العدد 81 -

السنة السابعة رجب 1414هـ,كانون الثاني 1994م

سراييفو.. سراييفو

سَراييفو، ودَمعِيَ ليس يُجْدي
.

 

بَكَيْتُ فَسالَ جَمْراً فَوْقَ خَدّي
.

سَراييفو، جِراحُكِ مِلْءُ قَلْبي
.

 

مَرارَتُها وَأَحشائي وَكِبْدي
.

سَراييفو، وَلَيْسَ يُحِسُّ كَيّأ
.

 

سِوى مَنْ داسَ ـ أُختاهُ ـ بِوَقْدِ(1)
.

بِأَرْضِ القُدْسِ شَعْبٌ عاشَ ناراً
.

 

وَعانى مِنْ بَنيهِ كُلُّ فَرْدِ
.

فباتَ يَئِنُّ إن مَسَّتْ أخاهُ
.

 

وَهَلْ يَرْثي لِعَمْرٍ وغَيْرُ زَيْدِ
.

دِماؤُكِ الـمَتْنَا حِينَ سالَتْ
.

 

على ما نَحْنُ فيهِ مِنَ التّرَدّي
.

وَأَوجَعَنا اسْتِعارُ القَتْلِ حَتّى
.

 

غَدا في النَّاسِ يَحْصُدُ أَيَّ حَصْدَ
.

شُيوخٌ لا يَحِلُّ القَتْلُ فيهِمْ
.

 

وَنِسْوانٌ ذُبِحْنَ بِكُلِّ حِقْدِ
.

وَلكِنَّ الذي ثارَتْ دِمانا
.

 

لَهُ تَغْلي وَتَهْدُرُ هَدْرَ رَعْدِ
.

فَفِعْلٌ يَشْمَئِزُّ الذِّئْبُ مِنْهُ
.

 

وَلا يَأْتيهِ إلا كُلُّ وَغْدِ
.

كَهَتْكِ الِعِرْضَ في صَلَفٍ وَجُبْنٍ
.

 

وَإظهارِ الوَقاحَةِ والتَّحَدِّي
.

وَذَبْحِ الطَّفْلِ كَيْ تَلْتاعَ أُمٌّ
.

 

وَتُسْكِنَهُ بِلَحْدٍ بَعْدَ مَهْدِ
.

فَهَلْ هذي وُجُولَتُكُمْ؟ أَجيبوا
.

 

أَشَعْبَ الصِّرْبِ وافونا بِرَدِّ
.

 

í í í

 

سَراييفو، وَمالِيَ غَيْرُ دَمعي
.

 

وَهذا ـ قد أَفَدْتُكِ ـ لَيْسَ يُجدي
.

وَلَيْسَ يَرُدُّ عَنْكِ أذى عَدُوٍّ
.

 

وَلَيْسَ يَقيكِ مِنْ جُوعٍ وَبَرْدِ
.

لَوَ انّي كُنْتُ مِلْيارْديرَ نَفْطٍ
.

 

بِمُسْقَطَ أَو كُوَيْتٍ أَو بِنَجْدِ
.

وَأَموالي مُكَدَّسَةٌ بِبَنْكٍ
.

 

بِأَميركا تَجاوَزُ كُلَّ عَدِّ
.

وَهَبْتُكِ مِنْ كُنوزِ النَّفْطِ شيكاً
.

 

وَقُلْتُ تَفَضَّلي عَوْني بِوُدِّ
.

فَإنَّكِ مِنْ ذَوي الدُّولارِ أَوْلى
.

 

وَمِنْ أفعًى، وَمِنْ فيلٍ، وَقِرْدِ(2)
.

وَلَوْ أَنّي رَئيسٌ أَو أَميرٌ
.

 

لَسُقْتُ إِليكِ أَسْلِحَتي وجُنْدي
.

فما لِلأَغنياءِ عَلَيْكِ ضَنُّوا
.

 

وما جادوا بِمالٍ أَو بِوَعْدِ؟
.

وَمال بالُ المُلوكِ وَقَدْ أَتاهُمْ
.

 

عَويلُ اليُتْمِ فَتَّتَ كُلَّ كِبْدِ…
.

لِمَجْلِسِ أَمْنِ أَمْيركا تَداعَوْا
.

 

وَقالوا يا خُيولَ الشَّجْبِ شُدّي؟
.

 

í í í

 

أَلا يا مُسْلِمي الدُّنيا أَفيقوا
.

 

وَرُصّوا الصَّفَّ أَفْئِدَةً وَأَيدي
.

فَأَنْتُمْ إخْوَةٌ في اللهِ حتّى
.

 

بِرُغْمِ الفَرْقِ في نُطْقٍ وَجِلْدِ
.

فَكُونوا مِثْلَما أَصحابُ طَه
.

 

بَنَوْا مَجْداً، ونالُوا دارَ خُلْدِ
.

أَعيدوا مَجْدَهُمْ مِنْ دُونِ رَيْثٍ
.

 

وَقُومُوا للنُّهوضِ بِكُلِّ جُهْدِ
.

وَإلاّ قالَ بَعْضُكُمو لِبَعْض:
.

 

سَيَقْتُلُكَ العَدُوُّ ـ أُخَيَّ ـ بَعْدي
.

شعر: أبو محمد بيت المقدس 18/11/1992م.

(1)  الوَقْد: النّار.

(2) هذا البيت إشارة على تَبَرُّع أمير الكويت لضحايا إعصار (أندرو) في أميركا، ولحديقة الحيوانات في لندن عندما أنقذها من الإفلاس الذي كان يتهدّدها بالإغلاق العام الماضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *