العدد 46 -

السنة الرابعة – رجب 1411هـ، شباط 1991م

مع القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ). (سورة المائدة: 51-56)

نقرا هذه الآيات الكريمة في هذه الأيام والحرب ملتهبة في العراق، في هذه الحرب اليهود والنصارى حلف واحد. بعض المسلمين انضموا إلى هذا الحلف، وكأن الآيات تنزل الآن لتقول لهؤلاء المسلمين الذين ضلوا: (لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ).

قال ابن كثير في تفسيره: (قال عبد الله ابن عتبة لِيَتّقِ أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر. قال فظنناه يريد هذه الآية :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) الآية.

إن ما يفعله بعض حكام المسلمين الآن هو أكثر من المولاة لليهود والنصارى، إنهم يسلمون أموال البلاد ونفط البلاد وأرض البلاد وأسلحة البلاد وجيش البلاد للكفار (اليهود والنصارى) ليس ليعينوهم على كفار آخرين بل ليعينوهم على المسلمين. فهل يبقى هؤلاء الحكام مسلمين، وهل يبقى علماء السلاطين الذين يبررون ذلك مسلمين؟

إن هؤلاء الحكام ومن يبرر لهم هم منافقين دون أدنى ريب. إنهم يخشُون أن تدور لهم عليهم الدوائر ولذلك يوالون الطرف القوي (حسب ظنهم)، يوالون أميركا كي تحافظ لهم على عروشهم. انظروا كيف ينطبق عليهم قوله تعالى:(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ).

إن كلمة (عسى) غالباً ما تأتي في القرآن ليؤكد تَحَقَقُ ما بعدها. ونحن نستبشر منها في المعركة الحالية (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ)وتعود أميركا وحلفها خاسئين ويندم هؤلاء المنافقون، المنافقون الآن أشد وقاحة من منافقي الأمس. أولئك كانوا يُسِرون في أنفسهم أما هؤلاء فإنهم يجاهرون. حكام السعودية ومن تبعهم من (علماء) وحكام مصر ومن تبعهم من (علماء) وغيرهم عقدوا المؤتمرات الإسلامية  في مكة المكرمة (أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ) أي مع المسلمين (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ).

ثم جاء قولة تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) أي أن الذي يوالي اليهود والنصارى يصبح منهم ويصبح مرتداً عن دينه الإسلام. وتأتي مع هذا الكلام بشارة من الله بأنه سبحانه عندما يرتد هؤلاء فلن يبقوا في مراكزهم ولن يفيدهم ولاؤهم لليهود والنصارى بل سيندمون ويخسرون ويأتي الله بدلاً منهم (بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ).

اللهم اجعلنا من هؤلاء القوم الذين تحبهم ويحبونك، واجعلنا أذلة على المؤمنين رحماء بهم، واجعلنا أعزة على الكافرين أشداء عليهم. واجعل اللهم ولاءنا لك ولرسولك وللمؤمنين، ولا تجعل ولاءنا للكافرين. واجعلنا من حزبك الغالبين□

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *