العدد 346 -

السنة الثلاثون ذو القعدة 1436هـ – تموز / آب 2015م

الغرب يعادي الإسلام ويخشى عودته

بسم الله الرحمن الرحيم

الغرب يعادي الإسلام ويخشى عودته

 

  المهندس حسب الله النور سليمان

الخرطوم- السودان

من خلال الكلمة التي ألقاها الرئيس الأميركي باراك أوباما في قمة لمكافحة التطرف، والتي انعقدت في واشنطن مؤخراً، طالب فيها القادة السياسيين، والدينيين وقادة المجتمع المدني بمكافحة التطرف والإرهاب الذي ينتشر بين المسلمين، وأكد الرئيس الأميركي مراراً، أنه ليس في حالة حرب مع الإسلام، وليس عدواً للإسلام بعبارات مختلفة، وفي مواضع كثيرة. هذا وقد حذا حذوه في هذا الإنكار الرئيس الفرنسي إثر حادثة (شارلي إيبدو)، وكذلك رئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الدانماركي الذي تشتم صحفه الرسول صلى الله عليه وسلم صباح مساء… فكلهم ينكرون أنهم ليسوا أعداءً للإسلام.

إن خوف الغرب من الإسلام ليس بالأمر الجديد، فهو قديم قدم الصراع بين الإسلام والكفر، وقد تركز هذا العداء إبان الحروب الصليبية، يقول إربان الثاني مفجِّر الحروب الصليبية في مجمع كليرمونت عام 1095م: «أيها الجنود المسيحيون: «اِذهبوا وخلِّصوا البلاد المقدسة من أيدي الأشرار، اِذهبوا واغسلوا أيديكم بدماء أولئك المسلمين الكفار»، ولعل أنشودة ذلك الجندي الإيطالي تعطي ملامح هذا العداء الشعبي للإسلام، فهو يقول لأمه: «أماه أتمي صلاتك، لا تبكي بل أضحكي وتأملي، أنا ذاهب إلى طرابلس فرحاً مسروراً، سأحاسب الديانة الإسلامية، سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن». وانتقل هذا العداء جيلاً بعد جيل، يورثه الآباء لأبنائهم.

والذي ركز هذا العداء وزاده تأجيجاً خشيتهم من عودته. وهذا ما تناوله الكتّابُ والمفكرون والسياسيون، وساعد على نشره الإعلاميون الغربيون قديماً وحديثاً، والنماذج على ذلك كثيرة. فقد ذكر المستشرق البريطاني مونتجومري وات في جريدة التايمز اللندنية في آذار/مارس 1968م أنه: «إذا وجد القائد المناسب الذي يتكلم الكلام المناسب عن الإسلام، فإنه من الممكن لهذا الدين أن يظهر كإحدى القوى السياسية العظمى في العالم مرة أخرى». وقال البروفيسور جب: «إن الحركات الإسلامية تتطور عادة بصورة مذهلة تدعو للدهشة، فهي تنفجر انفجاراً مفاجئاً قبل أن يتبين المراقبون أمارتها، ما يدعوهم إلى الاسترابة في أمرها، فالحركات الإسلامية لا ينقصها إلا وجود الزعامة، لا ينقصها إلا وجود صلاح الدين جديد». أما بن غوريون؛ مؤسس (دولة إسرائيل) فيقول: «إنَّ أخشى ما نخشاه أن يظهر في العالم العربي محمد جديد». أما دكتاتور البرتغال السابق أنطونيو سالازار فيقول: «إن الخطر الحقيقي على حضارتنا هو الذي يمكن أن يُحدثه المسلمون، حين يغيِّرون نظام العالم»، فلما سأله أحد الصحفيين قائلاً: «لكن المسلمين منشغلون بخلافاتهم ونزاعاتهم»، أجابه: «أخشى أن يخرج من بينهم رجل يوجه خلافاتهم إلينا». ويقول باول شمتز في كلام مختصر مفيد: «الإسلام قوة الغد العالمية». وقال بيدو وزير خارجية فرنسا عندما زاره بعض البرلمانين الفرنسيين وطلبوا منه وضع حد للمعارك الدائرة في مراكش فأجابهم: «إنها معركة بين الهلال والصليب».

وكذلك دخل الأميركيون على خط المجاهرة بالعداء للإسلام والخوف من عودته. فقد ذكر إبوجين روستو رئيس قسم التخطيط ومستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى العام 1967م: «يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب، بل خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية، لقد كان الصراع محتدماً بين المسيحية والإسلام منذ القرون الوسطى، وهو مستمر حتى هذه اللحظة بصور مختلفة، ومنذ قرن ونصف قرن خضع الإسلام لسيطرة الغرب، وخضع التراث الإسلامي للتراث المسيحي، إن الظروف التاريخية تؤكد أن أميركا إنما هي جزء مكمل للعالم الغربي، فلسفته وعقيدته ونظامه، وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي، ولا تستطيع أميركا أن تقف إلا هذا الموقف في الصف المعادي للإسلام، وإلى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية». وذكر المفكر الاستراتيجي الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، في كتابه « أميركا والفرصة السانحة»: «إن العداء للمسلمين هو الأمر الأكثر شيوعاً والأسوأ صورة لدى جمهور الأميركيين، فكثير من الأميركيين يتصورون أن المسلمين شعوب غير متحضرة، ودمويون، وغير منطقيين، ويعتقدون أن سيف محمد وأتباعه هو السبب في انتشار الدين الإسلامي في آسيا وأفريقيا وحتى أوروبا، ولذلك فإن الكثيرين من الأميركيين قد أصبحوا ينظرون إلى كل المسلمين كأعداء، وليس هناك صورة أسوأ مما في ذهن وضمير المواطن الأميركي من صورة العالم الإسلامي. ويحذِّر بعض المراقبين من أن الإسلام والغرب متضادان، وأن الإسلام سوف يصبح قوة جيوسياسية متطرفة، وأنه مع التزايد السكاني والإمكانات المادية المتاحة سوف يصبح المسلمون خطراً كبيراً، وأنهم يوحدون صفوفهم للقيام بثورة ضد الغرب، وسوف يضطر الغرب إلى أن يتحد مع موسكو ليواجه الخطر العدواني للعالم الإسلامي». ونشرت مجلة الأمة أن الرئيس ريغان وجَّه إليه أحد الصحفين سؤالاً: «متى تنتهي مهزلة ما يحدث في بيروت والدماء تنزف؟» فأجابه رئيس أميركا في غرور واضح «إننا مازلنا صليبيين، ولابد من إنهاء المناوشات بين المسلمين واليهود، وحماية أتباع المسيح في لبنان من المسلمين الغرباء». أما بوش الابن والذي أعلنها حرباً صليبية، فقد ذكر في خطاب له أمام الكونغرس في29/1/2003م: «على الرغم من أن الحرب في أفغانستان توشك على نهايتها، فإن أمامنا طريقاً طويلاً، وينبغي أن نسير في العديد من الدول العربية والإسلامية، ولن نتوقف إلى أن يصبح كل عربي ومسلم مجرداً من السلاح، وحليق الوجه، وغير متدين، ومسالماً، ومحباً لأميركا، ولا يغطي وجه المرأة»

وكذلك أدلى الكتَّاب والمفكرون بدلوهم في هذا المضمار؛ فجوسلين سيزاري، مديرة برنامج «الإسلام في الغرب» بجامعة هارفارد، سلطت الضوء على أسباب خوف الغرب من الإسلام، فقالت: «يقف الإسلام مع الغرب أساساً في علاقة صراع جوهري، ويدفع كل منهما الآخر عن نفسه: «البرقع مقابل البيكيني» تباين يستخدمه الخوّافون من الإسلام والأصوليون المسلمون على حد سواء. وهو يزيد من صلابة الاختلاف المبدئي للموقفين في مجالات السياسة والثقافة، وبشكل مثير للاهتمام أيضاً في ما يتعلق بجسد الأنثى». وتقول الدكتورة كارين آرمسترونج: «علينا أن نتذكر أن الاتجاه المعادي ضد الإسلام في الغرب هو جزء من القيم الغربية التي بدأت في التشكل مع عصر النهضة والحملات الصليبية». ومن الكتاب المعروفين، الكاتب والقائد الإنجليزي «جلوب» (1897م – 1986م) يقول: «ولقد رأى الغرب في هذه الديانة الوليدة عدواً عقائدياً وحضارياً يقدِّم محبة الله تعالى على محبة الإنسان، ويجعل التوحيد فكرة يتمحور حولها الإنسان، وذلك في مقابلة فِكرة تقديس الإنسان وعبادته، والتي قامت عليها أديانهم المحرفة، فلم تكن قضية الإسلام مُنازَعةً على ثروات، أو منافَسةً على زعامات». وفي برنامج بلا حدود الذي تبثه قناة الجزيرة، وفي حلقة الأربعاء 25/02/2015م، أقر السياسي والإعلامي الألماني الدكتور يورغن توتنهوفر بإيمان الساسة الغربيين بسياسة (فرق تسد)، وسعيهم لإشعال فتيل الحروب والصراعات بين الدول العربية والإسلامية، والتي قال إنها لم تعد قادرة على لعب دور، وقال: «نحن أقوى لأننا متحدون. أما العرب فإنهم ضعفاء ومفرَّقون ومتناحِرون، وعلى ساسة الغرب البحث عن إمكانيات واستراتيجيات للتوحد، خاصة مع إيران؛ لأنه يروق للغرب أن تقع حرب بين العرب وإيران» وأضاف: «إن التاريخ أثبت أن الدول العربية يمكن أن تكون قوية، والوحدة هي الحل».

وأخيراً نأخذ بعض المقتطفات من كتاب (صراع الحضارات) للكاتب والمفكر الاستراتيجي صامويل هنتنغتون؛ والذي ظل يدرس لأكثر من نصف قرن في جامعة هارفارد التي تصنف الجامعة الأولى في العالم، وتعتبر كتاباته بمثابة خطط استراتيجية عند الكثير من الساسة الأميركيين، هذا وقد ذكر هنتنغتون في كتابه هذا: «إن الحضارات والثقافات، وليس الدول، مجال لدراسات مستقبل الصراعات الكونية»، وركز هنتنغتون على التحديات التي تواجه الحضارة الغربية، وبخاصة من الحضارتين الصينية والإسلامية. وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وفي مقالته المشهورة التي نشرت في عدد نيوزويك السنوي في ديسمبر 2011م بعنوان: «عصر حروب المسلمين»، كرَّر رؤيته السابقة التي نشرها في كتاب صراع الحضارات، أكد فيها أن حروب المسلمين ستشكل الملمح الرئيس في القرن الحادي والعشرين، ويقول: «إن المسلمين يحاربون بعضهم بعضاً، كما يحاربون غير المسلمين، وذلك بمعدل أكثر بكثير مما تقوم به شعوب الحضارات الأخرى، كما أن حروب المسلمين احتلت مكان الحرب الباردة كشكل أساس للصراع الدولي، وهذه الحروب تتضمن حروب الإرهاب، وحروب العصابات والقرصنة، والحروب الأهلية، وحروب الصراعات بين الدول، وقد يتخذ العنف وهذه الحروب أبعاداً تصل بها إلى صراع رئيسي وحيد بين الإسلام والغرب، أو بين الإسلام وباقي العالم». وشرح هنتنغتون نظرته إلى الإسلام في اثنين وعشرين نقطة نذكر بعضها لتوضيح الصورة:

– الولاء عند المسلمين للدين أولاً، لأن فكرة القومية تتنافى مع فكرة الحاكمية والولاء لله، ويفترض مفهوم الأمة عدم شرعية الدولة القومية.

– صراع القرن العشرين بين الديموقراطية الغربية والماركسية، ليس سوى ظاهرة سطحية وزائلة إذا ما قورن بعلاقة الصراع العميق بين الإسلام والمسيحية.

– المشكلة المهمة بالنسبة للغرب ليست الأصولية الإسلامية بل الإسلام، فهو حضارة مختلفة، شعبها مقتنع بتفوق ثقافته وهاجسه هو ضآلة قوته.

–  رفض المسلمين لكل شيء يظنون أنه ضد الإسلام حتى ولو كان التحديث، وهم يفضلون تخلفاً مع إسلام قوي أفضل من تحديث يظنون إنه يضعف الإسلام.

– الإسلام هو الحضارة الوحيدة التى جعلت بقاء الغرب موضع شك، وقد فعل ذلك مرتين على الأقل كما يقول برنارد لويس.

– في أميركا أجري استطلاع واسع للرأى تناول 35 ألف مثقف أميركي لديهم إلمام بالشؤون الخارجية وكان السؤال: هل الصحوة الإسلامية خطر على الغرب؟ وجاءت الإجابة بـ «نعم» من 61% ممن شاركوا فى هذا الاستطلاع.

أما الوقائع والأحداث التي تدل على عداوة الكفار الغربيين قديماً وحديثاً، فهي أكثر بكثير من أن تحصى، ومشاهداتها اليومية تغني عن الاسترسال في ذكرها، فهدم دولة الخلافة، واستعمار العالم الإسلامي بأسره، ونهب ثرواته، قد ملأت كتب التاريخ. أما حديثاً فما نشاهده يومياً من أحداث القتل منذ حروبات البوسنة والهرسك والشيشان مروراً بأفغانستان والعراق… ووصولاً إلى تدخل الغرب للالتفاف على ثورات (الربيع العربي)… فالأرقام تشيِّب الرؤوس، كما أنهم سكتوا عن أبشع الجرائم في فلسطين، فمنذ عام 1948م والموت اليومي يطال الفلسطينيين، والجرائم التي ترتكب في حق المسلمين في بورما منذ الاستقلال في أيامه الأولى، وبتحريض من الإنجليز؛ فقد قتل في العام 1942م حوالى مائة ألف مسلم من قبل البوذيين، وتتالت الأحداث وتكررت المجازر عليهم في 1949م، و1955م، و1962م، و1978م، وأخيراً في العام 2012م، حيث شاهدنا بأم أعيننا كيف تم حرق المسلمين وهم أحياء وقطعت أوصال الأطفال أمام أمهاتهم، ولم نسمع من دعاة حقوق الإنسان وحقوق الأقليات بنت شفة تذكر الإرهاب البوذي. كذلك ما شاهدناه في أفريقيا الوسطى وبتواطؤ فرنسي، من ذبح للمسلمين وأكل لحومهم… أما المسلمون فلا بواكي لهم.

أما الأحزاب اليمينية في أوروبا، فصارت تتاجر بعدائها للإسلام لكسب أصوات الناخبين، وأصبحت ظاهرة تسابق الأحزاب في إظهار عداوتها للإسلام، والنموذج الفرنسي في الانتخابات الأخيرة خير مثال على ذلك؛ فقد أصدر رئيس بلدية (شالوت سور سادن) شرق فرنسا قراراً يتم بموجبه فرض وجبة موحدة على جميع التلاميذ والطلبة في المؤسسات التعليمية في المدينة، وإلغاء وجبات السمك التي كانت تقدم عادة إليهم، فكان لحم الخنزير وجبة رئيسية أيام الأسبوع، علماً بأن هذه الوجبة مدفوعة الثمن من قبل أولياء الأمور. كذلك دخل الرئيس الفرنسي السابق ورئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، على الخط حينما قرر صب الزيت على النار بعد إعلان دعمه الكامل لرئيس البلدية اليميني، بل ذهب أبعد من ذلك حينما خيّر الجالية الإسلامية بين القبول بذلك أو تحويل أبنائهم إلى مدارس خاصة، وسارع لورانس فوكير، الأمين العام لحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، المعروف بأطروحاته في مواجهة العنصرية إلى مساندة تصريحات ساركوزي حينما أعلن بضرورة الصرامة والتشدد في ما يخص العلمانية. ويتطابق مع هذا الموقف، حزب مارين لوبان، وتحدث رئيس الوزراء مانويل فالس أن عواقب الهجمات أظهرت أنه يوجد في فرنسا شكل من العزل الاجتماعي والأخلاقي، وتطرق في حديثه إلى وجود ما أسماه (الفاشية الإسلامية).

أما الرئيس الأميركي الذي أنكر وجود حالة حرب مع الإسلام، فنسأله عن القواعد والأحلاف العسكرية الموجودة فقط في منطقة الشرق الأوسط، من المستهدف منها؟ وسوف أذكر نماذج من هذه القواعد والأحلاف:

– في البحرين قاعدة الجفير (تقع جنوب شرق العاصمة المنامة) وعلى بعد خمسة أميال منها، وتعتبر البحرين من أكثر الدول العربية تعاوناً مع وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية الأميركية، وتوجد فيها قواعد دائمة لتخزين العتاد الأميركي، ومنذ 01/04/1993م أصبحت المقر العام للقوات البحرية التابعة للقيادة المركزية  للمنطقة الوسطى. إن الوجود العسكري في البحرين منذ 11 سبتمبر كان يقوم على سبعة مرافق، وحق استخدام مائة وعشر مرافق عسكرية بحرينية حالياً.

– أما قطر فتستضيف أهم بنى تحتية أميركية في المنطقة، حيث انتقلت القيادة الجوية من السعودية إلى قطر 2002م- 2003م، ومقرها الحالي قاعدة العديد الجوية، وتحولت في التسعينات إلى واحدة من أكبر مخازن الأسلحة والعتاد الأميركي في المنطقة، وبنت على نفقتها مجمعاً يضم سبعة وعشرين مبنى لتخزين الآليات التابعة للقوات الأميركية، وكانت قبل 11 سبتمبر أربع مناطق عسكرية خاصة بأميركا بالإضافة إلى أربعة وعشرين مرفقاً، ولولا أن المقام لا يسمح، لذكرت بقية القواعد، وكلها على هذا المنوال.

وهناك أكثر من ستة مصادر لهذه المعلومات، منها (المؤسسة العسكرية- المؤسسة العربية للدراسات والنشر- السياسة الأميركية في الشرق الأوسط- صادر عن مؤسسة الأبحاث العربية 1981م- الوطن العربي في السياسة الأمريكية- مركز دراسات الوحدة العربية 2002م).

وظهر هذا العداء أكثر وأكثر بظهور ثورات (الربيع العربي) فقد جنَّ جنونهم وهبوا لوأد هذا الحراك الشعبي الذاتي، فلنستمع إلى المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية ستيفن كينج بعد أن شارك في الوفد الذي زار مصر بعد الانقلاب والتقى بالرئيس السيسي حيث قال: «السيسي جزء من خطة لهزيمة المسلمين لمدة مائة سنة قادمة»، أما توني بلير وبعد تأكيده لدعم السيسي ووصفِ أن الغرب اختار الموقف الصحيح من مساندة السيسي قال: «إن الرئيس السيسي يملك رؤية واضحة للعلاقة بين الإسلام والسياسة» لافتاً إلى أن السيسي ضد تسييس الإسلام، ويسعى لإرساء قواعد التسامح الإسلامي. وقد ذكر في خطاب سابق ألقاه في مؤسسة بلومبيرغ أن مصير الإسلاميين المتطرفين سيتقرر في تلك المنطقة. وأن (الربيع العربي) في مرحلة مخاض بين الذين يحملون روح الحداثة بما تحمله من تعددية مجتمعية واقتصاد حر واحتضان العولمة، وبين الذين يؤمنون بدين واحد، هو وحده الصحيح. وانتقد أصحاب هذه الرؤية لأنهم يسعون في نهاية المطاف إلى إنشاء مجتمع ثابت تحكمه نظرية سياسية غير قادرة على التغيير، لأنها في جوهرها ثابتة. هذه النظرة لتلك الانتفاضة جعلتهم يشجعون على تلك الجرائم ويصمتون عن ارتكابها. ففي مصر ما بين ألف إلى خمسة آلاف قتلوا في ليلة واحدة بميدان الاتحادية ورابعة، ويقبع في السجون أكثر من أربعين ألف معتقل، بل إن قاضٍ واحد فقط حكم في خمس قضايا بمئتين وأربعة آلاف حكم إعدام، وبأحكام سجن بلغ في مجملها أكثر من سبعة آلف سنة سجن. أما في سوريا فحدث ولا حرج، فهناك مئات آلاف القتلى والمعتقلين، وملايين المشردين والنازحين، ومع ذلك تحشد أميركا الحلفاء لقتال خصوم بشار الأسد! وما نشاهده في اليمن وليبيا من رعاية وتشجيع الحروب الأهلية التي لا تُبقي ولا تَزر لخير دليل.

 هل بعد كل هذا يريدنا أوباما وغيره من الساسة الغربيين أن نصدقهم بأنهم ليسوا أعداءً للإسلام، وآيات الله نتلوها صباح مساء تكشف عن مكنون صدورهم، ]إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ[ وقوله سبحانه: ]لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ  [.

أيها المسلمون إن الغرب عدو مبين لكم فاتخذوه عدواً، وعليكم إخراجهم من حياتكم ومن أرضكم، وإن دولة الخلافة الراشدة التي دنا ظلها ستقتصُّ منهم لكم بعونه سبحانه وتعالى.q

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *