العدد 39 -

السنة الرابعة – ذو الحجة 1410هــ، تموز 1990م

قبس من نور الخلافة الراشدة

شعر: يوسف إبراهيم

إلى الشباب الذين حملوا مشاعل الضياء السرمدي ليعيدوا كوكب الخلافة الآفل ومجدها الزائل، إلى الذين ساروا بخطى واثقةٍ بنصر الله على طريق الجهاد والتحرير ليحطِّموا طغيان الردة ويمحوا عار الهزيمة

النور أشرق بسَّاماً مُحيّاه

يَسري فتبتسم الدنيا لمسراه

والنصر تخفِق فوق الهام رايته

جذلى وتهتف بالآمال بُشراه

ورَفَّ طائره الميمون منطلقاً

في الشرق والغرب خفّاقاً جناحاه

وحيٌ من الله يَهمي غيثهُ غَدَقاً

والأرض مشتاقة ظمأى لسقياه

يا أيها المطر الجرار ما عرفَتْ

مرابعُ الخِصب طيبَ الزرع لولاه

أأنت نهر من الأضواء فجره

الرحمنُ من لوحه المحفوظ مَجْراه

أم أنت بلسم جرح لو يُمسُّ به

مَيْتٌ بمرقدِه الفاني لأحياه

والفكر نور الرحمن أو قده

عالي السنا لأولي الألباب أهداه

وزين البَشَر المخلوقَ من حماءٍ

به وأحياه إنساناً وسوّاه

فأشرقتْ بضياءٍ الله فطرتُه

وسبّحت باسمهِ الأعلى خلاياه

وشعَّ توحيدهُ ما بين أضلعه

روحاً من الله ضمَّتها حناياه

تَتَابع النور في كل العصور فما

من حُنْدُسٍ حالكٍ إلا وجلاَّه

حتى أضاء رُبى البطْحاء ساطعُه

وجاد طَيبة بالأنوْاء أسْخاه

وراح يسكب من أنْدائه خَضِلاً

فـأورق الكونُ واخضرَّت صحاراه

وأكملَ الدينَ ربُ الدين وارتفعتْ

عِمادُه وتحدّى النجمَ مبناه

حتى مضى المُرسَلُ الهادي لخالقه

وثبَّتَ الحقَّ بالتأييد مولاه

وظلّتْ الأُسد تحميه وتنصرُه

تصونُ بينانَه بالتأييد مولاه

وراح يحكم بالقسطاس منتصراً

لله لما دعا الداي فلبّاه

وفي الجزيرة كادَ الدينَ شانِئُهُ

وراح فيها ظلامُ الكفر يغشاه

وارتد قوم جُفاةٌ لا خَلاقَ لهمْ

ولجَّ في الكفر أعتاه وأشقاه

أشاء عزمُ أبي بكر غواشِيَهُ

وسُلَّ سيفُ أبي بكر فأرداه

وسيَّر الجيشَ سيلاً لا يقاومه

طودٌ من الكفر إلا انْدَكَّ ركناه

يسيرُ تَعْلوهُ للإسلام ألويةٌ

فتسحقُ الرِّدةَ الكُبرى سراياه

فَخَرَّ كل نبي كاذِبٍ أشِرٍ

وكلُّ باغٍ غرورُ الجهلِ أعماه

يهوي طليحةُ والعنسيُّ حين رمى

سهماً من الإفكِ جنوناً فأصْماه

يهوي مسيلمة الكذاب منتحراً

تحت النِّعال ومن بالكفر والاه

وسار ركب الهدى يمضي لغايته

ومنهجُ الله مصباحٌ بيمناه

والأرضُ تستقبلُ الفتحَ المضئَ بهما

كالغيث بالبِشْر والأفراحُ تلقاه

كم غافلٍ من سباتِ النوم أيقظه

قد طال في حالك الديجورِ مغفاه

وظامئٍ لاهثِ الأنفاسِ تلفحُه الر

مضاءُ، من سَلْسَلِ القرآن روَّاه

فعزَّ بالعدل من هانوا ومن ظُلِموا

وثاب للرُشْدِ من ضَلَّوا ومن تاهوا

في كل قطر علا صوت الأذان به

طابت مرابعه وازدان مغناه

تهفو إلى الأمن أكباد مُرَوَّعَةٌ

وتَرْشُفُ النورَ أبصارٌ وأفواه

تلك الليالي التي تزهو كواكبُها

على النهار إذا ما النورُ جلاّه

تاريخ مجد تُثِيرُ الصخرَ صيحتُه

وتبعث المَيْتَ من أعماقِ مثواه

بناؤه صنعة الرحمن رسّخهُ

من فوق سبعِ سمواتٍ وأعلاه

ونحن قوم أعز الله نهضَتَنا

به وصانَ خطانا حين صنّاه

ولم تزل بعبير المجدِ تنفحنا

كالمسك والنَّدُ والريحان ذكْراه

واليومَ نسعى وفي الآمال بارقةٌ

ومَنْ يَسِرُ للعلا يظفر بمسعاه

عَهْدٌ حفظناه بالأرواح ما برحتْ

تضوع من دوْحة الرِّضوان ريّاه

لم نحْيَ إلا على ميثاقِ بَيْعتِه

يوما ولا عاش في الأعمال إلاه

عشنا كراماً بها بني الحياة فما

في الأرض من صنمٍ إلاَّ حَطمناه

ولا استطال بها عرشٌ لطاغيةٍ

إلا نهضنا وبالأقدام دسناه

ولا تصدى لنا بالحرب ذو صَلَفٍ

مستكبرٌ مجرمٌ إلا هزمناه

ولا تراكم ليلُ الظُلمِ مُعْتَكِراً

إلا بمِشعَلِنا الهادي أضأناه

ولم يقم مَنْهَجُ للكفر منحرفٌ

إلا ومَنْهَجُنا الأسمى تحدَّاه

يا فجرَ نهضتنا الكبرى، وأمتُنا

راحتْ تحثُّ الخطى شوقاً لِلُقْياه

لقد حملنا بصدق العزم مبدأها

لواءَ عزِّ بأيدينا رفعناه

مناضلون وفي أعناقنا قسمٌ

لا حِنْثَ فيه، وعَهْدٌ ما خَفَرْناه

كَم ابتُلينا بوحشٍ صالَ مِخْلَبُهُ

وأبْرقت بلهيبِ الغَدْرِ عَيناه

مُعَرْبِدِ النابِ يسطو فاتكاً شَرِساً

فلو أصاب به صخراً لأدماه

مغموسَةٌ في دماء الأبرياءِ لهُ

يد، ومضْطَرِمٌ بالحقدِ جنباه

تختال في خَطْوِهِ الجاني له قدمٌ

وتزدهي بسياط البطشِ كفَّاه

وكم جحيم بنارِ الظلمِ أوْقدَها

والشَّعْبُ في حرِّها المسعورِ يَصْلاَه

خاوي العقيدةِ والتفكير، مطلبُه

خزائنُ المال والكرسيُّ والجاهُ

والغربُ من لبنِ الإلحاد أرضَعَهُ

حيناً، وفي حِجْره المسمومِ رباه

وصاغه صنماً للكفر، أو شبحاً

للرُعْبِ يُخشى، وأغراه وأغواه

فأُتْرِعَتْ بقبيح الإثمِ مسيرَتُه

ودنِّسَتْ بمخازيها سجاياه

فراح يغمُرُ وجه البحر من دَنَسٍ

وتغمُرُ البرَّ من رجسٍ خطاياه

وصار للكفر شيطاناً بموطنه

وصار للغرب بعضاً من مطاياه

يا بؤسَهُ وطناً تخبو منارتُه

ويزدهي بليالي العُهْرِ ملهاه

ساد الطغاةُ عُتُوّاً فالضعيفُ به

يشكو، فلا تسمعُ الآذانُ شكواه

وأُوصِدَ الفكر فالليلُ البهيمُ به

قد ضلَّ مُبْصرهُ الهادي وأعماه

وكلُّ حرٍّ به ضاقت مسالكُه

بقوتِه المجهدِ العاني مأواه

وفي المواخير والبارات مثْقلةٌ

بالماس والعسجدِ الزاهي بغاياه

وفي السجون ملايينٌ مكبَّلةٌ

والعدلُ يُنْحَرُ والإجرام تيِّاه

تعنو لجلاَّده الأعناقُ صاغِرَةٌ

ذلاَ وترسُفُ في الأغلالِ أسراه

واليوم تشرقُ للإسلام شمسُ هدَّى

ويهتف المجد في أرجاء دنياه

تستقبل الروحُ والأبصارُ طلعته

فجراً، طوَيْنا دُجَأه وانتظرناه

لواؤه الحُرية للتحرير نرفعه

هُوجُ العواصف والإعصارُ يخشاه

كم صارع الليل في عزمٍ فبدَّده

وقاوم الصخر في صبرٍ فأوهاه

فرُد بالخِزي من بالحرب بارزه

ومات بالغيظ مَن بالكيد عاداه

وفُلَّ كلُّ سلاحٍ حين هدَّده

فسيفُه الحقُّ، أقواه وأمضاه

إنا حملنا إلى الدنيا رسالته

كَنْزاً تليد المعاني ما أضعناه

نجاهد الكفر والإسلام قائدُنا

وكم شهيدٍ لنا بالرُّوحِ فدّاه

في حُسنَيينْ إلى نَصْرٍ يُسَرَّ به

أو في حِمى جنَّة الفِرْدوْسِ مَحْياه

بشائرُ النصر قد لاحت وموعِدُنا

حطّينُ والمسجدُ الأقصى وقسراه

في موطن إن إلا صوتُ الجهاد به

أجابَه التُرْبُ مشتاقاً ولبَّاه

وعادتِ الروح تسْري في حجارته

عزماً وقامت من الأجْداث موتاه

يخشى العُدوُّ دماءً راح يسفكُها

وتقذِفُ الرعبَ في الجاني ضحاياه

توَدُّ مما ترى في الخُلدِ لو رجعت

سبعين للموتِ في المَيْدان قتلاه

يا راية المجد والتحرير ما وهَنَتْ

منا العزائم في دربٍ مَشَيْناه

يُصارع الموجَ والظلماءَ مركبُنا

وباسم مولاه مجراه ومُرْساه

ما راعنا البحرُ مهتاجاً ومُصطخباً

برُّ الأمانِ يقيناً قد عرفناه

تاريخنا بالدم المِعْطار ننشَرَهُ

سفراً مجيداً بأيدينا كتبناه

نهوى الكرامة أبراراً ونعشقها

ونرفض الذلَّ أحراراً ونأباه

نبايعُ الدين منهاجاً نسير على

هدى خُطاهُ ودستوراً قبلناه

نبايع المرسلَ المبعوث مرحمةً

للعالمين، نبيَّ الدين نرضاه

نبايع الله من بالدين أكرمنا

عِزّاً وأرشدَ مسعانا وزكاه

والحقُّ يقذَف غلاَّباً ومقتدراً

سهماً بعيدَ المدى يرمي به الله

يهوي على الباطل الباغي فيدمغه

ومن أُصيبَ بسَهْمِ الله أرْداه

والحقُّ من قوَّةِ الجبَّار قوَّته

ما كان أحقر شانيه وأغلاه

10 من شهر شعبان 1410هـ

12 من آذار 1990م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *