العدد 153 -

السنة الرابعة عشرة _ شوال 1420 هـ_ كانون الثاني 2000م

سجناء الفكر المنسـيون

   سجون الظـالمين تكتظ بالمعتقلين من سجناء الفكـر الإسـلامي من طشـقند شمالاً حتى خليج باب المندب جنوباً ومن المحيط الأطلسي حتى حدود الصين شرقاً. هؤلاء السجناء منسـيون رغم أنهم يعدون بالآلاف، ولا أحـد يذكرهـم ولو بالدعاء حتى لا ينـزعج الأسياد من السجانين.

   تستهجن دول الغرب (حسب ظاهر القول) أنه لا يزال وفي نهاية القرن العشرين أناس يسجنون لأنهم تحدثوا بكلام لا يروق للحاكم، أو قرأوا كتاباً يخالف ما عليه أهل النظام الحاكم. ودول الغرب نفسها هي التي تمسك بزمام القرار السياسي لهؤلاء السجانين الظلمة وتأمرهم بمزيد من القمع، حتى يكافأوا بشحنات من القمح، والمساعدات الأخرى.

   دول الغرب تقول في الظاهر إن حبس من يخالفك الرأي هو جريمة كبرى ومظهر من مظاهر التخلف والرجعية وهو ردّة إلى القرون الوسطى، وتدعي أيضاً أنها تخطت هذه الحقبة المظلمة منذ تحطم سجن الباستيل في فرنسا.

   هناك بعض الدول في العالم الإسلامي يوجد فيها سجن مركزي وسجون فرعية أخرى، تماماً مثل الشركات المساهمة التي تفرّخ فروعاً في طول البلاد وعرضها، وهناك سجون للتحقيق والتعذيب، وسجون للنقاهة، وسجون خمسة نجوم… الخ. وهناك بلدان لا تدري كم بلغ عدد سجونها وأماكن انتشارها، وعدد نزلائها، فحبذا لو درَّسوها للطلبة في مادة الجغرافيا، كما يدرسون مادة السياحة لعلها تصبح من تراثنا العريق الذي نباهي به الأمم.

  حينما يأتي وفد من لجنة حقوق الإنسان الدولية إلى دولة من هذه الدول فإنهم يطلعونه على سجن من نوع خمسة نجوم ويقولون له: لا يوجد عندنا سوى هؤلاء المجرمين من تجار المخدرات والقتلة واللصوص، ولا يوجد سجناء رأي أو فكر أو سياسة!

  هؤلاء السجناء المظلومون يستحقون من أمتهم وقفة صادقة، خالصة لوجه الله، وعدم السكوت عن ظلم الأنظمة لهم، ومن العار على هذه الأمة أن لا يقوم عالِمٌ من على شاشة التلفاز، أو خطيب على منبر، أو مؤتمر، أو مظاهرة، بإنصاف هؤلاء، ولو من باب التذكير بأن هناك قضية تستحق الاهتمام.

  يعلم الكثيرون من أبناء الأمة أن المكان الصحيح للسجناء هؤلاء هو سدة الحكم، والذين في سدة الحكم الآن، مكانهم هو مكان هؤلاء.  وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *