العدد 210 -

السنة الثامنة عشرة رجب 1425هـ – آب 2004م

كلمة الوعي: أيّها المسلمون حكّامُكم متوحّدون على محاربة الإسلام والمسلمين

كلمة الوعي: أيّها المسلمون حكّامُكم متوحّدون على محاربة الإسلام والمسلمين

 

عندما زار باول المجر، التي تحتفظ بقوات لها في العراق قوامها 300 رجل فقط، زارها من أجل إقناعها بعدم سحب قواتها.وصرح حينها «إن الوضع الراهن في العراق لا يحتمل التخاذل، ويتطلب صمود القوات متعددة الجنسيات». إن أميركا تعيش في هاجس انسحاب قوات الدول المشاركة معها في العراق مشاركة رمزية، نظراً لما في ذلك من إفقادها صفة الشرعية والمشاركة الدولية. إذ هناك دول سحبت قواتها كلياً (إسبانيا، ونيكارغوا، وهندوراس، والدومينكان، والفليبين)، ودول في الطريق إلى ذلك (النروج، وهولندا، ونيوزيلندا، وتايلند)، ودول تفكر في سحب قواتها (المجر وبولندا)، ودول ناشد بوش زعماءها إبقاء قواتها (السلفادور، وليتوانيا، وسنغافورة،ومولدافيا)… في هذا الجو المأزق الذي تعيشه أميركا، قدمت السعودية، على لسان وزير خارجيتها سعود الفيصل، مبادرة لإرسال قوات عربية وإسلامية إلى العراق، لمساعدته على الخروج من الوضع الأمني المتردي، ولكي تأخذ الحكومة المؤقتة دورها في إعادة السيادة… فلما انكشفت هذه المبادرة، وانكشف أنها تدخل في إطار الجهود التي تقوم بها الولايات المتحدة، للخروج من المأزق الذي وصلت إليه، ولإنقاذ بوش انتخابياً، كشف سعود الفيصل أنها إنما تهدف إلى أن تكون القوات العربية والإسلامية بديلة لقوات التحالف (وليس الاحتلال)، وأن تكون تحت مظلة الأمم المتحدة، وأن تدخل بطلب من الحكومة العراقية، ودعم ظاهر من الشعب العراقي … هذا الإعلان شكل إخراجاً لائقاً للمبادرة لسحبها من التداول والاتهام.

هذا نموذج من حكام المسلمين النشامى الذين يهبون لنجدة العدو، ويعملون على التمكين له ما أمكنهم ذلك. إنهم مستعدون لأن يرسلوا جيوشهم لتشكل درعاً واقياً لقوات الاحتلال للعراق، وكأنه لا قيمة لحياة جنودهم، ولا وزن لقناعاتهم… هكذا بكل جرأة على دين الله، واستخفاف بالإسلام والمسلمين، يعلنون ما جعل الجميع، مسلمين وغير مسلمين، يتعجب من هذه المبادرة التي لا تحمل ذرة من منطق، وتأتي في وقت يفكر فيه الآخرون بالانسحاب… وكذلك أبدت كل من باكستان والمغرب، والأردن عن استعدادها لإرسال قوات إلى العراق.
ومن جهة أخرى، فقد أعلن وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان، أثناء زيارة علاوي للسعودية، أن «وزارة الدفاع السعودية وافقت على تدريب وحدات عسكرية عراقية على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» وهذا يوضح بشكل جلي أن السعودية تنظر إلى المقاومة في العراق ضد أميركا على أنها إرهاب، ويكشف عن تطابق مع الموقف الأميركي في محاربة الإسلام، ويعني هذا أنها مستعدة لمساعدة العراق من أجل استقراره لمصلحة أميركا… وهو نفس الموقف الذي عبر عنه رئيس وزراء مصر أحمد نظيف، عندما التقى نظيره علاوي في القاهرة، حيث أعلن عن استعداد مصر لنقل تجربتها، في مقاومة الإرهاب، إلى الحكومة العراقية.

لماذا هذا الموقف المحابي لأميركا، والعدائي للإسلام والمسلمين، من هؤلاء الحكام وأمثالهم؟ وهل يصدق أحد أن عدداً من هؤلاء الحكام هم مع انتخاب بوش تحديداً؟ لقد أمدوه بالمال لدعمه انتخابياً ويحاولون أن يخرجوه من مأزقه بالمبادرات!.. إن مثل هؤلاء الحكام يخافون من أميركا التي لا تعبد إلا مصالحها، إنهم يخافون مما طرحته من فكرة الإصلاح، إنهم يحاولون أن يقنعوها أنها لا تستطيع وحدها محاربة الإرهاب والإرهابيين، أي الإسلام والمسلمين في نظر أميركا، إنهم يريدون أن يدخلوا أميركا في معادلة: أميركا لا تستطيع بقوتها ضرب الإسلام والمسلمين، بينما الحكام يستطيعون ذلك وهم مستعدون، إذاً فما عليها إلا أن تعتمد عليهم في ذلك، وبما أن المسلمين لا تهمد لهم ثائرة، وأنهم كلما ضُربوا عادوا وفرّخوا من جديد، إذاً فلا بد من إبقائهم سلاحاً مشهراً؛ لينال منهم كلما قاموا…
إن هؤلاء الحكام يثبتون على الدوام أنهم الشوكة في حلق المسلمين، أنهم أعداء حقيقيون لهم. ولا ينخدِعنَّ أحد بموقف حاكم واحد منهم، حتى إن من يتظاهر منهم أن له موقفاً آخر، فإن موقفه هذا سيتغير 180 درجة، إذا ما فشل بوش في الانتخابات وجاء كيري، لأنه سيصبح، هو الحاكم الجديد في العراق، على سكة القطار الأميركي نفسه.

أيها المسلمون
إن هؤلاء الحكام يتآمرون عليكم في الليل والنهار، ويجعلونكم طعمة لأعدائكم، ودوساً لأقدامهم، وما لم تحزموا أمركم، فإن مسلسل المآسي لن ينتهي حتى تنتهوا من هؤلاء الحكام … إنهم حريصون على حياة كل أميركي وبريطاني وفرنسي .. وحتى يهودي، وليسوا بحريصين على حياة المسلمين الذين يُقتلون بالجملة… لقد أبدوا استعدادهم لإرسال قوات عسكرية إلى العراق، حباً بأميركا وليس بالمسلمين، بينما فلسطين المباركة أقرب وأولى بالنصرة وتطهيرها من رجس يهود.

أيها المسلمون
إنه لا خلاص لكم إلا بالتخلص من حكامكم، إن هؤلاء الحكام هم أكبر فتنة وأشدها على المسلمين، إنهم رأس كل فتنة، وكل شر. وإن أدنى تفكير في الواقع يقول إن الخير يبدأ في تغيير هؤلاء الحكام لا في ممالأتهم. وإن الحكم الشرعي هو القيام بالتغيير بنفس طريقة الرسول في عملية التغيير، وإقامة الحكم بالإسلام. ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

أيها المسلمون
إن الرسول قد قام بعملية التغيير، وأوجد المجتمع الإسلامي في المدينة، بثلاثة أعمال، تحقق منها اثنان، وبقي واحد. تحقق منها إيجاد الرأي العام على الإسلام، وهذا ما يقلق الغرب، وعلى رأسه أميركا، ويفسر تلك الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين، والتي يشارك فيها حكامهم. وتحقق منها أن هناك من أعدوا أنفسهم للقيام بأمر الله إذا قام، أعدوا أنفسهم ليكونوا رجال دولة على الطراز الإسلامي فحسب. وبقي أن يقوم أبناؤنا المخلصون من أهل القوة، الذين يملكون أن يغيروا، منفردين أو مجتمعين، حتى يستلموا الحكم، ويسلموه للذين أعدوا أنفسهم لهذه المهمة؛ لذلك فإننا ندعو هؤلاء لأن يكونوا أنصار الله، وقادة الجيش الإسلامي الذي يخوض الجهاد ضد أعداء الأمة، ويكونوا ممن شرفهم الله بهذه المهمة، التي لا يعرف في الإسلام أشرف منها؛ لأنها تؤدي إلى الاستخلاف والتمكين، ومن ثم تؤدي، عن طريق الجهاد، إلى نشر الإسلام، وإدخال الناس في دين الله أفواجاً … حتى يصبح هذا الدين هو الأول في العالم، ودولته هي الأولى والأقوى. قال تعالى: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *