العدد 63 -

السنة السادسة، محرم 1413هـ، تموز 1992م

التطرف والاعتدال

تروج الآن عبارات التشدد، التطرف، التعصب، الإرهاب، الأصولية… وغالباً ما تُساق ليوصف بها حمَلةُ الدعوة إلى الإسلام أو الذين يقومون بأعمال لا يرضى عنها الغرب.

ويقابل ذلك عبارات مثل: الاعتدال، التسامح، التساهل، التنازل، الروح الرياضية… وغالباً ما تساق ليوصف بها حملة الدعوة إلى الحضارة الغربية أو الذين يقومون بأعمال ترضي الغرب.

قبل أن نتحدث عن التشدد أو الاعتدال، أو عن الشرق أو الغرب، نحن بكل بساطة مسلمون. والمسلم يأخذ مفاهيمه بكل بساطة من الإسلام من كتاب الله وسنة رسوله، وليس من غرب أو شرق هذه بديهة عند كل مسلم.

هناك حالات طلب الشرع فيها الشدة وحالات أخرى طلب فيها الرحمة، قال تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ)، وقال تعالى: (وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً)، وقال: (وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ) وقال: (وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً فليغره بيده» وقال: «ولتأطرنهم على الحق أطراً» وقال: «من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان».

فالمسلم مع المسلمين رحيم وذليل ومع الكفار شديد وعزيز (والمقصود بالكفار هنا من نكون في حالة حرب معهم أما أهل العهد فحسب عهدهم).

والمسلم يتعصب للحق ويتمسك به تمسكاً شديداً، وهذا التشدد والتعصب من الفضائل.

وإذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إرهاباً في نظر الغرب فإنه فريضة كريمة في نظر الإسلام. وإذا كانت حرية الارتداد عن الإسلام وحرية ممارسة الفواحش من المثل العليا عند الغربيين فإنها من الجرائم الكبرى عند المسلمين.

والمسلم يجب أن يغضب لله إذا رأى حرمات الله تنتهك ولا يحل له أن يقابل ذلك بروح رياضية ودمٍ بارد.

وإذا كان العمل لهدم أنظمة الكفر وإقامة الدولة الإسلامية أصولية خطرة في نظر الغرب فإنه فريضة حتمية في نظر الإسلام.

وإذا كان الرضا بأنظمة الكفر وأخلاق الكفر اعتدالاً في نظر الغرب فإنه فسق وضلال في نظر الإسلام.

وإذا كان الصلح مع اليهود الغاصبين اعتدالاً وتسامحاً وواقعية في نظر الغرب، فهو خيانة وتفريط ونذالة في نظر الإسلام.

فعليكم يا شباب الإسلام، يا أبناء خير أمة أخرجت للناس، أن لا تأخذوا مفاهيمكم وقيمكم من الغرب وحضارة الغرب لأنها حضارة فاسدة مفسدة حضارة الإيدز والخمور والمخدرات، حضارة التكالب على المادة، حضارة الضلال الموصلة إلى جهنم وبئس المصير.

أنتم حملة الحضارة والهداية والنور: (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *