العدد 123 -

السنة الحادية عشرة – ربيع الآخر 1418 – آب 1997م

الـنِّــداءُ الـحــارُّ

الـنِّــداءُ الـحــارُّ

الشـاعر: أيمن القادري

يا قاربَ الإنقاذِ في الظلماءِ
شُقَّ العبابَ إلى جزيرةِ عِزّةٍ
فسفينةُ الإسلامِ غِيلَ أميرُها
فَلأَخْطبوطِ الكفرِ أذرعُهُ التي
حتّى تَـناثرَ في الدُّجـى الرَكْبُ الأُلى

                           #

هذا حواهُ الموج في طيّاتِه
وفواتِكُ الأسماكِ تنهشُ لَحْمَهُ
يدعُو دعاوَى الجاهليةِ غافلاً
فـي القـعْــرِ تلـقــاهُ، ويـزعُــمُ أنَّــهُ

                           #

وتَرى هنا رجُلاً توانَى عَزْمُهُ
وجدَ المصيبةَ فوقَ قُدْرَةِ نفسِهِ
«أَوَ تملِكُ الكفّانِ بَعْثَ رُفاتِها
أرخـى ذراعَـيْــهِ، وأَسْـلَـمَ نـفـسَــهُ

                           #

وأخٌ لهُ حَظِيَتْ يداهُ بقِطْعةٍ
قد كانَ مُعتزّاً بخيرِ عقيدةٍ
فإذا بهِ قد باتَ يقنَعُ أنْ يَرَى
أقـصَــى مـدارِكِــهِ دروسُ عـبــادةٍ

                           #

وهناكَ، تلقَى رابعاً، مِنْ خوفِهِ
فأوَى بقُربِ الأخطبوطِ معانقاً
يعلُو إذا عَلَتِ الذّراعُ، وينتهِي
يـتـرصَّــدُ النّـاجـيـن مـن إخـوانـِــه

                           #

يا قاربَ الإنقاذِ سِرْ في هدأةٍ
ألقَوْا إلى الإخوانِ طَوْقَ نجاتِهِمْ
ومَنِ اسْتباهُ الكِبْرُ أَتْلَفَ طَوْقَهُ
يا قاربَ الإنقاذِ ليسَ ببدعةٍ
أو أنْ تخـافَ النـورَ عـيــنٌ عُـوِّدَتْ

                           #

يا ثلّةَ التغييرِ بُورِكَ سعيُكُمْ
يا ثلّةَ التغييرِ سيرُوا في الدُّجى
أحْيُوا النفوسَ عقيدةً، ولتَبْعَثُوا
اللّـهُ أحيا للخليلِ طيورَهُ
وبإذنِ ربّي سوفَ تحيا دولَتي
مهما تطاولَ مِن حدودِ مذلّةٍ
ولَتَطْمَئِنَّنَّ القلوبُ وإِنْ تَكُنْ
ولتُبصِرَنَّ لواءَ أحمدَ خافقاً
من يَرْتَقِ الشمسَ اصْطلَى بجحيمِها
مَنْ يرمِها بالطَّرْفِ يَعْشُ لوَهْجِها
أمّا الخلافةُ فهْيَ شمسٌ وهْجُها
أتظنُّ مَنْ عَشِقَ الخلافةَ يشتكِي
أتظنُّ مَنْ شفتاهُ غَرَّدَتَا لها
«يا قاربَ الإنقاذِ أبحرْ، واثقاً
#

 

 

 

 

 

#

 

 

 

 

#

 

 

 

 

#

 

 

 

 

#

 

 

 

 

#

 

 

 

 

 

#

#

شُقَّ العُبابَ لغايةٍ عصماءِ
فيها النجاةُ، ودولةُ الخلفاء
وتحطَّمَتْ في ليلةٍ نكراء
تمتدُّ ضاربةً بلا إبطاء
حاقَــتْ بهـِمْ لُـجَــجٌ مِـنَ الأهــواء

        #

وغدا دفيناً في قرارِ الماءِ
ويخالُها تأتيهِ لاسترضاءِ
ويظنُّها فيضاً مَنَ اللأْلاءِ
فـي رفعـةٍ سَـخِـرَتْ مِـنَ الـجـوزاءِ

        #

رَفَضَ الصِّراعَ ودانَ للأنواءِ
بعدَ انهيارِ خلافةٍ شمّاءِ:
والكفرُ منتبهٌ بلا إغفاءِ؟»
للمـوجِ مُـخـتـصِـراً طـويــلَ عنــاءِ

        #

بينَ الرُكامِ فطابَ بالأشلاءِ
وكمالِ دينٍ أفيحِ الأرجاءِ
ديناً يُجَزَّأُ مثلَ لَحْمِ شِواءِ
أو حُـكْـمُ تجـويـدٍ، وحِـفْـظُ دُعــاءِ

        #

طَلَبَ السلامةَ في يدِ الأعداءِ
منهُ ذراعاً في أمرِّ رِياءِ
حيثُ انتهتْ، كالدُّميةِ البكماءِ
وقـدِ امّـحـــى فـيـــهِ قـديـــمُ وَلاءِ

        #

ركّابُكَ النُّجَبَاءُ أهْلُ وفاءِ
فالغانمونَ مَضَوْا معَ الزُملاءِ
ومضى ليَخْرِقَ قاربَ الأحياءِ
أنَّ المريضَ يَمجُّ كلَّ دواءِ
عِشْـقَ الظَّـلامِ، وجوفَ كهفٍ نائِي

        #

في قَصْمِ ظهْرِ الكُفْرِ والفحشاءِ
أو يَهْجُرَ الآفاقَ كُلَّ مَساءِ
شوقَ الجهادِ بدولةٍ غرّاءِ
في ضمِّ ما قد ناءَ مِنْ أعضاءِ
مهما تقاسَمَها رعاةُ الشاءِ
مهما اصطفى الكفّارُ من أُمراءِ
قد آمنتْ، والكفرُ في اسْتعلاءِ
مَعَ خَفْقِ أفئدةٍ وبَذْلِ دِماءِ
قبلَ البُلوغِ بأشهُرٍ فَيْحَاءِ
وتكلُّ عيناهُ .. إلى إغضاءِ
بَرْدُ السُّراةِ، وبَهْجَةٌ للرائِي
أمّا اكْتوَى بالرّملِ في الرّمضاءِ
يُخفي – وإنْ يُسْجَنْ – أعزَّ نِداءِ:
بالرَّكْبِ… بالسُّجناءِ.. بالشُّهداءِ»

        #

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *