العدد 370 -

السنة الثانية والثلاثون، ذو القعدة 1438هـ، الموافق آب 2017م

كريس باتن: الغرب منحل وفاسد!

كريس باتن: الغرب منحل وفاسد!

كتب كريس باتن رئيس جامعة أوكسفورد العريقة مقالًا نشرته الجزيرة نت مؤخرًا يمكن تلخيصه بجملة من المقال نفسه “في أيامنا هذه، نستطيع أن نصف الغرب بأنه منحل وفاسد”. وأكد كريس أن التسامح مع إهدار حقوق الإنسان في هذا العالم بات سمة بارزة لسياسات الغرب الخارجية، وأن  الغرب لن يتنازل عن مصالحه الاقتصادية من أجل القيم التي ينادي بها من “حريات مدنية وحقوق إنسان”.

ويضرب باتن مثلًا، “لنتأمل هنا حالة المعارِض الصيني الفائز بجائزة نوبل للسلام ليو شياو بو، الذي توفي مؤخرًا أثناء تنفيذه حكم السجن لمدة 11 عامًا لأنه دعا إلى الديمقراطية في الصين. فقد رفضت السلطات الصينية الطلب الذي تقدم به ليو قبل أسابيع فقط من وفاته للسفر إلى الخارج للعلاج من السرطان الشرس الذي أوهنه، ولا تزال زوجته قيد الإقامة الجبرية. والحق أن معاملة الصين للمعارضين من أمثال ليو لا توصف بأقل من أنها وحشية. ومع ذلك، لم يقدم القادة الغربيون سوى قِلة من التصريحات الدبلوماسية الدقيقة الصياغة في انتقادها.”

كما يبدو أن الصين عازمة على انتهاك التزاماتها المنصوص عليها في “الإعلان المشترك” الموقع مع بريطانيا، والذي يقضي بالحفاظ على طريقة حياة هونغ كونغ وسيادة القانون إلى عام 2047. وبالفعل هددت الصين استقلال السلطة القضائية، واستقلال الجامعات، وحرية الصحافة. ومع ذلك لم نر سوى مقاومة ضعيفة من الغرب، بما في ذلك بريطانيا. تُرى ما السبب وراء عزوف الدول الغربية عن انتقاد سلوك الصين بصوت أعلى وأكثر تماسكًا؟ يبدو أن الإجابة هي “المال”.

كما يتجلى إفلاس الغرب الخلقي حسب باتن في داخل أوروبا نفسها. إذ يواصل الاتحاد الأوروبي الامتناع عن إدانة جرائم رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي تمثل سياساته انتهاكًا لاتفاقيات حقوق الإنسان، سواء في معاملة اللاجئين أو ضد المجتمع المدني. وذهب أوربان إلى حد إحياء بعض صور معاداة السامية الأكثر بشاعة في المجر أيام ثلاثينيات القرن العشرين للنيل من خصومه. رغم هذا، فإن المجر تتلقى أكثر من 5.5 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي كل عام.

والواقع أن سلوك حكومة حزب القانون والعدالة في بولندا -التي تُظهِر أقل اهتمام بالقانون والعدالة- تثير قضايا مماثلة. فالحكومة تعمل على تعديل الدستور من أجل إحباط الضوابط والتوازنات الديمقراطية. ومن الواضح أنها تريد من القضاة أن يفعلوا ما يطلبه منهم الساسة، ولا تريد تمكين وسائل الإعلام من الإسهاب في الحديث عن ذلك الأمر. ويخلص باتن إلى أن انحلال السياسة الخارجية على هذا النحو يهدد بتقويض ادعاء الاتحاد الأوروبي بأنه مجتمع القيم، وليس مجرد اتحاد جمركي فخم، كما يجعل من العالَم مكانًا متزايد الخطورة وعدم الاستقرار.

الوعي: إن مشكلة باتن هي في تسليط الضوء على قضايا هامشية مقارنة مع فظائع الغرب في هذا العالم، على الأقل خلال القرنين الماضيين، من تدمير لدول، ونهب لثروات، واستعباد لأمم وشعوب بأكملها. كما أن المشكلة الأخرى لدى باتين هي أنه يرى أن ترجيح الغرب للمصالح الاقتصادية على القيم الإنسانية يتعارض مع مبادئ الغرب، رغم أن الغرب مدان في مبدئه ابتداء، ذلك أنه يقوم على الفكرة النفعية، ولم تتعد “حقوق الإنسان” عنده سوى (رتوش) يغطي به وجهه الاستعماري القبيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *