العدد 24 -

السنة الثانية – العدد الثاني عشر – رمضان 1409هـ، الموافق نيسان 1989م

ردود ومناقشات: نورنا وظلامهم

القارئ: خالد محمد علي.

تقول مجلة الغارديان حسب أحد كتابها (دبليو ـ ال ـ ويب) 17/2:

لا بد أن نكون واعين وحذرين، أن لا نحوّل قضية رشدي إلى معارضة بسيطة بين نورنا (الغرب المسيحي) وظلامهم (المسلمين).

وقد استوقفني هذه الكلمة طويلاً، فبأي وقاحة استطاع هذا الكاتب أن يقول هذا الكلام. فهو لو حاول أن يبحث بقدر بسيط في الموضوعية في حقيقة هذا الموضع لوضع المعادلة بشكل آخر. وعلى كل حال فليس هذا الكلام بجديد فهو يذكرنا بقول مرور بيرجر في كتابه (العالم العربي المعاصر): يجب محاربة الإسلام للحيلولة دون وحدة العرب التي تؤدي إلى قوتهم، لأن قوة العرب تتصاحب مع قوة الإسلام وعزّته وانتشاره) [مجلة ردز اليوسف 29/06/1963).

فلنقارن بين نظرتنا المتمثلة بالقرآن الكريم نحوهم ونظرتهم نحونا لنستخلص الحق إن شاء الله.

قوله عزّ وجلّ: ]قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ[ (آل عمران: 64) فنحن حين دعوناهم كانت دعوتنا إلى توحيد العبودية لله وحده لا نشرك به أحداً من عباده. بينما دعوتهم تتلخص بقول المستشرق الفرنسي كيمون في كتابه (باثولوجيا الإسلام) حين يقول: «اعتقد أن من الواجب إبادة خمس المسلمين، والحكم على الباقين بالأشغال الشاقة، وتدمير الكعبة، ووضع قبر محمد ﷺ وجثته في اللوفر» (الفكر الإسلامي الحديث: ص51). [القومية والغزو الفكري ص 192].

ففي حين كانت دعوة الإسلام والمسلمين للعالم هي الإيمان بالله الواحد الأحد وعدم الشرك به. فإن دعوة المبشرين تلخص في قول صموئيل زويمر رئيس جمعيات التبشير في مؤتمر القدس للمبشرين المنعقد عام 1935: (إن مهمة التبشير التي ندبتكم الدول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست في إدخال المسلمين إلى المسيحية فإن في هذا هداية لهم وتكريماً. إن مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله). [جذور البلاء ـ صفحة 275]. ونجد بأن القرآن الكريم قد ذكر لنا عن تعصب هؤلاء وبغضهم لنا فقال عزّ وجلّ: ]وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ[ (البقرة: 109).

إن المقارنة بين نورهم وظلامنا تحتاج إلى بحث. فلنحاول إيجاد مصادر ما يسمونه بنورهم والرجوع إلى أسس هذا النور الوهمي.

فإن المسلمين حين كانوا ينشرون دين الله في كل مكان وحين كانوا يقيمون دولة الخلافة كان أصحاب النور من البطاركة مجتمعين ليقرروا إذا كانت المرأة كائناً شيطانياً أو مخلوقاً بشرياً.

ومن جهة ثانية فإن هؤلاء النورانيين قد حرقوا العالِم برونو عام 1600م حتى الموت لأنه قال ما قاله كوبرينكس وجاليلو أن الأرض تدور وليست مركز الكون. في حين كان المسلمون قد ألفوا كتباً هائلة في ميادين الطب وعلم النفس والرياضيات والفلك.

والنور الذي يدعونه ما هو إلا جزء بسيط من نور علماء المسلمين أيام نهضتنا فكتب ابن سينا ما تزال حتى اليوم تدرّس في بعض جامعات فرنسا وأميركا. واسم لعوم الرياضيات لا تزال حتى اليوم تحمل أسماء علمائنا من أمثال الخوارزمي وغيره لقد سقطنا حين تركنا الإسلام وهم يدركون ذلك ولكنهم يخادعون. فأصحاب النور لا يخجلون من البوح والاعتراف والمفاخرة بالنكبات التي أنزلوها بنا وفي النهاية يتشدقون ويقولون بأننا نحن الإرهابيون. يقول هانوتو وزير خارجية فرنسا: (رغم انتصاراتنا على أمة الإسلام وقهرها فإن الخطر لا يزال موجوداً من انتفاض المقهورين الذين أتعبتهم النكبات التي أنزلناها بهم، لأن همتهم لم تخمد بعد) [الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي ـ ص 19). ويقول فيليب فونداسي: (إن من الضروري لفرنسا أن تقاوم الإسلام في هذا العالم وأن تنتهج سياسة عدائية للإسلام وأن تحاول على الأقل إيقاف انتشاره) [الاستعمار الفرنسي في أفريقيا السوداء ـ للكاتب ص:2]. أما نحن فإن الواجب كان في كتاب الله إذ قال تعالى: ]لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ[ (آل عمران: 186).

وأما عن نور تعاملهم مع المسلمين فننقل القليل من كتاب محاكم التفتيش للدكتور علي مظهر باختصار: (حين أصدر نابليون مرسوماً عام 1808 بإلغاء دواوين التفتيش في أسبانيا أرسل مجموعات من الجيش في حملات دهم للأديرة. وفي إحدى هذه المحاكم يروي أحد الضباط: «هبطت على درج السلم مع الجنود فإذا نحن في غرفة كبيرة مربعة هي قاعة المحكمة وفي وسطها عمود من رخام به حلقة جديدة من أجل تقييد المحاكمين بها. ثم توجهنا إلى غرف التعذيب. رأينا غرفاً صغيرة في حجم الإنسان، بعضها عمودي وبعضها أفقي حيث يبقى فيها السجين حتى يموت وعد عثرنا في هذه الغرف على هياكل بشرية لرجال ونساء تتراوح أعمارهم بين الرابعة عشر والسبعين. ثم انتقلنا إلى عرف أخرى حيث عثرنا على آلات لتكسير العظام وسحق الجسم البشري حيث كانوا يبدؤون بسحق عظام الأرجل ثم الصدر والرأس واليدين تدريجياً. وعثرنا على آلة أخرى للتعذيب على شكل تابوت تثبيت فيه سكاكين حادة حيث يلقون الشاب في التابوت ويغلقون عليه الباب ليتمزق ويقع أرباً. كما عثرنا على آلات كالكلاليب تغرز في لسان المعذب ثم تشد ليخرج اللسان معها، ليقص قطعة قطعة، وكلاليب تغرس في أثداء النساء وتسحب بعنف حتى تتقطع الأثداء أو تبتر بالسكاكين).

أما المسلمون حين كانوا يفتحون البلاد ويدعون العباد فقد كانت وصية رسول الله وخلفائه من بعده للجيش بأن لا يقتل شيخ ولا طفل ولا امرأة ولا تقطع شجرة ولا يهدم منزل فهذه روح ظلامنا الذي يدّعون.

وعلى كل حال فليس هذا بغريب فإن غلادستون يقول: (ما دام هذا القرى، موجوداً في أيدي المسلمين فلن تستطع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان». [الإسلام على مفترق الطريق ـ محمد أسد ـ ص:39). فلذلك وجب الحذر علينا منهم ومن إعلامهم الذي أضل الكثيرين من المسلمين. يقول الله عزّ وجلّ: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ[ (آل عمران: 100) ويقول: ]وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ[ (البقرة: 120) فإلى جميع المسلمين وغلى كاتب هذا الكلام وإلى أهل الكتاب نقول ما قاله عزّ وجلّ: ]وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ[  (البقرة: 145). صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *