العدد 59 -

السنة الخامسة – العدد 59 – رمضان 1412هـ الموافق آذار 1992م

التعارض بين النظام الديمقراطي ونظام الحكم في الإسلام

بقلم: عايد شعراوي

 النظام الديمقراطي يتناقض مع النظام الإسلامي في الأساس والأصول والفروع. وإذا كان هناك تشابه في بعض الفروع فهذا ليس مبرراً للخلط بينهما لأن الديمقراطية كفر والإسلامي إيمان. لقد استمرت الدولة الإسلامية تطبق نظام الإسلام ما يزيد على ثلاثة عشر قرناً ولم تستعمل لفظة «الديمقراطية» ولم تستعمل معانيها.

ومع غياب نظام الإسلام صار الناس يرون نظاماً ديمقراطياً يقابله أنظمة استبدادية بوليسية مخابراتيه، ومن الطبيعي أن يفضل الناس الديمقراطية على الاستبدادية البوليسية. وهذه كلها أنظمة كفر. ونحن حين نرفض الديمقراطية لا يعني أننا نختار الاستبدادية البوليسية الظالمة، بل نختار الإسلام الذي هو رحمة للعالمين من الرحمن الرحيم.

ومن الفروع التي اشتبهت على الناس كون الإسلام يقول باختيار الخليفة عن طريق الانتخاب والبيعة، والديمقراطية تقول باختيار الحاكم عن طريق الانتخاب. وكذلك ممثلو الشعب يجري اختيارهم عن طريق صناديق الاقتراع في الإسلام وفي الديمقراطية. وفي الإسلام يوجد شورى وفي الديمقراطية يوجد شورى. وفي الإسلامي الأمة تحاسب الحاكم وفي الديمقراطية كذلك. مما جعل قصيري النظر يتوهمون أن الديمقراطية من الإسلام، أو أن الإسلام ديمقراطي.

وفيما يلي إيجاز لكل من النظامين:

النظام الديمقراطي

نظام الحكم في الإسلام

1- أساسه من وضع البشر.

2- نظام الحكم الجمهوري أو ملكي، ويجوز التحول من الملكي إلى الجمهوري أو العكس.

3- جهاز الحكم: الديمقراطية تقوم على فكرتي:

1) السيادة للشعب.

2) والشعب مصدر السلطات. وجهاز الحكم يتكون من سلطات ثلاثة هي التي تسن القوانين وتنفذها.

أ- السلطة التنفيذية (الوزارة).

ب- السلطة التشريعية (البرلمان

جـ- السلطة القضائية (القضاء).

ويساند هذه السلطات مؤسسات أخر كالجيش والأمن العام والأمن الداخلي، وأجهزة أخرى.

4- بما أن السيادة للشعب فالشعب هو الذي يسن القوانين.

5- في النظام الديمقراطي القضاء يكون مدنياً.

6- في النظام الديمقراطي السياسية الخارجية تقوم على احترام الحدود الدولية، والمياه الإقليمية لأنها تكريس لاحترام حرية الشعوب في اختيار أنظمتها وقوانينها وحكامها.

7- النظام الديمقراطي يكرّس التمزيق وتعدد الدويلات أو ما يسمى احترام الاستقلال لتلك الدويلات.

8- الأنظمة الديمقراطية تحترم القوميات، والعرقيات والنعرات الجاهلية وتُحييها وتحافظ عليها.

9- يُختار الحاكم لمدة حكم مؤقتة 4 – 6 سنوات.

10- في الديمقراطية يجوز التمرد على الحاكم والتظاهر ورفض طاعته وإعلان العصيان عليه.

11- يجوز تشكيل أحزاب معارضة على غير أساس الإسلامي أي أحزاب علمانية أو قومية أو إلحادية.

12- ينقسم المجتمع في ظل الديمقراطية إلى موالاة ومعارضة.

13- الديمقراطية تجيز لجميع أفراد الشعب التسابق والتنافس للوصول لمنصب الحاكم، بغض النظر عن مؤهلاته أو صفاته الشخصية أو التزامه الديني.

14- الديمقراطية ليست الشورى فالديمقراطية طريقة حكم لها كليات وجزئيات وهي تُسيّر شؤون الحكم كلها حسب وجهة نظر معينة، وهي ليست نابعة من الشرع فهي ليست حكماً شرعياً كالشورى.

15- الديمقراطية لا تهتم بالمصدر الذي يجب أن تؤخذ منه الأفكار المتعلقة بالعقيدة، ولا الأفكار المتعلقة بالحضارة، ولا الأحكام الشرعية.

16- إذن فالديمقراطية نابعة من العقيدة الرأسمالية التي تفصل الدين عن الدولة، بل تفصل الدين عن كل شؤون الحياة «أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله».

17- في النظام الديمقراطي تسود العلمانية.

18- الحياة الديمقراطية هي ابنة حضارة تقوم على النفعية البحتة، ولا تقيم وزناً لغير القيم المادية النفعية.

19- عند أهل الديمقراطية السعادة هي الحصول على أكبر قدر ممكن من المتع الجسدية الزائلة.

20- في الديمقراطية الحكم للأكثرية

حتى ولو كانت الأكثرية على باطل، والأكثرية قد تكون:

أ) أكثرية الشعب في استفتاء عام.

ب) أكثرية النواب في التصويت على مشروع قانون.

جـ) أكثرية الوزراء في وضع مشروع قانون أو تنفيذ سياسية معنية.

د) أكثرية نقابية أو جمعية.

هـ) أكثرية لمنح الثقة للوزارة أو حجمها عنه.

و) جميع قرارات المجالس النيابية والوزارية يلزمها أكثرية لتنفيذ.

21-  الديمقراطية تقدس الحريات.

الحرية في المفهوم الغربي ليست تحرير الإنسان من الرق، فالرقيق لم يعد له وجود، ولهي ليست التحرر من الاستعمار، لأن الدول الغربية غير خاضعة لأي استعمار بل هي التي تستعمر الشعوب لذلك يُستبعد أن يظن أحد بأن الحريات الغربية هي معارضة الرقيق، أو معارضة الاستعمار والحريات عندهم أربع:

أولاً: حرية المعتقد أو العقيدة، فيحق للإنسان عندهم أن يعتقد العقيدة التي يريدها دون ضغط أو إكراه كما يحق له أن يترك عقيدته ودينه للتحول إلى عقيدة جديدة أو دين جديد، وفي نظرهم يحق للمسلم التحول إلى النصرانية أو اليهودية أو البوذية أو الشيوعية بمنتهى الحرية.

ثانياً: حرية الرأي ويجوز في ظل الديمقراطية للفرد أن يحمل أي رأي أو أي فكر، وأن يقول أي رأي أو أي فكر، وأن يدعو لأي رأي أو أي فكر.

وأن يُعبّر عن ذلك بأي أسلوب وليس للدولة أو للأفراد حق منع أي إنسان من ذلك، بل إن القوانين تُسَنّ عندهم لحماية حرية الرأي، وتحي الآراء التي تخالف الدين أو تتهجم عليه وعلى الأنبياء والرسل كما حصل مع سلمان رشدي (السيئ الذكر).

ثالثاً: حرية التملك وهي الحرية التي أفرزت النظام الرأسمالي في الاقتصاد، فأوجدت فكرة استعمار الشعوب ونهب خيراتها. وهي تبيح للإنسان أن يمتلك المال بواسطة السرقة المقنّعة وبواسطة الربا والاحتكار والغش، والقمار، والغبن الفاحش، والزنا،واللواط. واستخدام جمال المرأة وأنوثتها للكسب المادي، وبواسطة صناعة الخمر وبيعها.

رابعاً: الحرية الشخصية: وهي في النظام الديمقراطي حرية الانفلات من كل قيد، وحرية التحلل من كل القيم الروحية والخلقية والإنسانية، وهذه الحرية تتيح للشاب والفتاة ممارسة أي سلوك لا أخلاقي على مرأى من الجميع، سراً وعلانية، وحرية ممارسة الشذوذ الجنسي، وشرب الخمر، وتمرد الشاب أو الفتاة على أولياء أمورهم بحجة الحرية الشخصية. تلك الحرية التي أثمرت مرض الإيدز أو السيدا.

1- أساسه من الوحي الإلهي.

2- نظام الحكم: خلافة. وهو نظام ليس فيه وراثة، ولا يجوز التحول من الخلافة إلى النظام الجمهوري أو الملكي.

3- في الإسلام السيادة للشرع وليست للشعب والأمة تُنيب عنها من يطبق الشرع وينفذه. أما جهاز الحكم فهو:

أ- الخليفة. ب- معاون التفويض، جـ- معاون التنفيذ، د- أمير الجهاد، هـ- الولاة، و- القضاء، ز- مصالح الدولة، حـ- مجلس الأمة، ط- الجيش.

4- الوحي هو مصدر القوانين، والشعب ينتخب من يطبق الشرع.

5- في الإسلام يكون القضاء شرعياً.

6- في ظل نظام الحكم الإسلامي تكون السياسية الخارجية مرتبطة بالجهاد والفتوحات، ونشر الإسلام، فهي تحطم الحدود والحواجز المادية لتخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.

7- نظام الخلافة لا يعترف بالحدود المادية. ولا بالاستقلال لبلد إسلامي عن بلد آخر، فالأمة واحدة موحدة، والدولة واحدة، والجيش واحد، والراية واحدة والمالية واحدة… الخ.

8- نظام الحكم في الإسلام يُذيب جميع القوميات والقبليات والأعراق ويصهرها بالإسلام.

9- الخليفة مدى الحياة ما دام قادراً مستقيماً.

10- لا يجوز التمرد والعصيان إلا في حالة واحدة هي حين يأمر الخليفة بمعصية.

11- لا يجوز تشكيل أحزاب عدا الأحزاب الإسلامية الملتزمة بالإسلام عقيدة ونظام حياة.

12- لا ينقسم المجتمع إلى قسمين، بل يقوم الشعب أو مجلس الأمة بمحاسبة الحاكم، وأن استحق العزل شرعاً تتولى محكمة المظالم اتخاذ قرار العزل. (فإما طاعة لولي الأمر مع استمرار المحاسبة، وإما عزل) ولا يبقى الحاكم رهينة أمزجة وأهواء الأحزاب السياسية كما في النظام الديمقراطي.

13- الإسلام يشترك فيمن يتقدم لهذا المنصب أن يكون رجلاً وليس امرأة مسلماً وليس كافراً. بالغاً وليس صبياً. عاملاً وليس مجنوناً. حراً وليس عبداً أو مسيطراً عليه بما يشبه العبودية. عدلاً وليس فاسقاً وهناك شروط أفضلية كأن يكون مجتهداً وغير ذلك.

14- الشورى ليست طريقة حكم لها كليات وجزئيات وهي ليست أصلاً من أصول الحكم، بل هي مجرد أخذ الرأي، وأخذ الرأي لا يكون ملزماً في حالات أخرى. والشورى حكم شرعي وليست من وضع البشر كالديمقراطية.

15- بينما الإسلام يُلزم معتنقيه بأن يأخذوا كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كمصدر للعقيدة وللحضارة وللأحكام الشرعية (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)، (يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ(فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) وقال صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو ردّ» لذلك يحرم أخذ أفكار الغرب أو عقيدته الرأسمالية أو حضارته ووجهة نظره. والديمقراطية نظام غربي نابع من العقيدة الرأسمالية التي تفصل الدين عن الحياة.

16- بينما الدولة الإسلامية تقوم على العقيدة الإسلامية التي لا تفصل بين الدين والدولة ولا بين الدين والحياة أي وجوب تسيير الحياة والدولة بأوامر الله ونواهيه أي بالأحكام الشرعية.

17- في نظام الحكم الإسلامي يسود الشرع.

18- الحضارة الإسلامية تقوم على أساس روحي هو الإيمان بالله تعالى، وتجعل الحلال والحرام مقياساً لجميع الأعمال في الحياة.

19- عند المسلمين وفي الحضارة الإسلامية يُنظر إلى السعادة بأنها الفوز برضوان الله سبحانه وتعالى.

20– في الإسلامي الحكم للشرع

حتى ولو وقف معه الأقلية مهما صغر حجم الأقلية.

أ) تنفيذ وتطبيق الحكم الشرعي لا يرجع فيه لرأي الأكثرية. ب) الرأي الفني، أو رأي أهل الاختصاص والخبرة لا يلزمه أكثرية. جـ) هناك حالة واحد يؤخذ فيها برأي الأكثرية وهي معرفة الرأي في الإقدام على عمل مباح أو عدم الإقدام عليه، مثل نزول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند رأي الأكثرية للخروج من المدينة لملاقاة الكفار في أحُد.

21- الإسلام يعتبر الحريات بالمفهوم الغربي حراماً ومخالفة للشرع.

الحرية في المفهوم الإسلامي لا وجود لها إلا في الانعتاق من العبودية للبشر والتي هي الرق الذي لم يعد موجوداً لذلك فحينما ذكرت الآن فإنها لا تعني سوى الحريات الغربية. والمسلم يفخر بالعبودية لله، وهي أكرم صفة يتصف بها المسلم، ومن كمال العبودية أن يطيع العبد أوامر المعبود.

وموقف الإسلام من حرياتهم هن:

أولاً: حرية المعتقد: لا يجوز للمسلم أن يتحول إلى دين آخر قال صلى الله عليه وسلم: «من بدّل دينه فاقتلوه». سواء كان المرتد فرداً أم جماعة كما حصل في حروب الردّة.

ثانياً: الرأي في الإسلام مقيّد بالأحكام الشرعية وليس حراً فهو إما:

أ) رأي حرام قوله كالغيبة والنميمة، وقذف المحصنات، ومهاجمة الإسلام والطعن فيه.

ب) أو رأي فرض قوله: مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاسبة الحكام.

جـ) أو رأي مباح: أن تقول خيراً أو تصمت.

ثالثاً: التملك في الإسلام مقيّد بالشرع فلا يجوز للإنسان المسلم أن يتملك كما يشاء. وأسباب التملك الشرعية كالعمل (بكل فروعه كالتجارة والصناعة والزراعة والخدمات) والإرث، والهبة، والوصية.

رابعاً: الإسلام حرم الانفلات من العقال الذي يسمى الحرية الشخصية، فالشخص ليس حراً في أن يؤذي نفسه أو يُنهي حياته بالانتحار، أو أن يقترف الزنا أو اللواط تحت ذريعة الحرية الشخصية، أو أن يتهرب من الإنفاق على والديه العاجزين تحت ذريعة الحرية الشخصية، أو أن يخرج الفتى أو الفتاة مع عشيقته أو عشيقها بحجة الحرية الشخصية، والإسلام لا يجيز للشاب أن يتحرش بالفتاة في الشارع أو أن يسمعها كلاماً منافياً للحشمة والوقار، ولا أن يُقبّل زوجته على مرأى من جمهور الناس فأين الحرية الشخصية بالمفهوم الغربي؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *