العدد 73 -

العدد 73- السنة السابعة، ذو القعدة 1413هـ، الموافق أيار 1993م

مقاومة العدو المحتل تعني مقاومة المصالحة معه

أجهزة الإعلام العربية كلها تتحدث عن مقاومة الاحتلال اليهودي لفلسطين وبعض الأراضي الأخرى وتسميه بالاحتلال (الصهيوني)، وكل الأجهزة تعتبر مقاومة المحتل أمراً مشروعاً وبطولياً ويستحق الإكبار، وكل الأجهزة تتحدث عن مقارعة الأطفال والنساء للجندي اليهودي المدجج بالسلاح، ولكنها تغفل ذكر الجندي العربي، ويتوهم بعض السامعين والمشاهدين والقراء بأن مقاومة الاحتلال اليهودي تحتل مركز الصدارة بالنسبة لأولويات الأنظمة القابعة من المحيط إلى الخليج، فيفاجأ هذا المراقب للإعلام بأن هذه الأنظمة التي تتفاخر بنقل أبناء مقاومة المحتل (الغازي، الصهيوني، الغادر، الغاشم) كما تسميه، يفاجأ بأنه أصبح شريكاً في مفاوضات تمهّد لصلح كامل شامل معه لا يُبقي ولا يذر، ويُفاجأ بأن كل الشعارات التي تصدح بها وسائل الإعلام ما هي إلا شعارات تافهة لا يُقصد بها سوى تضليل قلة من البسطاء إن كان بقي في الأمة من بسطاء تُراهن عليهم الأنظمة.

قليلاً من الحياء أيها الإعلاميون، وكفاكم دجلاً أيها الموجِّهون للأبواق، هل سمعتم طوال التاريخ أن محتلاً طُرد بقصاصةٍ من ورق؟

أم هل سمعتم أن محتلاً قُضي عليه بشتيمة من مذياع أو تلفاز أو من على صفحة جريدة؟ أم هل سمعتم في تاريخ من سبقكم من الأمم أن مُحتلاً ترك أرضاً طواعية وعن طيب خاطر؟ هل سمعتم أو قرأتم في أطنان الكتب التي تغُصُّ بها مكتبات عواصمكم أن رجلاً آدمياً من جنس البشر تنازل عن أرضه لعدوه طواعية وهو يضحك ملء شدقيه؟ هل سمعتم أن أناساً رفعوا شعار تحرير فلسطين شبراً شبراً، ومن النهر إلى البحر، باعوا هذا الشعار وباعوا النهر والبحر وما بينهما، وباعوا الأشبار شبراً شبراً؟!

هل سمعتم أن عرباً في الزمن الغابر قالوا: «لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف» في مؤتمر عُقد في مدينة الخرطوم القائمة حالياً في السودان نسوا هذا الشعار بل تبرأوا منه وهم نادمون على ما قالوه ويطلبون السماح من اليهود على ساعة (الغضب) التي اجتاحتهم في خرطوم السودان؟

هل سمعتم كل هذا؟ يا للعار! يا للذل! يا للهوان! يا للخزي!

إن من بديهيات مقاومة العدو المحتل مقاومة المصالحة معه. وسنبقى نعامله كعدو محتل مهما طبّع المطبّعون.

وسيبقى العدو عدواً مهما حاول أنصاره تسويق وجهه البشع وعمله القذر، وستبقى الكراهة له عادة متأصلة فينا وسَجِيّة نُثاب عليها بإذن الله .     

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *