العدد 101 -

السنة التاسعة – ربيع الآخر 1416هـ -أيلول 1995م

من جرائم حرب الخليج!!!

رغم التكتم الشديد التي تمارسه الدول الغربية حول كشف جرائم حرب الخليج تتسرب بين الفينة والأخرى بعض المعلومات التي تنم عن مدى الهمجية والوحشية التي تتصف بها حكومات الدول الكبرى وصانعوا القرار فيها، خاصة أميركا وبريطانيا وفرنسا، وفي الوقت فإنها تكشف عن اللاإنسانية التي هي سمة بارزة للحضارة الغربية. فقد ورد في نشرة العلوم الذرية (مارس 1993) في مقال للأستاذ وليم إم اركان “W.M.Arikn” رئيس معهد علم الأمن الدولي في واشطن بعنوان “The desert glows with propaganda” أن الولايات المتحدة الأميركية قد استخدمت ذخائر مصنوعة من اليورانيوم المعروف باليورانيوم المفقر “يو آ” أثناء حرب الخليج. وقدر أركان عدد الطلقات ذات حجم 30مم والتي تحتوي على 300 غرام يورانيوم مفقر التي أطلقت من طائرات “A- 10 Thunderbolt” بلغ 940 ألف طلقة، وبلغ عدد القذائف ذات الحجم 120مم التي تحتوي على واحد كيلوا غرام من اليورانيوم المفقر التي كانت تطلقها الدبابات أربعة آلاف قذيفة، مما يسمح بتقدير مجموعة وزن اليورانيوم الذي ألقي على العراق وعلى الكويت بـ 300 طن تقريباً.

وورد في تقرير سري حول حرب الخليج عام 1991 في شهر تشرين الثاني من قبل سلطات بريطانية مختصة في الطاقة النووية ما نصه: (في بعض الأمكنة حيث أطلقت رشقات كافية تجاوز تلوث العربات والأرض الحدود المسموح بها وأصبح يشكل خطراً بالنسبة لمجموعات التنظيف وبالنسبة للسكان المحليين بنفس الوقت… فمن التهور بأن يبقى هؤلاء بالقرب من كميات كبيرة من اليورانيوم خلال مدد طويلة). ويشير التقرير إلى أن الخطر الأكبر ينجم عن غبار اليورانيوم الذي ينتج عندما تصيب القذائف العربات وعندما تحرقها، حيث تتحول كتلة المعدن إلى نفاث “Aerosal” يحمل الهواء بسهولة جزئياته الناعمة التي يمكن ابتلاعها بسهولة وهي سامة بالنسبة للكلى وفيها إشعاعات خطيرة بالنسبة للرئة. وورد في مقال “أسلحة مشعة ضد العراق” بقلم نعيمة – لوفكير – لافيت ورولان لافيت في لوموند ديبلوماتيك في نيسان 1995 أن الدكتور سيغوارت هورست غونتر عثر في طريق بغداد – عمان على قذائف لها شكل وحجم السيكار مما أثار انتباهه بسبب ثقلها غير العادي، ففي هذه المنطقة تعرضت قوافل من الناقلات واللاجئين إلى هجوم طائرات آ – 10، وفيما بعد يقول الدكتور غونتر (أحياناً أرى أطفالاً يلعبون بهذه القذائف، وإحدى البنات الصغار التي كانت تملك 12 قطعة منها ماتت بمرض ابيضاض الدم، وعندما تم فحص إحدى القذائف في ألمانيا تبين بأن نسبة الإشعاع تساوي 11 ميكروسيفرت بالساعة وهو عاير ضعيف نسبياً). وهذه الكمية ليست هائلة ولكنها قد أدت من خلال تعرض البنت الصغيرة لعلبتها التي تحوي 12 قذيفة خلال مدة ثمان ساعات إلى تجاوز العيار الأقصى المقبول وهو 2 ميلي سيغرت في السنة. وقد علق الجنرال الفرنسي بيير ماري غالوا على استعمال اليورانيوم المفقر بقوله: (الأميركان لم يفكروا أبداً بنتائجها. فقد أرادوا أن تكون ذخائرهم أكثر فاعلية فتصرفوا كالمبتدئين بالسحر).

ومن الجدير بالذكر هنا هذه الحادثة: حدث وأن اكتشف عام 1980 وجود طارئ ليورانيوم مكثف في مصافي الهواء في قطر مراقبة معمل من معامل NLI بالقرب من ألباني بولاية نيويورك Albany، عندئذ تم طلب إجراء تحقيق من “Atomic Power Laboratory”، وبما أن أجهزة المعمل استمرت بإشعاع بتجاوز البث المسموح به 150 ميكروكوري بالشهر أي ما يعادل الإشعاع الناتج عن 386 غراماً من اليورانيوم المكثف فقد اعتبر ذلك يشكل خطراً على الأحياء السكنية المجاورة وتوقف العمل عن الإنتاج عام 1980 وأغلق المصنع عام 1983. وكتب البروفيسور ليونارد ديتز إذا كانت سلطات ولاية نيويورك قد أعارت اهتمامها إلى البث الشهري للإشعاعات التي تعادل الجزئيات الناتجة عن قذيفة أو قذيفتين، كيف جرى وأن الحكومة الأميركية لم تكترث ولم تقلق بآثار آلاف من هذه القذائف التي أطلقت خلال عدة أيام أثناء الحرب؟.

وللإجابة على هذا السؤال لا يحتاج المرء إلا أن يعمل ما هو مفهوم الإنسان وحقوق الإنسان لدى الدول الرأسمالية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *