العدد 65 -

السنة السادسة، ربيع الأول 1413هـ، أيلول 1992م

اليمن

تمت الوحدة بين شطري اليمن في 22/05/90 وفرح المسلمون لها لأنها تتم في الوقت الذي تتجزأ فيه بلاد كثيرة. ورغم أن دولة اليمن الموحدة لم تجعل الشرع الإسلامي وحده نظاماً لها فإن الوحدة تبقى خيراً من الانقسام. والبلد الآن على عتبة انتخابات نيابية (أواخر تشرين الثاني المقبل)، وسيعقبها تصحيح للدستور. وندعو الله أن يوفق إخواننا في اليمن إلى العودة إلى شرعه الحنيف في دستورهم وجميع شؤون حياتهم.

نسمع في وسائل الإعلام عن موجة من التعديات على الأمن هنا وهناك. ونسمع عن خلافات بين الأحزاب على أمور تافهة مثل تسمية مؤتمر، أو تقديم موعده أو تأخيره بضعة أيام، أو على بعض شروط الانتخابات لضمان نزاهتها، أو تقسيم البلاد إلى دوائر…

أما الأمن فالمفروض بالسلطة أن تحفظ أمن الناس وتضرب بشدة على أيدي العابثين. وأما اختلاف الأحزاب فأمر طبيعي، ولكن ما هو غير طبيعي أننا رأيناها تختلف على قشور تافهة ولم تتعرض للجوهر. الجوهر هو: شعب اليمن المسلم هل يأخذ دستوره وقوانينه من أنظمة الكفر أو يعود أخذها من كتاب الله وسنة رسوله؟ التعددية الحزبية هي تبقى بدون ضوابط شرعية أو نضع لها الضوابط بحيث لا يسمح أن يقوم في البلد أحزاب تتعارض مع عقيدة وشريعة أهل البلد؟ الديمقراطية التي تتغنى بها أكثر الأحزاب هي نظام غربي فاسد ونحن عندنا نظام الحكم في الإسلام وهو أحسن الأنظمة.

الوحدة لا يجوز أن تبقى في مهب الريح. وهذا يقتضي أن لا تبقى مراكز السلطة مقسمة بين شمال وجنوب حتى إذا حصل خلاف بين أهل الحكم ذهب كل فريق بما في يديه وعادوا إلى الانفصال. وإذا اقتضت الظروف شيئاً من التقاسم عن بدء الوحدة فالمفروض أن ينتهي ذلك إلى الأبد. لا يجوز أن يبقى حزب يمثل الشمال وآخر يمثل الجنوب، بل كل حزب يجب أن يمثل جميع اليمن، وأكثر من ذلك: كل حزب يجب أن يمثل جميع المسلمين في اليمن وخارج اليمن لأن المسلمين أمة واحدة وهم أخوة إذا اشتكى منهم أحد تألم الجميع لألمه (وليس كما يحصل الآن تجاه مسلمي الصومال ويوغوسلافيا).

الولاء هو للمبدأ قبل أن يكون للعشيرة أو للمنطقة أو للحزب أو للمصلحة الفردية، يقول الله تعالى: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وعشيرتكم وأزواجكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكنُ ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين).

الرئاسة في اليمن جماعة، وهذا أمر يتعارض مع الشرع الإسلامي ويتعارض مع الواقع. فالشرع لم يجعل الإمارة إلا لواحد في الأمور الصغيرة والكبيرة، وفي الواقع فإن تعارض الآراء يشل الأعمال ويعطلها، والمثل الدارج عند الناس يقول: كثرة الطباخين تحرق الطبخة. والقيادة الجماعية فوق ذلك تشكل خطراً على استمرار الوحدة.

كثير من أهل اليمن ينظرون إلى أنفسهم أنهم متخلفون في حقل الديمقراطية، ويظنون أن هذا نقص. والحقيقة أن هذا فضيلة لأهل اليمن. الانتخابات يقرها الإسلام، وهي حكم شرعي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار عند بيعة العقبة: «أخرجوا لي من بينكم اثني عشر نقيباً» وإذا كانت الديمقراطية تقول بالانتخابات فهي تبنيها على عقيدة علمانية (فصل الدين عن الدولة) وتمزجها بكثير من المفاسد. ولذلك فلا تدعو كلمة الديمقراطية تفتنكم فهي نظام كفر عَفِن. وأهل اليمن الذين لم تتأصل فيهم لوثة الديمقراطية مؤهلون أكثر من غيرهم من المسلمين أن يقيموا الدولة الإسلامية (دولة الخلافة الراشدة) التي تكون نواة لوحدة الأمة الإسلامية في دولة واحدة بل ستةٍ وأربعين دويلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *