنه وجود حصل بالتعدي والغصب، والاستيلاء على أرض إسلامية، ليس لليهود حق فيها، ولا يجوز لهم شرعاً تملّكها، ويحرم على المسلمين التنازل لهم عنها.

– ولا يملك اليهود في فلسطين شرعاً ما استولوا عليه من مال وأرض وبناء. واستيلاؤهم على هذه الأموال والأبنية والأراضي لا يمنحهم شرعاً حق التملك لها. وذلك لما يلي:

1- لأنهم استولوا عليها بالغصب والتعدي، وما أُخِذَ بطريق الغصب لا يملّك شرعاً للمغتصب والمتعدي.

2- لأن هذه الأموال والأبنية والأراضي معصومة ومحترمة، ومحظور عليهم تملكها ابتداءً عند الاستيلاء والأخذ، وانتهاء عند ضمها إليهم، لبقاء عصمتها، ببقاء عصمة مالكيها. لقول الرسول r: «فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم» فالمسلم، ومن يسلم، ومن هو في ذمة المسلم دمه معصوم، وماله معصوم، والمعصوم له حرمة، فلا يجوز أخذه، أو الاستيلاء عليه.

3- ولورد الأحاديث الدالة على بقاء ملكية المسلم لماله الذي استولى عليه الكفار، وأنه يرد عليه بمجرد استرجاع المسلمين له. فقد روى مسلم وأحمد عن عمران بن الحصين قال: «أُسِرَت امرأةٌ من الأنصار، وأُصيبت العضباء ـ ناقة رسول الله ـ فكانت المرأة في الوثاق، وكان القوم يريحون نعَمَهم بين يدي بيوتهم، فانفلتت ذات ليلة من الوثاق، فأتت الإبل، فجعلت إذا دنت من البعير رغا فتتركه حتى تنتهي إلى العضباء فلم تَرْغُ، قال: ـ وهي ناقة منوقة ـ وفي رواية مُدرّبة ـ فقعدت في عجزها، ثم زجرتها فانطلقت ونَذِروا بها ـ أي علموا بها ـ فأعجزتهم، قال: ونَذَرت لله إن نجاها عليها لتنحرنّها. فلما قدمت المدينة رآها الناس، فقالوا: العضباء ناقة رسول الله r ـ فقالت: إنها نذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنّها، فأتوا رسول الله r فذكروا ذلك، فقال: سبحان الله، بئسما جزتها، نذرتْ لله إن نجاها الله عليها لتنحرنّها، لا وفاء لنذر في معصية ولا فيما لا يملك العبد، وأخذ ناقته منها» روى البخاري وأبو داود وابن ماجه عن ابن عمر: «أنه ذهب فرس له، فأخذه العدو، فظهر عليهم المسلمون، فَرُدَّ عليه في زمن رسول الله r. وأبَقَ عَبدٌ فلحِق بأرض الروم، وظهر عليهم المسلمون فرده خالد بن الوليد عليه بعد النبي r». وفي رواية: «أن غلاماً لابن عمر أبَقَ إلى العدو، فظهر عليه المسلمون فرده رسول الله r إلى ابن عمر ولم يقسم» رواه أبو داود. وروي عن ابن عباس: «أن رجلاً وجد بعيراً له كان المشركون أصابوه فقال له النبي r: إن أصبته قبل أن نقسمه فهو لك، وإن أصبته بعدما قُسم أخذته بالقيمة».

– إن جميع العقود التي عقدت مع اليهود من الدول العربية تعتبر الآن باطلة شرعاً، وذلك لما يلي:

لأن جميع هذه العقود تمت مطلقةً دون تحديد مدة معينة تنتهي فيها، ومن شرط صحة عقود الهُدَن أن تكون محددة بمدة معينة، وعدم تحديدها بمدة يجعلها باطلة، لأنها تعطّل أمر الجهاد. وحتى لو اعتبرنا أن هذه العقد صحيحة عند عقدها، فإنها قد أصبحت باطلة الآن، لأن إسرائيل نقضتها بما قامت به من أعمال تنقض هذه الهُدَن. فكل ما قامت به ـ بعد عقد هذه الهُدَن ـ من استيلاء على أراض جديدة، وشن حروب، وقيام باعتداءات متكررة، وغارات مدمرة، وما اتخذته من أساليب وحشية لمقاومة الانتفاضة كلها أعمال ناقضة لاتفاقيات الهُدَن، وتجعل هذه الاتفاقيات ملغاة وباطلة.

لذلك فإننا شرعاً غير مقيدين تجاه إسرائيل وتجاه اليهود بما تفرضه علينا هذه الهُدَن، لنقض اليهود لها، وعدم استقامتهم لنا. لذلك فلا استقامة لهم بهذه الهُدَن علينا، لقوله تعالى: ]فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ[.

وبناء على ذلك فلا عهود ولا مواثيق قائمة الآن بيننا وبين اليهود، وتكون حالة الحرب الفعلية قائمة بيننا وبينهم، ويكون حكم اليهودي حكم المحارب الفعلي الذي لا حرمة لماله ولا لدمه.

– إن أهل فلسطين الموجودين في فلسطين ليسوا أسرى حقيقة، فهم موجودون في بلدهم، ويعيشون في بيوتهم وأملاكهم وأراضيهم، ويستطيعون الخروج متى أرادوا إلا في بعض الظروف، ويروحون ويجيئون ويعملون كما يحلوا لهم، إلا أنهم يرضخون رغماً عنهم لنير محتل غاصب.

وهم كذلك ليسوا مستأمنين. فالمستأمن هو الشخص الذي يأتي من الخارج ويُعطى الأمان، هم لم يأتوا من الخارج، وإنما هم يعيشون في بلدهم وبيوتهم.

وإعطاء اليهود هويات لهم لا يجعلهم مستأمنين، ولا يترتب على إعطاء اليهود هويات لهم أيُّ أمان لليهود منهم. فهم لم يُعطُوا اليهودَ أماناً من أنفسهم، وتأمينُ اليهود لهم عند دخولهم واحتلال بلدانهم لا يفرض عليهم شرعاً أن يكون لليهود أمانٌ عليهم.

لذلك فإنهم لا يأخذون حكم المستأمن، الذي يجب أن يلتزم بعقد الأمان، حتى إنهم لو أَعطوْا لليهود أماناً عند الاحتلال أو بعده فإنه يكون أماناً لا قيمة له شرعاً، ولا تترتب عليه آثاره، لأنه يكون قد أُعطي بالإكراه. والمكرَه والمستكرَه لا يُلْزَمُ شرعاً بما أُكره واستُكره عليه للحديث الصحيح: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».

لذلك فإن الفلسطينيين في فلسطين ليسوا مطالبين شرعاً بأي وفاء لليهود، ولا بأية استقامة. ولهم أن يخرجوا على اليهود وأن يحاربوهم.

10 شعبان 1409هـ

17/03/1989م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *