العدد 219 -

السنة التاسعة عشرة ربيع الأول 1426هـ – أيار 2005م

أيـّها المسلمون: تقسيم العراق على أساس عرقي وطائفي هدف أميركي – يهودي

أيـّها المسلمون: تقسيم العراق على أساس عرقي وطائفي هدف أميركي –  يهودي

دخلت أميركا إلى العراق، وخرّبت كل ما فيه، وفككت الدولة حتى لم تبقِ مؤسسة حكومية فيه قائمة على عروشها إلا ما تقتضيه مصلحتها كوزاة النفط، واعتقلت عناصر الحكم السابق معظمهم، وحلت الجيش العراقي، وعملت وما تزال على زرع الطائفية البغيضة بين أبنائه… وإذا أردنا أن ندرج هذا الكلام ضمن مقولة كونداليزا رايس «الفوضى البنّـاءة» فإنه يمكننا القول إن أميركا أرادت أن تهدم العراق الذي كان قائماً على العمالة للغرب الأوروبي، وهذه هي «الفوضى» لتبني مكانه عراقاً جديداً قائماً على العمالة لها وحدها، وهذه هي «البنّـاءة» طبعاً بنظرها.

وهذا العراق الجديد، يظهر بوضوح أن أميركا تريد أن تبنيه على الفيدرالية القائمة على التقسيم العرقي والجغرافي؛ لأن هذا التقسيم هو الذي يضمن مصالحها الاستراتيجية، وفي مقدمها النفط. ويبدو أن أميركا استفادت من دراسة أعدها الباحث الأميركي ليلزلي غيلب حول أي عراق يناسب أميركا. وقد جاء في هذه الدراسة أن العراق الموحّـد يشكل خللاً تاريخياً، وأن الالتزام الأميركي بوحدته خطأ جذري، واقترح تقسيم العراق إلى ثلاث دول: دولة للأكراد في الشمال، ودولة للشيعة في الجنوب، ودولة للسنة في الوسط. ولأن أميركا، بحسب دراسة غيلب هذا، تضمن الأكراد والشيعة؛ فإنها بذلك ستضمن وضع اليد على النفط، وهذا هو هدفها الاستراتيجي الأول. ثم إنها تستطيع بهذا التقسيم أن تطوّق المنطقة السنيّـة غير النفطية؛ ليصبحوا فيما بعد «أولاد العم الفقراء».

هذا ولا يخفى، أن هذا التقسيم العرقي سينسحب على السعودية، الدولة النفطية الأولى في العالم، للسبب نفسه. وسينسحب على غيرها من الدول مثل الباكستان، والبحرين، ولبنان، وسوريا، ومصر… لكون زرع النعرة الطائفية من عوامل إضعاف المسلمين، وتفريقهم، وجعل بأسهم بينهم، وهذا هدف استراتيجي أميركي آخر.

ولكن الهدف الاستراتيجي هذا ليس من السهل على أميركا تحقيقه، فهي عقب دخولها إلى بغداد ووجهت بمظاهرات من قبل جميع المسلمين تطالب بالحكم الإسلامي، وتقول: لا لصدام، لا لبوش، نعم للإسلام، نعم للدولة الإسلامية، وكان المسلمون يصلون في مساجد بعضهم البعض، حتى إن أول سيارة مفخخة طائفياً انفجرت، رفض المسلمون بكل فئاتهم هذا النوع من التفجير المكشوف الأهداف. ومن الطبيعي أن يكون المسلمون كذلك؛ لأن الإسلام يجمع المسلمين على كلمة سواء هي كلمة التوحيد، وينهاهم بقوة عن العصبية، ويحرم عليهم الاقتتال والتدابر، ويأمرهم أن يكونوا عباد الله إخواناً. ثم إن المصاهرة التي دمجت بين جميع المسلمين كانت مؤشراً كبيراً على أن عامل التفرقة هذا ليس من السهل تحقيقه… لهذا ولغيره لم تستطع أميركا أن تلج باب التقسيم العرقي والطائفي مباشرة؛ لذلك فهي تمهد، ومعها (إسرائيل) وبريطانيا، لفتنة طائفية، يكون التقسيم السياسي والجغرافي على أساسها. ومن هنا فإن اليد التي تضرب طائفياً هنا وهناك هي يد أجنبية، وإن نفذت بأيدٍ مأجورة رخيصة. وهي مكشوفة، وإن حاولت أن تكون خفية. ولكن الذي يؤرق أن هذا المخطط لم يتوقف، بل يسير ببطء، وبشكل مدروس، حتى تصل الأمور إلى حالة من التأزم الذي لا يجد أمامه إلا أن يعبر عن نفسه بمجازر ومذابح، تضعف المسلمين وتذهب بريحهم، وتحقق لأميركا، ولبريطانيا، وليهود، أهدافهم الخبيثة.

نعم توجد مؤشرات كثيرة تدل على أن هذا المخطط لم يتوقف عند أصحابه. فأميركا نجحت بجعل مقاعد الحكم قائمة على أساس التمثيل الطائفي، وجعلت المحاصصة الطائفية تتحكم في ذهن حكام العراق الجدد العملاء. ومازالت السيارات المفخخة طائفياً تنفجر أمام المساجد، وبعيداً عنها، حيث تحصد العشرات من القتلى والجرحى الأبرياء في كل مرة. وتطور الأمر مؤخراً إلى أخذ رهائن على أساس طائفي كما حدث في المدائن، ثم ما استتبع هذا الحادث الأثيم من ردود فعل طائفية مماثلة… وصرنا نسمع كيف أن الحرس الوطني، بدأ يعتقل ويعذب، ويضايق، الناس على أساس طائفي، وبدأنا نقرأ عن وجود نية عند المسؤولين العراقيين الجدد العملاء على تنفيذ اتفاق يقضي بإنشاء ميليشيا شيعية وكردية مؤلفة من 79 ألف مقاتل من مختلف الميليشيات التي قاتلت النظام السابق، لمواجهة المقاومة التي توصف بأنها سنية، ولا يخفى ما تحمل هذا الخطوة إن تمت من معانٍ طائفية.

وأمام هذا الواقع لا بد من التـنبيه على عدة أمور:

l إنه منذ سقوط الخلافة وتقسيمها تحدث انتخابات في بلاد المسلمين تديرها الدول الكبرى المهيمنة. ففي سنة 1924م حدثت انتخابات في العراق برعاية إنجليزية قاطعها من يسمون بالشيعة. وفي أواخر سنة 2004م حدثت انتخابات كذلك في العراق برعاية أميركية قاطعها من يسمون بالسنة. وفي كلتا الحالتين أتى إلى الحكم رجال من السنة والشيعة بالاسم، أما في الحقيقة فهم عملاء، والسنة والشيعة منهم براء.

l إنه ليس من العيب أن يفكر الغرب، وعلى رأسه أميركا، ومعهم (إسرائيل) بإضعاف الأمة، وبإبعادها عن دينها، وشرذمتها، فهذا دأبهم. وإنما العيب في هؤلاء المسلمين الذين قبلوا أن يكونوا في الحكم أدوات بأيدي الكفار الأعداء، الذين لا يمد إليهم اليد إلا كل من غفل عن آخرته، وباع دينه بمنصب ذليل، وفقد كل إحساس وغيرة على دينه… فأمثال هؤلاء متورطون بدم الأمة، وبإذلالها، وتسليمها لعدوها… وهؤلاء شركاء لأميركا في جريمتها ضد الأمة، ولا يختلفون عمن سبقهم من الحكام إن لم يكونوا أسوأ منهم… وهؤلاء من ستعتمد عليهم أميركا لتنفيذ ما خططت له من إحداث ثغرة طائفية.

l إننا لا نرى مصلحة للمسلمين لا شرعية، ولا عقلية، ولا واقعية، في ارتكاب هذه المجازر. ولا نعرف عن فاعليها إلا من خلال بيانات كاذبة تتبنى العمل.

l إن عامة المسلمين، تستطيع أميركا ومن معها، أن تثيرهم طائفياً، ولكنها لا تستطيع أن تقودهم إلى الرد على المجازر بمجازر مقابلة. إن الذي يستطيع منع هذه المجازر هم علماء ووجهاء المسلمين من جميع الأطراف. فهؤلاء عليهم أن يتـنادوا ليجمعوا المسملين على كلمة واحدة، وهؤلاء عليهم أن يُـفهِـموا المسلمين حقيقة ما يحاك ضدهم؛ حتى ينقلب السحر على  الساحر، وتصل الأمور إلى نتائج عكسية.

أيها المسلمون إن الدعوات الطائفية، والقومية، والوطنية، والعرقية، والمذهبية… صناعة غربية. فالغرب يريد أن يبقى المسلمون «في دوامة الفوضى السياسية، داخل دويلات صغيرة حاقدة ومتناحرة، غير قابلة للتماسك» هذا أوصى به الجاسوس الإنجليزي لورنس في تقرير بعثه إلى المخابرات البريطانية.

إننا ندعو المسلمين جميعاً إلى كلمة سواء، وإلى العمل لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى. والله من وراء القصد.

اللهم اجمع كلمة المسلمين على خلافة راشدة هادية، مهدية؛ لتخلص المسلمين والعالم من شرور هذه الدول الكافرة الماكرة التي لا تألو جهداً في إفساد وإضعاف المسلمين. إن ذلك على الله يسير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *