العدد 218 -

السنة التاسعة عشرة ربيع الأول 1426هـ – نيسان 2005م

كلمة الوعي: أيّها المسلمون: شعار بوش: «القضاء على الطغيان ونشر الديمقراطية»

كلمة الوعي:

أيّها المسلمون: شعار بوش: «القضاء على الطغيان ونشر الديمقراطية»

استعمار بوجه جديد

لقد بات واضحاً أن بوش، في ولايته الثانية، وبعد أن نظف إدارته من كل من يخالفه في أسلوب سياسته الدولية العدوانية، بدأ يسير في اتجاه جديد شعاره «القضاء على الطغيان» و«نشر الديمقراطية». معتبراً أن الأنظمة الاستبدادية هي سبب تفريخ الإرهاب، وبالتالي فإنه لا يتم القضاء على الإرهاب إلا بالقضاء على أسبابه. وفي هذا الاتجاه نجد أن في الكونغرس الأميركي قانوناً بعنوان: «تقدم الديمقراطية» وهذا القانون يرصد مبلغ 250 مليون دولار مبدئياً «لدعم ومساندة الحركات والمؤسسات الديمقراطية في كل دول العالم بهدف إنهاء الطغيان في العالم» وهذا المشروع بكلف وزارة الخارجية وضع خطة محددة للسماح بحصول عملية انتقالية ديمقراطية في الدول غير الديمقراطية التي يقرر واضعو المشروع أنها 45 دولة في العالم. كما يشد على أن تكون السفارات الأميركية في تلك الدول جزراً للحرية، فضلاً عن اجتماعها بممثلي الحركات المؤيدة للديمقراطية وحقوق الإنسان، وخصوصاً الجامعات.

ويعزز هذا الكلام ما نراه من أسلوب جديد في تغيير الأنظمة بدأت تعتمده أميركا، بعد غزوها للعراق، وهو ما أطلق عليه «ثورة الزهور» في جورجيا أواخر سنة 2003م والثورة البرتقالية في أوكرانيا أواخر سنة 2004م. وهو ما بدأت وسائل الإعلام الإقليمية والدولية وتصريحات السياسيين في المنطقة والعالم باستثماره وذلك بالتنبؤ بـ«الربيع العربي».

أما الذي ألجأ بوش إلى هذا الإسلوب الجديد، فهو ما منيت به أميركا من إخفاقات في حربها العدوانية على العراق، وهذا ما يعني أن هذا التوجه ليس دليل قوة وإنما دليل فشل. ومن المفارقات، إن بوش هذا بدأ ولايته الأولى بشن الحرب على المسلمين، أما في ولايته الثانية فإنه سيظهر نفسه أنه نصير للمسلمين وأنه سيشن حربه على الأنظمة الاستبدادية التي تحكمهم، والتي لا يكنون إلا الكره لها ومحبة الانتقام منها.

هكذا وبكل بساطة يغير بوش جلده ويلبس ثياب المصلحين، ويمضي بدعواه أنه مكلف من ربه بنشر الديمقراطية والحريات، وتأمين حقوق الإنسان، والقيام بإصلاح العالم على الطريقة الرأسمالية، ومحاربة الطغيان، وفتح المجال أمام شعوب الأرض لتقرير مصيرها عبر الانتخابات، وهو في حقيقة أمره مكلف من شيطانه بذلك، مكلف منه بفرض رأسماليته المتوحشة بالانقلابات والدسائس والمؤامرات، وشراء الذمم، وخداع الشعوب… إنه يذكرنا بزعيم للمافيا خصص في بيته كنيسة يطلب فيها المغفرة، ويصلي داخلها، بينما هو يدير الدعارة والقتل وتجارة المخدرات ويستبيح كل المحرمات في الخارج…

هذه هي أميركا، ومخطئ من ظن يوماً أن لأميركا ديناً، إنها بحسب قانون «تقدم الديمقراطية» المذكور، وبحسب تصريحات مسؤوليها المتكررة، وبحسب تحركات مبعوثيها في المنطقة، وبحسب تحركات سفرائها في بلاد المسلمين، تريد «دعم ومساندة الحركات والمؤسسات العميلة لها، التي تتلطى بالديمقراطية، وتحرير المرأة، وحقوق الإنسان… في بلاد المسلمين بهدف إنهاء الطغيان في العالم» وتريد من سفرائها، برعاية من وزارة خارجيتهم، الاجتماع مع ممثلي الحركات المؤيدة، أي العميلة، والمؤسسات، وفي الجامعات خصوصاً، وهذا ما يحدث فعلاً… إنها تريد إنهاء الطغيان وهي الطاغوت الأكبر.

إن هذا الأسلوب في التعامل السياسي لتغيير الأنظمة، يبدو أنه دخل ضمن الصراع الدولي الذي عاد ليحتدم من جديد، وليمنع أميركا من مواصلة سعيها الدؤوب للتفرد بحكم العالم. فقد دخلت على خطه دول أوربا ثم روسيا. وإن أميركا عندما تريد تغيير الأنظمة، تحت أي اسم كان، سواء بالحرب أم بالسلم، أم بالزهور، فإن معنى هذا أنها تريد أن تحولها من العمالة لغيرها إلى العمالة لها، وهذا الغير هو دول أوروبا بالتحديد. وأوروبا يبدو أنها بدأت تشد عزمها على منافسة أميركا في هذا الأسلوب، وذلك كما يحدث في دارفورد، وما حدث من محاولة تدخلها عن طريق دعم المعارضة اللبنانية لتغيير النظام وإخراج النفوذ الأميركي من لبنان بعد مقتل الحريري، وعن طريق دفع الاتحاد المغاربي لتسوية مشاكله، والسير بطريق الإصلاح حتى لا تطال دوله ذراع التغيير الأميركية.

أما الأنظمة التي تحكم المسلمين بالحديد والنار، تلك الأنظمة الجائرة، المتسلطة، العقيمة التي عملت في المسلمين ذلاً وتقتيلاً، وفقراً وإرهاباً وقهراً وقمعاً… هذه الأنظمة هي في الوقت نفسه خائنة وعميلة، ومرتبطة كل منها بدولة من دول الغرب. وإن أميركا ستتوجه نحو الأنظمة التي لا تسير في ركابها لتغييرها حقيقة، ونحو الأنظمة التي تسير معها لتغير من سلوكها الاستبدادي وتتجه نحو الإصلاح الذي يقوم على الفساد والإفساد بالنسبة للمسلمين. ذلك الإصلاح الذي يريد من المسلمين أن تؤمهم في الصلاة امرأة، ذلك الإصلاح الذي يجعل أجواءهم الإعلامية مكشوفة للعهر الغربي، ذلك الإصلاح الذي من أهم ركائزه التطبيع مع يهود، ذلك الإصلاح الذي يريد تمزيق بلاد المسلمين الممزقة أصلاً من جديد، وفي المقابل ستقوم دول أوروبا بمثل فعلها، ومدعية دعوى الإصلاح إياه؛ لذلك تشهد المنطقة هجمة استعمارية من نوع جديد: ظاهرها الإصلاح وحقيقتها قائمة على الاستعمار، وتغيير الأنظمة، كل بحسب مصلحته.

أيّها المسلمون:

الحذر الحذر من أميركا وبريطانيا وفرنسا وألاعيبهم… إنهم العدو قاتلهم الله أنى يؤفكون. الفظوا وعدوا خائناً لله ولرسوله وللمؤمنين كل من يتعاون معهم من الحكام والحركات والمؤسسات… واعتبروه امتداداً لهم… إنهم يتنازعون أمركم… لا تدعو ظلم الحكام يعميكم عن إدراك حقيقة ما تخططه دول الكفر… فالخلاص هو بشرع الله الحنيف، وسبيله سبيل الرشد، سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سبيل الغي، سبيل أميركا وبريطانيا وفرنسا ومن والاهم.

أيّها المسلمون:

توجهوا إلى أبنائكم وإخوانكم ومعارفكم من أهل القوة ليكونوا سنداً وعوناً وردءاً للإسلام والمسلمين العاملين المخلصين. فالأمة منهم وهم من الأمة، وذكروهم بمقولة سيدنا إبراهيم عليه السلام، لأبيه، ومن ألزم من الابن بأبيه،  (كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)[الممتحنة 4] قولوا لهم أن يجدوا لهم مكاناً مشرفاً بين المسلمين، ويعملوا مع المخلصين الواعين من أبناء هذه الأمة، ليقيموا معهم الخلافة الراشدة الموعودة، ويحققوا وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *