العدد 147 -

السنة الثالثة عشرة – ربيع الثاني 1420هـ – آب 1999م

التحركات الطلابية بين النضوج والتسييس

آخر تحرك طلابي انطلق من جامعة طهران وصفه المراقبون بأنه قريب الشَّبَه بالتحركات التي سبقت الثورة الإيرانية أيام الشاه في خطورته وفي كونه يؤشر إلى بداية مرحلة جديدة. وليست هذه الكلمة لشـرح ما حصـل أو سوف يحصل، بل لتسـليط الضوء على الطلبة في واقعهم بشكل عام وفي أي بقعة من العالم.

          قيل إن الطلاب أسقطوا ديغول في فرنسا أواخر الستينيات، وأن الطلاب أسقطوا شاه إيران عام 1979م، وأن الطلاب وقفوا في وجه الدبابات في ميدان تيانان مين في بكين، إلى آخر القائمة التي يعرفها الكثير من الناس.

          والسؤال الذي يرد هو:  هل ملك هذا الطالب، الذي ينفجر باكياً إذا واجه سؤالاً صعباً في الامتحان القدرة على التحليل السياسي لأحداث العالم وإصدار الرأي السياسي الذي يضعه في صف المعارضة أو الموالاة، فيختار الطريق الصعب ويقرر إسقاط نظام من خلال الجامعة وهو يحمل كراساً قد لا يفهم ربع ما فيه من معلومات؟! بالتأكيد، لم يصل الطالب مرحلة النضج السياسي الذي يمكنه من الحكم على الأشياء والأحداث.

          إذن هناك محلل سياسي ومحرك سياسي في صورة زعيم أو حزب أو جبهة أو جهاز مخابرات أو كل هؤلاء حركوا هذا الطالب فتحرك وضحّى بنفسه تجاه قضية لم يتأكد بعد من كونها قضية حق أم باطل، وقد تُبدي له الأيام عكس ما لقَّنه محركوه ولكن بعد فوات الأوان.

          يقولون بصراع مراكز القوى، ومراكز القوى يلزمها حشد جماهيري في الشوارع لعرض العضلات تجاه بعضها البعض، فيتمترس السياسي المتمرس وراء هذه الجماهير ليحقق الغلبة على خصومه، فيلجأ إلى أسهل فئة يمكن التأثير فيها مشاعرياً وهي الطلبة، لأنهم لا يتحملون مسؤولية وهم أكثر فراغاً وأكثر تأثراً بالمشاعر وأكثر حيوية واندفاعاً وفوق ذلك، هم في حالة تجمع داخل مدارسهم وجامعاتهم، وليس عليهم إلا أن يخرجوا من أسوارها ليلتحموا مع الناس، ولهذا فهم مهيأون أكثر ليكونوا رأس حربة في صراع القوى وفي تنفيذ مخطط معين.

          مسكين هذا الطالب كم من المصـائب ترتكـب باسمه وهو غافـل عما يجـري، لأن عقولاً كبيرة خططت وفكـرت ودفعته فاندفع، ولو جاءت قوة أخرى بعد فترة وحرَّكته في الاتجاه المعاكس لاندفع دون تردد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *