العدد 29 -

السنة الثالثة – العدد 29 – صفر 1410هـ، الموافق أيلول 1989م

زيارة البابا إلى لبنان

قالوا أن البابا ترقرقت الدمعة في عينية ألماً على لبنان، وقالوا بأنه يعمل المستحيل من أجل زيارة لبنان من أجل تخفيف آلامه. وهو يقصد آلام النصارى لأنه ناشد سوريا بوقف القصف ولم يناشد ميشال عون.

دعونا ننظر في مواقف البابا وتصرفاته لنرى مدى اتزانها وانسجامها:

1- إن الذي بدأ هذه الجولة من الحرب هو ميشال عون في 14 آذار وأعلن أن حرب التحرير بدأت ضد سوريا حتى يخرج آخر جندي سوري من لبنان، وميشال عون لا يمثل في موقفه هذا لبنان ولا يمثل نصارى لبنان ولا حتى الموارنة بدليل أن نواب النصارى اجتمعوا في بكركي في 18 نيسان واستنكروا تصرفه وأعلنوا بيانهم الشهير أن الانسحاب السوري يكون بموجب مقررات قمة فاس (أي بعد انسحاب إسرائيل من الجنوب وبناء على اتفاق بين حكومة لبنان الموحدة والحكومة السورية). وعلى أثر هذا البيان قام عون يشتم النواب وسفه موقف صفير وفرض حجراً على السياسيين في الشرقية. فكيف يتجاهل البابا ميشال عون ويلوم سوريا؟

2- إن الذي أعلن عن تدمير بيروت للمرة التاسعة هو ميشال عون. فكيف ينسى (أو يتناسى) حضرة البابا ذلك ويوجه النداء إلى سوريا ولا يوجهه إلى عون؟

3- سنة 82 قامت إسرائيل باجتياح لبنان واحتلت عاصمته بيروت وقطعت الماء والكهرباء والدواء والغذاء عن بيروت الغربية، وكان ذلك بمساعدة علنية سافرة من الموارنة في بيروت الشرقية. لم يحتج حضرة البابا حينئذ على إسرائيل ولم ينصح اتباعه الموارنة بأن لا يساعدوا العدو اليهودي ضد مواطنيهم. ولم تنزل دمعة البابا حين استباحت الكتائب صبرا وشاتيلا وذبّحت الناس بالبلطات بمساعدة اليهود.

4- البابا وجه رسالة في 16/05/89 إلى إسرائيل هذه يطلب منها اتخاذ تدابير عاجلة لمنع تدمير لبنان. نسي البابا أن إسرائيل دمرت لبنان سنة 82 ونسي أنها ما زالت تحتل أرض لبنان في الجنوب وأنها ترفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن بشأن لبنان، ونسي أنها تستبيح سيادة لبنان كل يوم بطائراتها وتضرب السكان بطائراتها وزوارقها ومدافعها. البابا طلب من الذئب أن يحرس الغنم.

5- إسرائيل هذه تكسر عظام الأطفال وتطلق الرصاص على الأهالي فتقتل منهم وتجرح كل يوم أكثر مما يحصل في لبنان، وتقوم بتهجير أجل البلد وتنسف البيوت وتقفل المدارس، فهل دمعت عين البابا من أجل هؤلاء؟ وهل ناشد البابا إسرائيل باسم الرب أن توقف غيها وتماديها؟ كلا بل هو ناشدها أن تهب للدفاع عن لبنان! إنها تحتل أرض غيرها وكل يوم تزيد إفساداً وكل يوم يصدر مجلس الأمن إدانة لها وهي لا ترعوي. وحضرة البابا يطلب منها مساعي الخير!

6- البابا يعلم أن الموارنة والنصارى نسبة قليلة العدد في لبنان ومع ذلك هم يستأثرون بكل الامتيازات. وكلما طالبهم أحد بشيء من العدل قاموا يصرخون ويطلبون الضمانات من دول الغرب. والبابا بدل أن ينصحهم ويوجههم إلى ما فيه خيرهم واستقرارهم يقوم إلى الصراخ معهم.

شيئاً من الاتزان والموضوعية يا حضرة البابا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *