العدد 258-259 -

العددان 258-259، السنة الثانية والعشرون، رجب وشعبان 1429هـ، الموافق تموز وآب 2008م

الناطقون الرسميون لحزب التحرير: «كلمة حق عند سلطان جائر»

الناطقون الرسميون لحزب التحرير:

«كلمة حق عند سلطان جائر»

 

إذا كان لابد لكل دعوة صادقة من لسان صدق: يوضحها، وينشرها، ويدعو لها، ويكشف به زيف غيرها، ويتصدى به لمكافحة الحكام العملاء، ويصرع به أفكار الكفار، ويكشف مخططاتهم ضد الإسلام والمسلمين… فإن الناطقين الرسميين لحزب التحرير كانوا من انتدبهم الحزب لهذه المهمة، وكانوا بإذنه تعالى من خير من قام بها محتسبين الأجر من الله وحده، نحسب ذلك، ونقول ذلك، ولا يملك الواحد منا إلا أن يدعو ربه التوفيق وحسن الخاتمة وحسن العاقبة.

وإننا إذ نذكر شيئاً عن حياة الرجال فللاقتداء بهم، وهذا مذهب مسطر بالقرآن الكريم والسنة المشرفة عند ذكر الأنبياء والرسل والأقوام الصالحين أصحاب المواقف، وهو مذهب السلف من المسلمين حين ذكروا سير الرجال الذين سبقوا من الصحابة والتابعين، الذين هداهم الله، وأمرنا بهداهم أن نقتدي…

والوعي تسأل الله أن يكون لذكر نبذة صغيرة عن حياتهم خير للدعوة، ولا تنسب الفضل فيما تذكره إلا لله وحده.

1- إبراهيم عثمان أبو خليل الناطق الرسمي لحزب التحرير – ولاية السودان:

سألنا الأخ إبراهيم عثمان أبو خليل الناطق الرسمي لحزب التحرير – ولاية السودان أن يحدثنا عن نفسه وعن بدايته مع الحزب، وعن الأعمال اللافتة للنظر أثناء سيره معه، فقال:

اسمي إبراهيم عثمان أبو خليل، من مواليد مدينة كسلا بشرق السودان في 12/5/1958م، درست مرحلتَي الابتدائي والمتوسط بالدويم والمدينة عرب (وسط السودان)، ثم المرحلتين الثانوية والجامعية بمدينة ود مدني بالجزيرة (وسط السودان).

أما عن تعرفه على الحزب فقال:

في نهايات العام 1986م، تم الإعلان عن وظائف مذيعين متعاونين بإذاعة ود مدني التي أنشئت حديثاً بداية العام، وهناك بعد أن تقدمت لإحدى هذه الوظائف التقيت بالأخ عباس ساتي، أحد شباب الحزب، وكان وقتها مديراً للبرامج في الإذاعة، ومعداً ومقدماً لبرنامج الفترة الدينية الصباحية، وكنت وقتها أنتمي للحركة الإسلامية (الجبهة القومية الإسلامية)، فدار بيننا حوار عميق خاصة من جانب عباس حول مشكلة الأمة وكيفية حلها.

لقد كان ما طرحه عليّ جديداً وقوياً ومثيراً في وقت واحد، فطلبت منه مدّي ببعض الكتب، فأعطاني كتابَي التكتل الحزبي ومفاهيم حزب التحرير، فعكفت على دراستهما بتركيز شديد، فهداني الله إلى أن هذا هو الحق الذي يجب أن يعمل له، فكان سعيداً بذلك، وكنت أكثر سعادة وحرصاً على معرفة كل ما أصدره الحزب في مختلف أوجه الحياة والدعوة، من سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية وغير ذلك. ثم أشركني الأخ عباس في برنامجه الإذاعي الصباحي كمشارك في البداية في الأداء، ثم مشاركاً في الإعداد والأداء، وكنا نبث من خلال هذا البرنامج أفكار الحزب ومفاهيمه، وكان صوت الإذاعة، رغم أنها محلية، يصل إلى كل أصقاع السودان تقريباً. فبدأت الحرب ضد البرنامج من قبل بعض الحاقدين على الإسلام ودعوته، فوشوا بالأخ عباس عند المسؤولين وقالوا إنه جعل الإذاعة حكراً على حزب التحرير، وادعوا أنه يبث عبر برنامجه أفكاراً غريبة عن الإسلام، فكانت المواجهة بينه وبين من اعتبروا أنفسهم علماء، فكانت هزيمتهم الفكرية أمام قوة أفكار الحزب.

ولكن الكيد لم ينته حتى استطاعوا في النهاية أن ينقلوا عباس إلى الخرطوم، فواصلت البرنامج لوحدي بنفس النهج، وأيضاً تواصل عليَّ الضغط، وتم إيقاف البرنامج أكثر من مرة حتى أوقف وأوقفت نهائياً في العام 1991م.

لقد كان للأخ الشيخ الوقور -متعه الله بالصحة والعافية- محمد يوسف (أبو يوسف) أثر كبير في بناء شخصيتي، ولا أبالغ إن قلت في بناء أغلب شخصيات الحزب في تلك الفترة في السودان، لقد كان نعم الأخ ونعم المعين، لم يبخل علينا بنصيحة، وكان حرصنا شديداً  على مجالسته الساعات الطوال والأخذ عنه، كيف لا وهو من أخذ عن الشيخ النبهاني (رحمه الله) وجالسه، لقد كانت الدعوة وما زالت تجري في دمائه، يذكرني دائماً بالصحابة الكرام والقادة العظام، ومهما قلت فلن أفيَ هذا الرجل حقه، فأسأل الله أن يجزيه عنا وعن الإسلام خير الجزاء، وأن يجعلنا عند حسن ظنه. وكذلك من الذين استفدت منهم كثيراً الأخ الأستاذ رشاد الذي كنت أقضي أياماً في منزله آخذ عنه، إذ إنه يتمتع بعقلية فذة، وهو أكثرنا عمقاً في بحث القضايا. وللحقيقة دون ذكر الأسماء فإني قد استفدت كثيراً من شباب الحزب في الخرطوم، خاصة أولئك الذين سبقونا لهذا الخير.

في شعبان 1424هـ الموافق لأكتوبر 2003م شاركت في مؤتمر الخلافة الأول في السودان الذي أقيم في القاعة الدولية بقاعة الصداقة بالخرطوم، وكان هذا آخر عهدي بالشيخ علي سعيد، عليه رحمة الله، الناطق الرسمي الأول لـحزب التحرير – ولاية السودان، حيث فارق هذه الفانية بعد أن أدى ما عليه من واجب الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة، وبفقده فقدنا ركناً وعَلَماً من أعلام الفكر والسياسة، وأخاً ودوداً خلوقاً أحبَّه كل من عرفه حتى من خارج شباب الحزب لما كان يتمتع به من لين الجانب، ودماثة الخلق، وقوة الفكر والثبات على الحق، حتى نعاه حزب السلطة عند وفاته واصفين إياه بأنه (أبو الحق) ، فنسأل الله له الرحمة والمغفرة والثواب العظيم في جنات الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. ما كنت أظن لحظة أنني من سيخلف شيخنا علي سعيد، عليه رحمة الله، في مهمة الناطق الرسمي، خاصة وأني لم أكن أسكن العاصمة الخرطوم. وعندما جاءني المعتمد لمقر عملي بمدينة ود مدني أحسست أن هنالك أمراً عظيماً وخطباً جللاً قد حدث، إذ إنه في العادة وحسب الترتيب الإداري في الحزب، إن أية توجيهات أو أعمال تأتيني عبر مسؤول الحزب بود مدني، أما أن يأتي المعتمد شخصياً طالباً مني أن نخرج من مكان العمل إلى مكان آخر لنتحدث فيه فهو ما جعلني في حيرة من أمري، وازدادت حيرتي عندما نقل لي الأخ المعتمد خبر اختياري لأكون ناطقاً رسمياً للحزب في السودان. فجادلته كثيراً وأشرت له على أشخاص كثر بالخرطوم بإمكانهم أن يقوموا بهذه المهمة أفضل مني، فكانت الإجابة أن من أسميتهم هم من أشاروا إليك، واستقرّ رأي الحزب على أن تكون أنت من يقوم بهذا التكليف، فقلت إذن السمع والطاعة والإذعان لأمر الحزب. فكان أن قبلت التكليف في يناير 2004م. وقد وجدت من أخوتي من شباب الحزب والمسؤولين كل العون والمؤازرة خاصة من الأخ المعتمد في القيام بأعباء التكليف. وها أنذا أقوم بهذا الواجب سائلاً العلي القدير أن يلهمنا الصواب، وأن يعيننا على أداء المهمة على أكمل وجه، كما نسأله القبول والثبات على الحق، وأن يحقق على يدي شيخنا وإمامنا عطا خليل أبو الرشتة بشارة الحبيب (صلى الله عليه وآله وسلم) بعودة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وأن يجعلنا من جنودها المخلصين الصادقين، وأن يمن علينا بنصره العاجل، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ولما طلبنا منه أن يذكر لنا بعض الأعمال التي شارك فيها أجاب:

1/ مؤتمر الخلافة في أكتوبر 2003م شاركت بورقة بعنوان: الخلافة والتحديات الداخلية (قضية جنوب السودان).

2/ مسيرة سيرها حزب التحرير- ولاية السودان للقيادة العامة للقوات المسلحة وتسليم مذكرة، وذلك في رمضان 1425هـ (نوفمبر 2004م).بعد معاناة مع الأجهزة الأمنية، ومحاولتها منع المسيرة، وإصرار الشباب على قيامها مهما كلف الأمر حتى أذعنت الأجهزة قبل ساعات فقط.

3/ ندوة عامة بقاعة الشارقة في مايو 2006م عن «دارفور: الحاضر والمستقبل».

4/ المؤتمر الجامع رفضاً للدستور العلماني، والتواثق والتعاهد على مشروع دستور مستنبط من كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم 30/5/2005م شارك فيه ممثلو بعض الأحزاب الإسلامية وبعض العلماء والدعاة.

5/ ترأست وفداً لتسليم مفوضية الدستور وثيقة التعهد في 6/6/2005م.

6/ المشاركة في أسبوع: «الوحدة الإسلامية كيف؟» في قاعة الشهيد الزبير الدولية للمؤتمرات في مارس 2006م، وقد شارك في هذا الاسبوع جل الحركات الإسلامية، وقدمت فيها ورقة تبين أن الوحدة لن تكون إلا بالخلافة.

7/ قمت بقيادة وفود الحزب بولاية السودان لتسليم عدد من السفارات بالخرطوم كتباً في مواضيع تتعلق ببلادهم (صادرة من قيادة الحزب) مثل سفارة إيران وتونس والكويت وفلسطين وغيرها.

بالإضافة إلى مشاركتي في رجب الماضي 1428هـ في مؤتمر الخلافة بإندونيسيا قدمت خلالها مجموعة من المحاضرات بمدن إندونيسيا المختلفة لاقت استحساناً كبيراً . نسأل الله أن يتقبل عملنا، وأن يعيننا على بذل المزيد من الجهد حتى يمن الله علينا بنصره، وإقامة الخلافة  الراشدة الثانية على منهاج النبوة العائدة قريباً بإذن الله.

رحم الله الناطق الرسمي السابق الأخ علي سعيد وأسكنه فسيح جنانه، وسدد خطا أخينا إبراهيم عثمان أبي خليل، وجزاه عن الدعوة ألف خير.

2- إسماعيل يوسنطا الناطق الرسمي لحزب التحرير – إندونيسيا

سألنا الأخ إسماعيل يوسنطا الناطق الرسمي لحزب التحرير – إندونيسيا أن يحدثنا عن نفسه وعن بدايته مع الحزب، وعن الأعمال اللافتة للنظر أثناء سيره معه، فقال إنه ولد في مدينة جوكجاكرتا سنة 1962م. وحصل على شهادة (البكالوريوس) في الهندسة -قسم التكنيك الجيولوجي سنة 1988م. ثم درس العلوم الدينية في المعهد الإسلامي (أولو الألباب) في مدينة بوغور بإشراف أحد العلماء البارزين في البلاد هو (د. ديدين حافظ الدين) من 1989م إلى 1991م. ثم حصل على درجة الماجستير في الإدارة سنة 2000م من جامعة (STIE) في جاكرتا. وهو الآن، بالإضافة إلى كونه ناطقاً رسمياً باسم حزب التحرير في إندونيسيا، يشغل مركز مدير مجمع البحث في الشريعة والاقتصاد والإدارة (SEM Institute) في جاكرتا، ومدير جامعة (HAMFARA) في جوكجاكرتا، وأستاذ في كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية الحكومية في جاكرتا، وعضو في اتحاد العلماء المسلمين المركزي، وعضو في مجلس العلماء الإندونيسي المركزي. وهو يتكلم العربية والإنجليزية بالإضافة إلى لغة البلاد (الإندونيسية).

منذ نشأته، وقبل أن يتعرف على حزب التحرير، كان يفكّر في أمر المسلمين ويفكر بالعقيدة الإسلامية، ويفكر بالكون وبالشريعة الإسلامية، ما دفعه إلى الدراسة في معهد (أولو الألباب).  ولكن هذه الدراسة لم تحل عنده المشاكل التي يراها عند المسلمين.

كان يفكر في أمور المسلمين الكبيرة وفي قضاياهم المصيرية، دون أن يعرف أن هذه هي الأمور الكبيرة والقضايا المصيرية.  كان يقرأ في القرآن (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وكان يقرأ في حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «المسلم أخو المسلم» ويقرأ: «تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» رواه البخاري.  ولكنه يرى على أرض الواقع أن المسلمين ممزقون إلى بضع وخمسين مُزْقةً يسمونها دولاً!

كان يقرأ في القرآن الكريم (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ). ولكنه يرى على أرض الواقع أن المسلين لم يعودوا قادة الدنيا، ولم يعودوا يحملون الرسالة للناس، بل فقدوا ثقتهم بأنفسهم وبرسالتهم، وصاروا يقلّدون الكفار من المغضوب عليهم والضالّين!

كان يرى أن بلاد المسلمين فيها خيرات كثيرة، ولكن أعداء المسلمين ينهبون هذه الخيرات، ويبقى المسلمون في الفقر المُدْقِع.

كان يرى أن المسلمين كثير ولكن قِلَّةً من الكفار تسيطر عليهم، وتمزّق بلادهم، وتنهب ثرواتهم.  ويقرأ حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» رواه أبو داود.  يقرأ هذا ويتعجّب كيف أن إندونيسيا التي فيها أكثر من 200 مليون مسلم تستطيع دولة صغيرة مثل هولندا التي لا يزيد سكانها عن 16 مليون نسمة أن تمزقها إلى قطع صغيرة وتتحكم بها!

ظلت هذه المسائل تشغل فكره إلى أن التقى بأحد شباب حزب التحرير الذي حدّثه عن الأمة الإسلامية، والخلافة الإسلامية، والقضية المصيرية للأمة الإسلامية، وكيف تعود هذه الأمة كما أرادها الله (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)، وما أن سمع هذا الكلام حتى انشرح صدره وانبسطت أساريره، وصار يقول في نفسه: «وَجَدْتُهَا». وصار يدرس في حلقات الحزب، ويقرأ ما تصل إليه يده من كتب الحزب ومنشوراته، ويزداد اطمئناناً إلى صحة الطريق وصدق الفهم. إذ إن هذا هو ما كان يبحث عنه وقد لَقِيه.  وصار من أعضاء الحزب النشيطين.

وحين حصلت انتخابات مجلس الولاية نجح وصار عضواً في هذا المجلس لسنوات عدة. وقبل بضع سنوات طلب منه أمير الحزب أن لا يترشح لانتخابات مجلس الولاية لأنه يريد أن يسند إليه مهمة أن يكون ناطقاً رسمياً باسم الحزب في إندونيسيا. وقد حصل هذا. وهو منذئذٍ ما زال يتولى هذا العمل، فيصدر التصريحات السياسية، ويصدر النشرات، ويرد على ما تكتبه بعض الصحف وما تصدره بعض وسائل الإعلام مما له علاقة بالحزب، أو مما له علاقة بالعمل الإسلامي، أو مما له علاقة بالفكر أو رعاية شؤون الناس، إذا كان في ذلك ما يحتاج إلى تصحيح فيرسم الخط المستقيم بجانب الخط الأعوج كي يظهر الحق من الباطل.

وأكثر من إصدار التصريحات والنشرات، فإنه يقوم بالاتصالات والزيارات الشخصية، ويقوم بالمناقشات الوجاهية في حمل الدعوة. وكذلك تطلب منه محطات تلفزيونية عدة إجراء مقابلات معه. وهناك مؤتمرات دولية تُعقَد في بلدان خارج إندونيسيا يدعونه إليها ليتكلم عن الحزب وبرنامجه وطريقته وهدفه. ويلبي ذلك حيث يرى خيراً في التلبية.

بارك الله في أخينا إسماعيل يوسنطا، وفتح أمامه باب كل خير في الدعوة وختم له بسعادة رضى الله عنه.

3- يلماز شيلك الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية تركيا

سألنا الأخ الأستاذ يلمـاز شيلك الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية تركيا أن يحدثنا عن نفسه وعن بدايته مع الحزب وعن الأعمال اللافتة للنظر أثناء سيره معه، فقال:

ولدت عام 1969 في مدينة عمورية التي أَطلقت عليها الجمهورية التركية اسم (أنقرة) وترعرعت فيها وأنهيت دراستي الإعدادية والثانوية فيها، وتعلمت اللغة العربية بدرجة متوسطة فيها، ولازلت أقيم وعائلتي وأولادي -جعلهم الله خالصين لعزة الإسلام- في هذه المدينة التي تشتهر بقلعة عمورية التي فتحها الخليفة العباسي المظفر المعتصم بالله سنة 230 هجرية نصرة لامرأة مسلمة اعتدى عليها علوج الروم آنذاك، وكلما مررت بتلك القلعة الشامخة –التي فتحها المعتصم- تذرف عيناي وأنا أردد: وامعتصماه، واخليفتاه، أين أنت يا من فتحت الديار نصرة لامرأة مسلمة واحدة، وها قد عادت هذه الديار تعتدي على نساء المسلمين وتضيق عليهن صباح مساء!!

بعد أن أنهيت الخدمة العسكرية ازداد ميلي الديني الذي قادني للبحث عن الجهة الإسلامية التي تعمل للإسلام بجد وإخلاص، في البداية لم يكن هذا الميل أكثر من مشاعر صرفة، فسرت مع جماعات وطرق مختلفة علّي أجد فيها ما يسد رمقي، إلا أن ما كانت تطرحه تلك الجماعات لم يكن كافياً لإقناع العقل ولا لطمأنة القلب.. وكان حال الأمة الإسلامية المؤلم يؤرقني ويزداد ترسخاً في نفسي يوماً بعد يوم دون أن أجد الطريق الصحيح الذي يرضى الله عنه، والجماعات والطرق التي كنت أحضر جلساتهم كانوا جماعات محلية مضطربة لا يعرفون طريق النهضة الصحيحة، فاتخذوا من الواقع مصدراً لتفكيرهم وللحلول التي يطرحونها، فكانوا يطرحون الديمقراطية والإصلاح.. وعلى الرغم من إدراكي عدم جدواهم، ولأنني لم يكن لدي البديل الشافي؛ كنت أتواجد بينهم لأرضي نفسي من أنني أقوم بشيء من شأنه خدمة هذا الدين العظيم… ولما كانت حالي على هذا، وفي إحدى جلسات تلك الجماعات، التقيت برجل كان ضيفاً على تلك الجلسة، ولما لم يحضر المحاضر قام الضيف الكريم وألقى فينا درساً لم يكن كالدروس التي اعتدنا على سماعها، فنزلت كلماته علي برداً وسلاماً، فكان أخونا الكريم نقطة التحول الأولى في مجرى حياتي… وعندها تعرفت على حزب التحرير، وبدأت اللقاءات المنتظمة لتعريفي بالحزب وأفكاره وطريقته، وكان كل ما يُطرح علي هو ما كانت نفسي تتوق إليه، وكأنه الحلقة المفقودة التي كان فقدانها يتعبني ويرهقني.. وبعد أن اطلعت على واقع الحزب ووجوب العمل لإقامة الخلافة الراشدة التي بها تستأنف الحياة الإسلامية، وجدت ضالتي وسكنت نفسي إليه وعزمت على العمل مع حزب التحرير، وكان ذلك في أواخر عام 1994م… راجياً من الله سبحانه أن يثبتني وسائر إخواني على دعوة الحق هذه إلى أن نلقاه ونحن على ذلك.

منذ أن التزمت في العمل مع الحزب وحتى أوائل عام 2000م عندما نظمت الجمهورية التركية العلمانية (اللادينية) حملة اعتقالات واسعة تجاه الحزب، كانت أعمالنا في الحزب تسير بحيوية ونشاط… ولما طالت الاعتقالات أعداداً كبيرة من شباب الحزب، ولما قام النظام العلماني (اللاديني) بحملة اعتقالات جديدة عام 2001م طالت أعداداً أخرى من خيرة شباب الحزب كانت النقطة الهامة الثانية في مجرى حياتي، حيث أصبحت من شباب الحزب المطاردين من قبل النظام. واستمرت الحال على ذلك ونحن نقوم بواجباتنا وتكاليفنا الحزبية لا نخشى إلا الله وحده بالرغم من الاعتقالات المستمرة.. إلى أن نظم النظام في شهر أيار/مايو من عام 2003 حملة اعتقالات واسعة على مستوى تركيا في آن واحد طالت نحو (273) شاباً ومناصراً، حيث كنت من بين الإخوة المعتقلين، ووجهت لي تهمة “قيادي في حزب التحرير”، وكانت تلك تجربتي الأولى في سجون الظلمة وفي المثول أمام محاكمهم، وبعد ذلك منَّ الله علينا وخرجنا من السجن… وهنا أود مشاركة قراء مجلة الوعي الأبية بحادثة وقعت معي أثناء التحقيق؛ حيث قام مدير عام دائرة التحقيق وهو من حملة الفكر القومي بالتهجم على حزب التحرير، واتهم مؤسسه فضيلة الشيخ العالم العلامة “تقي الدين النبهاني” رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته بالعمالة لإنجلترا، وأن الحزب يسعى لتفرقة الأمة وإثارة الفتن! لذا فإن اتباعنا له محض جهل! وكان ذلك على مرأى ومسمع نحو 16 عنصراً من عناصره، فأجبته قائلاً: “أود سؤالك أيها المدير؛ إن الرجل الذي تحبونه والذي تدعون أنه حمى البلاد من الكفار، قام بتوقيع اتفاقية لوزان مع إنجلترا التي نجم عنها إلغاء نظام الخلافة وإسقاط الدولة التي كانت تحفظ بيضة الإسلام وتوحد المسلمين تحت راية واحدة، فكان بذلك شريكاً للكفار الإنجليز في القضاء على دولة الخلافة التي وضع لبنتها الأولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)… وبعد مضي سنوات من ذلك قام رجل عالم عام 1953م حاملاً روحه على راحته، عاملاً لإقامة دولة الخلافة الراشدة التي بها تتوحد الأمة وجيوشها ومقدراتها من جديد لتعود الأمة إلى سابق مجدها وعزتها… فبالله عليك أي هذين الرجلين هو العميل للإنجليز الأول أم الثاني؟” فبهت المدير أمام عناصره ولم يستطع الرد، وقام بمغادرة الغرفة وهو يشتعل غضباً.

إن هذه الحادثة من الحوادث المنقوشة في الذاكرة، ذلك أننا بعون الله وتوفيقه أخذنا على أنفسنا عهداً أن نقول الحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم، وأن نكون حراساً أمناء للإسلام في كل آن مهما كانت الظروف والأحوال والصعاب…

وبعد أن خرجنا من السجن، داومنا على حمل الدعوة بصورة أقوى مما كنا عليه إلى أن اعتقلت مجدداً في أوائل عام 2005م في أنقرة لعدة أشهر، ولما خرجت في منتصف عام 2005م كلفني الحزب بمهام “الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية تركيا”، وفي شهر أيلول 2005م كانت فعاليات “نداء من حزب التحرير إلى الأمة الإسلامية وبخاصة أهل القوة فيها” التي نظمها الحزب عالمياً في المناطق التي يعمل فيها، وكان لنا الشرف في ولاية تركيا أن قمنا بتنظيم نصيبنا منها في جامع محمد الفاتح في إسلامبول حاضرة الإسلام الأخيرة، مما قضَّ مضجع العلمانيين وأسيادهم، وبعد مطاردات استمرت نحو شهر تمكنوا من اعتقالي وإيداعي السجن مجدداً، وبالرغم من أن الادعاء العام طالب بسجني 18 عاماً إلا أن العزيز القدير منَّ علي وأخرجني من سجني بعد مضي ثمانية أشهر، وفي عام 2007م تم اعتقالي مجدداً من قبل الظلمة في أنقرة ووجهت لي تهمة “رئاسة الحزب في تركيا” وطالب الادعاء إنزال عقوبة السجن بي 15-30 سنة، إلا أن الحنّان المنّان منَّ علي مجدداً وأراحني منهم بعد مضي نحو 3 أشهر. والآن هنالك 5 قضايا مختلفة مرفوعة ضدي وكلها بسبب حمل الدعوة الإسلامية مع الحزب المختار “حزب التحرير” الذي أكرمني الله بالعمل معه لرفعة الإسلام. وإنني لأشهد الله أن كل ما حصل لنا من اعتقالات متعاقبة ومن تضييق وبعد عن الأهل والأحبة لم تزدنا إلا قوة وصلابة وإيماناً بالطريق الذي انتهجنا، فهذه هي سنة الله، وقد أكرم الله المسلمين بإحدى الحسنيين: إما النصر، وإما الشهادة.. وإننا نذكر الأمة وشباب الحزب على الدوام أننا قبل إقامة الخلافة سنحمل الدعوة الإسلامية بالفكر والسياسية فنخرج من سجن لندخل سجناً آخراً حتى يرسل الله نصرته وتقام دولة الخلافة التي يرضى عنها ساكن الأرض وساكن السماء، وعندها فسنخرج من جبهة جهاد لندخل جبهة جهاد أخرى إلى أن ينصرنا الله أو ننال شرف الشهادة في سبيله.. وإنني لأحمد الله سبحانه أن وصلت الأمة قاطبة من شمالها إلى جنوبها، ومن مشارقها إلى مغاربها، لدرجة من الوعي والإدراك أن باتت تعلم أن لا خلاص لها ولا عزة لها ولا أمل لها إلا بالإسلام وبإقامة دولة الخلافة الراشدة، ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله.

إننا الآن في “مكتب الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية تركيا” نقوم بتنظيم زيارات منظمة مقصودة في أوساط معينة في تركيا لها تأثير واعتبار عند الناس من مثل؛ المنظمات الأهلية، النقابات، الجمعيات، الأحزاب السياسية، المؤسسات الفكرية والسياسية، الكتاب والصحفيين والإعلاميين والمثقفين، الصحف ووكالات الأنباء ومحطات التلفاز.. حيث نقوم خلال زياراتنا هذه بإيصال دعوة الحزب ومفاهيمه ومعالجاته لتلك الأوساط بصورة مؤثرة علَّ الخلافة تلامس قلوبهم من جانب، ولإيجاد رأي عام على فكر الحزب ومفاهيمه في تلك الأوساط، فيداومون الحديث عنه من الجانب الآخر. وبحمد الله وفضله فقد تمكنا من فرض احترامنا وتقديرنا على الأعم الأغلب ممن نزورهم.

وفي الختام؛ فإنني وباسم شباب حزب التحرير في ولاية تركيا نعاهد الله رب العزة على أن لا نترك هذا الأمر وإن شرقت الشمس من مغربها، متأسين في ذلك بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله سبحانه وتعالى أو أهلك دونه».

وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم يلماز شيلك الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية تركيا.

بارك الله في أخينا يلماز شيلك، وجعله لسان صدق في كل حين.

4- نفيد بوت الناطق الرسمي لحزب التحرير في الباكستان

سألنا الأخ الأستاذ نفيد بوت الناطق الرسمي لحزب التحرير في الباكستان أن يحدثنا عن نفسه وعن بدايته مع الحزب وعن الأعمال اللافتة للنظر أثناء سيره معه، فقال:

الاسم هو محمد نفيد حسين بوت، ولدت لعائلة محافظة ومحبة للإسلام، علمتني المفاهيم الأساسية للإسلام. تتكون عائلتي من ثمانية أبناء ذكوراً وإناثاً، وأنا ثاني أصغر إخواني. ولدت في الثاني من كانون الأول عام 1969م في منطقة “جوجورات” في الباكستان. انتقلت عائلتي إلى المدينة الثنائية (إسلام أباد- راولبندي) في أوائل السبعينات حيث التحقت حينها بالمدرسة. توفي والدي في حادث سير عندما كان عمري ثلاثة عشر عاماً. كان والدي أول من وضع في روعي العمل للأمة حيث أخذ علي عهداً بأن أعمل من أجل الفقراء، وأن أعتني بهم عندما أكبر.

أنهيت دراستي الثانوية في مدارس إسلام أباد، وقد كنت من القلائل المحظوظين الذين قبلوا في أفضل جامعة للهندسة في ذلك الوقت في باكستان وهي (جامعة لاهور للهندسة والتكنولوجيا). وفي عام 1991م انتقلت إلى جامعة إلينوي في شيكاغو حيث حصلت على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية. وقد كنت الأمين العام للجنة الطلاب المسلمين في الجامعة. وقد منحت جائزة من الجامعة تقديراً لخدماتي الاستشارية للطلاب، وتعتبر الجائزة من أكثر الجوائز احتراماً، حيث تمنحها الجامعة للقليل من طلاب الجامعة.

وخلال دراستي في الجامعة قدم لي أحد الطلاب من الهند حزب التحرير. وقد اقتنعت من الجلسة الأولى بأن توحيد الأمة تحت راية خليفة للمسلمين هو عين حاجة الأمة الإسلامية. وبعدها بدأت الدراسة في حلقة في الحزب مع شاب آخر كان يسكن معي والذي أصبح بعد ذلك من الشباب النشيطين في الحزب. وأصبحت عضواً في الحزب قبل مغادرتي للولايات المتحدة والعودة إلى باكستان.

بعد أن أنهيت دراستي في الجامعة أخذت بعض الخبرة في حقل تخصصي لبضعة سنين وبعد ذلك عدت إلى الباكستان في العام 1997م. كانت الدعوة في الباكستان في مراحلها الأولى، حيث كان عدد قليل من الشباب في كل مدينة، وكانوا يعملون على كسب مزيدٍ من الشباب لجسم الحزب. وفي كانون الأول عام 2000م قرر الحزب العمل بشكل واسع في باكستان في مختلف المدن الباكستانية، في كل من لاهور وكراتشي وإسلام أباد وبيشاور، حيث عقدت فيها المؤتمرات الصحفية الأولى للحزب، وعلقت اليافطات والرايات ووزعت مئات آلاف النشرات. ومنذ ذلك الحين ائتمنني الحزب على مسؤولية أن أكون ناطقه الرسمي في الباكستان. فتحنا بعد ذلك مكتباً لنا في مدينة لاهور في أواسط عام 2001م. وبعد ذلك بقليل نظم الحزب مسيرات احتجاجية في المدن الخمس الرئيسية في الباكستان لمنع الحكومة من دعم أميركا في قتالها للمسلمين في أفغانستان. حاولت الحكومة إقناعنا بتغيير سير المسيرة الرئيسية في مدينة لاهور، بتحويلها عن مسارها الذي كان مخططاً لها، وهي المنطقة السياسية الحساسة في المدينة، إلا أنها فشلت في ذلك. وفي يوم المسيرة -حيث كانت المسيرة بعد صلاة الجمعة- اعتقلتني الشرطة بينما كنت داخلاً إلى المسجد. إلا أن الشباب مضوا في مسيرتهم حيث اعتقلت الشرطة العديد منهم ومن أفراد الأمة. وقامت الشرطة بعد ذلك بإغلاق المكتب ومصادرة محتوياته. ومنذ ذلك الحين لم يسمح لنا بفتح المكتب بالرغم من أننا لم نكن محظورين من قبل الحكومة بشكل رسمي.

قبل حظر الحزب رسميا أي في عام 2003م، كنت أعقد المؤتمرات الصحفية بشكل علني، وكنت أتحدث في المؤتمرات وأقابل رجال الإعلام والسياسيين وعامة الناس بشكل علني. فاعتقلت خلال تلك السنين مرتين. في المرة الأولى نسبت إلي تهمة “الإرهاب” وفي المرة الثانية احتجزت بعد عقدي لمؤتمر صحفي . لم يتم توجيه تهمة لي في المرة الثانية، إلا أن أحد الرسميين من الدولة حضر للتحقيق معي بينما كنت مكبلاً ومعصوب العينين، وسألني حينها عن سبب معاداتنا الشديدة للحكومة محاولاً إقناعي بأن الحكومة تلعب لعبة سياسية للحفاظ على مصالح باكستان. رددت عليه ادعاءه ودللت على خطأ كلامه بأدلة تثبت عدم إخلاص الحكومة وتثبت عمالتها لأميركا، وبعد التحقيق أخذوني بسيارة لهم وأنزلوني في مكان موحش في أطراف المدينة.

في عام 2003م عقدنا مؤتمراً في أكبر قاعات مدينة لاهور وقد امتلأت القاعة. وقد كان المؤتمر ناجحاً جداً حيث فاجأنا الناس بردودهم الإيجابية. تفاجأت الحكومة حينها من شديد إقبال الناس على فكرة الخلافة، وأدركوا بأنهم إن خلّوا بيننا وبين الناس سنتمكن في وقت قصير من لف الناس حولنا والإطاحة بالنظام. وهذا الذي دفع حكومة مشرف لحظر الحزب بعد يومين اثنين من انعقاد المؤتمر. ومنذ ذلك الحين لم يسمح لي بعقد المؤتمرات الصحفية، واللقاء بالإعلاميين في العلن. ما عدا لقاء تلفوني مع إحدى المحطات الفضائية. وقد واجهت المحطة بسبب هذا اللقاء العديد من الضغوطات من قبل رجال المباحث السرية كي يفصحوا عن المكان الذي أجريت منه الاتصال. ومنذ ذلك الحين لم تتجرأ أي من القنوات على إجراء اللقاءات التلفزيونية معي أو مع أي من نائبيّ في المكتب، هذا بالرغم من دعوة شباب الحزب من قبل بعض المحطات التلفزيونية للحوار ولكن مع عدم تقديمهم كأعضاء في حزب التحرير.

منذ حظر الحزب في الباكستان وأنا أسكن في بيت لا تعرف السلطات عنوانه. فقد حفظني الله ونجاني من السلطات في العديد من محاولاتهم لاعتقالي، ولولا عناية الله سبحانه وتعالى ما تمكنت من النجاة منهم، وأود رواية محاولتين قامت بهما السلطات لاعتقالي فيهما وكادت تفعل لولا عناية الله سبحانه وتعالى.

الأولى كانت في عام 2003م بعد بضعة أيام من صدور الحظر، حين طلبت منا نقابة المحامين في لاهور إلقاء محاضرة للمحامين في مؤتمر لهم. وحيث كانت النقابة معلنة عن المؤتمر، فقد كانت السلطات تعلم به. ولإدراك الحزب لأهمية اللقاء قرر حضوره وتحدي الحظر وعدم تضييع هذه الفرصة. وفي يوم المؤتمر جاء مندوب من رجال الأمن وسألوا نائب رئيس النقابة عما إذ كنت سأحاضر في المؤتمر أم لا؟ فأكد لهم ذلك. وفي ذلك اليوم أدخلني المحامون من الباب الخلفي لقاعة المؤتمر، ولكن قبل بدء أعمال المؤتمر طلب أحد الأحزاب السياسية من نائب رئيس النقابة استخدام القاعة لمدة نصف ساعة للاحتفال بعيد ميلاد أحد قادته، ففعلوا وغادروا مبنى النقابة، وخلال نصف الساعة تلك قدم رجال المباحث إلى القاعة، فوجدوا حزباً سياسياً آخر في القاعة، فظنوا بأننا ألغينا المؤتمر. ولكننا عقدنا المؤتمر وسار كل شيء على ما يرام، وهكذا نجاني الله سبحانه وتعالى من الاعتقال بسبب سوء فهم المباحث. وبعد عدة شهور نشر لقاء صحفي مع أحد رجال المباحث قال فيه: إنهم كانوا يخططون لاعتقالي من نقابة المحامين في ذلك المؤتمر، ولكنهم لم يعرفوا أين اختفيت.

أما الحادثة الثانية فكانت في شهر رمضان في مدينة لاهور. حيث كنت في مؤتمر صحفي مع بعض الصحفيين الثقاة، ولكن تسرب خبر المؤتمر الصحفي. وقبل الانتهاء من المؤتمر حضر عدد كبير من رجال المباحث من ثلاثة مراكز للشرطة وطوقوا الفندق وشرعوا بالبحث عني، إلا أني أخذت أتنقل في الفندق بعد أن تخفيت، فبحثوا عني في الفندق لثلاث ساعات بينما كنت أتجول فيه. وقد لاقيت رجال المباحث وجهاً لوجه إلا أنهم والحمد لله لم يتعرفوا علي. وكنت على اتصال مباشر مع الشباب -ممن كانوا خارج الفندق- عبر الهاتف، وقد قررنا أن أغادر الفندق وقت الإفطار بينما يكون الجميع منشغلين في الإفطار. فغادرت الفندق وقت الإفطار بينما كان رجال المباحث مجتمعين في مكان واحد. فركبت بالسيارة التي كانت تنتظرني خارج الفندق حيث أقلتني إلى مكان امن.

وبنفس التفاصيل تقريباً حصل معي في مدينة بيشاور، حيث قدم رجال المباحث متأخرين بضع دقائق عن موعد مغادرتي للمكان. إن هذه الحوادث ترسخ إيماننا بان الله سبحانه وتعالى قادر على حفظ من يشاء ولو اجتمعت الناس على أن يضروه، ولو شاء الله أن يمتحن عباده المؤمنين فلن يستطيع أحد رد الامتحان. نسأل الله العون، وأن يحمينا من الظالمين، وأن يمنحنا النصر والتمكين؛ كي نحكم بالإسلام ونحمله رسالة رحمة للعالمين، اللهم آمين.

بارك الله في أخينا نفيد بوت ونسأل الله خير ما يدعو له، وأن يديم حفظه له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *