العدد 282 - 283 -

العدد 282 – 283 ، السنة الرابعة والعشرون، رجب وشعبان 1431هـ، الموافق تموز وآب 2010م

هذا هو حزب التحرير… ولا مكان لأعضاء الشرف فيه

هذا هو حزب التحرير… ولا مكان لأعضاء الشرف فيه

 

محمد زيدان – اليمن

منذ قام حزب التحرير يدعو المسلمين لإقامة دولة الخلافة، ودخل مرحلة التفاعل في المجتمع بالكفاح السياسي والصراع الفكري، لم يترك عقيدة فاسدة في المجتمع إلا صرعها، ولا فكراً خاطئاً إلا هزّه وحطّمه، ولم يترك عميلاً إلا كشفه، ولا مخططاً استعمارياً إلا فضحه… منذ ذلك الحين أدرك العملاء خطورة دعوته وجديته في العمل، لتحطيم كياناتهم وإقامة دولة الخلافة على أنقاض دويلاتهم، فبدأوا محاولاتهم لصرفه عن الخط المستقيم الذي سار عليه، ذلك الخط الذي لم يهادن فيه ظالماً، ولم يداهن فيه حاكماً، فقاموا بالدعاية ضدّه مرة، وبتجويع أعضائه وطردهم من أعمالهم مراراً، وأخيراً طبّقوا عليهم قاعدة ما يسمى بـ(تجريدهم من حقوقهم المدنية)، ومنعوهم من كل وظائف الدولة، وأخذوا جوازات سفر كل من تمكّنوا من أخذ جوازاتهم، ولاحقوهم في كل مكان، بالإضافة إلى ما لجؤوا إليه من أساليب القمع والتعذيب، ولكنه خاب سعيهم… ثم رأوا أنه لابد من اتفاق دوليّ على مقاومته والتعتيم على أخباره، ومنعه من نشاطه في كل بلد، ولكنه بالرغم من كل هذه العقبات شقّ طريقه ونشر آراءه وأفكاره، وصارت معروفة ومشهورة في مجاله الذي يعمل فيه. ولمّا لم يجدوا وسيلة ناجحة للحد من نشاطه لجؤوا إلى أناس باعوا دينهم بدنياهم، واتخذوا الإسلام وسيلة للتكسّب، فأصدروا كتباً تتضمن في طياتها أحكاماً خاطئة، وآراء فاسدة، وأخباراً كاذبة، لتكون لهم سلاحاً يهاجمون بها الحزب، لكن سلاحهم رُدّ إلى نحورهم فخابوا وخسروا…

إن قضية الحزب هي إيجاد الإسلام في واقع الحياة ورِفعَته ليظهر على الدين كله ولو كره الكافرون. وهذا لا يتأتى إلا بوجود دولة إسلامية. ووجود دولة إسلامية لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود حزب سياسي يعمل على بناء أمة وإقامة دولة. ولا يمكن أن يتحقق له ذلك إلا إذا كان قد أدرك واقع المجتمع الذي يعمل فيه وحدد فكرته وأهدافه وأبصر طريقته متأسياً بطريقة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في بناء الأمة وإقامة الدولة. قال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) [يوسف 108]. ولذلك كله كان لابد للحزب من أن ينجح في أخذ قيادة الناس.

لأنه لا يمكن أن يصبح قائداً للأمة إلا إذا انقادت له وأطاعته، ولا يكون القائد قائداً إذا لم يكن لديه هناك من يقودهم. وإلا إذا كانت القيادة له وحده. وعلى ذلك لا يبقى الحزب قائداً إلا إذا كانت الأمة مقودة له، ولا يتمكن من القيادة إلا إذا كان وحده القائد المُطاع، فعلى الحزب أن يقوم بما يجعل الأمة تسير في طاعته عن رضًى واطمئنان، وأن يجعل أفكاره تسيطر على المجتمع سيطرة تؤدي إلى حل أو شل القيادات الأخرى فينفرد بقيادة الأمة.

لقد عرف الحزب نفسه بأنه حزب مبدئي وبأنه تكتل يقوم على مبدأ آمن أفراده به ويُراد إيجاده في المجتمع، أو بعبارة أخرى هو فكرة تتجسد في مجموعة من الناس (مجموعة الحزب) ويُراد أن تتجسد في المجتمع، أي في العلاقات. فالتكتل حتى يكون حزباً مبدئياً لابد أن تتوفر فيه هذه الأمور الثلاثة وهي المبدأ أو الفكرة، وكونه يقوم عليها أي تتجسد في المجموعة، وأن يراد منه، أي من التكتل، أعني من عملية التكتيل، إيجاد هذا المبدأ أو هذه الفكرة في المجتمع، أي في العلاقات.

هذه مقدمة مختصرة وضعت لخدمة عنوان البحث، وهذه المقدمة مع عنوانها تقتضي من شباب الحزب جميعهم أن يكونوا على مستوى ما وضعه الحزب لنفسه من مهمة وأهداف حتى يقوموا بهذه المهمة على وجهها الصحيح لا أن يكونوا أعضاء شرف فيه. ومن ذلك:

– إن المعبود هو الله الأحد الصمد، الحي القيوم، الذي يستحق العبادة والتقديس وحده، الذي لا أغلى من رضاه، ولا أذل على المسلم من غضبه، الله الذي يستحق العبودية دون سواه، الله الذي يغضبه ثم يغضبنا أن لا يكون الأمر له وحده، الله سبحانه الذي علينا أن نعيد الإيمان والإسلام الصحيح والعبادة الحقة له بين المسلمين، وأن ندعو أكثر من 5 مليارات إنسان كافر إلى دينه، وأن يحكم العالم كل العالم بشرعه، الله الذي يحب أن تنتصر دعوته ويحكم بشريعته دون سواه. وهذا ما يجب أن يكون في رأس سلم القيم عند شباب حزب التحرير وهذا ما يجب أن يبذلوا له كل البذل قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة 33].

– إن هذا الدين هو دين الله الحق الذي يستقيم عليه أمر البشرية جمعاء، ولا يخدم هذا الدين إلا بأن يقوم شباب الحزب بالعمل معه -بدون دأب- لإيصال أفكار الإسلام الحقيقية إلى الأمة؛ لأن عدوها من الغرب، وأعوانه من الحكام، وأعوانهم من الإعلاميين والعلمانيين، يدأبون ليل نهار لنشر الباطل ومحاربة الفكر الحق والعمل على طمسه وخاصة ذلك الذي يتبناه حزب التحرير قال تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [التوبة 32].

– إن هذه الأمة الإسلامية هي أمتنا، وشباب الحزب منذ أول يوم فكروا في العمل معه وضعوا نصب أعينهم خدمتها، وأن عين خدمتها تتجلى في حفظ دينها وحفظها، والعمل على نهضتها ورفعة شأنها، وإعادتها خير أمة أخرجت للناس، ونهضتها ورفعة شأنها يقتضي إيصال ما تبناه الحزب من أفكار وآراء وأحكام إسلامية لينهض بالأمة بها بقوة وبجرأة وبصراحة وبصبر حتى تصل إلى الأمة، لأنه لا نهضة إلا بها قال تعالى: (   فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ ءَامَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [الشوى 15].

– إن ما يلاقيه الحزب، في كل مكان يعمل به، وما يلاقيه شبابه من تضييق لمنع فكره من الانتشار بين الأمة، إن هو مؤشر واضح على خطورة ما تبناه ويدعو إليه على هؤلاء الذين يحاربونه من دول الغرب وأعوانهم من الحكام قال تعالى: (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) [الشورى 13].

– إن المعركة محتدمة، وخاصة اليوم، بين الحزب والمخلصين من الأمة وبين الغرب الكافر الذي لم يترك وسيلة مكر وإيذاء وقتل وتشهير إلا واستعملها. وهو بات يستشعر الخطر الداهم عليه من نمو الفكرة الإسلامية القائمة على تغيير واقع المسلمين تغييراً جذرياً على أساس الإسلام، وهو ما بات يعرف عندهم صراحة بـ«إقامة الخلافة» قال تعالى: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) [آل عمران].

– إن عدو الإسلام وقد بات يدرك قرب تحقيق المسلمين لهدفهم من إقامة الإسلام في حياتهم، استنفر كل إمكاناته المادية والاقتصادية والإعلامية، وكل مفكريه ومراكز أبحاثه، استنفرهم ليبعد عنه شرب الكأس المرة، ونحن نرى بأم أعيننا كيف أن كل هؤلاء يبذلون كل الوسع من أجل عدم وصول الأمور إلى نتائجها المأساوية عليهم. وهذا يتطلب منا شحذ النفوس أكثر، قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران].

– إن التاريخ قد دار دورته، وعكس توجهه، وأصبحت الرياح مؤاتية أكثر وأكثر للتغيير، فالأمة الإسلامية قد اكتوت بنار الغرب وجحيم ظلمه، وهي تتوق للخلاص ومعنى ذلك أنها باتت اليوم أكثر سماعاً لما نقول، وأكثر قبولاً لما نقوم به، وأكثر تشوقاً لحدوث التغيير، وهذا كله يتطلب غذّ السير وضرب القدم في الأرض بقوة وثوقاً بما عند الله من جميل وعده بالنصر، قال تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) [الطور 48] وقال جل من قائل: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) [الروم 60].

إن فكرة أعضاء الشرف، وتكثير السواد ليست من شيم أصحاب هذه الأفكار الراقية والأهداف السامية التي قام عليها الحزب. وما من مسلم يبطئ به عمله أن يسرع به لا نسبه ولا مجرد انتسابه لحزب التحرير… إن العمل مع حزب التحرير يحتاج إلى عقد العزيمة لا إلى التثاقل. إن العمل مع حزب التحرير يقتضي من شبابه اتخاذ إجراء الحياة أو الموت لأن قضيته التي يحملها قضية مصيرية لا أن يعملوا معذرة إلى الله فحسب. إن العمل مع حزب التحرير يجعل من حب الله ورسوله ودينه والمسلمين وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وإقامة الجهاد لنشر الدعوة في رأس سلم القيم عند شبابه، وهذا كله يقتضي أن يفرد كل شاب هذه القيم في نفسه، ولا يجعلها مختلطة مع حب الدنيا والانشغال بسفاسفها، فهذان لا يتوافقان، قال تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ) [محمد].

– إن على شباب الحزب أن يعلموا أن صعوبات العمل وعقبات الطريق هي من لوازم الدعوة، فلا يتأففوا منها بل مواجهتها وتذليلها والتلذذ بالانتصار عليها؛ لأنه إذا خلت الطريق من صعوباتها فمعناه أن العمل قد خرج عن مساره. وليراجع الشاب نفسه ويتذكر أنه من أول يوم سار في العمل عرف أن طريقه محفوف بالمخاطر، ومثله مثل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) والأنبياء من قبله أسوتنا. ومعنى كونه مع الحزب معناه أنه يسير معه على نفس الأشواك ويتألم نفس الألم الذي كان يتألمه السلف الصالح. قال تعالى: (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ) [النساء 104].

– إن ما يلاقيه العمل من صعوبات، والشباب من ملاحقات يؤدي إلى نقاء العمل، وتبلور الأفكار وصياغة كل شاب عامل نشيط صياغة قيادية تجعله أهلاً لقادم الأيام بعد قيام الدولة. حيث هناك أم المعارك، وهناك هناك المواجهة الحقيقية، ومن لم يعد نفسه من الآن فليس أهلاً لأن يكون فيما بعد رجلاً من رجال الدولة، فبمثل هذه الأجواء وبمثل هذا الالتزام وعلى مثل ما نقوم عليه في هذه الدعوة من الإيمان بالله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتحقق فينا قوله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران 104] ويتحقق في الأمة قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران 110].

إن الفكرة الإسلامية عندما تكون على هذا المستوى من الرفعة، والهدف عندما يكون على هذا المستوى من السمو والشمول، وحالة الصراع مع الكفار على هذا المستوى من الجدية… وعندما يقطع الحزب تلك الفترة الصعبة من العقبات الهائلة ويصل إلى قرب تحقيق الهدف، ولمّا بات يصدر من الحكام ومن أسيادهم من أعداء الإسلام حكام الغرب، الظاهرين في عدائهم للإسلام والمسلمين العاملين الواعين المخلصين، أمثال بوش وساركوزي وبلير وبوتين تصريحات تعبّر عن هلعهم من قرب إقامة الخلافة التي ستذهب بأخضرهم وبأصفرهم وتقطع دابرهم من بلادنا، وتهدد بسقوط حضارتهم… فإنه لما وصلت الأمور إلى هذا الحد… فإنه يعطي أشد الأمل لنفوس الشباب المتشوقة للتغيير لاســتمرار خوض الصـراع على أقوى ما يكـون، وأن لا يفكـر أحد منهم أن يكـون عضـو شـرف يكـتفي بأن يسـجل اسمه في عداد الشباب، أو يكتفي بالقيام بأدنى التكاليف، بل ليعلم أن الدين هو دين الله، وأنه يشرفه أن يكون في عداد من يخدمون هذا الدين على الصورة التي يحبها ربه، ومع الجـماعة التي أخلصـت النية وسـددت العمل وقاربت الهدف، بل ليعلم الشباب أن الأمر لم يعد يتسع لمثل هذه النصائح، بل المطلوب أن يشحذ سيفه أكثر، وأن يبدع في أساليبه ووسائله، عليه أن يفكر تفكير القائد لا الجندي، فإن واقع الصراع وصل إلى مرحلة إما أن نَغلب وإن شاء الله لا نُغلب… إن الحرب سجال بين الإيمان والكفر، بين المسلمين والكفار، وليحمد كل واحد منا الله العلي القدير أن جعلنا في فسطاط  الحق جنوداً لهذه الدعوة فلا يبطئن ولا يتثاقلن، ولا يكتفِ بأن يكون على باب العمل بل في قلبه، ولا يقبل بأن يكون محسوباً على الدعوة بل أن يكون من أهلها المُجَلِّين… ليعلم كل شاب أنه لا مكان لأعضاء الشرف في هذه الدعوة، والله سبحانه وتعالى من وراء القصد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *