العدد الثاني -

السنة الأولى، العدد الثاني، ذو القعدة 1307 هـ، الموافق تموز 1987م

بريد الوعي: الفرق بين السفير والقائم بالاعمال- هروب أم هجرة؟- الشورى

 وصلتنا رسالة من القارئ عادل ش. كلية الإمام الأوزاعي ـ وتضمنت الرسالة مقالاً صغيراً يعرِّف الشباب المسلم على قضية مهمة انزلق الكثيرون فيها وجهلوا معناها، وهو الفرق بين السفير والقائم بالأعمال، كما تتضمن الرسالة وجهة نظر الإسلام في قيام علاقات بين الدولة الإسلامية ودول الكفر المجاورة. ونورد فيما يلي نص الرسالة:

الفرق بين السفير والقائم بالأعمال

السفير: هو أعلى مراتب السلك الدبلوماسي، وهو رئيس البعثة الدبلوماسية التي تعرف بالسفارة. ويتميز السفراء عن غيرهم من الممثلين الدبلوماسيين بأنهم يُعْتَمدون مباشرةً لدى رئيس الدولة الموفدين إليها، ولهم حق الاتصال به وطلب مقابلته كلما كان هنالك ما يقتضي ذلك، كما أنهم يتقدمون غيرهم من أعضاء السلك السياسي في الاحتفالات الرسمية.

القائم بالأعمال: وهو في مرتبة أقل من السفير وفي درجة تلي درجة السفير والوزير المُفَوَّض (رئيس بعثة دبلوماسية تسمى مفوضوية).

والقائم بالأعمال يُعتمد لدى وزير الخارجية وليس لدى رئيس الدولة كالسفير والوزير المُفوض، كما أنه ليس له حق الاتصال المباشر برئيس الدولة المُعْتَمَدْ لديها.

وتنظيم العلاقة بين دولتين على مستوى القائم بالأعمال إذا كانت العلاقات القائمة بينهما جديدة، أو إذا كانت غير وديَّة.

وحين يتم الاعتراف الدولي بقيام دولة جديدة يُتَّوج هذا الاعتراف بإقامة علاقة دبلوماسية بين الدولة المُعْتَرِفَةْ والدولة الجديدة المُعْتَرَفْ بها وقد تكون العلاقة على مستوى قائم بالأعمال أو مستوى وزير مفوض أو مستوى وزير. وهذا الاعتراف هو إقرار من قبل الدول أو الدولة المُعْتَرِفَة بوجود دولة جديدة وإقرار بأنها:-

1- مستقلة بحدود معينة عن جاراتها وغيرها من الدول.

2- قائمة على رقعة جغرافية حيث يضمها إقليم معين محدد.

3- قادرة على الوفاء بالتزامات القانون الدولي، وعندها الاستعداد لذلك، بما في ذلك دخول هيئة الأمم ومجلس الأمن والالتزام بقراراتهما.

والاعتراف يعني الإقرار بأن الدولة الجديدة المُعْتَرَفْ بها قد استكملت كل مقومات الدولة وأنها مؤهلة للتعامل معها كعنصر عضوا في المجتمع الدولي له حقوق وعليه التزامات والذي يحدد الحقوق والالتزامات هم الدول الأكثر تأثيراً في العالم وبالأخص الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن.

ومن جهة نطر الإسلام ليس هنالك ما يمنع من إقامة مع الدول القائمة في دار الكفر، وتتمثل تلك العلاقة بإيفاد مبعوثين يُسمون رُسلاً، وقد يكون الرسول رسولاً مُقيماً أو رسولاً متجولاً. وتَسْتَقْبِلُ كذلك مبعوثي الدول الأخرى سواء أكانوا مقيمين أم متجولين. لكن الدولة لا تُقيم أية علاقة دبلوماسية مع إقليم أو قطر إسلامي منفصل عن جسم الدولة الإسلامية لأن ذلك يُعتبر تكريساً لهذا الانفصال واعترافاً بالتجزئة والاستقلالية لذلك الإقليم وهذا يتنافى مع وحدة الأمة والدولة والأمير، الأمر الذي يحرص عليه الإسلام أشد الحرص، والأدلة على ذلك كثيرة نسوق منها على سبيل المثال قول سيدنا محمد r: «إذا بُويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما». «فإن جاء أحد ينازعه فاقطعوا عنق الآخر». صدق رسول اللهq

هروب أم هجرة

في يوم الأربعاء الواقع في 7 شوال 1407هـ الموافق في 3 حزيران 1987م، سأل مقدم برنامج المسابقات (رالي)، والذي يُبث على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال التابعة لميلشيا القوات اللبنانية، المتبارين السؤال الآتي:

ما هو السبب في ابتداء التقويم الهجري؟.

وطرح المقدم ثلاث احتمالات كان أحدها (هروب النبي محمد إلى المدينة).

فكان الرد من المتبارية (هروب محمد).!!!.

إن هذا التوجيه في الأجوبة على الطريقة الأميركية مجافٍ للحقيقة. إذ أن سبب بدء التاريخ الإسلامي بالهجرة كان يمكن أن يكون بمولد النبي كالتاريخ الميلادي أو ببعثته. إلا أن سيدنا عمر رضي الله عنه اختار التاريخ الهجري باعتباره نقطة وجود الإسلام في واقع الحياة، وتنفيذه بالسلطة والحكم.

وكانت هجرة الرسول من مكة إلى المدينة بعدما تفاعل مجتمع المدينة بالمبدأ السماوي الجديد وناصروه فهاجر الرسول r إليها بوحيٍ من الله عزّ وجل، إذ أنه لا يتصرف بوحي من نفسه بل يتنزل عليه الوحي من الله ويتصرف بناءً عليه: ]وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى @ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى[ فانتقل بهجرته هذه من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة وكانت ضرورة استلام السلطة في المدينة تقتضي منه الانتقال إليها ليطبق مبدأه على مجتمعها. والهجرة هذه هي التي قلبت ميزان القوى ليس فقط على مستوى شبه الجزيرة العربية بل على مستوى العالم كله، لقد كانت الخطوة التاريخية التي سجَّلت بداية عهد إنساني جديد، انتصر بها حملة المبدأ الصحيح على من عداهم.

لم تكن الهجرة هجرة المصطفى r والفئة المؤمنة القليلة التي انتظرته على أحرِّ من الجمر في المدينة هروبٌ كما ادعى وتجنّى معدُّ البرنامج ـ من حالة العذاب والخطر المتصاعد، إلى حالة الأمن والطمأنينة، بل لقد كانت انطلاقة مرحلةٍ مصيرية حاسمة في التاريخ، إنها مرحلة العمل المنظم من خلال دولةٍ، مرحلة المواجهة العنيفة الصادقة بين الصالح والطالح، بين الخير والشر، بين الحق والباطل. هذه المرحلة شهدت منذ البدء بناء أوّل مسجد في الإسلام، وتأسيس أول دولة إسلامية، أول نقطة مضيئة على خريطة العالم، ولم تلبث دائرة الضوء هذه أن اتسعت مبددة الظلمة الحالكة ناشرةً نور الهدى وعدالة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها.

بالله عليك! كن صادقاً مع نفسك، ونزيهاً في حكمك وبدون حقد هل هذا يسمى (هروب)؟! q

  • وردتنا رسالة من الأخ القارئ أحمد الراشد ـ كلية بيروت الجامعية. وهذا نصها:-

من المواضيع المهمة التي يعاني منها المسلمون في جميع أقطار العالم الإسلامي، التقاتل فيما بينهم وسفك دماء بعضهم البعض. فأرجو على مجلة (الوعي) الموقرة، التي أملنا فيها كبير بنشر الوعي بين أبناء وشباب الإسلام، أن تتطرق لهذا الموضوع المهم جداً وإظهار حكم الإسلام فيه وخاصة أن الله عز وجل يقول: ]وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا[ صدق الله العظيمq

(الوعي): إن (الوعي) إذ تشكر للقارئ الكريم غيرته الشديدة على المسلمين تَعِدَهُ بأنها ستتطرق لهكذا موضوع في الأعداد القادمة إن شاء الله. وتناشد أبناء الإسلام التوقف عن سفك دماء بعضهم البعض والوعي على ما يخططه الكفّار ويكيدونه للمسلمين.

  • وصلتنا رسالة من القارئ أ ـ ج. جامعة لاهور ـ باكستان وهذا نصها:-

بسم الله الرحمن الرحيم

الشورى

يُؤسفني أن يخدع الشباب الواعي بما يخططه الخبثاء: وما يصنعون من أحابيل لجرهم إلى مناقشة أمور يستهدفون جعلها موضع نقاش ومدار بحث فموضوع الشورى ومناقشته كنظام حكم، وجعل الشورى نظام حكم ديمقراطي أو نظام حكم إسلامي فإن مناقشة هذا الموضوع على هذا الصعيد أحبولة وقع فيها غالبية المسلمين. وأخذ الكثير من علمائهم يناقشون الشورى، ويثبتون أنها نظام حكم في الإسلام.

إن الشورى ليست نظام حكم لا في الإسلام ولا في الديمقراطية ولا في الشيوعية. فهي ليست نظاماً. فالشورى هي أسلوب للوصول إلى ما يُظن أنه الرأي الصواب في مسألة ما ويرجع فيه من يحتاجه إلى من يظن فيه القدرة على التمييز بين الصح والخطأ في هذه المسألة سواء أكان حاكماً أم مديراً أم شخصاً عادياً فحين يحزبه أمر ولا يستطيع أن يرتاح لرأي يرتأيه فإنه يلجأ إلى من يظن فيه القدرة فيسأله عنه. هذه هي الشورى، أي هي بحث عن صواب الرأي وقد يستعمله الشيوعي فرداً أو حزباً أو حكماً وقد يستعمله الرأسمالي فرداً أو حزباً أو حكماً، وقد يستعمله المسلم فرداً أو حزباً أو حكماً. وموضوعها دائماً هو الوصول إلى رأي. وبالنظر في الآراء نجدها لا تتعدى أربعة آراء، في جميع الدنيا.

أ- رأي في مسألة فقهية ويُسأل فيه الفقهاء.

ب- رأي في مسألة فكرية ويُسأل فيها أصحاب الفكر.

ج – رأي في مسألة فنية أو تعريف ويُسأل فيها أهل الاختصاص.

د- رأي في القيام بعمل ويُسأل فيها أهل القدرة عن استعدادهم.

فالحالات الثلاث الأولى يُتحرى الوصول إلى الصواب. والصواب مطابقة الرأي للواقع، ولا عبرة للقلة أو الكثرة، وأما الحالة الرابعة فالعبرة فيها لأصحاب القدرة إن كانوا على استعداد للقيام بالعمل أم لا.

اقتراح

أتمنى على المجلة التطرق في باب (في مواجهة الغزو الفكري) إلى المواضيع التالية نظراً لأهميتها بالنسبة للشباب المسلم في وقتنا الحاضر، والمواضيع هي:

1- أساس التبشير وتاريخه في البلاد الإسلامية.

2- دور الحركة الماسونية وتأثيرها في بلاد الإسلام.

3- دور المستشرقين في تشويه الإسلام.

واقترح التطرق لموضوع كيفيّة الرد على الملحدين والكتابيِّين، واستحداث باب يتعلق بأحداث العالم الإسلامي ليتسنى للمسلم الإطلاق على هموم إخوانه ومشاركتهم همومهم استجابةً لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «من أصبح ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم»q

عمر سعد ـ كلية بيروت الجامعية.

(الوعي):

نشكر للأخر القارئ اهتمامه بالمجلة، ونرحب بكل اقتراح لتطويرها وتمكينها من بلوغ أهدافها، وهي إيجاد الشباب المثقف الواعي. أما المواضيع التي اقترحها فسنتطرق إليها في الأعداد القادمة إن شاء الله. كما يمكن للقارئ الاطِّلاع عليها في كتب (أخطار الغزو الفكري على العالم الإسلامي) للدكتور صابر طعيمة، وقد تطرقنا إليه في باب (كتاب الشهر).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *