العدد 282 - 283 -

العدد 282 – 283 ، السنة الرابعة والعشرون، رجب وشعبان 1431هـ، الموافق تموز وآب 2010م

تهيّؤ الأجواء لطلب النصرة

تهيّؤ الأجواء لطلب النصرة

 

أبو المعتصم – بيت المقدس

هناك سؤال يتردد باستمرار على ألسنة حملة الدعوة، ويدور في أذهان الكثير منهم وهو: أين وصل حزب التحرير والدعوة؟ وأين وصلت الأمة على طريق طلب النصرة لاستلام الحكم وقيام الدولة الإسلامية؟

وللإجابة عن هذا السؤال لا بد من فهم بعض الأمور التي تتعلق بمقدمات هذا الموضوع، وفهم واقع الأمة الإسلامية وتشخيص ذلك من حيث استعدادها لاستقبال هذا الأمر العظيم، وهل هي في مرحلة القدرة على تسليم الحكم؟! وسنتناول هذا الموضوع من عدة زوايا:

1- معنى طلب النصرة لغة واصطلاحاً.

2- كيف تهيأت الأجواء في المدينة المنورة، وكيف يجب أن تتهيأ اليوم لهذا الأمر.

3- واقع الأمة اليوم من حيث جاهزيتها لهذا الأمر العظيم أو عدم جاهزيتها لذلك.

4- كيف تتم عملية طلب النصرة لاستلام الحكم هذه الأيام؟

1- معنى طلب النصرة لغة واصطلاحاً:

أما طلب النصرة من حيث المعنى اللغوي:

فالنصرة والمناصرة مأخوذة من الإعانة على الأمر نقول : نصره على عدوه وينصره نصراً، وفي الحديث: «أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» ومعنى ذلك إعانته على ظالمه، والاسم (النصرة). (ابن منظور210).

هذا من حيث المعنى اللغوي. أما اصطلاحاً: فهي ليست بعيدة عن هذا المعنى، والمقصود منها: هو قيام من بيده مسؤولية الأمر (الأمير)، أو المكلف بذلك من قبل الأمير، بطلب العون ممن يقدر عليه من أجل استلام الحكم وإقامة الدولة، أو من أجل غايات أخرى تتعلق بخدمة الدعوة مثل:

1- طلبها من أجل حماية القائمين على نشر الدعوة في منطقة ما في العالم الإسلامي، وذلك لتمكينهم من تبليغ هدفهم،

2- طلبها لدفع شر أو سوء يحتمل أن يقع بشباب الدعوة أو قسم منهم، أو بدفعه أثناء حصوله؛ مثل طلب العون من رجال القبائل أو المتنفذين في الحكم من المتعاطفين مع الدعوة أن يقوموا بفك أسر حملة الدعوة في السجون، أو الوقوف بجانبهم أثناء المحاكمات والقضايا في المحاكم… أو غير ذلك من أعمال تفتعل ضد الحزب والدعوة.

3- طلبها كمقدمات في كسب رجالاتٍ من ذوي القوة والنفوذ من أجل إبراز الحزب وإظهار قوته وذلك بعد إسلامهم وقناعتهم بالفكرة والهدف، وهذا يكون قبل استلام الحكم وتهيؤ الأجواء كاملة في مرحلة التفاعل مع الأمة.

أما طلبها من أجل التمكين واستلام الحكم، فهذه لها واقع خاص وشروط خاصة تختلف عن كل أنواع النصرة السابقة؛ أما شروطها فمنها:

1) تهيؤ الأجواء من حيث الرأي العام للإسلام والحزب النابع من الوعي العام في منطقة ما في العالم الإسلامي.

2) توفر شروط معينة في المنطقة التي تُطلب النصرة فيها من حيث القدرة على الحماية والاستمرار للدولة الإسلامية؛ أي أن تكون المنطقة قادرة على احتضان دولة إسلامية، وان لا تكون تحت حماية دولة أخرى متسلطة؛ أي تكون حمايتها ذاتية.

3) إخلاص رجالات النصرة، وقناعتهم التامة بالإسلام وبالدولة الإسلامية كمخلّص للأمة، وعدم وجود أي ارتباط لهم مع قوى أخرى أو دول أخرى، أو أي من جماعات إسلامية أو غير إسلامية لها أهداف خاصة تخالف الإسلام.

فالنصرة لاستلام الحكم هي حكم شرعي يتعلق بالطريقة الشرعية لاستلام الحكم، وهي مرتبطة باستلام الحكم ولا يمكن الوصول إليه بدونها، سواء أكان ذلك بعرضها أم بطلبها من القادرين عليها مع توفر شروطها الصحيحة.

2- كيف تهيّأت الأجواء في المدينة المنورة؟ وكيف تتهيأ اليوم لهذا الأمر ؟!

إن الناظر في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام يرى أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قام بأعمال عظيمة ومتواصلة قبل تهيؤ الأجواء لطلب النصرة واستلام الحكم، وكانت أول الخطوات أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد عرض نفسه على وفد الخزرج؛ فعرض عليهم الإسلام أولاً فأسلموا، ثم أمرهم بالرجوع إلى المدينة المنورة لحمل رسالة الإسلام إلى قومهم، وبعد أن رجعوا إلى المدينة وأظهروا إسلامهم ودعوا قومهم إلى ذلك ازداد عددهم وجاءوا إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في العام التالي، وكانوا اثني عشر رجلاً، فسرَّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك وبعث معهم مصعباً (رضي الله عنه) معلماً، فتحقق على يديه (رضي الله عنه) أمرٌ عظيم هو إسلام سادات الأوس والخزرج، ومؤازرتهم لهذا الدين الجديد، فطلب منهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يوافوه في الموسم وذلك بعد أن اطمأنّ على وضع المدينة المنورة من حيث إسلامُ سادتها وكثيرٍ من سكانها، وتهيؤُ الرأي العام النابع من الوعي العام فيها لصالح دين الإسلام!..

ويمكن وصف واقع المدينة قبل حصول بيعة العقبة الثانية –وهي البيعة التي تمت فيها النصرة لتسلم الحكم داخل المدينة– بأنه واقعٌ تهيأ فيه الرأي العام لصالح الإسلام بقوة؛ أي أصبح قبول الإسلام في المدينة عند عموم سكانها، وأصبح هو الرأي العام السائد فيها على غيره من عبادة الأوثان وغير ذلك… وكذلك أصبح الرأي العام في المدينة لصالح القيادة الجديدة وهي قيادة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ أي أصبح هناك رأي عام لتكتل الرسول عليه الصلاة والسلام بقيادته، وكان هذا الرأي العام لصالح الإسلام نابعاً من وعي عام؛ أي وعي عند أغلب المدينة وقيادتها على الإسلام ما هو؟ وعلى الرسول عليه الصلاة والسلام بوصفه نبياً، وبوصفه رئيساً لكتلة الصحابة؛ أي كان في المدينة رأي عام منبثقٌ من وعيٍ عام على الإسلام وعلى جماعة الرسول عليه الصلاة والسلام…

والحقيقة أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقبل من أهل المدينة النصرة لاستلام الحكم إلا بعد حصول هذا الأمر وتحققه في أرض الواقع، والطمأنينة عليه بالسؤال والاستفسار أكثر من مرة لمصعب (رضي الله عنه). وبعد أن اطمأن الرسول عليه الصلاة والسلام لتهيؤ الأجواء لاستقبال الحكم بالإسلام أمر الممثّلين عن أهل المدينة ومعهم مصعب (رضي الله عنه) أن يوافوه عند العقبة لعرض أمر المناصرة عليهم من أجل استلام الحكم داخل المدينة، وفعلاً هذا ما حدث وتمت المناصرة كمقدمة لاستلام الحكم بعد وصول الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة وإقامة الدولة الإسلامية.

 وإن ما حصل في المدينة المنورة من تهيؤ الأجواء؛ من حيث الرأي العام  المنبثق من وعي عام يُشترط حصوله في أي مكان تطلب فيه النصرة لقيام الدولة (أي استلام الحكم) ولا يمكن ذلك إلا به.

فلا بد من وجود رأي عام للإسلام في قطر ما يصلح لقيام الدولة؛ -من حيث الإمكانات المادية القادرة على الاستمرارية والصمود في وجه التحديات، وأن تكون هذه الحماية ذاتية لا تستند لقوى أخرى-، ولا بد أن يكون هذا الرأي العام لصالح الإسلام ولصالح الحزب وأتباعه نابعاً من وعي عام على الإسلام وعلى الحزب… وبدون حصول هذا الأمر فإن المناط المطلوب لإنزال أحكام النصرة عليه لا يكون موجوداً، وبالتالي لا يمكن شرعاً طلب النصرة لاستلام الحكم، وإن حصل ذلك يكون مخالفاً لأحكام الطريقة في طلب النصرة، وفي نفس الوقت يكون عرضةً للمخاطر والمهالك.

والمقصود بالرأي العام اليوم هو: وجود الإسلام كمطلب عام عند أغلب المسلمين في قطر من أقطار المسلمين يصلح لقيام دولة إسلامية؛ أي أن أغلب المسلمين في ذلك القطر يرغبون بحكم الإسلام، ووجوده كذلك عند أهل النصرة والمنعة؛ لأن حصوله عند عامة الناس دون حصوله عند أهل النصرة من أهل القوة لا يكفي، فلا بد من وجود الرأي العام عند أهل القوة سواء أكانوا قادة جند أم قبائل أم غير ذلك…

أما الوعي العام في ذلك القطر؛ فيقصد منه الوعي العام على الإسلام؛ على أفكاره الرئيسة ومنها فكرة الخلافة والحكم، وكيف تكون بالشكل الصحيح، والوعي أيضاً على عداوة الكفار لهذا الأمر ومحاولة تضليله والحيلولة دون تحقّقه، والوعي على أنه لا يمكن أن تتخلّص الأمة مما هي فيه إلا إذا انعتقت من الحكام الحاليين الذين يحكمون بغير ما أنزل الله تعالى، والوعي على الألاعيب التي يتبعها الكفار لحرف الأمة عن الطريق الصحيح؛ وليس المقصود بالوعي العام هو الوعي على دقائق الأمور وتفصيلاتها في العقيدة والأحكام؛ فهذا قد لا يحصل عند بعض شباب الدعوة، وهو أمر لا يمكن حصوله إلا في ظل الدولة الإسلامية القادرة على إيجاده عملياً بين الأمة!!

وبجانب هذا الوعي على الإسلام وعلى الحكام وعلى أعمال الكفار يشترط أيضاً أن يكون عند أغلب الناس وعي  على الحزب وعلى إخلاصه في طريق تحرير الأمة وفي استعداده وجاهزيته لهذا الأمر العظيم!!

3- واقع الأمة اليوم من حيث جاهزيتها لهذا الأمر العظيم أو عدم جاهزيتها

الناظر في واقع الأمة الإسلامية يرى أنها  قد قطعت شوطاً طويلاً على طريق تهيؤ الأجواء للنصرة واستلام الحكم، ويمكن تشخيص واقع الأمة اليوم ضمن النقاط الآتية:

1- الرأي العام لصالح الإسلام: حيث أصبح الإسلام رأياً عاماً، ومطلباً جماهيرياً عند أغلب المسلمين في بلاد العالم الإسلامي، ولم يعد هناك مكان يذكر للحركات القومية أو الوطنية أو غيرها، وقد برهنت الشعوب في العالم الإسلامي -في أكثر من مناسبة- على وجود رأي عام لصالح الإسلام في صفوفها، وذلك كما حصل في الجزائر وتركيا والسودان ومصر والأردن وباكستان.. وغيرها من بلاد في الانتخابات، وكما يحصل كذلك أثناء قيام الجماعات الإسلامية بتسيير المسيرات؛ حيث تجد أن أغلب المسيرات ترفع شعار الإسلام!!

2- وضع الرأي العام لصالح الحزب في بعض البلاد الإسلامية:

الحقيقة أن الرأي العام لصالح الحزب من حيث قبول أفكاره الرئيسة كفكرة الخلافة، ومن حيث قبول رأيه السياسي في وصف واقع الحكام وأعمالهم الإجرامية، وارتباطاتهم مع الدول الكافرة قد قطع شوطاً كبيراً؛ ويمكن القول إن هناك رأياً عاماً لصالح هذه الأفكار الرئيسة، أما بالنسبة لتعرّف الجماهير على الحزب نفسه فإن الحزب قد قطع شوطاً كبيراً في كسب الجماهير لصالحه في أكثر من مناسبة، وصار يسيّر هذه الجماهير ضد أعمال الكفار في بعض بلاد المسلمين، ويحشد الحشود الكبيرة أيضاً في بعض بلاد المسلمين مثل إندونيسيا وتركيا والسودان وباكستان!

 ولكن للأسف الشديد فإن الرأي العام لصالح الحزب توضع أمامه الحواجز والعراقيل والغشاوات كي لا يتمكن الحزب من أخذ قيادة الناس وتسييرها السير الصحيح المنتج، وهذه الحواجز والعراقيل تتمثل في عدة أمور منها:

أ) الغشاوات التي تفتريها وتضعها الحكومات على عيون الناس ضد الحزب وضد أهدافه وضد رجالاته، وذلك كقولهم إنه حزب متطرف متزمت يسعى لإعادة الناس إلى غابر التاريخ في العصور الوسطى!!..

ب) الأضاليل التي يفتريها علماء السلاطين حول الحزب وإخلاصه، وحول طريقته من أجل التغيير نحو استلام الحكم؛ كقولهم إن تعدد الدول في العالم الإسلامي لا يخالف الإسلام، ولا واقعية اليوم لإقامة دولة إسلامية في ظل المعادلات الدولية!!..

د) انبهار الناس ببعض الجماعات الإسلامية المرتبطة بالحكومات أو بالاستعمار مباشرة، والتي تقوم بدورها بالطعن في الحزب وفي عمله وإخلاصه!!

إلا أن هذه الغشاوات والأكاذيب بدأت تنكشف شيئاً فشيئاً وذلك بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل أعمال الحزب القوية من خلال تضحياته العظيمة أثناء تصدّيه للحكومات الإجرامية في العالم الإسلامي، ومن خلال اتصالاته مع الناس وخاصة مع طائفة العلماء المضلَّلين ومن خلال مسيراته وتجمعاته في المناسبات المختلفة، وكذلك من خلال تبنيه لمصالح الأمة في كل المناسبات والوقائع والأحداث السياسية والعسكرية…

وقد كسب الحزب الرأي العام في بعض المناطق في العالم الإسلامي وأخذت الجماهير تلمس إخلاصه وقوة أفكاره وصدقها ، وبدأت أيضاً بعض مراكز القوى  تعي عليه وتعطي له التأييد في بعض البلاد مثل باكستان وإندونيسيا ودول آسيا الوسطى…

 وهذا الرأي العام لصالح الحزب ودعوته يزداد في كل يوم  ويتأثر بتضحيات الحزب وإخلاصه، وبالأحداث التي تحصل في تلك البلاد فتكشف الحكومات العميلة والقوى المرتبطة بها.

لقد ذكرنا حقيقة الرأي العام أنه لصالح الإسلام بشكل عام ولصالح الحزب بشكل خاص، فماذا عن الوعي العام عند الأمة الإسلامية؟!

الحقيقة أن الوعي العام عند أبناء الأمة الإسلامية في البلاد الإسلامية قد قطع شوطاً كبيراً لا بأس به على الأمور العامة المتعلقة بالإسلام والقوى الكافرة والقوى على الساحة الإسلامية، وعلى الأعمال المقصودة في بلاد المسلمين؛ ومنها الحروب والأعمال السياسية وبناء العملاء… إلا أن هذا الرأي العام رغم وصوله إلى درجة طيبة في مناطق كثيرة في العالم الإسلامي ما زالت عليه بعض الغشاوات ولا بد من  إزالتها والخلاص من شرورها، وهذه الغشاوات ترجع في مجملها إلى الأمور التالية: صرف الناس عن: العمل السياسي وفكرة الدولة الإسلامية وحقيقتها وضرورتها للأمة، ضرورة وجود الأحزاب السياسية للتغيير، واقع الأنظمة العميلة في بلاد المسلمين وأنها لا تخالف الإسلام، وصف العمل المخلص بالإرهاب والرجعية، بعض القيادات العميلة سواء منها ما كان في أحزاب وتجمعات أو في مؤسسات فكرية… وهذه الغشاوات سببها يرجع إلى: الأعمال التضليلية الكثيرة التي تقوم بها الحكومات في بلاد المسلمين، والحرب الشرسة التي يقوم بها الغرب ضد الجماعات المخلصة، وضد الأفكار المخلصة. والتي تتصدّى لأعماله ومشاريعه في بلاد المسلمين، والجماعات الإسلامية العميلة للاستعمار الغربي في بلاد المسلمين

4- كيف تتم عملية النصرة هذه الأيام؟!

وللإجابة عن هذا السؤال نقول: لا بد أن يتحقق الرأي العام المنبثق من الوعي العام وذلك لصالح الإسلام بشكل عام ولصالح الحزب بشكل خاص، ولا بد أن يكون هذا الرأي العام المنبثق من الوعي العام في قطر من أقطار المسلمين يصلح لقيام دولة.

فالرأي العام -وللأسف الشديد- ما زال مضللاً بعض الشيء بالجماعات العميلة للحكومات الإجرامية، وبعلماء السوء الموالين للحكام، وببعض الأفكار المسمومة المحرفة التي ذكرناها، وقد بدأت الأمة تتلمس النور الذي يبثه المخلصون هنا وهناك بمواكبة الأحداث المتلاحقة في العالم الإسلامي، والله سبحانه وتعالى كفيل في نهاية المطاف بإحقاق الحق وإبطال الباطل ولو كره المجرمون قال تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [التوبة 32].

فالأمة -كما ذكرنا- قد صارت تنشد الإخلاص وتريد الصواب؛ وذلك بسبب انكشاف الأفكار والأعمال والجماعات شيئاً فشيئاً، وبسبب مواكبة الحزب لهذه الأحداث وبيان الحقائق للأمة.

وصارت جماهير الأمة أيضاً تدرك مدى إخلاص الحزب ومدى دقة وصواب أفكاره وآرائه السياسية في الأحداث وفي وصف الحكومات وأعمال الكفار في بلاد المسلمين..

 وأخيراً نقول: إن الحزب قد فرض نفسه في الساحة الإسلامية بأعماله الجليلة وتضحيات أفراده، وباستقامة أفكاره وصدق تحليلاته وآرائه، وعدم ارتباطه بأية جهة كانت في العالم الإسلامي، وصارت جماهير المسلمين تدرك حقيقة هذا الحزب وتعي عليه شيئاً فشيئاً، ويمكن القول بطمأنينة إن الحزب يقف اليوم على باب الخلافة تماماً، ولم يبق أمامه إلا تلك القوى المضلِّلة من الكفار وعملائهم من الحكام وأعوانهم، وهذا بحد ذاته فتح رباني عظيم ومنّةٌ كبرى منه سبحانه!!..

 وعلى الحزب وأبنائه أن يضاعفوا جهودهم وأعمالهم في هذا السبيل كي يكتمل هذا الأمر  العظيم وذلك من خلال الأمور التالية:

1- الإخلاص والتقوى لله سبحانه وتعالى وزيادة الطاعات والقربات بكافة أنواعها:

لأن الله تعالى لا يعطي أمانة دينه إلا لتقيٍّ أمين مخلص له سبحانه، وقد اصطفى الله تعالى خيرة ملائكة السماء لحمل أمانة الوحي إلى الأرض؛ (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج 75]، فالله سبحانه وتعالى يختار خيرة البشر على الأرض لحملها للناس، وهكذا فإن الله تعالى يحق الحق بإذنه ويبطل الباطل حتى وإن بلغ عنان السماء، وقال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) [النور 55] فالإيمان والتقوى والعمل الصالح شرط مسبق للاستخلاف وتسلم القيادة:

2- الصبر على التضحيات والأعمال الجليلة: فالحكومات ومن ورائها الاستعمار الغربي المجرم تهدف إلى كسر شوكة الحزب للخلاص من خطره عليهم؛ لذلك كلما اقترب الحزب أكثر في كسب الرأي العام وإيجاد الوعي العام كلما اشتدت الحرب ضده وزاد الفتك به، وأكبر مثل على ذلك هو أوزباكستان؛ حيث جُنّ جنون الغرب عندما رأوا الرأي العام والوعي العام عند أبناء الأمة في أوزباكستان ينتشر ويتشرَّبه المسلمون تشرب الماء في الأرض العطشى، فأخذت الحكومة بتوجيه من أسيادها بالفتك بالحزب لمحاولة صد الشباب والناس عن سبيله، إلا أنها فشلت بسبب التضحيات الجليلة والصبر العظيم من هؤلاء الأعلام من حملة الدعوة، وانقلب السحر على الساحر، وبدل أن تكون هذه الأعمال الخسيسة سبباً في ثني الحزب عن طريقه أصبحت دافعاً ومحركاً عند جماهير الأمة هناك للالتفاف حول الحزب وحول آرائه وأفكاره وأعماله وتكتله!!.. قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) [السجدة 24].

3- زيادة الجهود في صفوف الأمة وابتكار الأساليب المتنوعة في ذلك؛ لأن الأمة توضع على أعينها الغشاوات، وتُضلل بالأكاذيب حول الحزب وأفكاره وأهدافه وحتى إخلاصه بعض الأحيان، فالأصل أن نضاعف هذه الجهود في كل الميادين كي نخترق حاجز الحكومات والجماعات الإسلامية المضللة وعلماء السوء… وذلك بوضع الخط المستقيم بجانب الخط الأعوج في كل مناسبة؛ قال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [التوبة 105].

4- ظهور الشباب على أحسن وجه مستطاع من حيث الالتزام والتقيد وأداء العبادات: فهذا الأمر له تأثيره عند الجماهير من الناس، فالأصل في شباب الدعوة أن يحرصوا على تلاوة القرآن وحفظه واستقطاب الناس حول القرآن، وكذلك أن يحرصوا على أداء الصلوات في المساجد في كل صلاة، وأن ويحرصوا أن تكون أعمالهم منضبطة، وأقوالهم صادقة، وأن لا تخالف أقوالهم أفعالهم، وأن يتوخوا الكسب الحلال في إعمالهم، وأن يراهم الناس في المكان الذي يحبه الله ورسوله… حتى يعطوا صورة نقية عن الحزب تماماً كما هي الصورة عن أفكار الحزب وآرائه وتحليلاته السياسية!!.. قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الأنفال]، وقال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) [الطلاق].

فنسأله تعالى أن يكرمنا عما قريب بالنصرة والمناصرة في أرض الواقع إنه على ما يشاء قدير قال تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر 51] وقال تعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ(5)وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) [القصص 6].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *