العدد 31 -

العدد 31 – السنة الثالثة – ربيع الثاني 1410 هـ الموافق تشرين الثاني 1989م

كتاب «الشهر»

الكتاب: معالم الخلافة في الفكر السياسي الإسلامي.

المؤلف: الدكتور محمود الخالدي أستاذ الثقافة الإسلامية المساعد ـ جامعة اليرموك.

الناشر: دار الجيل ـ بيروت ومكتبة المحتسب ـ عمان

الكتاب يقع في 511 صفحة من القطع الكبير.

في صفحة الإهداء يقول المؤلف: إلى جميع الخلفاء من الراشدين إلى العثمانيين، وإلى حَمَلَة لواء الدعوة العاملين المخلصين أهدي هذا الكتاب.

والكتاب موزع بين سبعة فصول، الفصل الأول يبحث في التعريف برئيس الدولة وألقابه التي تراوحت بين «خليفة، وأمير المؤمنين، وإمام وجميعها تطلق ويقصد بها رئيس الدولة ذلك السلطان الأعظم الذي يلي أمر الناس»، ثم يشرح الكاتب المراد بكلمة الخلافة لغة، والمراد بها شرعاً وينتقل لينقض الرأي القائل بأن الخليفة نائب عن الله تعالى، وكذلك ينقض الرأي الذي يقول بأن الخليفة نائب عن النبي محمد ، ثم ينقض الرأي الثالث القائل بأن الخليفة هو خليفة من قَبْله، ويؤيد الرأي القائل بأن الخليفة هو نائب عن الأمة، ثم ينتقل المؤلف إلى الفصل الثاني حيث يبحث حكم نصب رئيس الدولة، ويؤكد أن صبه واجب على الأمة شرعاً ويستعرض أدلة هذا الرأي من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة مضافاً إليها القاعدة الشرعية (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)، ثم يفند الآراء الأخرى القائلة بغير الرأي الأول ويثبت بطلان وخطأ القائلين بها، من مثل القول بأن (نصب رئيس الدولة واجب على الأمة عقلاً) أو أن (نصب الإمام واجب عقلاً على الله تعالى) أو أن (نصب رئيس الدولة ليس بواجب مطلقاً).

وفي الفصل الثالث يبحث الكاتب في الطريقة الشرعية لنصب رئيس الدولة (الخليفة) موضحاً أن البيعة هي الطريقة الشرعية لنصب الخليفة ومفرقاً بين بيعة الانعقاد وبيعة الطاعة، ومبيناً من هم أهل الحل والعقد، ومناقشاً آراء العلماء في ذلك من مثل: ابن حزم، وأبو يعلى، والإمام أحمد، والإمام النووي، والماوردي، والشوكاني، والقلقشندي، والآمدي، وإمام الحرمين، والجرجاني، وابن تيمية، والقاضي عبد الجبار الهمذاني، وعبد القاهر البغدادي، والجويني. ثم شرح المؤلف الاستخلاف والعهد ورد حجج القائلين بانعقاد الخلافة بالاستخلاف.

أما في الفصل الرابع من الكتاب فقد أورد المؤلف شروط انعقاد الخلافة وشروط الأفضلية والتي منها النسب القرشي مبيناً بطلان جعل النسب القرشي من شروط الانعقاد ومشيراً إلى أنه من شروط الأفضلية، ثم نقض دعوى عصمة الإمام ووضح أن الدولة الإسلامية هي دولة بشرية وليست دولة إلهية، وبين حكم انعقاد الخلافة للمفضول مع وجود الأفضل، وخلص إلى ذكر جميع الجهات التي قالت بأن إمامة المفضول جائرة ومنهم (جميع أهل السنة، وجميع الزيدية من الشيعة، وطائفة من المعتزلة، وطائفة من المرجئة وطائفة من الخوارج).

أما في الفصل الخامس فقد أفرد هذا الفصل لبحث وحدة الخلافة، مؤكداً أنه لا يجوز أن يكون في الدنيا إلا خليفة واحد، ومستشهداً بالأحاديث النبوية وبإجماع الصحابة، ومستعرضاً لآراء العلماء في تأكيد ذلك. وفي الفصل السادس من الكتاب يبحث المؤلف موضوع عزل الخليفة باحثاً أسباب العزل كما وردت عند العلماء ومناقشاً لرأيين معاصرين وهما: الرأي الأول للدكتور محمد رأفت عثمان، والرأي الثاني للعلامة الشيخ تقي الدين النبهاني والذي يبين أن الأسباب المؤدية لعزل الخليفة هي: الردة، والجنون المطبق، والوقوع في الأسر قائلاً بالنص «ففي هذه الأحوال الثلاثة يخرج عن الخلافة وينعزل في الحال ولو لم يُحكم بعزله، فلا تجب طاعته، ولا تنفذ أوامره من قِبَل كل من ثبت لديه وجود واحد من هذه الصفات الثلاث في الخليفة». إلا أن العلامة النبهاني لم يترك قرار عزل الخليفة للناس بشكل مطلق بل أكد أنه لا بد «أن يكون إثبات ذلك أمام محكمة المظالم، فتحكم بأنه خرج عن الخلافة وتحكم بعزله حتى يعقد المسلمون الخلافة لغيره خلال ثلاثة أيام». وفي ختام الفصل السادس بحث المؤلف في محكمة المظالم وصلاحيات محكمة المظالم التي أوردها كل الماوردي وأبو يعلى في الأحكام السلطانية وهي: النظر في تعدي الولاة على الرعية، والنظر في جور العمال فيما يجبونه من الأموال، وتصفح أحوال كتَّاب الدواوين، وتظلّم المسترزقة من نقص أرزاقهم من ديوان العطاء، ورد الغصوب السلطانية التي تغلب عليها ولاة الجور، ومشارفة الوقف العام والخاص، وتنفيذ ما عجز عنه القضاة من الأحكام، والنظر فيما عجز عنه قضاة الحسبة، ومراعاة العبادات الظاهرة: الجُمَع والأعياد والحج والجهاد، والنظر بين المتشاجرين والحكم بين المتنازعين.

وقد ختم المؤلف حديثه في الفصل السادس بموضوع محاسبة الحكام والذي قسَّمه إلى: (1) مشروعية محاسبة الحكام. (2) إقامة الأحزاب السياسية. (3) لا طاعة للحكام في المعصية. (4) خضوع جهاز الحكم للقضاء وبالذات محكمة المظالم. وقد شرح الكاتب الآية الكريمة ]وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ[ قائلاً إن هذه الآية تدل على إقامة الأحزاب السياسية من ثلاثة وجوه: الوجه الأول:- إن الله تعالى فرض على جميع المسلمين إقامة (جماعة) وهو معنى أمة كما ورد في تفسير الطبري هذه الأمة (تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر) كما ورد في ظلال القرآن، وهذه الأمة (الجماعة) تقوم بالدعوة إلى الإسلام فكراً وسلوكاً. الوجه الثاني:- إن الجماعة المطلوب إقامتها هي الحزب السياسي حيث أن الله سبحانه وتعالى لم يطلب في هذه الآية من المسلمين أن يقوموا بالدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنما طلب منها إقامة «جماعة» تقوم بهذين العملين. يقول سيد قطب في الظلال «فأما وظيفة الجماعة المسلمة التي تقوم على هاتين الركيزتين ـ الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ لكي تنهي بها… هذه الوظيفة الضرورية لإقامة منهج الله في الأرض ولتغليب الحق على الباطل والمعروف على المنكر، والخير على الشر، هذه الوظيفة التي من أجلها أُنشئت الجماعة المسلمة بيد الله وعلى عينه، ووفق منهجه». والجماعة حتى تكون جماعة يضيف الكاتب لا بد من وجود أمرين:- الأمر الأول: وجود رابطة وهي العقيدة من شأنها جعل الجماعة جسماً واحداً أي «كتلة». والأمر الثاني: هو نصب أمير لهذه الجماعة. أما الوجه الثالث: فإن الأمر بإيجاد جماعة لا يمنع تعدد الأحزاب السياسية لأن الآية لم تقل أمة واحدة، ثم إن كلمة أمة الواردة في الآية الكريمة تعني جماعة، وجماعة هنا اسم جنس يعني جماعة وليس الفرد والواحد، فيصدق على الفرد الواحد من الجنس، وعلى عدة أفراد من ذلك الجنس، ولا يجوز شرعاً منع آخرين من إقامة أحزاب أخرى لأنه منع من القيام بفرض وهو حرام. يقول محمد عبد الله العربي في كتابه نظام الحكم في الإسلام: «إن حق النقد من الحقوق الثابتة التي أقرها الإسلام للمواطنين كافة في المجتمع الإسلامي، وإذن فلا حرج أن يتكتلوا في جماعات أو أحزاب إذا أرادوا عن هذا الطريق الدعوة إلى آرائهم».

وفي الفصل الأخير من الكتاب (الفصل السابع) بحث الكاتب في السلطة التشريعية لرئيس الدولة الإسلامية (الخليفة) مثل مشروعية حق الخليفة في تبني الأحكام، وبحث في فرضية طاعة الخليفة كولي أمر للمسلمين ومواضيع أخرى مثل: رعاية شؤون المسلمين فرض على الدولة، رئيس الدولة هو صاحب القرار بعد التشاور، تبني رئيس الدولة للقوانين، حتمية وجود الاختلاف في الرأي، العلاقة بين التبني ورعاية شؤون المسلمين، صلاحيات رئيس الدولة (الخليفة) في التشريع، التبني عام في جميع الأمور، وحدود صلاحيات رئيس الدولة في التبني.

وفي الخاتمة يقول الكاتب: وهكذا يتضح أن رئيس الدولة (الخليفة) وحده هو صاحب القرار السياسي في الحياة الإسلامية، وأن الشريعة الإسلامية وضعته في منصب القائد الذي يقود الأمة حسب أحكامها، بحيث لا يحل له مطلقاً أن يسير الأمة والدولة وفق حكم واحد من غير الإسلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *