العدد 176 -

السنة السادسة عشرة رمضان 1422هـ – كانون الأول 2001م

أميركا … والنفط

         قدّم (جون ماريا) نائب رئيس مؤسسة (يونوكل) النفطية للعلاقات الدولية شهادة إلى لجنة الكونجرس الأميركي للعلاقات الدولية في 12 شباط 1998 مبيناً فيها للكونجرس أهمية وجود حكم ملائم لأميركا، ومستقر في أفغانستان، من أجل استثمار مشاريع النفط والغاز في المنطقة. ولأن هذه الشهادة تلقي ضوءاً على ما يجري في أفغانستان الآن، فإن « الـوعــي» قد قامت بترجمة الشهادة المذكورة، ونشرها على صفحاتها ليرى القارئ خطورة السياسة الأميركية التي تقضي بالتدخل في المناطق ذات الثروة النفطية في بلاد المسلمين.

         سيدي الرئيس، اسمي جون ماريا، نائب رئيس العلاقات الدولية في شركة يونوكل. إن شركة يونوكل هي إحدى شركات مصادر الطاقة وتطوير المشاريع الرائدة في العالم. إن نشاطاتنا تتركز على ثلاث مناطق رئيسية: آسيا، أميركا اللاتينية وخليج المكسيك الأميركي. في آسيا وفي خليج المكسيك الأميركي، نحن مُنتِج رئيسي للنفط والغاز الطبيعي. أنا أقدّر استضافتكم لي للتحدث هنا اليوم. أعتقد بأن هذه الجلسات مهمة وذات توقيت مهم، وأنا أهنئكم على تركيزكم على آسيا الوسطى بمخزونها من النفط والغاز والدور الذي يلعبه هذا المخزون في رسم أطر السياسة الأميركية.

         اليوم نريد أن نركِّز على ثلاث مسائل تختص بتلك المنطقة، مصادرها والسياسة الأميركية:

         ـ الحاجة لطرق متعدِّدة لأنابيب النفط من أجل نفط وغاز منطقة آسيا الوسطى.

         ـ الحاجة إلى أن تدعم أميركا الجهود المحلية (الإقليمية) والدولية لتحقيق حلول سياسية طويلة الأمد ومتوازنة في داخل روسيا، الدول ذات الاستقلال الحديث وأفغانستان.

         ـ الحاجة إلى المساعدة الهيكلية لتشجيع الإصلاحات الاقتصادية وتطوير المناخات المناسبة للاستثمار في المنطقة. وفي هذا الخصوص، إننا وبالتحديد ندعم رّد أو حذف الفقرة 7ـ9 من قانون دعم الحريات.

         لأكثر من 2000 عام، كانت آسيا الوسطى أرض تلاقٍ بين أوروبا وآسيا، موقِع طُرُق للتجارة القديمة بين الشرق والغرب، والتي تسمى بمجموعها طريق الحرير، وفي عدة محطات من التاريخ، مهداً للعلماء، الثقافة والقوة. كما أنها أيضاً ذات مصادر طبيعية هائلة، تساهم في إحياء التجارة عبر الحدود، خالقة تفاعلات سياسية إيجابية ومثيرة تعاون إقليمي. إن هذه المصادر لديها الإمكانية لإعادة شحن اقتصاديات الدول المجاورة وأن تضع مناطق بأكملها على طريق التقدم.

         منذ 100 عام تقريباً، ولدت صناعة النفط الدولية في منطقة قزوين/ آسيا الوسطى باكتشاف النفط. في السنين التي تَلَت، تحت الحكم السوفياتي، كان وجود مصادر النفط والغاز مُدْرَكاً بشكل عام في تلك المنطقة، ولكنها كانت فقط جزئياً أو بشكل ضئيل مستثمَرة.

         ومع اقترابنا إلى نهاية القرن العشرين، يدور بنا التاريخ حلقة كاملة. فمع سقوط الحواجز السياسية، فإن آسيا الوسطى وقزوين مرة أخرى يجذبان الناس من حول العالم الذين يبحثون عن تطوير وإيصال مصادرها الغنية بالطاقة إلى الأسواق العالمية.

         إن منطقة قزوين تحتوي مخزوناً هائلاً وغير مستثمر من الهيدروكربون، ومعظم تلك المخزونات موجودة في حوض بحر قزوين نفسه. إن المخزون المحقق من الغاز الطبيعي داخل أذربيجان، أوزبيكستان، تركمنستان وقازاخستان يعادل أكثر من 236 تريليون قَدَم مكعب. إن مخزون المنطقة من النفط الإجمالي قد يصل إلى أكثر من 60 بليون برميل من النفط… ما يكفي لخِدْمة حاجات أوروبا من النفط لمدة 11 سنة. كما أن البعض يقدِّرون الكمية بحوالي 200 بليون برميل. في عام 1995، كانت المنطقة تنتِج فقط 870.000 برميل في اليوم (44 مليون طن بالسنة).

         في عام 2010، ستستطيع الشركات الغربية زيادة الإنتاج ليصل إلى 4.5 مليون برميل باليوم… أي بنسبة زيادة أكثر من 500 بالمئة خلال 15 سنة فقط. إن تمّ ذلك، سوف تمثِّل المنطقة حوالي 5 بالمئة من إنتاج النفط العالمي وحوالي 20 بالمئة من النفط المنتَج ضمن الدول غير المنضمة لأوبيك.

         ولكن هناك مشكلة أساسية تبقى بحاجة لحل: كيف بالإمكان إيصال مصادر الطاقة الضخمة في المنطقة إلى الأسواق حيث الحاجة لها؟

         الحل يبدو بسيطاً: نبني طريقاً “جديداً” للحرير. إن تطبيق هذا الحل لهو غير بسيط إطلاقاً. إن الأخطار كبيرة ولكن مردودها المادي كبير.

         المطلوب إيجاد وبناء طرق إلى الأسواق العالمية.

         إن أحد المشاكل الأساسية هي أنها (أي آسيا الوسطى) منطقة معزولة. إن المنطقة يحدُّها من الشمال دائرة الأركتيك، ومن الشرق والغرب مسافات شاسعة من الأراضي، ومن الجنوب جملة من العوائق الطبيعية من جبال وبحار… كما حواجز سياسية من مثل مناطق نزاعات أو دول تحت الحصار.

         إن هذا يعني أن المصادر الطبيعية للمنطقة هي محاصرة بالأراضي، على الصعيدين الجغرافي والسياسي. إن كل دولة في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى تواجه تحديات سياسية صعبة. إن بعضها لديه حروب غير منتهية أو نزاعات مزمنة. البعض الآخر لديه أنظمة على طريق التطور حيث إن القوانين ـ وحتى المحاكم ـ هي ديناميكية ومتغيرة. فيمكن للالتزامات التجارية أن تُنقَض بدون سابق إنذار، أو يمكن أن يتم إزالتها بحقائق جيوسياسية جديدة.

         بالإضافة إلى أن عائقاً تقنياً رئيسياً يواجهنا في نقل النفط، هو البُنية التحتية الحالية للأنابيب في تلك المنطقة. ذلك أنه بسبب أن الأنابيب كانت قد بُنيَت خلال الفترة السوفياتية والتي مركزها موسكو، فهي تمتد بالاتجاه الشمالي والغربي تجاه روسيا. إذاً ليس هناك تمديدات نحو الجنوب ولا الشرق. إن الاعتماد الكُلّي على هذه البنية التحتية لتصدير نفط آسيا الوسطى ليس أمراً عملياً. إنه من غير الوارد حالياً أن تستطيع روسيا استيعاب كميات كبيرة جديدة من النفط “الأجنبي”، أو أن تكون سوقاً مهماً للطاقة خلال العقد المقبل، كما أنها تنقصها القدرة على إيصالها إلى أسواق أخرى.

         بالتأكيد، ليس هناك طريق سهل لخارج آسيا الوسطى. إذا كان لابد من طرق أخرى، في اتجاهات أخرى، فإنه يجب أن يتم بناؤها.

         هناك مشروعان ضخمان للبُنى التحتية للطاقة يحاولان أن يقبلا هذا التحدي. الأول، تحت إشراف “تجمع الأنابيب لبحر قزوين” أو CPC، يخطِّط لبناء أنبوب غربي قزوين الشمالي إلى البحر الأسود الروسي حيث مرفأ نوفورسيك. ومن نوفورسيك، سيتم نقل النفط من هذا الخط بالحاملات عبر البوسفور إلى المتوسط ثم الأسواق المحلية.

         المشروع الثاني تكفله شركة العمليات الدولية الأذربيجانية أو AIOC، وهي تجمُّع 11 شركة نفط أجنبية بما فيها 4 شركات أميركية… يونوكول، آمكو، إكسون وبينت. إن هذا المشروع قد يَتَّبع أحد أو كلا طريقين غرب باكو. إحدى هذه الطرق يلتوي شمالاً ويعبر شمالي القوقاز إلى نوفوروسيك. والآخر سوف يعبُر جورجيا ويمتد إلى مرفأ للشحن على البحر الأسود حيث مرفأ سوجسا. إن هذا الطريق الثاني قد يمتد غرباً وجنوباً عبر تركيا إلى المتوسط حيث مرفأ سيهان.

         ولكن حتى لو بُنِيَ كلا الخطين، لن يكون لديهما قدرة كافية لنقل كل النفط المتوقع أن يخرج من تلك المنطقة في المستقبل. كما أنه لن يكون بمقدورهما نقلها إلى الأسواق المناسبة. إنه يجب بناء أنابيب تصدير أخرى.

         إن شركة يونوكل تعتقد أن عاملاً مركزياً في تخطيط هذه الأنابيب يجب أن يكون موقع أسواق الطاقة المستقبلية والتي على الأرجح أن تكون بحاجة لتلك الإمدادات الجديدة. كما أن آسيا الوسطى كانت أرض التلاقي بين أوروبا وآسيا في القرون السابقة، إنها مجدداً في موقع فريد لإمكانية خدمة أسواق في كلا تلك المنطقتين… إذا كان بالإمكان بناء طرق إلى تلك الأسواق. دعونا نلقي نظرة على بعض الأسواق المحتمَلَة.

         l أوروبا الغربية:

         إن أوروبا الغربية هي سوق صعبة. إنها تتميز بأسعار مرتفعة للمنتوجات النفطية، فهناك منافسة من الغاز الطبيعي. بين عامي 1995 و2010، إننا نقدِّر أن الطلب على النفط سوف يزيد من 14.1 مليون برميل باليوم (705 مليون برميل بالسنة) إلى 15 مليون برميل باليوم (750 مليون برميل بالسنة) أي بنسبة نمو حوالي 0.5 بالمئة سنوياً. أكثر من ذلك، إن المنطقة مكتفية من حقول في الشرق الأوسط، عبر الشمال، وإسكندينافيا وروسيا. بالرغم من أنه هناك مجال لبعض النفط من آسيا الوسطى، فإن سوق أوروبا الغربية غير مُحتَمَل أن تكون قادرة على استيعاب كل الإنتاج من منطقة قزوين.

         l أوروبا الوسطى والشرقية:

         إن أسواق وسط وشرق أوروبا ليست أحسن حالاً. إذ رُغْمَ أنّ هناك ازدياداً في الطلب على النفط في قطاع النقل في المنطقة، فإن الغاز الطبيعي يقوى كمنافس بين 1995 و2010، يُتوقع أن يزداد الطلب على النفط بنسبة نصف مليون برميل فقط باليوم، من 1.3 مل/يوم (67 مل/سنة) إلى 1.8 مل/يوم (91.5 مل/سنة). فهي مثل أوروبا الغربية، بالإضافة إلى إمدادات النفط من بحر الشمال، إفريقيا، والشرق الأوسط، فإن روسيا تمد بمعظم كميات النفط تلك السوق.

         l سوق ألـ (NIS) المحلية: (الدول ذات الاستقلال حديثاً)

         إن الزيادة بالطلب على النفط سوف تكون ضعيفة في الدول المستقلة حديثاً (NIS). وإننا نتوقع أن روسيا ودول ألـ NIS سيزيد طلبها بنسبة 1.2 بالمئة فقط سنوياً بين 1997 و2010.

         l آسيا الباسفيك:

         في حالة من التناقض مع الأسواق الثلاثة السابقة، فإن منطقة آسيا الباسيفيك لديها ازدياد في الطلب متصاعد وكذلك زيادة سكانية كبرى متوقعة. قبيل الاضطرابات الأخيرة في العديد من اقتصاديات آسيا الباسيفيك، كنا قد توقعنا أن طلب تلك المنطقة من النفط سوف يتضاعف بحلول عام 2010. بالرغم من أن الزيادة بالطلب على المدى القصير لن تصل إلى هذه التوقعات، فإن يونوكل تقف وراء تقديراتها على المدى البعيد.

         إن نمو الطلب على الطاقة سوف يبقى قوياً لسبب أساسي: إن عدد السكان في المنطقة متوقع أن ينمو إلى 700 مليون شخص بحلول 2010.

         إنه لمصلحة الجميع أن يكون هناك إمداد مناسب لازدياد متطلبات آسيا للطاقة. إذا لم يتم سد كفاية آسيا من الطاقة، فإنهم وبكل بساطة سوف يشكلون ضغطاً على كل الأسواق العالمية، والذي سيؤدي إلى زيادة الأسعار في كل مكان.

         إن السؤال الأساسي هو كيف يمكن جعل مصادر الطاقة في آسيا الوسطى جاهزة لتلبية حاجات الطاقة لأسواق آسيا المجاورة. هناك حلان ممكنان… مع العديد من التعديلات.

         طرق التصدير:

         1 ـ  شرقاً إلى الصين. وهو طويل بشكل غير مشجِّع:

         هناك خيار الذهاب شرقاً عبر الصين. ولكن هذا يعني أن نبني انبوباً بطول أكثر من 3000 كيلومتر إلى وسط الصين، كما 2000 كيلومتر كوصلة حتى تصل إلى المراكز المأهولة الأساسية عبر الساحل. ولكن حتى مع هذه التحديات الضخمة، فإن مؤسسة الصين الوطنية للبترول CNPC تفكر في بناء خط شرقاً مع كازاخستان إلى الأسواق الصينية.

         لقد كان لنا (يونوكل) فريق في بكين الأسبوع الماضي للتشاورات مع الصينيين. ونظراً لبعد النظر الصيني وقدرة الصين لتركيز المصادر لسد حاجاتها، فمن المؤكد أن الصين سوف تبني هكذا خط. السؤال هو ما ستكون التكاليف لنقل النفط عبر هذا الخط وما هو المردود الذي سيحصل عليه المنتجون؟

         2 ـ  جنوباً إلى المحيط الهندي: مسافة أقصر إلى أسواق نامية باستمرار.

         هناك خيار آخر وهو بناء خط أنابيب جنوباً من آسيا الوسطى إلى المحيط الهندي. إن أحد الطرق جنوباً سيمر عبر إيران. ولكن هذا الخيار غير وارد أمام الشركات الأميركية بسبب التشريعات المتعلقة بالمقاطعة من أميركا. الخط الآخر الممكن هو عبر أفغانستان، والذي يشكل تحديات خاصة.

         إن أفغانستان تعاني من حروب مريرة منذ عقدين من الزمن. إن المنطقة التي سوف يمر عبرها خط الأنابيب تقع تحت سيطرة طالبان، وهي حركة إسلامية غير معترف بها من معظم الدول الأخرى.

         منذ البداية، لقد أوضحنا أن بناء خط الأنابيب المقترح من قِبَلنا لا يمكن أن يبدأ حتى يتم إيجاد حكومة مُعترَف بها والتي يمكن أن تكسب ثقة الحكومات، وشركتنا.

         على الرغم من ذلك، فإن طريقاً عبر أفغانستان يبدو الخيار الأفضل مع العدد الأقل من العوائق التقنية. إنها أقصر طريق إلى البحر ولديها نسبياً أراضٍ مناسبة لمد الخط. إن الخط عبر أفغانستان سوف يسمح بإيصال نفط آسيا الوسطى قريباً من أسواق آسيا وبالتالي سيكون الأقل كلفة على صعيد نقل النفط.

         إن شركة يونوكل تتصور إنشاء “تجمع لأنابيب نفط آسيا الوسطى”. سوف يكون هذا الخط جزءاً لا يتجزأ من خط إقليمي ضمن شبكة سوف تستخدم وتجمع النفط من الأنابيب المتوفرة في البنية التحتية الحالية في تركمنستان، أوزبيكستان، كازاخستان وروسيا.

         إن الخط الذي سيبلغ طوله 1040 ميلاً سيبدأ عند بلدة تشاردزو، شمال تركمنستان، ويمتد باتجاه جنوب شرقي عبر أفغانستان إلى محطة تصدير سوف يتم بناؤها على الساحل الباكستاني على بحر العَرَب. سوف يكون هناك حوالي 440/440 ميلاً فقط من هذا الخط في أفغانستان.

         إن هذا الخط، وبعرض 42 إنشاً، سيكون له قدرة على النقل لحوالي مليون برميل من النفط في اليوم. الكلفة المقدرة للمشروع… والذي يشبه بالحجم الخط العابر لآلاسكا… سيكون 2.5 مليون دولار أميركي.

         هنالك الكثير من الاهتمام السياسي الإقليمي والدولي بهذا الخط. مستوردو النفط الخام الآسيويون، وخاصة من اليابان، ينظرون إلى آسيا الوسطى ولمنطقة قزوين كمصدر استراتيجي جديد للإمداد لِسَد حاجاتهم لتَنوع المصادر. إن هذا الخط سينفع بلاد آسيا الوسطى لأنه سيسمح لها ببيع نفطها مقابل عملة صعبة لأسواق محتملة جداً. سوف تنتفع أفغانستان من هذا الخط، لأنها سوف تحصل على مردود تعريفة النقل، وسوف تشجِّع على الاستقرار والتجارة والتطور الاقتصادي. على الرغم من أن يونوكل لم تتفاوض بعد مع أي مجموعة، ولا نحبِّذ، لقد كان لدينا اتصالات وتقارير لجميع تلك المجموعات. إننا نعلم أن الفصائل المختلفة في أفغانستان تفهم أهمية مشروع خط الأنابيب لدولتهم، ولقد عبرت تلك الفصائل عن دعمها لهذا الخط.

         إن دراسة حديثة للبنك الدولي تقول إن الخط المقتَرَح من آسيا الوسطى عبر أفغانستان وباكستان إلى البحر العربي سوف يؤمن مردودات أفضل لمنتجي النفط عن طريق الوصول إلى أسواق أكثر قيمة من تلك الحالية والتي يوصل إليها عن طريق بحر البلطيق والبحر الأسود ومعابرهما للتصدير.

         إن هذا يُدَعِّم بالقيم الربحية الصافية التي سيحصل عليها المنتجون كما حددتها دراسة البنك الدولي. فمردود نفط سيبيريا الغربية ستزيد أرباحه الصافية بحوالي 2 دولار أميركي للبرميل إذا ما ذهب جنوباً نحو آسيا. ولمنتِج في غرب كازاخستان، الربح الصافي سيزيد أكثر من دولار أميركي للبرميل إذا ذهب جنوباً لآسيا إذا ما قورن بالذهاب غرباً إلى المتوسط عبر البحر الأسود.

         تصدير الغاز الطبيعي

         بالنظر إلى وفرة إمدادات الغاز الطبيعي في آسيا الوسطى، فإن هدفنا هو ربط مصدر طبيعي معيَّن مع أقرب سوق محتملة. هذا أمر أساسي للإمكانية التسويقية التجارية لأي مشروع غاز. كما بالنسبة لجميع المشاريع التي يُنظَر بصَدَدها في هذه المنطقة، فإن المشاريع التالية تواجه تحديات جيوسياسية وأيضاً مسائل متصلة بالسوق.

         إن شركة يونوكل والشركة التركية، كوخ هولدينغ أ,س، مهتمتان بجلب إمدادات منافسة من الغاز إلى السوق التركية. إن الخط الأوروبي الآسيوي المقترَح سوف ينقل الغاز من تركمنستان مباشرةً عبر بحر قزوين وعبر أذربيجان وجورجيا إلى تركيا. إن 60 بالمئة من أنبوب الغاز المقترح سيتبع نفس خط النفط المقترح الذي سيمتد من باكو إلى سايهان. بالطبع، إن ترسيم بحر قزوين لا يزال يشكل قضية.

         في تشرين الثاني من العام السابق، شُكِّلَت شركة أنبوب آسيا الوسطى المحدودة (CENT GAS) كتجمع، والتي لشركة يونوكل مصالح فيها، لهدف إنشاء خط غاز سوف يربط مخزون تركمنستان الضخم من الغاز الطبيعي في حقل “رولتابار” بالأسواق في باكستان وربما الهند. إن تقديرات مستقلة تدل على أن مصادر المشروع مناسبة لحاجات المشروع، على افتراض أن الإنتاج يتزايد بنسبة مستقبلية تصل إلى 2 بليون قدم مكعب من الغاز في اليوم لمدة 30 سنة أو أكثر.

         إن حقل غاز دولتابار ومنذ تشغيله عام 1983 وهو يُنقَل شمالاً عبر أوزبيكستان، كازاخستان وروسيا إلى الأسواق في منطقة قزوين والبحر الأسود. إن الأنبوب المقترح والذي سيبلغ طوله 790 ميلاً سوف يفتح أسواقاً جديدة، ممتداً من تركمنستان عبر أفغانستان إلى مالتان في باكستان. إن وصلة مقترحة سوف تَصِل بشبكة خط “سوي” الحالية، ناقلة بذلك الغاز إلى نيودلهي حيث سوف يتصل مع الخط الحالي ألـ HBJ. بسبب خدمات هذه الأحجام الإضافية، فإن الوصلة سوف تحسِّن من اقتصاديات المشروع، مؤدية بذلك إلى تخفيضات في كلفة إيصال الغاز الطبيعي لجميع المستخدمين وإلى هوامش أفضل. كما هو مخطط حالياً فإن خط CENT GAS سوف يكلِّف حوالي 2 بليون دولار أميركي. ووصلة بطول 400 ميل إلى الهند قد تزيد حوالي 600 مليون إلى الكلفة الإجمالية للمشروع.

         وكما في حالة خط النفط الوسط آسيوي، فإن شركة CENT GAS لا تستطيع البدء بالبناء إلا بعد أن يتم إيجاد حكومة في أفغانستان معترف بها دولياً. ولكي يتقدم المشروع، يجب أن يؤمَّن له تمويل دولي واتفاقات بين الحكومات والمجموعات المنفذة.

         الخـلاصـة:

         إن منطقة وسط آسيا وبحر قزوين هي مباركة بفيضٍ من النفط والغاز والذي يمكن أن يُحسِّن حياة سكان تلك المنطقة ويسد حاجة الطاقة التي تنمو لدى أوروبا وآسيا. إن تأثير تلك المصادر على مصالح أميركا التجارية والسياسة الخارجية الأميركية هو أيضاً كبير ومتشابك معها. وإنه بدون حل النـزاعات داخل المنطقة، فإن خطوط النفط والغاز عبر الحدود لن يتم غالباً بناؤها. إننا نناشد الإدارة والكونغرس لإعطاء الدعم القوي لعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة في أفغانستان. إن مساعدة أميركا في تطوير هذه الاقتصاديات الحديثة سوف تكون مصيرية في نجاح العمل. إننا نشجِّع على مساعدات تقنية قوية مبرمجة عبر كل تلك المنطقة. كما أننا نناشد بنقض أو رد الفقرة 907 من قانون دعم الحرية. إذ إن هذه الفقرة، تـحُد وبشكل غير عادل من مساعدات أميركا إلى حكومة أذربيجان وتـحُد من تأثير أميركا في المنطقة.

         إن تطوير طرق تصدير فعالة، مبرمجة ومجدية التكلفة، لمصادر آسيا الوسطى هي مهمة عظيمة ولكن ليست مستحيلة. لقد تم إنجاز مثيلات لها سابقاً. إن هذا الممر التجاري، طريق حرير جديدة، يمكنه أن يربط الإمدادات في وسط آسيا بالطلب، وبالتالي تصبح منطقة وسط آسيا مجدداً منطقة تقاطع بين أوروبا وآسيا.

وشكراً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *