العدد 11 -

العـدد الحادي عشر – السـنـة الأولى – شعبان 1408هـ – نيسان 1988م

الحرب بين المسلمين في إيران والعراق هي وصمة عار وإثم على الفريقين

سنوات عدة مضت على هذه الحرب الظالمة. وبدل أن يثوب أمراء هذه الحرب إلى رشدهم نراهم يمعنون في غيهم. وقد حولوها إلى حرب مدافع وصواريخ بعيدة المدى تسقط على المدن سقوطاً عشوائياً، فتقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتقتل الأبرياء القابعين في بيوتهم.

لا يحل للجندي المسلم أن يقتل المسلمين أو أحد منهم ولو أمره قائده، لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق». وهل هناك من معصية أكبر من أن يقتل المسلم أخاه المسلم البريء عامداً متعمداً؟ قال تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا).

في البداية كان العراق معتدياً، وكان عند إيران مبرر لتقاتل لترد العدوان عن نفسها. ثم عاد العراق عن عداونه ووافق على وقف الحرب والتفاوض لتصفية ذيولها، ورجع إلى حدوده.

وصار المفروض في إيران أن توقف الحرب وتتفاوض من أجل تصفية ذيولها. أما أن ترفض بحجة أنها تريد إدانة في مجلس الأمن للعراق أنه هو البادئ بالاعتداء، أو أنها لا توقف الحرب إلا بعد إسقاط النظام العراقي، فهذا الأمر ليس مبرراً شرعياً لاستمرار القتال.

إيران غير مسموح لها، وغير قادرة على إسقاط النظام العراقي. فيكون استمرار الحرب من الناحية العملية هو استنزاف لدماء المسلمين في إيران والعراق، وهو استنزاف للموارد الاقتصادية، وتدمير للبيوت، وتعميق للعدوات بين المسلمين، وتحقيق لأغراض الكفار من ضرب المسلمين ببعضهم، وتحدٍ لشريعة الله بهتك حرمة المسلمين.

إذا كانت إيران قبل سنوات تعلل نفسها بإسقاط حكم البعث وإقامة نظام موالٍ لها، وتتابع الحرب لتحقيق هذه الغاية، فقد آن الأوان للمسؤولين في إيران أن يفهموا أن الدول الكبرى لا تسمح لهم بذلك، ولا تسمح لهم بإسقاط حكم البعث.

هذه الدول الكبرى لها مصلحة في استمرار الحرب. إيران بعد أن تفهم الواقع على حقيقته تدرك أنه ليس لها مصلحة في استمرار الحرب.

الذين يحبون إيران يجب أن ينصحوها حتى تثوب إلى رشدها.

إن المرجع إذا أفتى بجواز القتل بين المسلمين في مثل الحرب الآن بين إيران والعراق، فإن فتواه تصطدم بالآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة، وتكون فتواه مردودة ولا تبرئ الذمة عند الله يوم القيامة. إنها فتوى مردودة على المذهب الجعفري وعلى المذاهب السنية وعند جميع المسلمين لأنها تتصادم مع النصوص القطعية الثبوت القطعية الدلالة.

لقد صدرت فتاوى العلماء بأنه يحرم القتال بين المسلمين في أمل والمسلمين في حزب الله.

وصدرت فتاوى العلماء بأنه يحرم القتال بين حركة أمل والفلسطينيين.

وصدرت الفتاوى بأنه يحرم القتال بين إيران والعراق كما هو جارٍ الآن.

والنصوص الشرعية تحرم القتال بين المسلمين.

قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً). وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر». وقال: «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم». وقال: «لو اجتمع أهل السموات والأرض على قتل رجل مسلم لأكبهم الله في النار». وقال: «من أعان على قتل المسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله».

وإذا كانت الحرب بين المسلمين والكفار فإن الشرع لم يبح للمسلمين أن يقتلوا غير المقاتلين. فلا يقتلون الشيوخ ولا النساء ولا الأطفال حتى لو كانوا كفاراً. أما الحرب بين إيران والعراق، فهم لم يكتفوا باستحلال قتال الرجال للرجال في ساحة القتال، بل جعلوا المدن والقرى ساحة قتال واستباحوا قتل الشيوخ والأطفال والنساء من المسلمين، واستباحوا تدمير البيوت على رؤوس من فيها بالقصف العشوائي من الطائرات والمدافع والصواريخ.

اللهم هذا منكر واقع فيه الطرفان المتحاربان، وإنا ننكره بقلوبنا وبألسنتنا. وندعو الله أن يمكننا كي نغيّره بأيدينا، وندعو المسلمين جميعاً إلى إنكار هذا المنكر، والعلم على تغييره بفرض الصلح بين المسلمين. قال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *