العدد 209 -

السنة الثامنة عشرة جمادى الثانية 1425هـ – تموز 2004م

كلمة الوعي : أيها المسلمون اجعلوا نصرة الإسلام همكم الأوحد

كلمة الوعي : أيها المسلمون اجعلوا نصرة الإسلام همكم الأوحد

إن نقل السلطة في العراق، من يد أميركا اليمنى إلى يدها اليسرى، بتسليم إياد علاوي (الذي يوصف بأنه صدام جديد) وسائر أعضاء مجلس الوزراء، مع رئيس الجمهورية ونوابه، واستبدال بالحاكم الأميركي المدني المستبد بريمر السفير المخضرم نيغروبونتي، سفيراً لأكبر سفارة أميركية في العالم، ليكون بحجم مشروع الشرق الأوسط الجديد، وبث المستشارين الأميركيين وكبار الموظفين في مختلف دوائر الوزارات ليحكموا من وراء حجاب… كل ذلك يبين أن عملية انتقال السلطة صورية غير حقيقية، ضمنت فيها أميركا أن تبقى في الحكم بواسطة عملائها الدمى الذين لملمتهم من وراء مكاتب بعيدة عن هموم المسلمين وقضاياهم. فهؤلاء العملاء غير المقبولين من العراقيين، مثلهم مثل أسيادهم الذين جاؤوا بهم، التقت مصالحهم. فأميركا لها مصلحة في وجودهم في السلطة لأنهم عملاء لها، وهؤلاء لهم مصلحة أن تبقى القوات الأميركية في العراق؛ لأنه لا شعبية لهم وليحموا وجودهم في الحكم؛ لذلك ما إن صدر القرار 1546 من مجلس الأمن، الذي أعطى لحكومة علاوي حق طلب مغادرة القوات الأميركية للعراق، حتى بعث علاوي رسالة شكلت ملحقاً للقرار 1546 أكد فيها حاجة العراق إلى القوات الأميركية، إلى ما بعد انتهاء العملية السياسية نهاية 2005، أي إلى ما بعد ترتيب وضع الحكم في العراق، حتى يأتي أميركياً 100%.

ومع كل هذا، فإن نقل السلطة بهذه السرية، وبهذا التوقيت «الاستباقي»، ومغادرة بريمر بهذه السرعة والاحتفال المقتضب جداً، ليدل على مدى الضعف الذي وصلت إليه أميركا في العراق، ومدى الخوف من التفجيرات التي يمكن أن تكون المقاومة قد أعدتها لهذا اليوم الذي لم تستطع أميركا أن تجعله مشهوداً…
لقد جاء إشغال الشارع العراقي والإسلامي، والإعلام العالمي، الذي بات مزعجاً لها؛ لأنه يكشف جرائمها بعد الانسحاب مباشرة، بموضوع تسليم صدام للسلطة العميلة في العراق، ومحاكمته، وإ ظهاره على التلفزيون… من أجل إلهاء الجميع عن التكلم في الفشل الأميركي، والتخبط الأميركي، ومن أجل الدعاية لبوش الذي أنهى حكم الديكتاتور صدام حسين، ومقابره الجماعية، وحروبه المجنونة، وقتل العلماء الشيعة، وإبادة الأكراد بالكيماوي… يبدو أن بوش يعتمد على مخرجين في هوليود لإخراجه، وإخراج أميركا، من المأزق الذي وضعها فيه بامتياز.

إن أميركا التي تملك قوة مادية توصف بأنها غير مسبوقة في التاريخ، لم تستطع أن تحقق ما خططت له، مع أنها استعملت كل ما تملكه من قوة، ومن انتهاك للقانون الدولي، واستعمال أقسى أنواع التعذيب وأشدها مهانة لكسر المعنويات… ومع ذلك بقيت ضعيفة رغم قوتها، ولجأت إلى حكومة معينة لكي تخفف خسائرها، وأخطاءها وانتهاكاتها… وتلصقها بغيرها.
إن على المسلمين أن لا يؤخذوا بالدعاية الهوليودية، ولا الإعلانات المجانية. إن حكومة علاوي هي حكومة دمى متحركة، وهذه الحكومة، رئيساً وأعضاء، لا يختلفون بشيء عن حكام المسلمين وحكوماتهم الصورية والذين تلعنهم شعوبهم ليلاً نهاراً، وسراً وجهاراً، إن سيرة هؤلاء الدمى وتصريحاتهم تظهر أنهم رضوا أن يكونوا خنجراً في يد أميركا لتطعن به المسلمين في دينهم، إن التغيير الذي لجأت إليه أميركا هو تغيير شكل صاحب الصورة، من غير أن يتغير صاحبها نفسه.
كلنا نذكر كيف خرجت المظاهرات والمسيرات، بعيد غزو العراق، تحمل يافطات مكتوباً عليها «لا لبوش، لا لصدام، نعم للإسلام، نعم لدولة إسلامية». هذه هي حقيقة الشعوب الإسلامية، وهذا هو موقفها الحقيقي… إننا نعرف أنه ليس بالشعارات ولا بالمظاهرات تقوم الدول، وإذا لم يتعامل المسلمون مع حقائق الأمور، وإذا لم يأخذوا على عاتقهم عدم الانخداع بالمظاهر، فإنهم سيبقون على حالهم السيئة.

نعم، إن الموضوع ليس محاكمة صدام، ولا إعدامه أو عدم إعدامه، ولا الانشغال بأنه يحق أو لا يحق لحكومة معينة أن تحاكمه أو لا، فكل هذه ألهيات يريدون منها إشغال المسلمين بالقشور عن اللب… المطلوب أن يبقوا على صرخة الصدق التي علت في أوج الاحتلال وهي: نعم للإسلام، نعم لدولة إسلامية…
ماذا عند أميركا للمسلمين غير الحكم بالكفر، ونهب ثرواتهم، وفتح أجوائهم للفساد، ومنع الإسلام من العودة إلى واقع الحياة، وتمكين اليهود أعداء الله ورسوله من رقاب المسلمين.
بما أن الحرب هي على الإسلام حصراً، فعلينا كمسلمين أن نحزم أمرنا بالكلية، ونرفع شعاراتنا الحقيقية، ونجعل نصرة هذا الدين همنا الأوحد، فمن تشعبت به الهموم لا يعبأ الله به في أي واد هلك، ومن جعل الهموم هماً واحداً وهو نصرة هذا الدين فإن الله يؤتيه الدنيا والآخرة.

إن المسلمين جميعاً، يناديهم الرسول صلى الله عليه وسلم «كونوا عباد الله إخوانا»، كونوا كذلك حقيقة لا كلاماً فقط. إن الإسلام، والحكم بالإسلام وحده هو الذي يخلصهم مما هم فيه، ويرفع عنهم الظلم، ويحولهم من محكومين بالطاغوت، إلى حاكمين بما أنزل الله، ومن مغزوين مذلولين إلى غازين في سبيل الله، يخرجون الناس من ظلم الرأسمالية وظلماتها إلى نور الإسلام وعدله، ويُدخلون الناس في دين الله أفواجاً… إنها معادلة الإسلام، ورحمة الإسلام، ولعل هذا ما يخيف الغرب من الإسلام، وليس أي شيء آخر… إنها معركة الحضارة، إنها الصراع بين الكفر والإسلام حتى قيام الساعة.
إن ما نسمعه اليوم، من أن أميركا وصلت إلى امتلاك قوة غير مسبوقة في التاريخ، يذكرنا بقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ 7 الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ، وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ، وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ ، الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ [الفجر]. نعم، إن ربنا لبالمرصاد، فليس لأميركا إلا دولة إسلامية تقف في وجهها، وتهزمها بإذن الله تعالى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *