العدد 133 -

السنة الثانية عشرة – صفر 1418هـ – حزيران 1998م

لا بد من أسدٍ يذود عن الحمى

لا بد من أسدٍ يذود عن الحمى

                                                                                 الشاعر: نور الدين بشناق

يا أيها السَّاري إلى أُمّ القُرى
أدِّ طوافَ البيتِ طَوْفَ مُسافرٍ
أَتَرى أَمامَك بيتَ ربِّك آمناً،
أتَرى بلالاً ذا الإباء مكبِّراً
الله أكبر، يا إلهي رحمةً
من كل فَجٍّ رامَ عفوَكَ عابِدٌ،
طافتْ عليه، كما يطوفُ، مصائبٌ
لما رأى أكنافَ بيْتٍ طاهرٍ
يعتادُها في كلِّ يومٍ فيلقٌ
وبوارجٌ مخرتْ بِحـارَ العـُرْبِ حطْـ
تجثو عليها الطائراتُ تَحَفُّزاً
أسرابُ غربانٍ إذا نعقت على
فتذيق أطفالَ العراق دمارها
وترى الوليدَ وأمَّهُ مقتولةً
وترى الشيوخ تضرَّجوا بدمائهمْ
لم يُحْـنِ دهـرُ العـز ظـهرَ شـبابه

يا أيها المتنكِّرون لإخوةٍ
يا خاذلي بغدادَ سُوِّد وجهُكمْ،
ما أنتمُ المستصرَخون لنصرةٍ
لو أَنَّ فيكمْ نَخوةً وحَمِيَّةً
يَطْوي اللياليَ والسنينَ على الطوى
لكنكمْ متآمرون تآمراً
لا شارداً، لا وارداً، لا عابداً
تتلقفون القولَ من أسيادكمْ
تتبوَّأونَ مقاعداً في هيئةٍ
أشريعةَ الغاب ارتضيتمْ شِرْعةً
يا أيها المتأرنبون بغابهمْ
يا أيها الأقزام فوق عروشها
فالـقـردُ إنْ بلغَ الذرى متسـلّقـاً

يا أيها الساري إلى أم القرى
مِنِّي الصلاةُ عليه تترى كالحيا
أَعْلِمْه – وهْو بنا العليمُ بوحيهِ –
والدين نُحِّيَ جانباً عن حكمنا
وعبادةُ الطاغوتِ زُخْرِفَ زيْفُها،
كالبَهْمِ قُلّدْنا العَلائقَ أُتْرِعَتْ
مِزَقاً تفرّقْنا، فإن ما يَشْتَكي
في كل عـامٍ نُسـتـذلُّ بفـتـنـةٍ

قَرْ يا رسول الله عَيْناً، ما حَصَدْ
بلَّغْتَ فاستوفيتَ ما بُلّغتَهُ
مَنْ حادَ عنهُ اسْتَلْقَفَتْهُ مهالكٌ
وصنعتَ من ذُلِّ العبيدِ أكابرا
وقضيتَ تُعْلِمُنا الغيوبَ وقد أتى
أعلمتنا كيف ابتناءَ المجد إذ
فبنيتَ أعظمَ دولةٍ صَغرتْ لها
فالمجدُ تبنيه الملوكُ بأمَّةٍ
ملكٌ يُرَى عبداً بخدمة شعبهِ
بالعلم، بالدين الأشمِّ، بربّهِ،
العَجْزُ أن تضع الوغى أوزارَها
والعجزُ عجزانِ: آلرضى بهزيمةٍ
والحزم حزمان: آصطبارُ مُعَاركٍ
والفوز إحدى الحسـنيين: شـهـادةٌ

لا بد من أسَدٍ يذود عن الحمى
قِرْمٌ يُبايَعُ بالخلافة حارساً
هابت براثنَهُ الشعوبُ إذا غزا
نسْرٌ يَذِبُّ الظالمينَ عن العُلا
بالعروة الوثقى توثق أمرُهُ
راياتُ توحيدٍ تجنّحُ في الفضا،
بلغتْ على وجهِ البسيطة ما اعتلى
فأُراكِ راياتِ العُقابِ مواثلاً
هذي بشائرهُ، سُراقَةُ، ليس كِذْ
لكنها دهر الهُنَيْهَةِ فَرْجَلَت
فَلِحِكْـمـةٍ واللّـهُ يحكـمُ ما يشـا

يا ربِّ لطفَكَ ليس غيرُكَ موئلاً
يَسِّـرْ لحـزبك أهْلَ نصـرتـهِ كما

!!

!!

!!

!!

!!

حجّاً فهلاَّ حَثْحَثَ القدمُ السُّرى
أو خائفٍ قصَرَ الصلاةَ وأخَّرا
أم فيه قد فزع الحَمامُ وهاجرا؟
أم غيرهُ، ذُلاًّ وهَمْساً، كبَّرا
بعبادك الآتينَ بيتَك حُسَّرا
لكنْ بقلبٍ بالهوان تكسَّرا
وأتى جنابَك عاكفاً فتسمَّرا
بِيَدِ الرسول طحا الكفورَ مُطهّرا
للغَرْبِ، يأخذ أُهْبةً متنمّرَا
ـطَتْ في الخليج على الخليج تَآمُرا
كالكلبِ يَشْرَقُ في اللعاب مُهمّرا
أرضِ النخيل ترى النخيل مبعثرا
وتعيث في الأرض الفسادَ تَجَبُّرا
يحبو ليرشفَ ثديها المتعسِّرا
لفظوا بقايا أنفسٍ فوق الثرى
وحنـاه صـمتُ الخـائنيـن تَنَكُّـرا

وتُشاطِرونَ البَغْيَ فيهمْ جائرا
قبْلاً خذلتمْ قُدْسَكمْ قدسَ الوَرى
إذْ ما نَشَدْنا في المعامع ناصرا
لم تتركوا شَعْبَ العراق محاصَرا
جوعاً وداءً يحتَصِدْهُمْ جازِرا
ضد الشعوب مُسَخَّرون مجَاهِراً
لم ترقبوهُ في المدائنِ والقرى
وتُلَفِّقونَ كما ابتغوْهُ مزوَّرا
تتبوَّأونَ بها لظىً متسعِّرا
ولهدمنا بُنيت بفكرٍ مُفتَرى
وتطأطئونَ إذا (كِلِنتُنُ) قرَّرا
يوماً ستهتز العروش موائِرا
يوماً سـيسـقط للحضـيض تَحَدُّرا

عرّج على قبر الرسول مخبّرا
وسلام نفسٍ أرسلته أزاهرا
أَنّا غدوْنا في الأنامِ أصاغِرا
بالقهر أَرْدَتْهُ الملوكُ مُحقَّرا
مُستهجَنٌ مَنْ باتَ ينكِرُ منكَرا
بالكفرِ: فِكرِ الغرب يُطعَمُ سُكَّرا
عضوٌ تنصَّل جسمُنا متقهقِرا
حيكتْ بأمريكـا افتـعـالاً ماهِـرا

نا غَيْرَ شيءٍ كنتَ مِنْهُ مُحَذِّرا
وجعلت درب المسلمين منوَّرا
فيؤوبُ يومَ الحشرِ أوْباً خاسرا
ورفعتَ عن هُونِ الحضيض معاشِرا
زمنٌ تُباعُ به الملوكُ وتُشتَرى
أنشأته فوق النجوم مُعمَّرا
كلُّ الشعوبِ مَدى القرونِ بِلا مِرا
أفنى المليكُ لها الحياةَ مُشَمّرا
– عبدٌ يتيه على الملوك تفاخرا
بالسيف حامي العِرْضِ يبقى مُشْهَرا
إنْ كان عَوْدُ الغرب منها ظافرا
وخمودُ سيف للضريبةِ قُدِّرا
ويقينُ قلبٍ دون أن يتذمّرا
وسـرورُ من فَصَـل الصِّـراعَ مُؤزَّرا

فطِنِ النُّهى، خَبُرَ الكتابَ تدبُّرا
أبناءَ أُمَّتِهِ أبيّاً ساهرا
ليثاً تزعَّمَ في الغُزاةِ قَساورا
إذ يَقْتَعِدْ عرشَ العُلا مُتصدّرا
والنصْرُ منحازٌ لِمُوثَقَةِ العُرى
عُقبانُ تكتسح الفضاءَ كواسرا
نورُ الشموس بوادياً وحواضرا
بيدِ الرسول على الرماح بشائرا
باً أن تحوزَ سِوارَ كسرى شاكرا
إنْ شاء ربك للهنيهة سيَّرا
ءُ على الـعـبـاد تداولاً وتغـيُّـرا

يَسْتَدْرِكُ المستضعَفين مُناصِرا
يسَّـرت يَثـربَ للرسـول جبائرا 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *