العدد 364 -

السنة الواحدة والثلاثين العدد 364 -جمادى الأولى 1438هـ – شباط 2017م

العلمانيةُ سمٌ زعافٌ بأشكالِها وألوانِها وتناقضُ الإسلامَ أصلًا وفصلًا

العلمانيةُ سمٌ زعافٌ بأشكالِها وألوانِها وتناقضُ الإسلامَ أصلًا وفصلًا

 ظهرت في السنوات الأخيرة دعوات مشبوهة من قبل «دعاة» محسوبين على التيار الإسلامي تدعو لقبول العلمانية وتعتبر أنها متوائمة مع الإسلام. ومن أبرز من تحدث بهذا زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي والرئيس التركي رجب أردوغان، كما تبنى هذا الموضوع مؤخرًا النائب الأردني و»الداعية» المعروف محمد نوح القضاة في لقاء له على قناة العربية، حيث قسم العلمانية إلى إلحادية ومدنية، زاعمًا أن الأخيرة مقبولة لا تعارض الإسلام! يقولون هذا وغيره، رغم أنهم يدركون تمامًا بأن القاعدة الفكرية الأساسية التي تستند إليها العلمانية هي فصل سياسات الدولة وتوجهاتها وقوانينها عن الدين، وأن الإسلام هو دين كامل شامل في الحياة، للفرد والجماعة والدولة والأمة، ينظم علاقاتهم ويحدد مسؤولياتهم بحسب أحكام شرعية مرجعيتها القرآن والسنة، ما يعني مناقضة العلمانية للإسلام على نحو لا يختلف فيه عاقلان، مسلمين كانا أم كافرين. كما أن آيات الله في القرآن الكريم قطعية الدلالة في وجوب الحكم بما أنزل الله كقوله (وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ ٤٩) وقوله (وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ).

كما يحاول هؤلاء ترويج العلمانية على الصعيد الفردي بزعم أن قيمها هي من مقاصد الإسلام، كقولهم بفكرة الحريات المقدسة في العلمانية، متوقفين على فهم محرَّف للآية الكريم }لا إكراه في الدين{، رغم مناقضة تفسيرهم ذلك للإسلام جملة وتفصيلًا، فعدم إكراه غير المسلمين على الإسلام لا يعني البتة إطلاق العنان للمسلم في معتقداته وتصرفاته، فقد أوجب الإسلام على المسلم التقيد بأوامر الله في آرائه ومعتقداته وتصرفاته بل وفي طعامه وشرابه، وفي كسبه للمال وإنفاقه. والأحكام الشرعية المتعلقة بكل ذلك مفصلة في الآيات والأحاديث لا يجهلونها، ولا يتسع المقام لسردها هنا.

 لذلك لا بد من مواجهتهم، لأنهم بدعوتهم تلك للعلمانية يصبحون أشد خطرًا على الإسلام والمسلمين من خطر دعاة العلمانية من العلمانيين أو الملاحدة أنفسهم. فدعوة هؤلاء كونهم حملة «مؤهلات شرعية»، أو لأنهم يحسبون على الدعاة للإسلام والعلم الشرعي، فيها تلبيس على الناس وتضليل لهم. إن واقع هؤلاء فعلًا هو أنهم يصدون الناس – بدعوتهم تلك – عن الإسلام، فيَضِلون ويُضلُون فيحملون أوزارهم وأوزار من اغترَّ بقولهم، ويقعون فيما حذر الله منه في قوله سبحانه: (وَلَا تَلۡبِسُواْ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُواْ
ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٤٢).

أخيرًا وليس آخرًا، فإننا نتوجه بالنصيحة لهؤلاء وأمثالهم وأتباعهم، كي يرعووا عما يقترفونه بحق الإسلام وأهله، وأن يحذروا من أن يكونوا دعاة للباطل الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري في «صحيحه» بسنده إلى حُذَيفَة بن اليمان – رضِي الله عنه – أنَّه قال: كان الناس يسألون رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يُدرِكني، فقلت: يا رسول الله، إنَّا كنَّا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: ((نعم))، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: ((نعم، وفيه دَخَنٌ))، قلت: وما دَخَنُه؟ قال: «قومٌ يَهدُون بغير هَديِي، تعرِف منهم وتُنكِر»، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم؛ دُعَاة على أبواب جهنَّم، مَن أجابَهُم إليها قذَفُوه فيها».

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *