العدد 24 -

السنة الثانية – العدد الثاني عشر – رمضان 1409هـ، الموافق نيسان 1989م

كلمة حق وقفة أخرى مع (المتسللين)

 مرة أخرى يثير موضوع اختراق الفدائيين للسّياجات الأمنية المحيطة باليهود جدلاً بين زعماء اليهود وحكام الكيانات التي تحرسهم وتحيط بهم إحاطة السّوار بالمعصم، ويحرص اليهود على تسمية أولئك الفدائيين (بالمخربين) أما الحكام الحراس فيطلقون عليهم (متسللين) وذلك لان استعمال هذه اللفظة يعني أن اختراق الحدود يعتبر من وجهة نظر هؤلاء الحكام عملاً غير مشروع يعاقب عليه قانون بلادهم، ولا يوافق عليه المجتمع (المتمدن!)، لذلك نجدهم حريصين على دمغ كل من يخترق جدران الصمت والعار بوصفه (بالمتسللين)، فهكذا أوصاهم الغرب فالتزموا بالوصية وهي: حراسة دولة اليهود وعدم إزعاجها عن طريق بعض (المتسللين)، ووضعهم في السجن بوصفهم مجرمين كمل فعل ملك الأردن مؤخراً.

ولكن الوضع يختلف كلياً بالنسبة لثوار أفغانستان، فهناك تحرص أميركا وكل دول الغرب على وصف المقاتلين الأفغان (بالمجاهدين) وحتى أنهم يكتبونها في صحفهم بنفس اللفظ العربي ودون كتابة معناها: MOJAHIDEEN وهذا يعتبر حرصاً من قبلهم على الترويج لنفس اللفظ وما يعنيه من شحن للنفوس المسلمة، ولم يقتصر الأمر على أميركا ودول العرب، بل أُمرت الدويلات القائمة في العالم الإسلامي باتباع نفس الأسلوب الإعلامي، وتجنيد المتطوعين، وجمع التبرعات باسم (المجاهدين) وتزويدهم بالسلاح والذخيرة والخبراء، واحتضان قادة الثوار عندهم وتأمين الحماية والتغطية الإعلامية اللازمة لهم، كل ذلك بأوامر من الأسياد القابعين في عواصم الغرب، ومن حق المسلم أن يتساءل لماذا هذا الاختلاف في المواقف بين قضية فلسطين وقضية أفغانستان فهنا يسمى المقاتل (مخرباً وإرهابياً وفي أحسن الأحوال متسللاً) وهناك يسمى المقاتل (مجاهداً)؟ ولماذا هذا الطوق الأمني لحماية دولة كل زعمائها مجرمون وقتلة أين منهم النازية التي أدانها كل العالم واعتبرها خطراً على الإنسانية؟

وبالرغم من أن اختراق الحدود غير كاف لإزالة دولة اليهود، إلاّ أن استمراره يعني أن لا هدنة مع اليهود ولا سلام، ولا لقاءً بيننا وبينهم إلا في ساحة المعركة الفاصلة، وأن كل محاولات الصلح معهم لا تعبر عن رغبة أبناء هذه الأمة المتعطش ة لإحقاق الحق وإزالة الباطل بكل أشكاله وأعوانه، وكذلك فإن اختراق الحدود يعني ضمن ما يعني اختراقاً للأمر الواقع والصمت المطبق الذي يكلل الجبهات الصامتة صمت أبي الهول، ويبقي جذوة العداء لليهود قائمة وجذوة الحماس مشتعلة حتى يقيض الله لهذه الأمة من يأخذ بيدها إلى طريق المجد والعزة، لأن المراهنة على القيادات والزعامات التي تتزاحم لكسب ود اليهود هي سراب في سراب، ومن واجب المخترقين لجدران الصمت من النقب ووادي عربة وجنوب لبنان أن يذكّروا الجيوش أن إسرائيل لا زالت موجودة وذلك بتوجيه نداء إليها مع كل عملية تدعوها إلى القيام بواجبها الشرعي وهو إزالة الكيان النجس من على هذه البقعة المقدسة، وتوجيه نداء إلى قادتهم بإقفال الثغرة التي فتحها المعترفون بدول اليهود في جدرانهم، ألا يحتاج أولئك المفرطون بالحقوق إلى عدة عمليات (تسلل)؟.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *