العدد 18 -

السنة الثانية – العدد السادس – ربيع الأول 1409هـ، الموافق تشرين الأول 1988م

لبنان ولادة الكيان المصطنع

الدكتور كمال سليمان الصليبي، أحد أساتذة التاريخ في لبنان حالياً، يبين لنا متى ولد هذا الكيان المسمى (لبنان). وأحببنا أن ننقل إلى قراء «الوعي» نبذة مما كتبه مؤرخ نصراني، ليروا أننا لا نتجنّى حين نقول بأن لبنان كيان مصطنع وهو لا يملك مقومات الدولة ولا مقومات الاستقلال.

يقول كمال الصليبي في كتابه «تاريخ لبنان الحديث» (ص 11 ـ 13):

في أول أيلول 1920 أعلنت فرنسا، باعتبارها الدولة المنتدبة، لبنان الكبير في حدوده الحالية هذه. ثم اصبح لبنان جمهورية في 1926، ومستقلاً ذا سيادة في 1943، وعضواً مؤسساً في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة في 1945.

لكن قبل 1920، أي منذ 1516، كانت جميع الأراضي التي تقع اليوم ضمن الجمهورية اللبنانية تحت السيادة العثمانية. وكانت حتى 1864 تتألف من منطقتين إداريتين: واحدة في الشمال تابعة لولاية طرابلس، وثانية في الجنوب تابعة لولاية صيدا. أما منطقة البقاع فكانت جزءاً من ولاية دمشق، منفصلة عن هاتين الولايتين تماماً. كما كانت منطقة لبنان الجنوبي في الأساس جزءاً من ولاية دمشق، حتى استحدثت ولاية صيدا في 1660.

وفي 1864 أعاد العثمانيون تنظيم إدارة الأقاليم، فبقيت منطقة البقاع جزءاً من ولاية دمشق، فيما ألغيت ولايتا طرابلس وحلت مكانهما ولاية بيروت. وكانت قد أنشئت في 1861، بضمان الدول الأوروبية، متصرفية جبل لبنان، بحدود تمتد على وجه التقريب من أعلى السلسلة الغربية إلى البحر، باستثناء مدينة بيروت ومنطقتي طرابلس وصيدا. وبقيت هذه المتصرفية مستقلة عن ولاية بيروت حتى 1915. وكان على رأس متصرفية جبل لبنان، بين 1861 و1915، متصرف يعينه الباب العالي من بين رعاياه النصارى، بموافقة الدول الكبرى، ويعتبره مسؤولاً أمامه. وكان يشترط في المتصرف أن لا يكون لبنانياً. وكان يساعد المتصرف في الحكم مجلس إداري منتخب، وتقوم بحفظ النظام العام فصائل لبنانية من الدرك.

لم تستعمل عبارة «لبنان» استعمالاً رسمياً، محدد المضمون، إلا بعد إنشاء المتصرفية اللبنانية، فالمعنيون. حين حكموا مناطق لبنان الجنوبية ثم وسعوا حكمهم في غضون القرن السابع عشر حتى شمل معظم المناطق الشمالية، عرفوا بـ «أمراء الدروز»، لا بـ «أمراء لبنان». وكذلك عرف خلفاؤهم الشهابيون، بين 1697 و1841، مع أن هؤلاء لم يكونوا من الدروز، وإنما من السنّة الذين تنصروا في ما بعد.

أما عبارة «جبل لبنان» فكانت تطلق أصلاً على المناطق التي يسكنها الموارنة في أقصى الشمال، وهي جبّة بشري وبلاد البترون وجبيل. وكانت منطقة جبل كسروان، التي يسكنها الموارنة أيضاً، تعتبر جزءاً من جبل لبنان حيناً. ومنفصلة عنه حيناً آخر. وكانت عبارة «جبل لبنان» يقابلها ما سمي بـ «جبل الدروز» أو «جبل الشوف»، وهي المنطقة الواقعة إلى الجنوب من كسروان، عبر طريق بيروت ـ دمشق. ولم يكن لهذه المنطقة الدرزية في بادئ الأمر أية علاقة بمناطق الموارنة في الشمال. ولم تشملها عبارة «جبل لبنان»، على الأقل في الاستعمال الشائع، قبل القرن السابع عشر. وما جاءت أواخر القرن الثامن عشر حتى أصبح استعمال هذه العبارة يشمل الإمارة بكاملها، وذلك بعدما استقر عدد كبير من الموارنة في المناطق الدرزية في الجنوب. فلعل الموارنة الذين نزحوا إلى هذه المناطق، في القرنين السابع عشر والثامن عشر، اصطحبوا اسم موطنهم الأصلي، فشمل الشمال والجنوب معاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *