العدد 371 -

السنة الثانية والثلاثون، ذو الحجة 1438هـ،، الموافق آب/أيلول 2017م

حركاتُ السّلامِ اليهوديّةِ … وجهٌ آخرُ للصهيونية!!.. حلقة 6

حركاتُ السّلامِ اليهوديّةِ  … وجهٌ آخرُ للصهيونية!!.. حلقة 6

(الحركة الصهيونية العالمية)

 

تحدثنا في الحلقة السابقة عن الحقيقة الرابعة المتعلقة بهذا الموضوع، وهي (فكرة السلام): عن حقيقتها ومعانيها، والخداع والكذب والتضليل السياسي والفكري الذي يمارسه الكيان اليهودي – ومن يسير في ركابه ويناصره ويؤازره – في قلب الحقائق من أجل خدمة المشروع الصهيوني، وفي ضرب من يقف في وجه هذا المشروع الإجرامي الشرير. وفي هذه الحلقة سنتحدث – بإذنه تعالى – عن الحقيقة الخامسة كمقدمة لبيان حقيقة حركات السلام، والهدف من إنشائها، وأعمالها في دعم المشروع العالمي الصهيوني. هذه الحقيقة هي: (الحركة الصهيونية العالمية). ولا نريد أن نفصّل كثيرًا في هذا الموضوع؛ لأن الحديث فيه يطول، ولكن سنقف على بعض الأمور التي تلزمنا في هذا الموضوع وهي: (حقيقة هذه الحركة وكيف نشأت) و(الأهداف من إنشائها) و(ارتباط هذه الحركة بمشروع الكيان اليهودي في فلسطين) و(ارتباط الحركات السياسية في الكيان اليهودي – ومنها حركات السلام – بالحركة الصهيونية العالمية وأهدافها).

وقبل الحديث عن حقيقة هذه الحركة نقول: بأن اليهود والنصارى – على السواء – يخادعون الناس، ويضلّلونهم في أقوالهم وأعمالهم، وحتى مؤسساتهم؛ لأن اليهود والنصارى من طبعهم التحريف والتضليل والكذب والخداع، قال تعالى في بيان هذه الحقيقة: ( مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَيَقُولُونَ سَمِعۡنَا وَعَصَيۡنَا وَٱسۡمَعۡ غَيۡرَ مُسۡمَعٖ وَرَٰعِنَا لَيَّۢا بِأَلۡسِنَتِهِمۡ وَطَعۡنٗا فِي ٱلدِّينِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَا وَٱسۡمَعۡ وَٱنظُرۡنَا لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَقۡوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِيلٗا ) [النساء 46]. وقال كذلك: ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا يَحۡزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْۛ سَمَّٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِينَ لَمۡ يَأۡتُوكَۖ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ يَقُولُونَ إِنۡ أُوتِيتُمۡ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُواْۚ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ًٔاۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ ..المائدة 41)

وقد نمت هذه الصفات وازداد شرها – عند اليهود والنصارى – في ظل المبدأ الرأسمالي الجشع؛ المبنيِّ على الخداع والكذب والتضليل والميكافيلية، والظهور بأكثر من وجه في سبيل تحقيق المنافع والمصالح الدنيوية الوضيعة؛ لدرجة أن أصحاب هذا المبدأ – من اليهود والنصارى معًا – يقومون بأعمال وتصرفات؛ فيها إبادة وقتل وتخريب لمقدرات البشر، وحتى لبني دينهم وجلدتهم ومبدئهم؛ من أجل تحقيق منافع سياسية معينة. وقد ظهر هذا الأمر أكثر من مرة في تاريخ هذا المبدأ الهابط الشرير، ومن أمثلته ما حدث عند دخول أميركا الحرب العالمية الثانية، وكيف اصطنعت أحداث (ميناء هاربر)، وضحَّت بأرواح البحَّارة الأميركيين. يقول المفكر تيم كيلي: “الأدلة المتراكمة التي جمعها باحثون وصحافيون ومحققون على مدى السنوات السبعين الأخيرة؛ تبرر تلك الشكوك بشأن خدعة من قبل قمة هرم السلطة في واشنطن. فهذه الأدلة تشمل بيِّنة ظرفية على أن (فرانكلين روزفلت) وكبار مستشاريه تعمَّدوا جرَّ اليابان إلى شن الهجوم، كما تعمدوا تجاهل المؤشرات التي وصلتهم مسبقًا عن هجوم وشيك!!”. ومن أمثلة ذلك أيضًا ما جاء في الخطاب الأخير للرئيس الأميركي (أوباما) قبل تسليم سلطاته للرئيس الجديد (ترمب) حيث قال: “إن الولايات المتحدة الأميركية جاهزة لتوظيف جميع عناصر قوتنا، بما في ذلك القوة العسكرية لتأمين مصالحنا الأساسية في المنطقة”.

ومن أمثلته أيضًا ما جاء في كتاب (الخديعة المرعبة) للكاتب الفرنسي (تيري ميسان) حول أحداث الحادي عشر من أيلول؛ حيث قال: “الجيش الأميركي وحكومة (ظلّ) عسكرية داخل الولايات المتحدة، يرأسها صقور الإدارة الأميركية؛ قاموا بالتخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، من أجل دعم مؤسسات الصناعة العسكرية الأميركية، وإقامة ما أسماه جيش فضائي، يراد من ورائه تحقيق هيمنة أميركية مطلقة على العالم… والهدف الأبعد من هذه الآلية العسكرية الرهيبة؛ هو إثارة صراع حضارات يضعون فيها العالم المسيحي واليهودي من جهة، وفي الجانب الآخر العالم الإسلامي”.

كذلك ما جرى من قبل بعض الرأسماليين اليهود والرأسماليين الأوروبيين في إنشاء ما يسمى بالحركة والمشروع الصهيوني، وما جرى كذلك عندما أرادوا ترحيل قسم من يهود أوروبا إلى فلسطين، وكيف تآمروا مع السياسيين في الدول الرأسمالية الأوروبية، واصطنعوا الضغوطات والمذابح في بعض الأماكن.

يقول الدكتور (محمد عبد الرحمن) في كتاب (تاريخ المؤامرة على فلسطين): “وقد أكد هرتزل لوزير المستعمرات البريطاني (جوزيف تشمبرلن)؛ عندما قابله سنة 1902 وقال له: “إن قاعدتنا يجب أن تكون في فلسطين، والتي يمكن أن تكون دولة حاجزة؛ بحيث تؤمن المصالح البريطانية”.

ويقول الدكتور (عبدالوهاب المسيري) في كتاب (البروتوكولات واليهودية والصهيونية) (ص96): “قبل ظهور الصهيونية بين اليهود بفترة طويلة، قرر أحد الصهاينة غير اليهود (اللورد بالمرسون) ( 1784- 1865)، حينما كان يشغل منصب وزير خارجية بريطانيا، أن يستخدم اليهود كمخلب قط لقمع العرب”. ويقول أيضًا: “مع انتصاف القرن التاسع عشر، ومع تفاقم المسالة اليهودية في شرق أوروبا، ومع انتشار الفكر الإمبريالي بدأ بعض المفكرين اليهود في الاستجابة للصيغ الصهيونية غير اليهودية”.

والحقيقة، إن تسخير الفكرة الصهيونية للنواحي الدينية داخل فلسطين (من أجل خدمة الأهداف السياسية، وخاصة الرأسماليين في أوروبا) يشبه إلى حد كبير تسخير النصارى لموضوع الناحية الدينية والأماكن المقدسة في فلسطين من أجل تحقيق مآرب سياسية من قبل (البابوات) داخل أوروبا؛ لصرف الناس عن ظلمهم وفسادهم المستشري هناك. فاليهود والنصارى من طبعهم وسجيتهم – كما ذكرنا – أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه، ومن طبعهم وطبائعهم الكذب واللف والدوران وتغطية الحقائق. يقول الدكتور(محمد عبد الستار البدري) في (جريدة الشرق الأوسط) (عدد: 12881): “لقد كانت البابوية في روما تمر بأزمة حقيقية، وأصبح السؤال الذي يفرض نفسه على كل البابوات؛ هو كيفية استعادة حلم الأمة الواحدة – غير المفتتة – لتستطيع الإبقاء على الدور المركزي للكنيسة؛ بعيدًا عن بطش الملوك والأمراء؟ كيف يمكن جعل الكنيسة مرة أخرى بؤرة الحلم الجديد ومصدر شرعيته؟ وقد كان الجواب واضحًا، اختلاق حرب يكون العدو فيها من خارج الملة، وإسباغ الصفة الدينية على هذه الحرب، بدعاوى تحرير بيت المقدس، وحماية مسيحيي المشرق، وهكذا بكل بساطة سلك البابا (أوروبان الثاني) هذا الطريق لتقوية سلطته الدينية، وهكذا اندلعت الحملات الصليبية تداهم العالم الإسلامي تحت ستار الدين، حملات وراء حملات، تحمل عملية تطهير عرقي ممنهج. ويقول (الدكتور سعيد عبدالفتاح عاشور) في كتاب (تاريخ أوروبا في العصور الوسطى): “وأما الأمراء الذين ساهموا في الحركة الصليبية، فمعظمهم كانوا يجرون وراء أطماع سياسية، لم يستطيعوا إخفاءها قبل وصولهم إلى الشام، وبعد استقرارهم فيها. والمعروف أن النظام الإقطاعي ارتبط دائمًا بالأرض، وبقدر ما يكون الإقطاع كبيرًا والأرض واسعة، بقدر ما تكون مكانة الأمير سامية في المجتمع”. ويقول في نفس الكتاب: “يضاف إلى ذلك كله عامل آخر شجع كثيرين من فرسان الغرب الأوروبي على المشاركة في الحركة الصليبية؛ ذلك أنّ النظام الإقطاعي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالفروسية والحرب وإظهار الشجاعة، وأنّ حياة السلم كانت تعني البطالة بالنسبة لمحاربين محترفين لا عمل لهم إلا القتال والحرب. وعندما كثرت الحروب الإقطاعية وهدّدت المجتمع الغربي تهديدًا خطيرًا، تدخلت البابوية ونادت بما يُعرف باسم (هدنة الله) وهي أوقات معلومة يحرّم فيها القتال. وعندئذ بحث الفرسان الغربيون عن ميادين جديدة يستعرضون فيها عضلاتهم”.

  • فالأصل في بروز هذه الفكرة (الصهيونية وأهدافها) هي نواحٍ سياسية، ومؤامرة غربية من قبل الرأسماليين اليهود والساسة والرأسماليين الغربيين داخل أوروبا، وقد سخروا الرموز الدينية والفكر الديني اليهودي لخدمة هذا المشروع السياسي – تمامًا كما سخّر (البابوات) الفكر الديني والرموز الدينية في (الأرض المقدسة) لخدمة مآربهم السياسية، والهادف إلى (الخلاص من أطماع اليهود وفسادهم أولًا، والخلاص كذلك من بعض الرأسماليين اليهود داخل أوروبا) يقول الباحث (ناحوم غولدمان) في خطاب له ألقاه في مونتريال بكندا 1947م: “إن الدولة الصهيونية سوف تؤسس في فلسطين، لا لاعتبارات دينية أو اقتصادية؛ بل لأن فلسطين هي ملتقى الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، ولأنها مركز القوة السياسية العالمية الحقيقي، والمركز العسكري الاستراتيجي للسيطرة على العالم”. ومما يؤيد أن الفكر الصهيوني والحركة الصهيونية لم تكن في الأصل نابعة من العقيدة اليهودية، ولا من التوجه الديني عند اليهود ما ذكره الباحث (روجيه جارودي) في كتابه: (الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية) ذكر أن الصهيونية حركة سياسية وعقيدة قومية، لم تولد من اليهودية، بل من القومية الأوروبية في القرن التاسع عشر، فهرتزل نفسه صرح أنه لا ينقاد لأي دافع ديني؛ كما أنه لم يهتم بالأرض المقدسة بوجه خاص، فقد كان مستعدًّا ليقبل بأي أرض لتحقيق أهدافه القومية؛ حيث يقول في كتابه (الدولة اليهودية): “وهناك الآن منطقتان موضوعتان في الاعتبار: “فلسطين والأرجنتين” لكن أمام معارضة أصدقائه اليهود، فإنه يعي أهمية أسطورة أرض الميعاد، فيستغلها لجمع الشتات، ثم يقول: “هل نختار فلسطين أم الأرجنتين؟!، إننا سنأخذ ما يُعطى لنا، وما يختاره الرأي العام اليهودي، وسوف تقرر الجمعية كلا الأمرين”.

يقول الدكتور (محمود شاكر) في كتاب (موسوعة تاريخ اليهود)(ص 339): “رفض هرتسل عرض (اللورد روتشيلد) باستيطان اليهود أوغندا، إلا أنه وافق عليه عندما عرضه (تشمبرلين) عليه في نيسان 3019، وقام هرتسل بعرض المشروع على المؤتمر الصهيوني السادس في (بال سويسرا) في آب 1903، لكن المؤتمرين رفضوا المشروع”.

  • أما التعريف بهذه الحركة، وأصل تسميتها، والهدف من إنشائها وأهدافها القريبة والبعيدة، فإن هذه الحركة العالمية المنتسبة لليهود واليهودية كغطاء ديني هي حركة سياسية مضللة، اتخذت من الناحية الدينية غطاء لها، وتسمت باسم ديني كذلك هو جبل صهيون. جاء في المعجم الوسيط: (مجمع اللغة العربية) في تعريف الصهيونية: “الصهيونية نسبة إلى جبل قرب القدس يسمى صهيون. وهي حركة سياسية عنصرية أقام أسسها (تيودور هرتسل) سنة 1895 للمطالبة بإنشاء دولة في فلسطين ووطنًا قوميًا لعموم اليهود”.

ويقول الدكتور( أحمد عطية) في (القاموس السياسي) (ص 917): “تعرف الصهيونية في المصطلح السياسي على أنها: حركة يهودية دينية سياسية تهدف إلى إعادة مجد إسرائيل بإقامة دولة يهودية في فلسطين، وهي تمزج بين السياسة والدين، وتتخذ الدين ركيزة تقوم عليها الدعوة السياسية” وجاء في (الموسوعة السياسية) لـ (الدكتور عبد الوهاب الكيالي) (ص659): “إن الصهيونية دعوة وحركة عنصرية دينية استيطانية، تطالب بإعادة توطين اليهود وتجميعهم، وإقامة دولة خاصة بهم في فلسطين بواسطة الهجرة والغزو والعنف كحل للمسألة اليهودية”. أما أصل تسميتها بهذا الاسم فجاء في (الموسوعة الفلسطينية): “كلمة (صهيوني) مشتقة من الكلمة) صهيون (العبرية، وهي أحد ألقاب جبل صهيون في القدس، كما ورد في)سفر إشعياء (حيث وردت لفظة صهيون لأول مرة في العهد القديم عندما تعرض للملك داود عليه السلام؛ الذي أسس مملكته (960 – 1000 ق.م)، فيما صاغ هذا المصطلح الفيلسوف )ناتان بيرنباوم (في عام 1890، لوصف حركة أحباء صهيون، وأقر التسمية المؤتمر الصهيوني الأول في عام 1897″.

  • أما فيما يتعلق بارتباط الحركة الصهيونية بمشروع ما يسمى بالدولة اليهودية، وارتباط الحركات السياسية داخل هذه الدولة – ومنها حركات السلام – بهذا المشروع؛ فإن الدولة اليهودية بالنسبة للحركة الصهيونية هي الناحية العملية الرئيسة في تحقيق الحلم الصهيوني والهادف إلى: “تخليص اليهود – كما يدَّعون- من المأساة التي يعيشونها في العالم… وبناء الإرث اليهودي القديم عن طريق إعادة الدولة التاريخية العظمى… وتحقيق مصالح الغرب السياسية في المنطقة الإسلامية… وغير ذلك من أهداف معلنة وخفية”. وقد سعت المنظمات الصهيونية عن طريق الغرب ابتداء، من المؤتمر الصهيوني الأول في بازل سويسرا سنة (1897) مرورًا باتفاقات سايكس بيكو… ومرورًا بوعد بلفور – سعت إلى إرساء دعائم الدولة اليهودية عن طريق الدول الغربية، وخاصة بريطانيا العظمى… “

  • ويمكن إجمال أهم هذه الأهداف للحركة الصهيونية وطرق تحقيقها فيما يلي:

جاء في (موسوعة الأديان) من كتاب (رسائل في الأديان والمذاهب) للأستاذ محمد الحمد: من الأهداف التي تسعى إليها الحركة الصهيونية في أرجاء المعمورة:

1-  الدعوة  للصهيونية في حواضر العالم المتمدنة؛ في كافة أرجاء الأرض… والعمل على غرس وتنمية هذه  الفكرة في أعماق اليهود حيثما كانوا، وحملهم على اعتناقها وتحقيقها…

2- إغراء الدول العظمى التي بيدها الحل والعقد، بربط مصالحها بمصالح اليهود في إقامة دولتهم في فلسطين…

3- طمأنينة العالم المسيحي على الأماكن المقدسة في فلسطين، طالما أنها بعيدة عن سيطرة العرب، وتحت تصرف اليهود…

4- إقامة دولة إسرائيل في فلسطين، وتقوية هذه الدولة؛ حتى يمكن لها التوسع في المستقبل؛ لتصبح دولة إسرائيل الكبرى….

وتعمل هذه الحركة بعدة وسائل وأساليب لتحقيق هذه الأهداف في أرض الواقع – كما ذكر الدكتور (محمد  بن علي با خريبه) في كتاب (الصهيونية بإيجاز) منها:

1- إثارة الحماس الديني لدى أفراد اليهود في جميع أنحاء العالم؛ لعودتهم إلى أرض الميعاد المزعومة…
2- حث سائر اليهود على التمسك بالتعاليم الدينية، والعبادات والشعائر اليهودية، والالتزام بأحكام الشريعة اليهودية…

 3- إثارة الروح القتالية والعصبية الدينية والقومية لدى اليهود؛ للتصدي للأديان والأمم والشعوب الأخرى،  والعمل على تزييف التاريخ للادعاء بوعد فلسطين…

4- تدمير الإنسان عن طريق نظريات (فرويد) في الأخلاق، و(ماركس) في المال، و(دوركايم) في الاجتماع، و(سارتر) في أدب الانحلال والضياع… وفرض المادية على الفكر البشري…

  5- محاولة تهويد فلسطين، وذلك بتشجيع الهجرة من سائر أقطار العالم إلى فلسطين… والعمل على تدويل الكيان الإسرائيلي عالميًّا، وذلك بانتزاع اعتراف أكثر دول العالم بوجود دولة إسرائيل في فلسطين…

 6- متابعة وتنفيذ المخططات اليهودية العالمية السياسية والاقتصادية خطوة خطوة، ووضع الوسائل الكفيلة بالتنفيذ السريع والدقيق لهذه المخططات، ثم التهيئة لها إعلاميًّا، وتمويلها اقتصاديًّا، ودعمها سياسيًّا… 

7-  توحيد وتنظيم جهود اليهود في جميع أنحاء العالم أفرادًا أو جماعات ومؤسسات، وتحريك العملاء والمأجورين عند الحاجة لخدمة اليهود، وتحقيق مصالحهم ومخططاتهم…

 8- تطوير اللغة العبرية، والثقافة العبرية، وحث اليهود على التمسك باللغة العبرية، والتمسك بالتعاليم الدينية والشعائر الدينية… والعمل على إثارة الحماس الديني بين أفراد اليهود في أنحاء العالم إلى أرض الميعاد المزعومة…

 9- العمل على ربط مصالح الدول بمصالح اليهود في إقامة دولتهم في فلسطين… وفي نفس الوقت العمل على طمأنة العالم الغربي المسيحي على أماكن العبادة المسيحية في فلسطين…

10- إنشاء نوادٍ للصهيونية في كل إرجاء العالم، مثل المحافل الماسونية وغيرها مما يخدم أهداف الحركة الصهيونية…

 هذه أبرز الطرق والأساليب والأدوات في خدمة الصهيونية وأهدافها ومشاريعها… وهناك طرق وأساليب أخرى تتبعها هذه الحركة، ولا داعي للتفصيل فيها هنا..
يقول الدكتور (محمد خليفة) في كتاب ( الحركة الصهيونية وارتباطها بالإرث الديني ) (ص 92- 93): جاء في كتاب( الدولة اليهودية) لهرتسل: “اليهود شعب لا يمكنه الاندماج في الشعوب الأخرى؛ ولهذا فالعلاج الوحيد لمشكلتهم هو إقامة دولة يهودية تحميها المعاهدات الدولية”. ويقول أيضًا في نفس الكتاب: “إن إعادة بناء الدولة اليهودية وضع قديم بدأ منذ فقدت الجماعة اليهودية دولتها القديمة، كما إن الفكرة التي تبنى عليها فكرته مادة ملموسة وموجودة في الواقع اليهودي”.

وجاء في نفس الكتاب: “تقوم  (دولة اليهود) على ثلاثة مبادئ، أولها توحيد القبائل اليهودية في شعب واحد.. وثانيها عدم السماح باستيعاب اليهود في أي شعب آخر، وثالثها أنه لتحقيق هذه الأهداف يجب إيجاد وطن يقيم فيه كل اليهود. ولقد أضافت الحركة الصهيونية هدفًا رابعًا لهذه الأهداف في مؤتمر الصهيونية الأول بمدينة بازل السويسرية، وهو حق اليهود في الإقامة بفلسطين.

ويقول الأستاذ (نظام محمود بركات) في كتاب (الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين بين النظرية والتطبيق)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت: “أشار موسى هيس – أحد المؤسسين للحركة الصهيونية – إلى أنّ قيام دولة يهودية في فلسطين سوف يحقِّق الرسالة الحضارية لليهود في نقل الحضارة إلى الشعوب المتخلِّفة في آسيا وأفريقيا، وأنّ ذلك سيكون من خلال تأسيس المستوطنات اليهودية عبر رقعةٍ ممتدة من السويس إلى القدس، ومن نهر الأردن حتى البحر المتوسط”. وجاء في خاتمة كتابه (الدولة اليهودية): “يطلق هرتزل نداءً إلى يهود العالم يخاطبهم بالقول: “فيا إخواننا اليهود، هذه هي (أرض الميعاد) لا أسطورة هي ولا خدعة، وكل إنسان يستطيع أن يختبر حقيقتها بنفسه، لأن كل إنسان سيحمل معه قطعة من أرض الميعاد؛ بعضها في رأسه، وبعضها بين ذراعيه، وبعضها في ملكيتها المكتسبة”

هذا من ناحية ارتباط (الحركة الصهيونية وأهدافها) بالدولة اليهودية. أما من حيث ارتباط الحركات السياسية في الكيان اليهودي – ومنها حركات السلام – بالفكر والمشروع الصهيوني فسنتحدث عن ذلك في الحلقة القادمة (إن شاء الله تعالى) [يتبع]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *