العدد 234-235 -

العددان 234-235 – السنة العشرون، رجب وشعبان 1427هـ، الموافق آب وأيلول 2006م

مواقف مشرفة

مواقف مشرفة

 

الخير في الأمة الإسلامية باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فمهما ضعفت الأمة، ومهما تأخرت عن مكانها اللائق بها باعتبارها خير أمة أخرجت للناس، ومهما عظمت المؤامرة عليها وتنوعت أدواتها، إلا أنها تبقى أمة خصبة، تنبت الرجال والعلماء العظماء، يكونون فيها كالمصابيح في الدجى، وتظل مواقفهم مواقف عزة وفخر لهم وللأمة الإسلامية كلها. وما جرى مع أحد أمراء عسير وبعض علمائها، في أشد مراحل ضعف الدولة، قبل سقوطها، دليل صدق على ما نقول.

1- أمير عسير (حسن بن علي آل عائض) وبعض علمائها

أثناء سعي بريطانيا وغيرها من دول الكفر لهدم الخلافة، وتمزيق أواصر الأمة، أرسلت هذه الدول المئات بل الآلاف من الجواسيس متسترين بشتى أنواع الحيل وأساليب الخداع، ومن هذه الأساليب الاتصال بالوجهاء من علماء أو مفكرين أو شيوخ قبائل، وإغرائهم بكل سبل الإغراء الدنيوية الممكنة لتحريضهم على الخلافة الإسلامية وتشجيعهم على شق عصا الطاعة، والخروج على الدولة.

فقد أرسلت بريطانيا مطلع عام 1330هـ وفداً مؤلفاً من ثلاثة من ضباط المخابرات البريطانية، برئاسة ضابط يدعى (هارولد يعقوب) إلى إمارة عسير، وهذه الإمارة بقيت على ولائها للخلافة الإسلامية، وكان أمراؤها وعلماؤها على قدر كبير من الوعي على أطماع الدول النصرانية. التقى الوفد البريطاني بأمير عسير (حسن بن علي آل عائض) وأطلعوه على مهمتهم، وكانت تتلخص في الطلب منه الوقوف إلى جانب بريطانيا لإجلاء العثمانيين عن عسير، ووعدوه بمساعدته مادياً وعسكرياً، وتكفلوا له إبقاء أسرته آل عائض، حكاماً على عسير جيلاً بعد جيل، وأن تكون لهم سفارة تمثلهم في كل ما يجري لمصلحة الطرفين، وأبدوا استعدادهم لإنذار الباب العالي بإخلاء عسير، وتسليمها لأسرته آل عائض. ومنع ابن سعود وإمام اليمن يحيى حميد الدين، وشريف مكة حسين بن علي، والإدريسيين، وتكون موانئ عسير مراكز تجارية مهمة، كما تتعهد له بريطانيا بتقديم مساعدة سنوية له ولأسرته، كما تفعل مع أصدقائها السابق ذكرهم.

عندما أدرك أمير عسير مهمة الوفد البريطاني، استدعى أربعة من علماء عسير الأجلاء هم الجهري، والزميلي، وابن جعيلان، والحفظي، وطلب منهم وضع كتاب موجه لحكومة بريطانيا رداً على عرضها المذكور، يقول مؤرخ هذه الفترة من تاريخ عسير، كنت أجلس مع الوفد البريطاني، ولا يعرف أعضاؤه أني أجيد لغتهم، فكانوا يتساءلون فيما بينهم، هل في هذا العرب الأذلاء رجولة أسلافهم؟؟ ومن لا يزال يعتز بماضي أجدادهم؟؟ ترى ماذا سيحمِّلنا هذا البدوي إلى أمتنا العظيمة؟؟

اتفق العلماء الأربعة على نص الكتاب الموجه إلى حكومة بريطانيا ثم عرضوه على أمير عسير حسن بن علي آل عائض، فأقره ووقعه وهذا نصه:

«… من حسن بن علي آل عائض وعلماء عسير، إلى عظماء وقادة بريطانيا، السلام على من اتبع الهدى… وبعد،

إن وفدكم قد عرض علينا الدنيا، وإنا نعرض عليكم الدنيا والآخرة، فإنا ندعوكم بدعوة الإسلام، أسلموا تسلموا من عذاب الله، وارفعوا الظلم عن عباد الله يرفعه الله عنكم، ولا يتخذ بعضكم بعضاً أرباباً من دون الله يؤتكم الله أجركم مرتين، ويمددكم بأموال أكثر مما تأملون من استعماركم، فإنكم إن رجعتم إلى عقولكم، علمتم أن ما أنزله الله تعالى على رسوله موسى وعيسى هو ما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الحق من ربكم، وقد ختم الله به الرسالات، وإن عدتم إلى رشدكم عرفتم أن هذا ما شهدت به كتبكم.

وإن أبيتم إلا الهوى والضلالة، فعليكم ما على أهله، ولا رابط بيننا وبينكم، ولتذهب وفودكم إلى أمثالكم».

ولما سُلِّم الكتاب إلى هارولد يعقوب قرأه على زميليه أعضاء الوفد وملامح الذهول تعلو وجهه، فلما انتهى منه علق أحدهم قائلاً: لو كان قادة العرب اليوم مثل هذا لما ظفرت بريطانيا بل ودول أوروبا كلها بقطعة أرض من بلادهم.

2- فتوى شيخ الهند مولانا محمود حسن

شيخ الهند مولانا محمود حسن، سجن على يد البريطانيين في مالطة لمدة 3 سنوات لأنه التزم بالحق ورفض التنكر للخلافة العثمانية. فقد قام الخائن الشريف حسين باعتقال شيخ الهند وتلميذه مولانا حسين أحمد مدني (والذي عرف فيما بعد باسم شيخ الإسلام) في الحجاز (مكة) في 23 صفر 1335 هجري. وأرسلا إلى مالطة عن طريق القاهرة على متن سفينة في 29 ربيع الثاني 1335 هـ الموافق 21 فبراير/شباط 1917 وقمعا في السجن على يد البريطانيين لمدة 3 سنوات وأربعة أشهر. وأفرج عنهما فيما بعد ووصلا إلى بومباي في 8 يونيو/حزيران 1920. وصادفت فترة عودتهم من مالطة مع فترة انبعاث حركة الخلافة في الهند.

كان شيخ الهند آنذاك، رئيس دار العلوم ديوباند، وكان يدعم الخلافة مباشرةً وعمل بجهد لاستعادتها. وكان قد التقى مع والي الخلافة في مكة ومعاوني الخليفة. وقدم الوالي بعض الوثائق للشيخ لمساعدته في صراع المسلمين في الهند ضد البريطانيين الطغاة. ومن أهم هذه الوثائق نداء من الوالي إلى مسلمي الهند. في هذا النداء، مدح والي مكة شيخ الهند لمقاومته للحكم البريطاني الاستعماري وطلب من مسلمي الهند أن يقدموا له الدعم. كما أكد لهم بأن الخلافة ستقدم الدعم المادي لحركة المقاومة هذه. وتعرف هذه الوثيقة التي كتبها والي مكة في التاريخ باسم «غالب نماه». وبعد أن أدى الشيخ مناسك الحج في 1334 هـ، التقى أيضاً بأنور باشا وجمال باشا وهم من ضباط الخلافة. وكتب أنور باشا رسالة نداء لمسلمي الهند معبراً عن تقديره لمقاومتهم المستمرة ضد المستعمر الإنكليزي، وكانت رسالته مشابهة لرسالة «غالب نماه» حيث أكد دعم الخلافة العثمانية لهم مادياً في صراعهم ضد الإنكليز. كما وطلبت الرسالة من جميع مواطني وموظفي الخلافة العثمانية بأن يكونوا على ثقة تامة بشيخ الهند وتوفير الرجال والدعم المادي لحركته. وتم تحضير نسخ من هذه الرسائل وتوزيعها في الهند بالرغم من جميع التحديات المفروضة من قبل المخابرات الإنكليزية، وتم توزيعها فيما بعد في جميع أنحاء باكستان.

في بداية القرن العشرين، دعم معظم العلماء في الهند موضوع الخلافة ولكنه اليوم منسي وللأسف من قبل العديد من الأشخاص.

إن نص الفتوى يظهر لنا كيف كان شيخ الهند يعتبر مهمة الخلافة ورأيه حول التعاون مع المستعمرين.

لقد أخذت هذه الفتوى من النسخة المترجمة إلى الإنكليزية من كتاب “سجناء مالطة (أسيران ومالطة)” بقلم مولانا سيد محمد ميان، ونشرته جمعية علماء الهند بالشراكة مع دار ماناك للنشر بي.في.تي، ل.ت.د.

فتوى شيخ الهند، مولانا محمود حسن

سؤال: ما رأي العلامة والمفتي حول المواضيع التالية؟

1- قبلت إدارة المدارس المعونات من الحكومة البريطانية بسبب النفقات الزائدة. هل يسمح لهم بقبول هذه المعونات من الحكومة آخذين بعين الاعتبار قرارهم بعدم التعاون مع الحكومة البريطانية؟

2- هل يسمح قبول رواتب الحكومة المقدمة إلى الطلاب والأشخاص الذين يحملون رتب في الحكومة البريطانية؟

3- هل يسمح للطلاب بترك مثل هذه المدارس دون إعلام أهاليهم أو من يكفلهم نظراً لمعارضتهم لمثل هذه الأعمال؟

4- من واجبنا توفير النفقة لزوجاتنا وأولادنا ووالدينا الكبار في السن، هل من الضروري ترك هذا الواجب في سبيل إعادة إقامة الخلافة؟

5- هنالك بعض المدارس التي تعارض فكرة الخلافة وحركة عدم التعاون، وهذه المدارس تقبل المعونات من الحكومة أو من رئيس حكومة المقاطعة، هل يسمح التدريس أو الدراسة أو قبول أي نوع من الوظائف الإدارية أو التعليمية في مثل هذه المعاهد؟

6- هل من المسموح أخذ المال من صندوق الخلافة لتلبية حاجات شخصية، أو لتلبية متطلبات الأشخاص الذين من واجبنا الاعتناء بهم؟

7- ما نوع العلاقة التي يجب بناؤها مع الأشخاص الذين يخدمون الحكومة، أو الذين يعملون كموظفين في مدارس تقبل المعونات من الحكومة؟

8- فيما يتعلق بإقامة الخلافة أو بالحركة ضد التعاون مع الحكومة البريطانية، هل يسمح قبول المساعدة أو التعاون (سواء المعنوي أو المادي) من الهندوس؟

9- إن المال من صندوق النقد المستمر لمدرسة أليجار هي لبنائها الذي كلف حوالي أربعمائة ألف روبية [الروبية: وحدة النقد في الهند وباكستان] إضافةً إلى تكاليف المكتبة والكتب والمراجع التي تصل إلى آلاف الروبيات، أليس من واجب أعضاء المدرسة استخدامها بطريقة لائقة وحمايتها من الخراب؟

10- هل يجب على الطلاب الذين يتلقون دراسة إنكليزية حديثة أن يتلقوا تعليماً دينياً أيضاً حتى يتمكنوا من نقل معرفتهم إلى الآخرين عندما ينهون دراستهم؟ أم عليهم أن يبذلوا جهدهم من أجل نجاح الخلافة وحركة عدم التعاون؟ باختصار، أيهم أفضل؟ تلقي تعليم ديني، أم المشاركة في حركة إقامة الخلافة وحركة عدم التعاون؟

الأجوبة

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة على سيدنا محمد سيد المرسلين

إن القلب هو عبارة عن قلب وليس صخرة لا تتأثر بالحزن، سوف نبكي آلاف المرات، فلماذا سيضايقنا أحد ما؟

قبل أن أجيب على هذه الأسئلة، أود أن أذكر أن من المهم أن يدرك كل مسلم صادق أنه يتوجب عليه أن يخرج من دائرة التفكير الضيق، وأن يفكر بجميع النعم التي أنعمها الله علينا كوننا مسلمين. وإذا نظرنا بعمق إلى الوضع الحالي في ضوء تجاربنا القديمة، سنجد أنه من الواضح أن أغلى ثروة لدى المسلمين هي إيمانهم. ومن واجب كل مسلم أن يحمي هذا الإيمان بكل قوته. ومن دون أي خدعة أو خجل أو أعمال ماكرة، قد تسرق هذه الثروة منا!

لقد حاول أعداء الإسلام بشتى الطرق أن يهاجموا ويؤذوا شرف ورونق الإسلام. إن العراق وفلسطين وسوريا الذين فتحوها هم أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأتباعه بعد العديد من التضحيات، قد أصبحت من جديد هدفاً لجشع أعداء الإسلام. وفي الوقت الحالي إن شرف الخلافة ممزق. وخليفة المسلمين الذي كان يوحد كل الأمة على هذه الأرض، والذي هو خليفة الله على الأرض، والذي كان يطبق القانون العالمي للإسلام، ويحمي حقوق ومصالح المسلمين، ويضمن سيادة كلام خالق الكون على الأرض، قد أصبح اليوم محاطاً بالأعداء وأصبح دوره هامشياً.

“لقد حملت على كتفي جبلاً من المشاكل، ولو وضع هذا الثقل على النهار لتحول ليلاً!”

إن راية الإسلام تحلق منخفضة اليوم. إن أرواح أسيادنا أبو عبيدة (رضي الله عنه) وسعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) وخالد بن الوليد (رضيي الله عنه) وأبو أيوب الأنصاري (رضي الله عنه) غير مطمئنة اليوم. لماذا؟ لأن المسلمين قد فقدوا كرامتهم وشرفهم واحترامهم، وفقدوا شجاعتهم وخوفهم على دينهم، وكل ذلك كان جزءاً من إرثهم، بسبب جهلهم وانشغالهم بتفاهات الدنيا.

اليوم لا يساعد المسلم أخاه المسلم إلا في الأوقات الصعبة، بل وللأسف أصبح متشوقاً للحصول على رضى وصداقة الكافر مما جعله يقطع رأس أخيه. لقد شرب المسلمون من دماء إخوانهم المسلمين. لقد أغرق المسلمون أيديهم في دماء إخوتهم.

يا أبناء الإسلام! ويا محبي هذه الأمة الرائعة! أنتم تعرفون أكثر مني أن النار التي أحرقت الخيم في العالم الإسلامي، ووضعت النار في قصور الخلافة الإسلامية، قد أشعلت بالدماء الحارة للعرب والهنود. وأن جزءاً كبيراً من الثروة الكبيرة التي نجح النصارى بالاستيلاء عليها من الأمم الإسلامية قد كانت بفضل جهدكم.

وبالنتيجة، هل هناك أي مسلم غبي لا يدرك النتائج التي سيؤول إليها أي تعاون مع النصارى؟ وهذا الأمر ينطبق أيضاً على وضع يكون فيه رجل غارق يبحث عن أي مساعدة ولو من قطعة قش ويبحث عن طرق تعاون كي تنقذه من الغرق؟

يا أبناء شعبي! هذا ليس وقت النقاش في مواضيع افتراضية أو مواضيع إضافية، بل هذا الوقت للعمل بروح إسلامية من أجل كرامة وشرف ديننا. إنني أخشى أن الفروقات، سواء الصغيرة أو الكبيرة، بين العلماء قد تؤثر على روحنا وشجاعتنا. أنا لا اطلب منكم أن تحملوا السيف وتذهبوا للجهاد في العراق أو سوريا ضد أعداء الإسلام بجانب إخوتكم. إنما طلبي الوحيد هو أن لا تعززوا من قوة أيدي أعداء الإسلام، وأن تتبعوا أوامر الله بشجاعة وإخلاص:

– قال تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة 51].

– وقال تعالى: ( لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) [آل عمران 28].

– وقال تعالى: ( بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا @ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ) [النساء 138-139].

– وقال تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا) [النساء 144]

– وقال تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [المائدة 57].

– وقال تعالى: ( تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ @ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) [المائدة 80-81].

– وقال تعالى: ( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة 22].

– وقال تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) [الممتحنة 1].

هنالك الكثير من الآيات في القرآن تتحدث في هذا الشأن، إلا أن المجال هنا لا يتسع لذكرها جميعها. ولكن أود أن أوضح أنني ترجمت كلمة “ولي” بكلمة “مساعد” و”صديق” هنا. وقد اقتبست المعنى والشرح من تفسيرات الراسخين في العلم من أمثال الإمام ابن جرير الطبري والحافظ عماد الدين بن كثير والإمام فخر الدين الرازي. إن هدفي هنا هو أن أفسر لكم أن “عدم التعاون” يعني عدم مساعدتهم وعدم قبول مساعدتهم أيضاً. وبالتالي: الجواب على سؤاليكم الأول والثاني هو أنه يتوجب عدم قبول المساعدات من الحكومة البريطانية والمقدمة للمدارس وعدم قبول الطلاب للبعثات. وعندما يتخذ الطلاب قرارهم بعدم التعاون، فلا يجب أن يعتمدوا على إذن والديهم، بل هو حقهم وعليهم تحفيز والديهم -بأدب واحترام- بالموافقة على عدم التعاون مع الحكومة البريطانية. إن هذه المعضلة التي يواجهها الطلاب حالياً قد واجهها أيضاً المسلمون في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد سألوا الرسول آنذاك كيف بإمكانهم أن يقطعوا علاقتهم مع الكفار لأنهم إذا قاموا بذلك فسيفترقون عن والديهم وإخوتهم وأخواتهم وسائر أقاربهم. كما ستفشل أعمالهم وتهدر ممتلكاتهم وتدمر قراهم. وقد قدمت إليهم الأجوبة على أسئلتهم هذه عن طريق الآية التالية: ( قُلْ إِنْ كَانَ ءَابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة 24].

يوجد أحيانا خوف في قلوبنا أنه في حال فشلت الحركات القائمة في جميع أنحاء الدولة واستمر وجود الحكومة، سيكون هنالك فرص لخسارات كبيرة. وكان هذا النوع من الآراء موجوداً آنذاك أيضاً. ولهذا ذكر في القرآن الكريم: ( نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ) [المائدة 52] (أي أن يقول المنافقون أن علاقة الصداقة بيننا وبين اليهود ضرورية لأنه في حال فشل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بمهمته وانتصر اليهود في النهاية، سنواجه صعوبات كبيرة في تلك الحال.) وهنا أجابهم الله سبحانه وتعالى: ( فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) [المائدة 52].

يا إخوتي! إني أدعوكم للتمسك بأوامر الله والإيمان به فقط، فتثبتوا بأهدافكم واستمروا برفض التعاون مع البريطانيين. وإذا كان باستطاعتكم فلا تتأخروا بتقديم الدعم والعون للإسلام والمسلمين. ففي هذا الوقت من الصعب تجاهل هذا الأمر أو التساهل فيه.

إنه لأمر جيد أن أغلبية الهندوس يتطلعون للتعاون معكم ودعمكم. إن حادثة جاليان والأباغ في بنجاب إضافة إلى الرغبة في الحكم الذاتي قد جعلا الوقت ملائماً لعدم التعاون مع البريطانيين النصارى. كما وقد سمعت بأن جماعة السيخ قد قررت أيضاً رفض التعاون مع البريطانيين. توكلوا دائماً على الله وتصرفوا عندما يكون الوقت مناسباً. إن الله هو وليكم ونصيركم الوحيد! وإذا جاء شعب من مجتمع آخر لمساعدتكم في مهمتكم النبيلة ولدعمكم في الأزمات، يجب أن تتعاونوا معهم أيضاً. ويجب أن تعاملوهم بلطف وتهذيب وحتى أن تكونوا أكرم منهم، قال الله تعالى: ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ @ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة 8-9].

وتجدر الإشارة هنا إلى أن التعاون وإقامة العلاقات مع الهندوس لا يعني أن على المسلمين تكييف أوامر دينهم بشكل يلائم طرق الكفار. فإذا قاموا بذلك، فسيسجلون الخطايا على أنفسهم مقابل التقوى.

إن هدفي هو أن تتصرفوا بشكل يدعو إلى عدم التعامل مع الحكومة البريطانية. ويجب أن تتوكلوا على الله وحده أثناء قيامكم بذلك. أما فيما يتعلق بالطلاب، فيجب عليهم المشاركة في نشر هذه الحركة إذا لم يكن لديهم أي عمل إجباري آخر. أما من لديه أي التزام تجاه زوجة أو أولاد أو والدين فيجب أن يشارك بشكل لا يدفعه إلى إهمال عائلته. وإذا كان أحدهم يعمل بجهد من أجل مساعدة وحماية الخلافة وقدمت له لجنة الخلافة مبلغاً من المال لتلبية حاجاته، يسمح له بقبولها.

إذاً باختصار، إن التعاون مع الكفار غير جائز، ويتوجب أن يبتعد أي شخص عن التعاون مع البريطانيين. يجب أن يبعد المسلمون تفكيرهم عن أي شيء يتعلق بالكفار، وأن يتوكلوا على الله الذي بيده مصير كل من المتسول والملك.

برأيي من الحكمة أن يختار أصحاب القدر الواحد رضى الله وحده أولاً ومن ثم يستمر في طريقه مطمئناً دون أن يأبه بالعواقب.

والآن أود أن أختتم هذا الحديث بالتأكيد بأنني لست مفتٍ، ولكنني آمل أن تكون براهيني قد أجابت على بعض أسئلتكم. إضافة إلى الاعتناء بسلامة مبنى كلية اليجارث ومكتبتها يجب أن يوازن ضميركم ويقارن ذلك مع قيمة إستانبول وسوريا وفلسطين والعراق.

وفي النهاية يجب القول أن نجاح حركات عدم التعاون تعتمد علينا. ولا يجب أن نقوم بأي عمل يؤدي إلى الإضرار أو إلى هدر الدماء. هذه هي النصيحة التي يقدمها كل المثقفين، ويجب علينا أن نستوعب هذه النصيحة وإلا سيكون هنالك خوف من الخسارة بدلاً من الفوز.

لندعُ الله الذي هو مصدر عزتنا من كل قلبنا أن لا ينـزع الكرامة عن أمتنا، وأن لا يجعلنا هدفاً للكفار، وأن يساعدنا في عملنا الصالح.

3- مواقف الأمة، الخاصة والعامة، عند إلغاء الخلافة

أعلن مصطفى كمال أتاتورك إلغاء الخلافة في 28 رجب 1342هـ الموافق 3/3/1924م، في ذلك الوقت كان الإنكليز يحتلون دار الخلافة وبلاد الشام بعد أن سلمها لهم الخائن مصطفى كمال، وكان قبل إعلان إلغاء الخلافة قد تم تجريد الخلافة من السلطة قبل سنتين من سقوطها، أما بلاد الحجاز فكان آل سعود مطايا للإنجليز ينفذون مخططاتهم بتجييش المسلمين لقتال الخلافة، أما مصر فقد وقعت تحت الاحتلال الإنجليزي وكذلك العراق.

لقد ظلت الخلافة رمز العزة للمسلمين ووحدتهم، فهي مكلفة في نظر المسلمين برعاية شؤونهم والذود عنهم وإقامة شريعة دينهم؛ ولذلك حزن المسلمون حزناً شديداً لمصير الخلافة، وكان من أوائل من تنبه لخطر الكماليين على الخلافة هو شيخ الإسلام مصطفى صبري، فقد هاجم الكماليين ولجأ لمصر منبهاً أهلها بما يجري ضد الخلافة قبل إعلان سقوطها، منكراً على الكماليين فعلهم بفصلهم الخلافة عن الدولة.

تفاجأ العالم الإسلامي بقرار إلغاء الخلافة التي لم ينقطع ظلها عن المسلمين طوال أربعة عشر قرناً فارتفع صوت أحمد شوقي بقصيدة قوية صادقة المشاعر يقول فيها:

ضجَّت عليكِ مآذنٌ ومنابرٌ

وبكتْ عليكِ ممالكٌ ونواحِ

الهندُ والهةٌ ومصرُ حزينةٌ

تبكي عليكِ بمَدمعٍٍ سَحَّاحِ

والشَّامُ تسألُ والعراقُ وفارسٌ

أمحا من الأرض الخلافةَ ماح؟

والشاعر محرم كتب قصيدة بهذه المناسبة يقول فيها:

مضى الخلفاءُ عنكِ أين حلُّوا

وكيفَ بقيتِ وحدَكِ خبِّرينَا

وكتب الشيخ محمد حسنين مقالاً عنيفاً هاجم فيه الكماليين مبيناً فيه فظاعة جرمهم. وكتب محمد الباقوني مقالاً ينكر على الكماليين صنيعهم وأن الخلافة ليست ملكاً لهم لأنها خلافة المسلمين، والترك لا يتجاوز عددهم اثنان في المائة من عدد المسلمين. وكتب محمد شاكر أيضاً يقول: «فأي شر يحسب هؤلاء الملاحدة أنهم بإلغاء الخلافة يدفعونه، وأي خير يظنون أنهم للدولة يجلبونه… لقد نقضوا موثقاً أخذته عليهم ثمانية قرون وبعض قرن، واطرحوا أمانة حملوها كل ذلك العهد وخرجوا للمسلمين من تبعة لم يخرجهم منها أحد، وحاولوا عبثاً أن يحلوا بيعة بعنق كل مسلم في الأرض معقودة».

واضطرب الناس وأصبحوا في حيرة فلم يعرفوا كيف يتصرفون، فقد كان الدعاء يوم الجمعة لخليفة المسلمين وصاروا يدعون لسلطان مصر، ثم خرج الأزهر ببيان موقع باسم ستة عشر عالماً من علماء الأزهر أذاعوه بعد إلغاء الخلافة بأربعة أيام يقررون فيه بطلان ما تجرأ عليه الكماليون من عزل الخليفة عبد المجيد، وينبه المسلمين إلى حاجتهم للخليفة، ويدعوهم للإسراع في عقد مؤتمر (يقرر ما يراه في أمر الخلافة من الطريق الشرعي ويحذرهم من تسرب الخلاف الذي يؤخر الإسلام ويوهنه). وفي اليوم التالي نشر الشيخ محمد حسين وكيل الأزهر السابق مقالاً يبين فيه خطأ الكماليين فيما ذهبوا إليه من أن الخلافة عقبة في طريق التقدم، وختمه بدعوة المسلمين للنظر في أمر الخلافة. وعلى أثر ذلك كثرت الدعوات لعقد مؤتمر الخلافة وخاصة بعد أن أذيعت الشائعات لترشيح الملك حسين للخلافة. وعلى أثرها نشر علماء التخصص في الأزهر بياناً حذروا فيه من الانخداع بنداءات الخونة المارقين الذين ينادون ببيعة الملك حسين بن علي صنيعة الإنكليز. وحذروا من تهافت كل مملكة على جعل الخليفة فيها؛ فيتعدد بذلك خلفاء المسلمين، وتذهب ريحهم، وتضرب عليهم الذلة والمسكنة إلى يوم الدين.

ثم نشطت الدعوة إلى المؤتمر الإسلامي واجتمع العلماء برئاسة شيخ الجامع الأزهر وأصدروا بياناً في 25/3/1924م أفتوا فيه ببطلان بيعة عبد المجيد، وقرروا دعوة ممثلي جميع الأمم الإسلامية إلى مؤتمر يعقد في القاهرة برئاسة شيخ الإسلام للبت فيمن يجب أن تسند إليه الخلافة الإسلامية، وحددوا شهر شعبان موعداً لانعقاده. وشكلت لجنة المؤتمر الإسلامي وانتشرت فروعها في البلاد. وصدرت مجلة باسم المؤتمر الإسلامي تدعو فيه بأن المطلوب من المؤتمر هو اختيار خليفة للمسلمين. ولم ينعقد المؤتمر في موعده وأجّل مرات إلى أن عقد في 1926م وكان اجتماعاً فاشلاً لم يسفر عن شيء. وكان من بين من عمل على إفشاله ملك الأفغان (أمان الله خان). الذي كان طامعاً في الخلافة، بالإضافة إلى عمل مندوبي البلاد الإسلامية في معارضتهم ترشيح الملك فؤاد للخلافة، وكذلك أخذ الملك حسين البيعة لنفسه في فلسطين وشرق الأردن، وكذلك معارضة الإنجليز في ظهور الخلافة الإسلامية في أي صورة من الصور، وانقسم الرأي العام حول مسألة الخلافة، فسعد زغلول لما له من مكانة عند الناس كان يعارض مشروع الخلافة، وأخذ يريب الناس من هذا المشروع بحجة أن الإنجليز هم الذين يدفعون الملك فؤاد لترشيح نفسه. وانقسمت لجنة المؤتمر فمنهم من رأى بأن مصر لا تصلح لإقامة الخلافة لأنها محتلة، وأنه من الأجدى أن يعقد المؤتمر في أحد العواصم الحرة من الممالك الإسلامية. وانعقد المؤتمر آخر الأمر في أيار/ مايو 1926م حضره ما يقرب من ثلاثين عضواً، وبعضهم حضر بشخصه لا يمثل هيئة أو حكومة، وبعضهم حضر للاستماع دون المشاركة أو إبداء الرأي مثل مندوب إيران. وفشل المؤتمر وانتهى إلى تقرير أن الخلافة الشرعية المستجمعة لشروطها المقررة في كتب الشريعة الغراء من أهمها الدفاع عن حوزة الدين في جميع بلاد المسلمين، وتنفيذ أحكام الشريعة الغراء فيها، لا يمكن تحقيقها بالنسبة للحالة التي عليها المسلمون الآن. وقرر أن تبقى هيئة المجلس الإداري لمؤتمر الخلافة بمصر على أن ينشئ له شُعَباً في البلاد الإسلامية المختلفة تكون على اتصال بها لعقد مؤتمرات متوالية فيها حسب الحاجة.

صدرت كتب معارضة للكماليين منها (النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة). لمصطفى صبري فقد تناول فيه أربعة مسائل:

1- فساد دين الكماليين.

2- الكلام عن عصبيتهم للجنس التركي ومحاربتهم للعصبية الإسلامية.

3- بيان أن الكماليين والاتحاديين اسمان مختلفان لشيء واحد.

4- الحديث عن صلتهم باليهود وعن تواطئهم مع الإنجليز.

أما الكتاب الثاني (الخلافة أو الإمامة العظمى) لمحمد رشيد رضا فقد تناول فيه:

1- بيان أن نهضة المسلمين تتوقف على إقامة الخلافة الإسلامية.

2- الدعوة إلى تعاون العرب والترك على إقامة الخلافة.

3- التأمل في واقع العالم الإسلامي توصلاً لتلمس الطريق إلى نهضته.

وفي تركيا عمد مصطفى كمال أتاتورك إلى قتل العلماء والأئمة الذين عارضوه.

وهكذا نرى بأن المسلمين كانوا يستشعرون أهمية الخلافة في حياتهم لكنهم لم يتصرفوا إزاء هذه الفاجعة وهي إلغاء الخلافة التصرف الذي يليق بأمة الإسلام باعتبارها قضية مصيرية، وأنه يجب اتخاذ إجراء الحياة والموت إزاءها، فلم يدركوا أن هذه القضية قضية مصيرية يتوقف عليها مصير المسلمين ومصير الإسلام، وأن الإجراء الصحيح هو حمل السلاح وقتال الكماليين، ولو أدركوا ذلك لما وقع ما وقع. واليوم ونحن نرى حال الأمة الإسلامية والمحنة التي تعيشها نقول: حان الوقت الذي يجب فيه على كل مسلم أن يجعل قضية عودة الإسلام لحياة المسلمين بإقامة الخلافة بالطريقة الشرعية قضية مصيرية له في هذه الحياة؛ لتعود الأمة لعزتها وليعم الخير العالم كله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *