العدد 110 -

السنة العاشرة – ربيع الأول 1417هـ – تموز وآب 1996م

من الفكر الإسلامي: مفهوم الطّاعة في الإسلام

من الفكر الإسلامي:

مفهوم الطّاعة في الإسلام

بقلم: محمد عبد القادر

إنّ مفهوم الطّاعة من المفاهيم الهامة والأساسية في كل المجتمعات، إذ اتّفق كل البشر على ضرورتها وعلى حاجة كلّ المجتمعات لها ولهذا لم يخل مجتمع من طاعة. ورغم أنّ إجماع البشر انعقد على الحاجة إليها اختلفت نظرت البشر للطاعة ولمفهومها الأساسي ولكل ما تفرع عنها من أنواع الطاعات وذلك وباختلاف القاعدة الفكرية التي حددت المفهوم الأساسي للطّاعة.

كيف نشأت مسألة الطاعة

إنّ فكرة الطّاعة لم تنشأ من فراغ بل استندت على مرّ العصور إلى مفهوم العبوديّة، ذلك أن شعور الإنسان بالنقصان والعجز والإحتياج والمحدوديّة أدّى به إلى عبادة من ظنّ أو قطع بأنّه الأزلي الخالق  والذي تستند إليه الأشياء في وجودها وفي سيرها في الحياة..

والذّي بدون شكّ مؤهل لإستحقاق العبادة ومن ثم استحقاقه للطاعة. ومن هذا المنطلق كان نشوء مسألة العبادة مؤديا طبيعيا إلى نشوء مسألة الطاعة، فكما لم يخل مجتمع من المجتمعات من طاعة وبذلك أخذت فكرة أنشأتها من فكرة العبوديّة ومن هو المعبود الذي يستحق العبادة والذّي يجدر بالبشر أن يطيعوه وهذا الإقتران لمسألة الطاعة بالعبودية لم يقتصر المجتمعات التي يسوسها الدّين بل تعدّاها إلى غيرها من المجتمعات. ذلك أنّ التقيّد بالقوانين الوضعيّة عبادة لواضعي هذه القوانين سواء أكانوا حكاما أم مشرّعين في البرلمان.

وعلى هذا لم تتحرّر هذه المجتمعات الماديّة من ازدواجية الطاعة والعبادة كما أنّه لا يستطيع أي مجتمع بشريّ أن يتحرّر من هذه الثنائيّة. وهذه المسألة مثل مسألة التقديس إذ لم يخلو مجتمع ما من تقديس وكما حولوا التقديس تحويلا رجعيّا من تقديس الخالق إلى تقديس المخلوقات وكلام المخلوق كذلك حوّلوا العبودية والطاعة تحويلا رجعيّا من عبادة الله وحده وإفراده بالعبوديّة وجعل طاعته القاعدة العامّة والمفهوم الأساسي كلّ طاعة إلى عبادة من سواه من البشر بالسير حسب القوانين الوضعية والطاعة للمخلوقات ولو تنافت تلك الطاعة مع ما يأمر به الخالق.

مفهوم الطّاعة من خلال النّصوص الشرعية

لقد عمل القرآن على تركيز مفهوم أساسي للطّاعة بشكل يوحي بأنّه القاعدة العامة التّي تنبثق عنها أو تستند إليها كلّ أنواع الطاعات الأخرى ومثلما أدّى البحث العقلي إلى اقتران الطّاعة بالعبوديّة فإنّ القرآن كذلك نظر إلى هذه المسألة من هذه الزاوية حتى تظل الطاعة طاعة حقّة للمعبود الحق وتكون طاعة واعية مجزئة ومبرئة للذمّة.. ثمّ تكون أساسا أو قاعدة عامة تندرج تحتها كل الطاعات. ونظرة خاطفة للقرآن تجعلنا نسلّم بهذا الإطار العامل للمسألة. يقول المولى عزّ وجلّ (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) وفي آية أخرى (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) و (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) فكل دعوات الرّسل قرنت الطّاعة بالتقوى والعبوديّة. والقرآن شدّد على هذا الإطار إلى حدّ أن قرّر بطلان أعمال الإنسان إذا لم تكن في إطار طاعة الله والرّسول، يقول سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) فطاعة الله وطاعة الرّسول هي الإطار العام والمحدّد لكلّ الطّاعة… وكلّ طاعة تتنافى أو تتناقض مع هذا الإطار العام فهي لاغية ومذمومة وجزاؤها لا محالة شقاءا في الدنيا وعذاب في الآخرة… يقول عزّ وجلّ: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) فهذه الآية فيها وعيد وإنذار ومما يؤكد على هذا التقرير أنّ الله سبحانه وتعالى أبطل كل طاعة تؤدّي إلى معصية الخالق وقد تضافرت الآيات والأحاديث التي تؤكّد هذا المعنى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وقد ورد في الحديث الشريف (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) مما ينبئ أنّ القرآن جعل طاعة الله وطاعة الرّسول القاعدة العامّة والإطار العام لكلّ أنواع الطاعات نافيا في نفس الوقت كلّ طاعة تتنافى مع هذا الإطار العام. وليس هذا فحسب فقد ألغى القرآن ابتداءا أنواعا من الطّاعات بغض النّظر عن الإطار العام للطاعة. يقول عزّ وجلّ (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) وفي آية أخرى (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) ثم في آية أخرى يقول المولى عزّ وجلّ (فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) وفي سورة الإنسان (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا) وفي سورة العلق (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ).

ولو حاولنا أن نفهم لماذا شدّد القرآن على عدم طاعة هذه الأصناف من النّاس بغض النّظر عن موضوع الطّاعة هل يوافق الإطار العام للطاعة أو يتناقض معه لوجدنا أنّ واقع هؤلاء يتناقض ابتداءا مع الإطار العام للطاعة… ولهذا تكون طاعة هؤلاء طاعة للهوى أو استجابة لحكم العقل الذّي يتأثّر بالواقع وبالبيئة وتتغيّر تبعا لذلك تقديراته وأحكامه. وعموما فإنّ طاعة هؤلاء لا تقود إلاّ إلى جهنّم، ولذلك ألغى الشرع وأبطل طاعتهم مهما كان واقعها ولو حاولنا الفهم لوجدنا الحق والحكمة فيما أمر به الشرع. يقول سبحانه وتعالى: (وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ) ويقول في آية أخرى: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) وفي هذه الآية يوضح القرآن دعوته بعدم طاعتهم: (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ) لإفسادهم في الأرض وعدم إصلاحهم والذين يفسدون ولا يصلحون ليس لهم طاعة ابتداءا وفي آية أخرى نجد تأكيدا على نفس المعنى: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا).

ولو قارنا ما يدعو له القرآن من عدم طاعة لهذه الأصناف بواقع الأمة لوجدنا أنّ العكس هو الذي يحصل، فالحكّام يأتمرون بأوامر الكفّار ويطيعونهم في صغيرة وكبيرة فكان واقعهم أن أصبحوا كفّارا يحاربون الله ورسوله ويتصدّون للحق، ويشجّعون الكفر والفسق، يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف والنّاس بطاعتهم انحرفوا عن الجادة والصّواب وحادوا عن شرع الله. ألم يكفر الحكّام بالعبوديّة لله؟ ألم يحاربوا كل من يأمر بطاعة الله؟ من من الحكّام من لم يطبّق الكفر ويأمر به؟ ومن منهم من لم تتوفّر فيه صفات المنافقين؟

أليسوا هم المسرفون الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون؟ لقد أفسدوا على الناس دينهم وأردوهم الفقر والمذلّة والمهانة، باعوا الأعراض واستباحوا الدّماء. أليسوا هم المكذّبون الذّين يودّون لو ندهن فيدهنون؟ فواقعهم الآن لا يختلف عن واقع أبي جهل وأبي سفيان وأبي لهب في محاربتهم للدعوة وفي تتبعهم لحمله الدعوة… ألا ينطبق عليهم: كلّ حلاّف مهين مشّاء بنميم؟ لقد حازوا كل الصّفات التي تتطلّب عدم طاعتهم ابتداءا ولو لم تتناقض طاعتهم مع طاعة الله والرسول…

ولهذا كان أمر الشارع بعدم الإنصياع لهم ولما يأمرون به طبيعيّا فمن وضعوا أنفسهم موضع الإله لن توقد طاعتهم إلا إلى النار، لأنّه لا ينتظر ممن كان في موقعهم أن يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر فمثلا في حقّ المنافقين قال عزّ وجلّ: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). ولهذا كان الأمر الأسلم لكل من يخشى الله ويتقه أن لا يطيع أمر المنافقين وقس على ذلك كلّ الأصناف التي ذكرها القرآن الكريم.

ماهي درجة أهميّة الطّاعة للّه وللرّسول بالنّسبة للمسلمين؟

إنّ مفهوم الطّاعة من المفاهيم الأساسية التي انبثقت عن العقيدة الإسلامية وأخذت نشأتها رأسا من عقيدة المسلمين العقلية، هذه العقيدة التي تقول بإحتياج الإنسان وعجزة ونقصه ومحدوديته… وأن ذلك يتجلّى في حاجة الإنسان لتنظيم علاقته بخالقه وبنفسه وبغيره. ولذا تكون الطّاعة لله وللرسول باعتباره لا ينطق عن الهوى تستقطب كلّ أنواع أعمال الإنسان، وبهذا لا تخرج الأعمال والأشياء عن دائرة الحلال والحرام ويكون هذا المقياس من أعظم المقاييس وأهمّهم على الإطلاق في حياة المسلمين. فالمسألة من هذا المنظور خطيرة ومصيرية لأنّها إمّا أن تضع الإنسان في دائرة العبودية لله أو تقذف به في دائرة عبادة الخلق والهوى… لأنّ الطاعة في الحقيقة هي امتثال الأمر كما أن المعصية مخالفة الأمر.

وللتدليل على أهميّة وخطورة هذه المسألة كان من الطبيعي أن نراجع النّصوص الشرعيّة.

وأوّل ما نشير إليه أنّ القرآن ربط طاعة الله وطاعة الرّسول بطريقة التفكير العقليّة أي أمر أن تكون هذه الطّاعة ابتداء نتيجة لما تقرره الطريقة العقلية كما سلف أن بينا ذلك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) فالآية ابتدأت بالتقرير العقلي لطاعة الله ورسوله وانتهت بتقرير أنّ الحياة لا تكون إلاّ في الإستجابة لله وللرّسول خافية في نفس الوقت كلّ حياة خالية أساسا من طاعة الله والرّسول صلى الله عليه وسلم مثلما عبّر عن ذلك الرسول الكريم : “فو الله لموتة في طاعة خير من حياة في معصية”…

ومن هنا وباعتبار حاجة البشر لرسل فإنّ من الطبيعي أنّه على كلّ قوم أرسل لهم رسول أن يطيعوه  مصداقا لقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ) ونتيجة لهذا كان هذا التقرير الخطير من القرآن (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) فهذه الآية تنفي الإيمان أو كماله على كلّ من لم يجعل أعماله تدور في إطار الحلال والحرام. ولو ألقينا نظرة على آية أخرى من سورة البقرة لتيقّنا أنّ الطاعة ربطت بالإيمان وأنّ جوارح  الإنسان انصاعت وانساقت مع أوامر الله ونواهيه نتيجة لتغلغل العقيدة وتجذّرها في النّفوس: (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) وفي آية أخرى حرص القرآن على امتلاك عاطفة الإنسان بجعل طاعة الله والرّسول نتيجة لمحبّة الله هذا المعبود الذّي أكّد العقل وجوده وجزم بتفردّه بالأمر ولنهي وباستحقاقه العبادة … وصوّر التولّي بأنّه نوع من الكفر يستجب غضب الله ونقمته: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) وفي الحديث عن الأحكام الشرعية وضرورة التقيّد بها يقول المولى عزّ وجلّ 🙁تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) فالآية حددت واقعان لاثالث لهما إمّا طاعة الله ورسوله وورود الجنّة وإمّا معصية الله والرّسول واستحقاق جهنّم. إذا فالمسألة خطيرة ومصيريّة لأنّها تعلّقت بمصير الإنسان…

وقد رغّب القرآن في طاعة الله والرسول إلى حدّ أن جعل حياة النّاس لاتكون إلاّ في إطارهما وتكون استجابة طبيعيّة لأوامر الله ونواهيه ورتّب الجزاء على ذلك أن يدخله الله جنّات تجري من تحتها الأنهار واصفا ذلك بأنّه الفوز العظيم وفي مقابل ذلك رتّب عقابا شديدا لكلّ من يعصي الله ورسوله ويتعدّ حدوده ، وصفه بالنار الخالدة وبالعذاب المهين. وليس ذلك فحسب فقد ربط القرآن بين طاعة الله والرّسول وبين رجاء المسلمين واستحقاقهم الرحمة مصداقا لقوله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ومن عظم هذا الأمر فإنّ رسول الله عبّر عن ذلك صراحة من خلال الآية (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ولمزيد التأكيد على هذا الأمر الجوهري رأينا أن نورد أمثلة أخرى حتّى يتحدّد الأمر لكلّ عاقل وتتضح المسألة بشكل أن يصبح الأمر قناعة عقليّة ووفاق وجدان تجعل كل مسلم لا يحيد عنها ولا تغيب عنه هذه القاعدة العامة للطاعة.

ولذلك أصبحت الطاعة لله والرسول صفة ثابتة من صفات المؤمنين مصداقا لقوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). ولمزيد التأكيد على هذا الأمر يقول المولى عزّ وجلّ: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) فالآية وردت في صيغة زجريّة وفيها تحميل للمسؤولية، مسؤولية التوّلي عن الطاعة وتختم الآية بتوضيح هام وهو تقرير أنّ الهداية تكمن في الطاعة حتّى يفهم بشكل جليّ أنّ لا هداية في المعاصي.

وهذه الآية نقطع في هذه المسألة بشكل يرفع كلّ لبس أو غموض: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) فأي مسلم صادق يرغب أن يكون رفيقا لهذه الصفوة المختارة من البشر والطريق إلى ذلك ليس إلاّ طاعة الله والرّسول.

أنواع الطّاعات التّي انبثقت عن طاعة الله والرّسول

طاعة الله الرّسول تمثّل الإطار العام والقاعدة العامة التّي تفرّعت عنها كلّ أنواع الطاعات وأخذت مشروعيّتها منها وأهمّ هذه الطاعات على الإطلاق طاعة الحكّام، لأنّ الحاكم هو الطريقة العمليّة لتطبيق

وتنفيذ الأحكام الشرعيّة في المجتمع… فوجوده إنّما كان من باب ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب وبيعته إنّما كانت على هذا الأساس وطاعته تستند لكلّ هذا للإطار العام للطاعة، أي أنّنا نطيعهم ما أطاعوا الله والرّسول ونخرج عليهم ونعصيهم إذا تعدّوا حدودهم…، وقد وردت في ذلك آيات وأحاديث كثيرة من أهمّها 🙁يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) فالإطار العام للطاعة جعله الله سبحانه وتعالى لكلّ مؤمن وحاكم المؤمنين يجب أن يكون منهم بدليل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ…) ومن هذا الباب وجبت طاعة الله والرّسول على الحاكم. هذا إضافة إلى أن الله أفرد بالطّاعة والرّسول كذلك، أمّا أولي الأمر فطاعتهم تكون تبعا لطاعتهم هم لله والرّسول ولاتّصافهم بصفات المؤمنين بدليل أن المولى عزّ وجلّ حرّم طاعة الكفّار والمنافقين وحرّم طاعة المكذّبين الذّين يودّون لو ندهن فيدهنون والذّين يفسدون في الأرض ولا يصلحون وقد حرّم الله كذلك طاعة الآثم الكفور: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا) وبهذا تتحدّد طاعة الحاكم بأنّها للمؤمن فقط الذّي أدّى به استعمال عقله بالطريقة العقلية إلى الإيمان الحقّ والذّي ظهرت على جوارحه الطاعة والانصياع لما يأمر به الله ورسوله…

ومما يثبت كون طاعة الله والرّسول هي المحدّد لطاعة الحكّام انّ رسول الله حرّم طاعة المخلوق في المعاصي، روي البخاري عن نافع عن عبد لله رضي الله عنه النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: “السّمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحبّ وكره ما لم يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة”.

والحكّام اليوم أحلّوا الحرام وحرّموا الحلال وكفروا بشرع الله وانتزعوا العبوديّة لهم ولقوانينهم زيادة على أنّهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون فقد أهلكوا الحرث والنسل وأفسدوا الذمم وهتكوا الأعراض… فأي طاعة تكون من المسلمين لهم وهم الذّين حاربوا الله ورسوله وجاهروا بالكفر والفسق والمعاصي وينكّلون بالذّين يقولون ربّنا الله ثم استقاموا ولو تفحّصنا في البيعة وهي العقد الذي يربط بين المسلمين بالكتاب والسنّة… لتحقّق لدينا أنّ طاعة الحكّام الحاليين لا تجوز لأنهم حازوا السلطة بالتزوير أو بتنصيب من الكفّار لهم على رقاب الأمّة، وأوردوها المهالك وانحدروا بنا إلى مهاوي الانحطاط والذّين جعلوا كلّ الأمم تتكالب علينا تكالب الأكلة على القصعة؟ وصدق رسول الله الذّي أخبرنا عن هؤلاء حيث قال: “إن أطعتموهم أذلّوكم (وفي رواية أضلّوكم) وإن عصيتموهم قتلوكم” قيل: “فما العمل يا رسول الله” قال: “كونوا كأصحاب عيسى نشّروا بالمناشير… فو الذّي نفسي بيده لموت في طاعة الله خير من حياة في معصيته” والحقيقة أنّ حياة المسلمين الآن في كل بلاد الاسلام هي في معصية الله فالرّبا أساس كل المعاملات الاقتصادية وكثر الزنا واللواط وضيّقت دائرة الشرع حتّى أخرجوه من آخر علاقة كان يسيّرها وتسمّى بالأحوال الشخصية، فأصبح الإسلام لا يعدو أن يكون علاقة بين الإنسان وخالقه ليس غير… إنّه لحريّ بجميع المسلمين أن يفهموا أنّ الطاعة لاتكون لهؤلاء الذّين تجرّدوا من أوصاف الرجولة والنخوة وجعلوا من أنفسهم عبيدا أذلاّء يطيعون أسيادهم الكفّار ولو أمروهم بإبادة شعوبهم وأنّ هذه الطاعة كما حددتها النّصوص الشرعيّة لا تكون إلاّ لمن تقيّد بالإسلام عقيدة ونظاما وألزم نفسه بتقوى الله ولمن لا تأخذه العزّة بالإثم حين قول الحق لديه ومحاسبته على أعماله.

بهذا يظهر أن الإطار العام السياسي للمسلمين والذّي يجمع الحكّام بالمحكومين هو الإطار الذّي تكون فيه السيادة والفوقيّة للشرع وتكون الأحكام الشرعية هي الحكم وهي المرجع لكلّ علاقة أو مشكلة أو خلاف مصداقا لقوله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) والميثاق السياسي الذّي تتعاون من خلاله الأمّة وتطيع فيه الحكّام هو الميثاق الذّي يمكن لشرع الله ويؤدّى إلى تحققه عمليا في حياة النّاس. وبهذا لم تبق طاعة الحكّام طاعة مطلقة غير محدّدة أو غير مقيّدة بضابط…

 

طاعة السّادة والكبراء

أمّا من ناحية طاعة السّادة والكبراء فهذه المسألة عالجها القرآن في سورة الأحزاب، والأحزاب هي الفئات الكافرة التّي اجتمعت لإستئصال الدولة الإسلامية وللقضاء على الإسلام والمسلمين والآيات التي سنوردها تحكي عن الجنود الذّين جنّدهم زعماء الشرك والكفر حتى جعلوهم أعوانا للباطل. فالله عزّ وجلّ يقول فيهم: (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) وكان تذرّعهم أن قالوا (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) فالسادة والكبراء هنا هم قادة الشرك.

ومؤتمرات وزراء الداخلية العرب وتعاون مخابرات اليهود والنصارى مع مخابرات حكّام المسلمين من أجل التصدّي لحملة الدّعوة وللحيلولة دون إقامة دولة الإسلام… ماهي إلاّ من هذا القبيل فأي طاعة لهؤلاء الحكّام في عملهم هذا لن يقود إلاّ إلى جهنّم وسوف يقول أتباع الحكّام كما قال أتباع قادة الشرك والكفر يا ليتنا أطعنا الله والرّسول… فليحذر المسلمون من أن يقع تجنيدهم لخدمة الباطل وللتصدّي للحق ويكونوا أداة للقضاء على كلّ عمل أصيل يغيّر أوضاع الأمّة  وينزع عنها أثواب الذل والمهانة ويقضي على الأوضاع المنحطّة في حياتها ويرتقى بها فكرا وسلوكا ويجعلها تقتعد المكانة التي تليق بها بين الأمم ويمكن لمبدئها ويجعله يسود حياة البشريّة.

ولنعرّج الآن على نوع آخر من الطّاعة وهي طاعة الزوجة لزوجها وهي مسألة هامّة وخطيرة إذا ألقينا نظرة على حياة المسلمين التي انقلبت فيها الموازين  والقيم نجد أنّ الحضارة الغربيّة ركّزت على المرأة لهدم كل نسيج اجتماعي يتناقض مع ما تقول به طريقة العيش وأنماط حياة فكانت أفكار الحريّة الشخصيّة والمساواة وتحرير المرأة وتأهيلها للمشاركة في الحكم … هي التّي جعلت البعض من نساء المسلمين ينشز ويخرج عن طاعة زوجه ويتمرّد على أحكام الاختلاط والخلوة والتبرّج…وينادي بإلغاء تعدّد الزوجات ويجعل شهادة المرأة في الحياة العامة مثل شهادة الرّجل ويجعل ميراثها يساوي ميراث الرّجل… حتى أن سائر مجتمعات الدنيا اكتسحتها هذه الموجة العارمة من الأفكار الغربيّة ووقعت المرأة المسلمة في هذا التيّار الذّي جرفها بعيدا عن دينها وعن روابط الأسرة… فكما هدّمت فكرة القوميّة وأفكار الاستشراف دولة الإسلام، فإن الأحزاب الوطنيّة والمرأة التي تركت نفسها فريسة لهذه الخرافات هدّمت حياة المسلمين الإجتماعية وكانوا حجر عثرة أمام عودة الإسلام للحكم. ولهذا كان لزاما علينا أن نعي هذا الأمر الواقع جيّدا ونتحمّل مسؤولياتنا في توعية المرأة وتنويرها حتّى تتخلّص من حبائل الشيطان ولا تقع فريسة حضارة تسحر الأنظار بأنوار خلاّبة ولكن الأمر لا يعدو أن يكون خداع فإذا تعرّفت المرأة على كون حضارة الغرب لاتعتبرها سوى سلعة رخيصة للإستهلاك وبضاعة تروّج كما البضائع الأخرى فإنّها سوف تحسّ ولا محالة أنّه وقع تسخيرها بشعارات جذّابة يكذّبها الواقع.. واقع إفساد المجتمعات وهدم العلاقات فيها وواقع المحاكم والقضايا المعروضة لديها من زنا وقتل واعتداءات على الأعراض وطلاق لا يؤكّد إلاّ هذا. فلتتذكّر المرأة عقيدتها العقلية التي تقول بحاجة الإنسان ومنها المرأة على أفكار وأنظمة

وأنّ الإنسان العاجز المحتاج لا يستطيع أن يسدّ حاجة الحياة من أفكار وأنظمة لأنّه هونفسه محتاج إلى من يمدّه بها ففاقد الشيء لا يعطيه. ولنتذكّر أنّ الخالق الذّي جزم عقلها بوجوده وهو الذّي وجب عليها أن تعبده وتطيع أوامره وهو الذي أمرها بأن تطيع زوجها ورتّب على ذلك دخولها إلى الجنّة، هو الذّي يجب أن يعبد… ولتتذكّر أنّ الأفكار الغربيّة نتجت عن نظرة فاسدة للإنسان والمجتمع. فإذا كانت المرأة متساوية في إنسانيّتها مع الرّجل وهذا حقّ وكلّ أحكام الإسلام التي تتعلّق بالإنسان بوصفه إنسان تشترك فيها المرأة والرّجل فكيف تتساوى المرأة مع الرّجل في الأحكام التي تتعلّق الجنس؟ فهل نجعل للرّجل أحكام الحيض والنّفاس والرّضاعة مثلما عالجت هذه الأحكام أوضاع المرأة.

إنّ المرأة مأمورة بطاعة الله وطاعة الرّسول. والله والرّسول قد أمرا المرأة أن تطيع زوجها في المعروف وأن لا تنشر ووعدها إن صلّة خمسها وحفظت فرجها وصامت شهرها وأطاعت زوجها دخلت الجنّة وكثير من التكاليف الشرعيّة من جهاد وطلب رزق ونفقة… وغيرها لم تكلّف مباشرة بها مثل الرّجل فأيّ تكريم لها أكثر من هذا. فعلى نساء المسلمين أن يتّقين الله ولا يكنّ أداة لتقويض المجتمع والأسرة وهدم الروابط الصحيحة.

إنّ موضوع الطّاعة من أخطر المواضيع وأهمّها على الإطلاق فالمسلم الذّي يخشى الله ويتّقه يجب أن يعمل دوما على إرضائه ونوال رضوانه. ونوال رضوانه لا يكون إلاّ بطاعته والرّجوع لحكمه وتطبيقه والرّضا والتسليم به تسليما عقليّا يوافق الوجدان. وأنّ لا يستنكف عن الخضوع لأحكام الله وجعلها تحكم تصرّفاته وأقواله وكلّ حياته وإذا عرف حكم الله فلا يجب عليه التولّي بل السمع والطّاعة والقبول وخير ما نختم به هذا الموضوع هذه الآيات من سورة النور. يقول عزّ وجلّ: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ).

إنّنا من خلال هذا المنبر ندعو المسلمين إلى تحكيم شرع الله في حياتهم ووضعه حيز التطبيق والطريق إلى ذلك لايكون إلاّ بمبايعة خليفة مؤمن راشد يعمل فين بما جاء في كتاب الله وسنّة رسوله ولا يستنكف عن طاعة الله ورسوله ويخلص لدينه وأمّته ويعمل على إنهاضها وإبلاغها أعلى المراتب ولنتذكّر حديث رسول اللهصلى الله عليه وسلم : عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كلّ أمّتي يدخلون الجنّة إلاّ من أبى” قالوا: “يا رسول الله ومن يأبى “قال: “من أطاعني دخل الجنّة ومن عصاني فقد أبى” رواه البخاري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *