العدد 303-304 -

العدد 303- 304 – السنة السادسة والعشرون، ربيع الثاني وجمادى الأولى 1433هـ، الموافق آذار ونيسان 2012م

جواب سؤال

جواب سؤال

 

السؤال: في 22/2/2012م أصدر الرئيس الروسي تعليماته لشركة الغاز الروسية “غاز بروم” بالبدء بنصب خط أنابيب “ساوث ستريم” الذي ينقل الغاز عبر المياه الإقليمية لتركيا إلى أوروبا بمعدل سنوي 63 بليون متر مكعب، وكان قبل ذلك في 28 كانون الاول 2011م قد تم التوقيع على اتفاقية تسمح لمشروع خط أنابيب “ساوث ستريم”، الذي يُعتبر المشروع المنافس والبديل لمشروع خط أنابيب “نابوكو” المدعوم من الغرب…

فما الذي جعل تركيا توافق على مشروع “ساوث ستريم” الروسي بعد أن كانت ترفضه رفضاً قاطعاً، وتتبنى مكانه مشروع “نابوكو”؟ وهل هي صفقة بين روسيا وبين تركيا ومن ورائها أميركا؟ وإن كان، فما هي؟

الجواب: إن سبب هذا التغيير في موقف تركيا، يتضح من واقع مشروع نابوكو ومشروع ساوث ستريم، والظروف والتي أحاطت بالمشروعين:

أولاً: خط أنابيب غاز نابوكو Nabucco pipeline هو خط أنابيب بطول 3900 كلم، وبطاقة 31 بليون م3، وقد كان الدافع لإنشائه الاتحاد الأوروبي وتركيا ومن ورائها أميركا، وذلك لنقل الغاز الطبيعي من الدول المطلة على بحر قزيون إلى تركيا ثم إلى النمسا عبر بلغاريا, رومانيا, والمجر. وسيجري الخط من أرضروم في تركيا إلى باومگارتن أن در مارش, وهي المركز الرئيسي للغاز الطبيعي في النمسا.

إن مسار خط الأنابيب يتجنب المرور عبر روسيا، ولذلك فإن روسيا تصف مشروع نابوكو بأنه مشروع معادٍ لروسيا”.

وكان المشروع يعتمد في الأصل على تصدير الغاز الطبيعي من تركمنستان صاحبة رابع أكبر احتياطي غاز في العالم، ولكن تداخلات روسيا مع تركمنستان جعلت من غير الممكن مشاركة تركمنستان فيه، لذلك فقد اتجه التفكير مطلع 2008م إلى مصادر بديلة، وأيسر تلك البدائل هو غاز أذربيجان.

لقد بدأ الإعداد للمشروع في شباط/فبراير 2002م ، متزامناً مع انعقاد أول محادثات بين شركتي OMV النمساوية وبوطاش التركية. وفي حزيران /يونيو 2002م ، وقعت خمس شركات (OMV من النمسا، MOL من المجر، بلغارگاز من بلغاريا، ترانسگاز من رومانيا وبوطاش من تركيا) پروتوكول نية إنشاء خط أنابيب نابوكو، وتبع ذلك اتفاقية التعاون في تشوين أول /أكتوبر 2002م . وفي كانون أول / ديسمبر 2003م ، منحت المفوضية الأوروبية مبلغاً يساوي 50% من التكاليف الإجمالية المتوقعة لدراسة الجدوى بما فيها تحليل السوق، والدراسات التقنية والاقتصادية والمالية. وفي 28 حزيران /يونيو 2005م، تم توقيع اتفاقية الشراكة بين خمس شركاء في نابوكو. وقد تم توقيع بيان وزاري عن خط أنابيب نابوكو في 26 حزيران / يونيو 2006م في ڤينا.

وفي شباط / فبراير 2008م ، أصبحت RWE الألمانية شريكاً في الكونسورتيوم. وفي 11 حزيران /يونيو 2008م ، تم توقيع أول عقد لإمداد غاز من أذربيجان عبر خط أنابيب نابوكو إلى بلغاريا.

في 19 كانون ثان / يناير 2009م ، أعرب رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان عن أن تركيا قد تنسحب من مشروع نابوكو إذا ما استمرت المعوقات لبدء محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. في 27 كانون ثان / يناير 2009م ، قمة نابوكو انعقدت في بوداپست. وفي القمة، صرح رئيسا بنك الاستثمار الأوروبي (EIB) وبنك الإنشاء والتعمير الأوروبي (EBRD) أنهما مستعدان لإعطاء المساندة المالية لخط أنابيب غاز نابوكو.

وفي 29 كانون ثان / يناير 2009م ، أعلن رئيس أذربيجان إلهام علييڤ أن أذربيجان كانت تخطط على الأقل لمضاعفة إنتاجها من الغاز في السنين الخمس المقبلة لإمداد خط الأنابيب.

وفي 13 تموز / يوليو 2009م أبرمت تركيا ودول في الاتحاد الأوروبي اتفاقاً لإجازة مشروع خط أنابيب نابوكو الذي سيمد أوروبا بالغاز من آسيا الوسطى والشرق الأوسط عبر تركيا. ومن شأن الاتفاق أن يخفض الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي.

ووقع رؤساء وزراء كل من تركيا والنمسا وبلغاريا ورومانيا والمجر على الاتفاق الذي يسمح للخط بالمرور عبر أراضيها، وبتنفيذ تحالف من الشركات الخاصة خلال قمة نابوكو التي عقدت اليوم في العاصمة التركية أنقرة في 13/7/2009م .

وتأمل تركيا التي تطمح للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي أن يعمل مشروع نابوكو على ترسيخ مكانتها أوروبياً من خلال العمل على أن تكون مركزاً للطاقة بالنسبة للغرب.

ثانياً: مشروع ساوث ستريم. “south stream“:

هو خط أنابيب غاز لنقل الغاز الروسي خلال البحر الأسود إلى بلغاريا واليونان وإيطاليا والنمسا، ومتوقع الانتهاء منه في 2015م. والمشروع يبدو مخططاً من أجل مواجهة خط نابوكو والقضاء على فاعليته، بل وحتى القضاء عليه، لأن خط نابوكو يتجاهل روسيا فلا يمر عبرها، وتعتبره روسيا مشروعاً عدوانياً عليها.

أُعلن عن المشروع في 23/6/2007م وذلك بتوقيع روسيا وإيطاليا في روما مذكرة تفاهم بشأنه، بين شركة إيني

 “Eni Paolo Scroni” وبين شركة غاز بروم الروسية “Gaz Prom”.

وفي 22/11/2007م وقعت الشركتان في موسكو الاتفاقية النهائية حول المشروع. وقد بذلت وسيا جهداً كبيراً في إقناع الدول الأوروبية بالتوقيع على المشروع، فوقّعت روسيا وبلغاريا 18/1/2008م . ووقعت وروسيا وهنغاريا 25/01/2008م ، وروسيا واليونان 29/4/2008م .

وفي 15/5/2009م وقعت روسيا وإيطاليا وبلغاريا وصربيا واليونان اتفاقية إنشاء ساوث ستريم، وبعد ذلك، وفي 14/11/2009م وقعت روسيا مع سلوفينا وأكدتها في 21/3/2011م ، وفي 2/3/2010م كانت قد وقعت روسيا مع كرواتيا.

وكانت تركيا تعارض المشروع وترمي بثقلها هي والاتحاد الأوروبي ومن ورائهم أميركا لتسيير مشروع نابوكو… ودخلت روسيا وتركيا في نزاع بشأن مشروع «ساوث ستريم»… ولكن تركيا في 28/12/2011م قد وافقت على المشروع وأن يمر في مياهها الإقليمية في البحر الأسود.

ذكرت «الشرق الأوسط» أن فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الروسي قد أعلن في 28/12/2011م أن أنقرة وافقت على مد خط أنبوب الغاز الطبيعي «ساوث ستريم» عبر المياه الإقليمية التركية في البحر الأسود.

وذكرت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء أن هذا الإعلان جاء على لسان بوتين في موسكو خلال حفل توقيع عقد بين المديرين التنفيذيين لشركة «غازبروم» الروسية الوطنية المحتكرة للغاز، ومؤسسة الطاقة التركية «بوتاس»، وفي حضور وزير الطاقة التركي تانر يلديز. ويعد مشروع «ساوث ستريم» مشروعاً مشتركاً تملكه روسيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا، وسيربط خط أنابيب «ساوث ستريم»، الذي سيكون في قاع البحر الأسود، حقول الغاز الطبيعي في بحر قزوين بالمستهلكين في جنوب ووسط أوروبا. ويسمح مد خط الأنابيب في المياه الإقليمية الضحلة نسبياً في تركيا للمشروع بتفادي مروره بطريق أكثر تكلفة في المياه الدولية الأكثر عمقاً.

ونقلت رويترز أن بوتين قد صرح في موسكو يوم الأربعاء 28/12/2011م : “أود أن أشكر الحكومة التركية على قرارها بالسماح ببناء خط الأنابيب ساوث ستريم في المنطقة الاقتصادية بتركيا.«

ولقد تكّونت في 3/10/2011م شركة لبناء الخط وتشغيله باسم “South stream AG” من الشركات التالية: غاز بروم الروسية، إيني الإيطالية، إلكتريسايت الفرنسية “Electricite” ووينترشل “Wintershall” الألمانية.

وقد تقاسمت هذه الشركات الأربع الحصص على النحو التالي: غاز بروم 50%، إيني 20%، إلكتريسايت 15%، وينترشل 15%.

إن مشروع ساوث ستريم هو منافس لمشروع خط نابوكو، علماً بأن ساوث ستريم يكلف ما بين (19 – 24) بليون يورو، وهو تقريباً ضعف نابوكو الذي كان بشكل أولي يكلف نحو 12 بليون يورو.

إن المشروع يهدف إلى تزويد أوروبا الغربية بالغاز الطبيعي الروسي من خلال مروره تحت البحر الأسود عبوراً إلى بلغاريا والمجر وصربيا وسلوفاكيا، ويتألف المشروع من أربعة خطوط أنابيب متوازية طول كل واحد منها 940 كم، ولهذا المشروع القدرة على إنتاج 63 مليار-م3 سنوياً.

وهذا المشروع الذي سيتم تشغيله في نهاية 2015م، يفترض أن ينافس مشروع نابوكو أنبوب الغاز الذي يفترض ان يمد اوروبا الغربية بالغاز القوقازي مروراً بتركيا والبلقان، متفادياً بالتالي المرور بروسيا.

ثالثاً: مما سبق يتبين أن مشروع نابوكو كان تجاهلاً لروسيا بعدم المرور عبر أراضيها، بل عبر أراضي تركيا إلى أوروبا، وأن تركيا كانت تؤيده بقوة، وتأمل منه تقوية أوراقها لدخول الاتحاد الأوروبي على اعتبار أنها الحلقة الأساسية الناقلة للغاز من مناطق بحر قزوين إلى أوروبا دون المرور بروسيا. وكذلك يتبين أن مشروع ساوث ستريم هو مشروع روسي لإضعاف مشروع نابوكو، أو القضاء عليه.

ومن مصلحة تركيا أن تبقى المتحكمة في نقل الغاز إلى أوروبا بدرجة كبيرة لا يحققها لها مشروع ساوث ستريم… وهنا موضع السؤال: ما الذي جعل تركيا توقّع اتفاقية مرور ساوث ستريم من مياهها الإقليمية وهي تدرك أن المشروع الروسي مقصود منه بالدرجة الأولى منافسة نابوكو والقضاء على جدواه؟

لقد حاولت الحكومة التركية أن تُظهر أنها وافقت على ساوث ستريم مقابل موافقة روسيا على خط أنانيب سامسون جيهان، وقد جاء ذلك كتبرير لموافقة تركيا بعد معارضتها للمشروع بشدة، وهو تبرير لا تقوم به حجة من وجهين:

الأول: إن مشروع ساوث ستريم أنشئ أصلاً مقابل نابوكو لأنه تجاهل روسيا، فبذلت روسيا الوسع للقضاء عليه بإنشاء مشروع ساوث ستريم، وليس الموضوع متعلقاً بسامسون جيهان، وكل متتبع سياسي يعلم أن مشروع ساوث ستريم هو مقابل مشروع نابوكو.

والثاني: إن خط سامسون جيهان، هو خط بين مينائين تركيين، ويمر في أرض تركية، وكانت تستطيع نصبه لو أرادت دون ضجة، مع بعض التفاهمات الخاصة بنقل الغاز خلاله، ولكنها صورت أن روسيا تنازلت فوافقت على سامسون جيهان، وأن تركيا تنازلت فوافقت على ساوث ستريم!

والراجح في المسألة أن موافقة تركيا على ساوث ستريم بعد المعارضة الشديدة له كانت لأمر آخر وهو ما أحدثته موافقة تركيا على نصب رادارات الدرع الصاروخي في أرضها استجابة لطلب أميركا باسم الحلف الأطلسي، والمسألة كما يلي:

لقد حدث في خريف 2011م أمر جديد وهو موضوع الدرع الصاروخي الأميركي التي تخطط أميركا لإنشائه، وجزء من هذا الدرع هو نصب الرادارات العملاقة…

وكانت أميركا تفكر في البداية أن تنصبها في بعض دول أوروبا الشرقية، ولما جاء أوباما بدأ التفكير في نصبها في تركيا باسم حلف الأطلسي وتركيا جزء من الحلف. وهذا الرادار يتيح مراقبة الاتجاه الجنوبي الشرقي لمسافة آلاف الكيلومترات، وقد أعلنت تركيا في 1/9/2012م موافقتها على نصب رادار للإنذار المبكر في أراضيها، في إطار «الدرع» الصاروخية التي ينوي حلف شمال الأطلسي نشرها في أوروبا.

وأصدرت وزارة الخارجية التركية قبل ذلك بساعات بياناً قالت فيه: «من المقرر أن يُنشر في بلادنا نظام رادار للإنذار المبكر، خصصته الولايات المتحدة للحلف الأطلسي. واستضافة تركيا هذا العنصر، ستشكّل مساهمة بلادنا في النظام الدفاعي الذي يُطوّر في إطار المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف الأطلسي، ويعزّز القدرة الدفاعية للحلف ونظامنا الدفاعي الوطني».

ونقلت وكالة الأناضول التركية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية أن موقع الرادار يوجد في مدينة «ملاتيا»، التي تبعد حوالى 400 ميل، أي نحو 650 كيلومترًا من جنوب شرق العاصمة أنقرة.. مشيراً إلى أنه تتم إدارته بوساطة عسكريين من الجيشين التركي والأميركي.

وتعد تركيا واحدة من خمس دول أوروبية أبدت موافقتها على استضافة مراكز تابعة للمنظومة الصاروخية التي جرى تصميمها في الولايات المتحدة، حيث رحّب كل من البرتغال وبولندا ورمانيا وإسبانيا بإقامة أجزاء من تلك المنظومة على أراضيها.

وتقوم الرادارات في تركيا برصد الصواريخ المعادية، فيما تعترضها صواريخ في رومانيا وبولندا، بينما يقع مركز العمليات في ألمانيا، علماً بأنه توجد أربعة صواريخ اعتراض باليستية في مدينة روتا الإسبانية.

وفي تبرير لموافقة تركيا على نشر الرادار قال غول في لقاء تلفزيوني بعد الموافقة التركية إلى أن “حلف شمال الأطلسي (ناتو) تبنى هذا النظام الدفاعي وقرر نشره في عدد من دول الاعضاء وأن تركيا قبلت، باعتبارها عضوا في الحلف، نشر الرادار التابع للنظام على أراضيها عملاً بالتزاماتها المقررة في ميثاق الحلف”، وأضاف غول أن “المنظومة الرادارية التي نشرت بشرقي البلاد قبل أشهر عدة جاءت كإجراء في نطاق المهام الدفاعية لحلف الناتو ضد أخطار الصواريخ الباليستية التي قد تهدد دول الحلف.”.

غير أن موافقة تركيا أوقعتها في مواجهة مع روسيا، ولذلك فإن بوتين في خطابه بعد موافقة تركيا قال: “إن روسيا سوف تتسلح بقوة حتى النهاية لكي تواجه تهديدات الغرب، ولاسيَّما درعها الصاروخية الذي نشرته شرقاً في أوروبا وجنوباً في تركيا».

رابعاً: وهكذا تأزمت الأمور بين روسيا وتركيا، وتوالت تصريحات المسؤولين الروس تجاه موافقة تركيا:

– بعد إعلان تركيا الموافقة على الرادارات في 1/9/2011م قال نيكولاي سافكين تعقيباً على نصب الرادارات في تركيا، وهو باحث في «مركز التقويم والبحوث الاستراتيجية» الذي يتخذ موسكو مقراً، قال: «إن المشروع الجديد لنشر الدرع، بما في ذلك نصب رادار في تركيا، يغطي كلياً جنوب روسيا، خصوصاً البحر الأسود والقوقاز حيث (تنتشر) قواعد عسكرية روسية كثيرة، ستصبح تحت سيطرة الأطلسي.

– وفي 10/10/2011م (المصدر الجزيرة عن الألمانية)

“من جانبه، جدد وزير الخارجية سيرجي لافروف موقف حكومته المعارض لنشر تلك المنظومة، قائلاً إن موسكو ستتخذ رد فعل انتقامياً سريعاً في حال أنشئت بالفعل، وقال إن الدولة الوحيدة التي تستهدفها خطة الناتو ويمكن أن تؤثر على أسلحتها هي روسيا. وأضاف في مقابلة مع مجلة بروفيل النمساوية: لقد قيل لنا إن المنظومة غير موجهة ضدنا، لكنها (دول الناتو) ترفض التعهد بالتزام رسمي بالمعاهدة. يمكننا أن ننتقم دون أن نبذل جهداً كبيراً أو نواجه تكاليف باهظة”.

– وفي 23/11/2011م  ( المصدر يورو نيوز)

قال الرئيس الروسي ديميتري ميدفييديف: “في حال استمر الوضع في التطور بما يتعارض مع مصلحة روسيا، نحتفظ بحق وقف الاستمرار في تنفيذ قرارات الحد من التسلح، وأضاف مهدداً بإقامة صواريخ هجومية متطورة في غرب روسيا وجنوبها قادرة، على حد قوله، على تدمير المنشآت الدفاعية الأميركية في أوروبا المضادة للصواريخ”.

– وفي 29/11/2011م (المصدر بي بي سي)

قامت روسيا بتفعيل نظام رادار للإنذار المبكر من هجوم صاروخي على حدودها الغربية رداً على خطط الولايات المتحدة لإقامة درع صاروخية في أوروبا.

وأصدر الرئيس ديميتري مدفيديف تعليمات بتفعيل النظام أثناء زيارة قام بها إلى وحدة الرادار في كالينينغراد على حدود الاتحاد الأوروبي، والوحدة المذكورة مجهزة بوحدة رادار من طراز Voronezh-M.

وحذر مدفيديف من أن روسيا قد تنصب صواريخ بقرب حدود الاتحاد الأوروبي إذا مضت الولايات المتحدة قدماً في نصب الدرع الصاروخي.

ونسبت وكالة إنترفاكس الروسية إلى مدفيديف قوله “إذا تجاهلوا خطوتنا هذه فسننصب وسائل دفاع أخرى من بينها اتخاذ إجراءات مضادة صارمة ونشر قوة ضاربة”.

وتحدث مدفيديف عن نشر صواريخ “إسكندر” وهي النسخة المطورة عن صاروخ “سكود أرض-أرض” المتنقل.

– ونقلت «روسيا اليوم» عن الرئيس ديميتري مدفيديف في 29 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011م قد ضغط على زر تشغيل رادار منظومة «الإنذار المبكر من الهجمات الصاروخية». وأعلن حينها رسمياً أن الرادار غير موجّه ضد الغرب، ولكنه يدخل في منظومة الإجراءات المماثلة رداً على نشر منظومة الدرع الصاروخية في أوروبا.

– وفي 7/12/2011م (المصدر الجزيرة نقلاً عن وكالات)

قال رئيس أركان القوات المسلحة الروسية الأربعاء 7/12/2012م إن خطط بناء درع صاروخية أوروبية لا تترك لبلاده أي خيار آخر سوى تعزيز دفاعاتها، مؤكداً أن موسكو لا تريد سباقاً للتسلح النووي.

وذكر نيكولاي ماكاروف أن فكرة إقامة درع صاروخية في أوروبا يمكن أن تفاقم -وبشكل خطير وسريع- علاقات روسيا مع حلف شمال الأطلسي (الناتو).

من جانبه اقترح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف 7/12/2011م في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا حصول موسكو على ضمانات مكتوبة من قبل الناتو، تؤكد أن الدرع الصاروخية في أوروبا لا تشكل تهديداً لروسيا.

يأتي ذلك في ما يسعى وزراء خارجية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي في اجتماع في اجتماع 7، 8/12/2012م ببروكسل إلى “تهدئة الأمور” مع روسيا.

وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن أعضاء الأطلسي سيؤكدون مجدداً أن مشروع الدفاعات المضادة للصواريخ سيتواصل، وأنه ليس موجهاً ضد روسيا.

وفي سياق متصل يبدأ الرئيس الروسي ديميتري مدفيدف مساء 7/12/2011م زيارة لبراغ تدوم يوماً واحداً ستتناول خصوصاً موقف موسكو من الدرع الأطلسية المضادة للصواريخ في أوروبا.

وكانت روسيا بدأت نشر منظوماتها الجديدة للأسلحة في إقليم كالينغراد غرب البلاد سعياً منها إلى إبقاء الردع النووي بين الجانبين متوازناً فور تشغيل الدرع الصاروخية للناتو.

– وفي 8/12/2011م (المصدر وكالة إيتار تاس – الناشر روسيا اليوم)

أعلن سيرغي لافروف في أعقاب اجتماع مجلس روسيا – الناتو الخميس 8/12/2011م أن روسيا لا يمكن أن تسمح بأن تغطي منظومة الدرع الصاروخية الأميركية جزءًا من أراضيها، علماً أن راداراً جديداً سيتم نشره في تركيا في إطار الدرع الصاروخية سيراقب قسماً كبيراً من روسيا. وأضاف: إن روسيا تعتزم ضمان أمنها اعتماداً على قدراتها الخاصة.

خامساً: ولكن هذا التأزم بين روسيا وتركيا، على أثر موافقة تركيا على نصب الرادارات، قد خف في أواخر العام الماضي، وبخاصة عندما وافقت تركيا على مشروع ساوث ستريم في 28/12/2011م حيث توالت التصريحات المخففة تجاه الرادارات والدرع الصاروخي:

– في مطلع شهر شباط 2012م أعلنت لجنة الأمن الأوروبية الأطلسية اقتراحاً، كما نقلته الجزيرة عن رويترز، أكد فيه أنه ينبغي على الولايات المتحدة ودول الناتو وروسيا التعاون فيما يتعلق بقضية القطب الشمالي وقضايا الطاقة والنزاعات الإقليمية إلى جانب الدفاع الصاروخي.

وينص الاقتراح الجديد الذي توصلت إليه لجنة الأمن الأوروبية الأطلسية على أن الولايات المتحدة والناتو وروسيا قد تتبادل البيانات من الرادارات والأقمار الصناعية بشأن الهجمات الصاروخية، وبالتالي يزود كل جانب الآخر بصورة أكثر اكتمالاً حول أي هجوم، على أن يبقى كل طرف مسؤولاً عن إسقاط أي صواريخ تهدده، ويكون صاحب السيادة والقيادة والسيطرة على صواريخه الاعتراضية.

– في 29/2/2012م  (المصدر روسيا اليوم نقلاً عن وكالة «إيتار تاس» الروسية للأنباء)

«ومن جهة أخرى أشار ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي إلى أنه لا يمكن القول إن العلاقات مع الناتو سيئة وقال: «نتهيأ الآن لإجراء مناورات الدرع الصاروخية في مسرح العمليات الحربية». وأضاف قائلا: «آمل بأن نتلقى قريباً أخباراً جيدة في هذا المسار». ومضى قائلاً: إن قراراً بمشاركة روسيا في قمة الناتو المزمع عقدها في شهر مايو/أيار في شيكاغو تتم دراسته»

– في 7/3/2012م (المصدر روسيا اليوم)

قال أناتولي سيرديوكوف وزير الدفاع الروسي، إن وزارة الدفاع ستنظم مؤتمراً دولياً حول منظومة الدرع الصاروخية في بداية شهر مايو/أيار بموسكو، وسوف تدعو كافة الدول ذات العلاقة لحضوره. جاء ذلك عقب انتهاء لقائه نظيره الأوكراني دميتري سولوماتين يوم 7 مارس/آذار بموسكو.

 وحسب قوله، فقد دعي إلى المؤتمر ممثلين عن «كافة الدول المعنية» وأيضاً خبراء في هذا المجال من مختلف المنظمات غير الحكومية.

وحسب معطيات وزارة الدفاع الروسية، سيعقد المؤتمر خلال الفترة ما بين 3 – 4 من شهر مايو/اأيار من السنة الجارية. وسيكون عنوان المؤتمر «عامل الدرع الصاروخية وتكوين فضاء أمني جديد».

– في 10/3/2012م (المصدر الجزيرة عن وكالات)

“وقال بيان البيت الأبيض إن الرئيس أوباما والرئيس المنتخب بوتين اتفقا -خلال اتصال هاتفي- على ضرورة العمل لإعادة الضبط الناجح للعلاقات خلال السنوات المقبلة.

وأضاف البيان أن الزعيمين اتفقا على مواصلة المناقشات في مجالات توجد فيها خلافات بين بلديهما، ومن بينها الدرع الصاروخي».

ومن جهته، قال أحد مساعدي بوتين لوكالة الأنباء الروسية نوفوستي إن أوباما أبلغ بوتين باستعداده للعمل بشكل وثيق معه.

سادساً: وهكذا فإن لهجة روسيا قد خفّت بالنسبة لمهاجمة نصب الرادارات في تركيا، بل حتى إن لهجتها خفّت عن المواجهة الساخنة للدرع الصاروخي، وأصبحت الأنظار متجهة إلى مباحثات بين روسيا والحلف لحل هذه المسألة حلاً هادئاً بالمباحثات والمؤاتمرات، بل وبالاشتراك معاً في بعض المناورات.

وعليه فإن الراجح أن موافقة تركيا على مشروع ساوث ستريم، هو شبه صفقة مع روسيا لعدم معارضة روسيا على نصب الرادارات ضمن الدرع الصاروخي الذي يقوم بإنشائه حلف الأطلسي.

سابعاً: ومن الجدير ذكره أن التبريرات التي تبديها الحكومة التركية لنصب الرادارات لا تقوم بها حجة، فلو كانت الرادارات بإشراف وقيادة الجيش التركي، وأن لا علاقة لحلف الأطلسي، أو بالأحرى أميركا بها، لكان هذا أمراً مستقيماً، فإعداد العدة لحفظ أمن بلاد المسلمين والدفاع عنهم أمر مطلوب في الإسلام. (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [، ولكن الأمر ليس كذلك، فالمشروع في الأساس فكرة أميركية ثم غلفتها بغلاف الحلف الأطلسي لإيجاد مبرر شكلي لتركيا للموافقة على اعتبار أنها عضو في الحلف، والمقصود من هذا المشروع هو حماية أمن الكفار المستعمرين في أوروبا وأميركا، وأتباعهما…

وما يؤكد أن نصب الرادارات لمصلحة أميركا في الدرجة الأولى هو ما صرح به قائد القوات الأميركية في أوروبا وقائد الجيش السابع مارك هيرتلينغ، حيث أعلن في 27/2/2012م ، في أول تصريح حول هذا الموضوع، أن جنوداً وخبراء عسكريين أميركيين قد تمركزوا في محطة الرادارات في ملاطية، وقال من بودغوريكا عاصمة الجبل الأسود، إن »عسكرنا قد تمركزوا في محطة الرادارات الموجودة في جنوب تركيا”، مضيفاً “إننا نتحدث فقط عن الوحدات المرتبطة بالأرض، لكن التنسيق قائم مع القوات الجوية والبحرية الأميركية، ونحن نتقدم على هذا الصعيد وفقاً لما هو مخطط له».

فواضح منه أن السيادة الفعلية في محطة الرادارات هي للقوات الجوية والبحرية الأميركية، وهذا يجعل سلطاناً للكفار المستعمرين على بلاد المسلمين، والله سبحانه يقول: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)، أي أن اشتراك تركيا مع الحلف ليس الند بالند، بل واقعه هو واقع التابع مع المتبوع… ولكن حتى لو كان اشتراكاً فعلياً فإنه لا يجوز في الإسلام، لأن الاستعانة بالكفار حرام وإثم كبير، يقول رسول الله ﷺ فيما أخرجه أبو داود عن عَائِشَةَ أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ»، وكذلك ما أخرجه النسائي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ».

الثامن عشر من ربيع ثان 1433هـ

11/3/2012م م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *