العدد 90 -

السنة الثامنة جمادى الأولى 1415هـ, تشرين الأول 1994م

مستقبل العرش الأردني

مرجع سياسي وثيق الصلة بالملكي الأردني قال لجريدة «الحياة» 06/10/94 بشأن مفاوضات الأردن وإسرائيل: «إن التوصل إلى معاهدة سلام مع إسرائيل ليس الهدف النهائي للمفاوضات». إن الأردن «يريد ضمانات حيال مستقبل أمنه السياسي والاقتصادي والاجتماعي» وقال مصدر مسؤول إن الأردن «يجب أن يحصل على ضمانات إسرائيلية بتعهدات أميركية، تتعلق بوضعه الأمني والسياسي والاقتصادي في المرحلة المقبلة».

من الأمور الواضحة عند السياسيين أن الكيان الأردني كان يعتمد في حماية نفسه على الإنجليز دولياً وعلى إسرائيل إقليمياً. وقد حاولت أميركا مراراً إزاحة الملك حسين عن عرشه منذ سنة 1957 ولم تستطع. والآن تدخل المنطقة طوراً جديداً بعد الصلح مع العدو الإسرائيلي. ويريد الملك أن يطمئن إلى بقاء العرش في أسرته. ووجد أن حماية ذلك ما زالت تعتمد إلى حد كبير جداً على إسرائيل. وقد وافق على تأجيرهم الأرض (ليس الأرض التي يحتلونها فقط والتي قيل أن مساحتها 400 كلم مربع ولكن هناك مواقع أخرى بقيت سرية) بدون أي مقابل لمدة 35 سنة قابلة للتجديد (ولم يحددوا عدد مرات التجديد). وهو يريد من إسرائيل مقابل ذلك أن تحمي له عرشه بنفوذها وبقوتها العسكرية إذا لزم الأمر كما فعلت خلال السنين السابقة. وهو يريد من إسرائيل أن تصلح الأمور بينه وبين أميركا، وأن تأخذ له تعهدات من أميركا أن لا تحاول قلعه أو قلع أسرته من العرش.

ولذلك فنحن رأينا أن معاهدة الصلح بين إسرائيل والأردن هي أكثر من معاهدة صلح، هي معاهدة صداقة وتعاون وتنسيق، هي معاهدة أُخوّة وتكامل. وبدا الملك مسروراً وممنوناً وراح يعانق بيريز ويشعل السيجارة لرابيه واعتبر أنه حقق أغلى أمانيه. ونحن لم نلمس مثل هذه الحرارة في معاهدة الصلح بين مصر وإسرائيل رغم مرور 15 سنة عليها.

ومن أجل حماية عرشه ما زال يحاول الإيقاع بين الأردنيين من أصل فلسطيني والأردنيين من أصل أردني. ويضرب على وتر الوطن البديل، ويصوّر للأردنيين أنه إن أفلت العرش منه ومن أسرته فسيسطر الفلسطينيون على الأردن ويَحْرمون الأردنيين من كل سلطة أو أرض أو مصلحة.

ولكن إلى متى ستبقى مسألة إثارة الحساسيات بين أردني وفلسطيني تخدم أصحاب العرش، وهل سَيَفي اليهود للملك بوعودهم؟

المسلمون في الأردن وفي فلسطين أسرة واحدة وأمة واحدة، وإذا وُجِد أشخاص هنا وهناك عملاء فإن هذا لا يغيّر حقيقة أنهم إخوة. أما عن وفاء اليهود بوعودهم فهذا يعتمد على ما يحققونه من منافع. الوفاء ليس من شيم اليهود. اليهود شيمتهم الغدر ونقض العهود. وإذا كان اليهود وفوا بوعودهم للعرش الأردني على مدى الفترة السابقة فما ذلك إلا لأن مصلحتهم كانت تتطلب ذلك. أما في المستقبل فمن يدري؟

وهناك مشكلة على العرش بعد الملك حسين بين أخيه حسن وأولاده وخاصة علي بن علياء. وكان الملك ينوي تعديل الدستور من سنة 1982 بحيث يصبح ابنه عبد الله ولياً للعهد بدل أخيه حسن. مما يجعل حسناً يغضب ويذهب إلى لندن. وقد أقنع الإنجليز حسيناً بترضية أخيه. فترك الملك الدستور كما هو [الدستور الأردني يشترط أن يكون الملك من أبوين عربيين وبما أن أم عبد الله وفيصل إنجليزية فلا يحق لهما اعتلاء العرش، أما علي فأمه علياء من نابلس فيحق له، وأولاد نور لا يحق لهم لأنها أميركية]. وقد عادت المشكلة الآن لأن ابن الملك حسين (علي) قد بلغ السنّ فصار أولى من الأمير حسن بولاية العهد. ومن أجل إزالة الوساوس من صدر أخيه حسن أراد الملك أن يرتب الأمر بشكل جلي. ولكن من يدري ماذا يضمر أفراد الأسرة الملكية لبعضهم.

الملك وأسرته مع اليهود والإنجليز والأميركان بالتفكير، والله سبحانه وتعالى بالتدبير، والأمة الإسلامية تعمل للتغيير. والله ولّي التوفيق ¨     

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *