العدد 22 -

السنة الثانية – العدد العاشر – رجب 1409هـ، الموافق شباط 1989م

كلمة حق كيف تتضاعف ديون (العالم الثالث)

يقول الدكتور سعد الدين إبراهيم في مقال نشرته له إحدى المجلات الأسبوعية:

«في دراسة حديثة لبنك مروغان تراستي في الولايات المتحدة قدر أن ما بين 40% و60% من مجموع القروض التي حصلت عليها بلدان العالم الثالث قد وجدت طريقها مرة أخرى إلى بلدان العالم الأول على شكل حسابات سرية خاصة لكبار المسؤولين، أو بأسماء ذويهم، فمن مجموع 1500 مليار دولار هي ديون العالم في منتصف الثمانينات قدرت الدراسة أنه يوجد في مقابلها حوالي ألف مليار دولار في بنوك العالم الأول في حسابات خاصة بأسماء مسؤولين حاليين أو سابقين من بلدان العالم الثالث، وقد وجدت هذه الدارسة أن المال الهارب من أحد الأقطار العربية يصل سنوياً إلى حوالي مئة بالمئة من مجموع القروض والمساعدات الأجنبية التي يحصل عليها هذا القطر العربي، أما في حالة مصر فإن النسبة كانت طبقاً لهذه الدراسة ودراسة أخرى أن لمعهد التمويل الدولي حوالي 35%، ويدخل في هذا المال الهارب إلى الخارج لا ما يحصل عليه المسؤولون من عمولات ورشاوى فقط ولكن أيضاً إبداعات المواطنين المحليين في بنوك أجنبية وذلك تأميناً لمدخراتهم نتيجة الشعور بعدم الأمان في بلدانهم، وجو الفساد الذي تتناقل الألسن بشأنه قصصاً حقيقة أو مبالغاً فيها أو وهمية، فكأننا هنا بصدد ظاهرة متشعبة أساسها الفساد.

فهناك أولاً: النهب المباشر لنسبة كبيرة القروض والمساعدات الأجنبية بواسطة مسؤولين كبار من خلال العمولات والرشاوى، وهؤلاء حريصون على تأمين ما نهبوه ويحتاطون لمخاطر الانقلابات وتداول السلطة فيهربون هذه الأموال المنهوبة إلى الخارج وبذلك يحرمون بلادهم مرتين مرة بالاستحواذ على جزء كبير من المال العام الذي كان ينبغي أن يخصص لجهود التنمية وتنشيط الاقتصاد المحلي، ومرة أخرى بتهريبه إلى الخارج وحرمان بلادهم من استثماره محلياً.

وهناك ثانياً: ما يخلقه جو الفساد العام في المجتمع من قلق وعدم ثقة بجعل بعض المواطنين المحليين يودعون أموالهم في حسابات في الخارج تأميناً لمدخراتهم، فكأن المستفيد الأول من الفساد في العالم الثالث هو المؤسسات المالية واقتصاديات دول العالم الأول، فهذه الأموال المهربة نفسها يعاد إقراضها لدول العالم الثالث بفوائد باهظة، وتستمر العجلة البشعة في الدوران، وتطحن في دورانها شعوب العالم الثالث».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *