العدد 137 -

السنة الثانية عشرة – جمادى الآخرة 1419هـ – تشرين الأول 1998م

كلمة أخيرة صـلاح المجتمع بصـلاح السلطان

كلمة أخيرة

صـلاح المجتمع بصـلاح السلطان

أخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر قال: “لن تهلك الرعية وإن كانت ظالمة مسيئة إذا كانت الولاة هادية مهدية. ولكن تهلك الرعية وإن كانت هادية مهدية إذا كانت الولاة ظالمة مسيئة”. وأخرج البخاري في الصحيح عن قيس بن حازم رحمه الله قال: “دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تتكلم، فقال: ما لها لا تتكلم؟ فقالوا حجت مصمتة. فقال لها تكلمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت فقالت: من أنت؟ قال: أنا امرؤ من المهاجرين. قالت: أي المهاجرين؟ قال من قريش. قالت: من أي قريش؟ قال: إنك لسؤول أنا أبو بكر. قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت لكم أئمتكم. قالت: وما الأئمة؟ قال: أما كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى. قال: فهم أولئك على الناس”، فهذا الحديث يؤكد أن صلاح الأمر باستقامة الأئمة. وأخرج البيهقي عن علي قال: لا يصلح الناس إلا أمير برّ أو فاجر. وأخرج الخطابي عن عمر قال: والله لا يزع الله بالسلطان أعظم مما يزع بالقرآن. وأخرج رزين بن يحي بن سعيد رحمه الله أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يقول: ما يزع الناس السلطان أكثر مما يزعهم القرآن. وأخرج البخاري في التاريخ عن ابن مسعود يقول: لن تزالوا بخير ما صلحت أئمتكم. وأخرج أحمد عن عمر رضي الله عنه عند موته: إن الناس لم يزالوا بخير ما استقامت لهم ولاتهم وهداتهم. وأخرج البيهقي عن القاسم بن مخيمرة قال: إنما زمانكم سلطانكم فإذا صلح سلطانكم صلح زمانكم وإذا فسد سلطانكم فسد زمانكم. وأخرج أيضا عن ابن عثمان سعيد بن إسماعيل الواعظ الزاهد أنه قال: فانصح للسلطان وأكثر له من الدعاء بالصلاح والرشاد بالقول والعمل والحكم، فإنهم إذا صلحوا صلح العباد بصلاحهم. وأخرج أيضا عن أبي مسلم الخولاني قال:  مثل الإمام كمثل عين عظيمة صافية طيبة الماء يجري منها إلى نهر عظيم فيخوضون الناس النهر فيكدرونه، ويعود عليهم مقر العين، فإذا كان الكدر من قبل العين فسد النهر. وأخرج أيضا عن ابن حازم قوله: لا يزال هذا الدين عزيزا منيعاً ما لم تقع هذه الأهواء في السلطان لأنهم يؤدبون الناس ويذبون عن الدين ويهابونهم ـ يعني الناس يهابون السلطان ـ فإذا كانت فيهم فمن يؤدبهم؟. وأخرج الدارمي في سننه عن تميم الداري قال: تطاول الناس في البناء في زمن عمر فقال عمر: يا معشر العريب الأرض الأرض إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة فمن سوّده قومه على الفقه كان حياة له ولهم ، ومن سوّده قومه على غير فقه كان هلاكاً له ولهم.

فالناس لا يصلحون إلا بصلاح السلطان، هذا رأي الخلفاء الراشدين الأربعة، ورأي ابن مسعود وابن عمر ورأي التابعين الذين ذكرناهم، فعجبا ممن يُعرض عن هذا الرأي، ولا يعمل لتغيير السلطان، ويصر على أن صلاح أفراد الرعية يكفي لإصلاح المجتمع!

فمن أراد العمل لتغيير المجتمع فعليه العمل لتغيير السلطان .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *