العدد 303-304 -

العدد 303- 304 – السنة السادسة والعشرون، ربيع الثاني وجمادى الأولى 1433هـ، الموافق آذار ونيسان 2012م

هذا ما حصل عندما رأيت أمير حزب التحرير حفظه الله وهو خلف قضبان الطغاة قبل عشرين سنة

هذا ما حصل عندما رأيت أمير حزب التحرير حفظه الله

وهو خلف قضبان الطغاة قبل عشرين سنة

 

قبل ما يقرب من عشرين سنة، رتَّبتْ محليتي زيارة جماعية للشباب المعتقلين

وقد كانت الأيام أيام عيد، ونحن صغار لم نجاوز سن البلوغ  بعد، فانطلقنا برفقة الشباب الكبار إلى سجن السواقة، وعندما وصلنا، وبعد إجراءات التسجيل والتفتيش، انطلقنا نحو نوافذ زجاجية مغلقة تفصلنا عن ذلك العالم، عالم السجن، فالتواصل بين العالَمَين ليس مسموحاً إلا عبر زجاج سميك يتيح لك النظر، وهاتف يتيح لك الحديث لدقائق معدودة سرعان ما تنقضي، فينقطع الاتصال بصوت جرس يقطع التواصل بين العالَمَيْن. فأقبلنا مسرعين لكسب الوقت نبحث عن «الكابينة» المطلوبة فوجدها الشباب واصطفوا ينتظر كل منا دوره، فالوقت محدود ولا يمكن لأكثر من زائر أن يتحدث، والمقصود هو إلقاء التحية وتقديم الدعم المعنوي للمزورين، فنحن معهم ونشد على أيديهم، فلما حان دوري وأتيح لي النظر عبر تلك النافذة، بهرتني تلك الطلة البهية، إطلالة رجل قد غزا الشيب رأسه ولحيته، يعلوه وقار عجيب وابتسامة عريضة مؤثرة، لم يسعفني لساني للحديث معه، فوجهه المشرق وإطلالته المهيبة  اختزل الحديث كله، فانسحبت مكتفياً بالسلام تاركاً الهاتف لمن خلفي، وبقيت أرقبه من بعيد لتمتلئ عيناي من رؤيته، كانت هذه أول مرة أرى فيها الناطق الرسمي آنذاك، وقد تركت في قلبي أثراً كبيراً، فقد بقيت صورته تجول في خاطري طوال الطريق حتى وصلت إلى البيت، وعلى الرغم من أنني لست شاعراً إلا أن تلك الصورة التي ظلت تجول في خاطري وانعقد منها لساني أنطقتني أبياتاً من الشعر كنت أتمنى لو أن لساني انطلق بها عندما رأيته:

سر على درب الهدى فالجمعُ واقف                   واحملِ الأكفانَ إنَّ الموتَ جارف

لا تخـفْ من بطشِ جبـارٍ وخائـــــن                     كلُّ تهـديـدٍ مــــن الدجَّـــال زائف

لا تقلْ إني ضعيفٌ، أنـــت نــــــــورٌ                      أنت برقٌ ساطعٌ للكفرِ خــــــاطف

أنـــت بالحـــــــــق لهيبٌ حــــــارقٌ                     فاهجرِ الكفارَ عُبَّـــــــادَ المـعازف

أبيات صغيرة لكنها تفجَّرت في تلك اللحظات، وبقيت هذه الأبيات حبيسة النفس، أترنم بها في خلواتي عندما تمر تلك الصورة في خاطري، ومع أني قد التقيت به بعد خروجه من السجن ورأيته أكثر من مرة إلا أن صورته تلك هي التي بقيت في ذهني، وما زالت حتى هذه اللحظة تؤثر في نفسي وتدفعني للثبات على الحق…

 فجزى الله  أميرنا وأستاذنا العالم العابد عطاء بن خليل أبو الرشتة خير الجزاء… فقد أثَّرتْ في نفسي رؤيتُه، وما زالت، أثراً عظيماً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *