العدد 62 -

السنة السادسة، ذو الحجة 1412هـ، حزيران 1992م

مع القرآن الكريم:

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )آل عمران 96 – 97

في أيام الحج الفضيلة هذه نقرأ عن البيت الحرام ومقام إبراهيم عليه السلام وعن فريضة الحج التي أكرم الله بها المسلمين حيث يعود الحاج مغفوراً له كيوم ولدته أمة.

(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) أي لعموم الناس لعبادتهم ونُسُكِهم يطوفون به ويصلّون إليه ويعتكفون عنده.

(لَلَّذِي بِبَكَّةَ) يعني الكعبة التي بناها إبراهيم الخليل عليه السلام. وكلمة (بكَّة) من أسماء مكة على المشهور. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: مكة من الفج إلى التنعيم، وبكة من البيت إلى البطحاء، وقريب من هذا ما روي عن عكرمة قال: البيت وما حوله بكة، وما وراء ذلك مكة. وأورد ابن كثير أسماء مكة: مكة، وبكة، والبيت العتيق، والبيت الحرام، والبلد الأمين، والمأمون، وأم رحم، وأم القرى، وصلاح، والعرش على وزن بدر، والقادس لأنها تطهر من الذنوب، والمقدسة، والناسة، والباسة، والحاطمة، والرأس، وكوثاء، والبلدة، والبنية، والكعبة.

(مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ) أي وضع مباركاً وهدى لجميع الناس. أخرج البخاري ومسلم وأحمد عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول؟ قال: «المسجد الحرام» قلت: ثم أي؟ قال: «المسجد الأقصى» قلت: كم بينهما قال: «أربعون سنة» قلت: ثم أي؟ قال: «ثم حيث أدركتك الصلاة فصلِّ فكلها مسجد» وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) قال: كانت البيوت قبله ولكنه أول بيت وضع لعبادة الله.

(فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ) أي دلالات ظاهرة أنه من بناء إبراهيم وأن الله عظمه وشرفه.

(مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ) أي مكان قيام إبراهيم الذي قام عليه لما ارتفع البناء ليساعده على رفع القواعد منه والجدران حيث كان يقف عليه ويناوله ولدُه إسماعيل. وتطلق عبارة (مقام إبراهيم) كتابة عن الحرم كله، فقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: (مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ) قال: الحرم كله مقام إبراهيم. (وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً) يعني حرم مكة إذا دخله الخائف يأمن من كل سوء، وكذلك كان الأمر في الجاهلية. قال ابن عباس: من عاذ بالبيت أعاذه البيت، ولكن لا يؤوي ولا يطعم ولا يسقى، فإذا خرج أُخذ بذنبه.

(وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) هذه آية وجوب الحج عند الجمهور. وقيل بل هي قوله تعالى: (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ) والأول أظهر. وقد وردت الأحاديث المتعددة بأنه أحد أركان الإسلام ودعائمه وقواعده، وهو معلوم من الدين بالضرورة.وإنما يجب على المكلف في العمر مرة واحدة.

(مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) أخرج ابن أبي حاتم عن عبدالله بن عمر قال: جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ما السبيل؟ قال: «الزاد والراحلة». وأخرج الحاكم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله الله عز وجل: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) فقيل: ما السبيل؟ قال: «الزاد والراحلة» ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

(وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: أي ومن جحد فريضة الحج فقد كفر والله غني عنه £

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *